نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 9-3 -2017
السنة العاشرة
العدد: 3477
فى رحاب نجيب محفوظ
“التناصّ النقدى“
قراءة أخرى للأحلام الأولى (9)
وهو النقد الذى لم ينشر قبلا
نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)
الحلم (9)
على اريكة فى حديقة المنزل الصغيرة جلست أختى تتأمل ضفدعا يسبح فى القناة التى تروى الحديقة: وانتشيت بالنسيم الرقيق وعناقيد العنب المدلاة من التكعيبة.
وسألت أختى ماذا تنتظرين؟
وقبل أن تجيبنى قلت: من الأفضل أن نجلس فى الحجرة لنسمع الفونوغراف وتبادلنا نظرة اختيار، ثم انتقلنا إلى الحجرة وازداد الجو صمتا، وحتى النسيم لم يعد معنا ونظرت إلى أختى، فإذا بها قد تحولت إلى الممثلة السينمائية جريتا جاربو، وهى ممثلتى المفضلة وطرت من السعادة بغير أجنحة وملأ السرور جوانحى غير أن ذلك السحر لم يدم طويلا. وأردت أن أستعيد المعجزة السحرية مرة أخرى ولكن أختى رفضت الذهاب معى، فسألتها عن سبب الرفض فقالت:
– أمى
فقاطعتها قبل أن تتم عبارتها
– إنها لا تدرى
فقالت بيقين
إنها تدرى كل شئ
وشعرت بأن الحزن غشى كل شئ كأنه شابورة مفاجئة.
التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)
.. دخلت أمنا علينا فى نفس اللحظة فأفقت من شابورة الحزن، ولم تنزعج أختى لكننى رُعبت من احتمال أن تكون أمى قد سمعتـْنا ونحن فى غمرة المعجزة السحرية، ونظرتُ طويلا فى وجهها فلم أستطع أن أقرأ شيئا، ونظرتُ ٍإلى أختى فشعرت أنها لا تبالى، وكأن كل ما حدث قد حدث فعلا مع جريتا جاربو وليس معها، وتغيـَّر وجه أمى وكأنها لبـِسَتْ وجه جريتا جاربو بدلا من أختى، ثم عادت كما كانت، فظهرت علىّ الدهشة حتى كدت أصرخ، فسألتنى أمى: مالك فيه ماذا؟ فقلت لها: لا شىء البته، هل سمعتِ شيئا،…. آسف….. آسف،.. أقصد……، فقاطعتنى قائلة: مالك يا ابنى، نعم سمعت ،…سمعت أذان العصر : هيا بنا.