لست متأكدا هل هو هو ترام العباسية أم أن هناك فرق ليتناسب مع شارع محمد على، هذا الترام يسير أيضا مزخرفا مزهوا مجلجلاً يخترق الشارع وكأنه يعاين ممتلكاته الخاصة، وبالرغم من أننا تعودنا عليه، لكن غلبنى حنين إلى عربة السوارس من باب الوفاء أو الوداع، قفزت إليها دونه.
البغل نشيط يدق بحوافره فتتراقص عضلاته وهو لا يهتم لا بالترام ولا بالسيارات ولا بالمارة، العربجى يطرقع بالكرباج لكنه لا يلمس البغل، المرأة البدينة تحكم لف الملاءة حول جسدها الذى يزداد جمالا ببدانته المتسقة مع روحها المرحة، ضحكتها تلعلع بسبب وبغير سبب، وأحيانا تطلقها حتى قبل أن يكمل العربجى جملته، رحت أتابع المواقف وأنا فى مؤخر العربة وسمعت المرأة تقول للعربجى “إيش عرّف الخواجات فى النسوان”؟ فيرد العربجى “الخواجات خواجات، سبقونا فى كل شئ خصوصا الحرية”، تتقصع المرأة وتزداد ضحكتها لمعانا وهى تقول “.. شى لله يا حرية” لا يرد العربجى، يصيح بالبغل “هـِسْ” بعد أن لوّح للعربة ثلاثة أشخاص ينتظرون على الرصيف، تعجبت أن من بينهم ذلك الشاب الخواجة الذى كاد يلتهم الطفلة فى ترام العباسية، ثم راح يغازل السيدة صاحبة الصورة العارية على الغلاف. لم تكن الطفلة ولا السيدة من الواقفين، كيف يترك هذا الشاب الخواجة الترام بكل جماله وحداثته ليقف فى انتظار سوارس!؟ ارتفعت ضحكة المرأة البدينة الجميلة حتى ملأت ملاءتها اللف وارتج ثدياها فى إثارة واضحة، وراحت تغنى وهى تشير إلى الخواجة “جونى يا جونى، تعابوسنى وعـَضِّنى”،
احمرّ وجه الشاب الخواجة أكثر والتفت الناحية الأخرى، ولم يركب، وأسرع الخطا نحو محطة الترام الذى كان قد غادر المحطة.