نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 30-3 -2017
السنة العاشرة
العدد: 3498
فى رحاب نجيب محفوظ
“التناصّ النقدى“
قراءة أخرى للأحلام الأولى (12)
وهو النقد الذى لم ينشر قبلا
نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)
الحلم (12) (1)
فى الجو شئ مثير للأعصاب، فهو من عدة نواح تبرز رؤوس وتختفى بسرعة. وجرت شائعة مثل الشهاب تنذر بوقوع الحرب. وترددت كلمة الحرب على الألسنة، وعمت الحيرة والانزعاج ورأيت من يحمل تموينا لتخزينه. وجعلت أتذكر تلك الأيام المكدرة، هل نبقى أم نهاجر؟ ولكن إلى أين؟ ولذت بمقر المكان الآمن من الخطر وجاء رجل من الأمن وقال صراحة إن الدولة تريد أن تعرف طاقة الأُسَر على إيواء من يحتاجون إلى إيواء لاسمح الله. وتضاعف الاضطراب وأعلنت أمى وهى تعيش وحدها فى بيت كبير أنها على استعداد لإيواء أسرة كاملة، أما أنا فوجدت أننا يمكن الاستغناء عن حجرة واحدة تسع لشخصين، وأصبحت حذراًً عند سماع أى صوت أو الإجابة على أى سؤال، وطرق بابى مخبر ودعانى إلى القسم ولما سألته عن سبب الاستدعاء أجاب بخشونة: إنه لايعرف وقطع حديثنا انطلاق صفارة الإنذار.
التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)
رحت أنتظر فى ساحة القسم حتى نودِىَ على اسمى، فأخذنى الأمين إلى حجرة حضرة الضابط، وخرج بعد أن أدى التحية وأغلق الباب خلفه، أخرج الضابط حقيبة متوسطة من تحت المكتب وسألنى: هل أنت صاحب هذه الحقيبة، أخذتُ أتأمل الحقيبة بإمعان، فهى تشبه حقيبة لى فعلا، قال لى حضرة الضابط: أنا آسف ولكن الأوامر صريحة، وللحرب قوانينها الخاصة، المعلنة والخفية، قلت فى نفسى أنا لست قدر القوانين المعلنة ، فكيف أتحمل القوانين الخفية، وأنكرت أنها حقيبتى وأنا غير متأكد، فقام بفتحها، أمامى على المكتب وأخرج منها أوراقا تعرفت عليها من بعيد دون أن أقرأ ما بها لأننى أعرف أوراقى، وقال لى أليس اسمك كذا (وذكر اسمى) فأجبته بالايجاب، وقال أغلب هذه الأوراق عليها اسمك، ثم قال لى بدماثة لم أفهمها: أنا آسف مرة أخرى لكن لدىّ أمر بالقبض عليك لتَـمْـثُـلَ للتحقيق، لم أفهم ولم أصدق فأنا ليس لى نشاط فى أى اتجاه، سألته تحقيق فى ماذا ؟ قال بلطف للمرة الثالثة : أنا آسف، تحقيق بتهمة إيواء أجنبى ، قلت له: لعل فى الأمر لبسا يحتاج توضيحا، كل ما فى الأمر هو مجرد قبولى وقبول أمى إيواء بعض المهجَّرين بسبب الحرب، قال: هأنتذا تعترف، هؤلاء هم الأجانب الجواسيس المطلوب القبض عليهم، وقد آوَيتْموهم دون إذن من الأمن العام، قلت نحن لم نستضف أحدا بعد، إنها كانت عروض ووعود لا أكثر، ثم إنها كانت مجرد استجابات ترحيب بمواطنين شرفاء، أبرياء مُهَجَّرين لا ذنب لهم. قال: كل هذا لا قيمة له، إن لدينا ما يثبت أن هناك أجانب مكثوا لديكم مددا متفاوته، ونحن فى عز الحرب، وكانوا يستعملون أجهزة اتصال الكترونية، تم رَصْدُهَا وأثبتت صفتهم كجواسيس.
قلت له: هذه أول مّرة أسمع فيها هذا الكلام، وإما أنى فى حلم أو أنه لم يحدث.
قال: تصديق الحلم أقرب من تكذيب أجهزة الأمن العام.
ونظر إلى الأمين الذى تقدم ووضع الكلبشات حول رسغَىّ، وتبعته مذهولا .
لكن صفارة الأمان انطلقت قبل أن نصل إلى موقع الحبس، ففك الأمين الكلبشات من حول رسغىّ، وتركنى أنصرف دون أن ينطق حرفا،
وانصرفت وأنا لا أكاد اصدق.
[1] – لأن هذا الحلم سوف تجرى قراءته فى “ساحة الداخل” من منطلق “تعدد الذوات” مع تبادل الكبت والنمو أو الإزاحة/ يمكن مراجعة فكرة تعدد الذوات فى يوميات 27،28/11/2007 www.rakhawy.net. ثم تقرأ هذه المحاولة ببطء نوعاً ما”