نشرت فى الدستور
12-10-2005
فوازير رمضان السياسية
ما الذى يمكن أن يغير هذا البلد إلى ما يستحقه؟ مقال ساخن؟ أم قصيدة لاذعة؟ أم مظاهرة عنيفة؟ أم كتاب ناقد ؟ المساحة المتاحة هذه الأيام تسمح بكل هذا، لكن واقع الحال يشير إلى أنه برغم أهمية كل ذلك، فإنه لا يكفى، ربما يصلح تسخينا لمباراة لم يتحدد موعدها بعد، ليكن .
تفسير موقف السلطة من هذا الذى يجرى غامض بشكل أو بآخر، يا ترى هل هذا الذى يجرى يتم بذكاء منها، أو من بعض الدم الشاب الجديد الذى ضخ فى آليتها قصدا أو عفوا؟ هل يا ترى هو إدراك من السلطة أن الحركات الشعبية (دع جانبا نشاط الأحزاب) أصبحت أكثر إصرارا، وأقدر إزعاجا، بما لا يسمح للسلطة أن تتمادى أكثر فى تصوراتها، وعماها، واستهانتها، واستغفالنا؟ هل يا ترى هى استجابة لضغوط خارجية ؟ أيا كانت الإجابات، فإن إعادة نشر قصيدة مثل قصيدة حسن طلب فى العدد الماضى بعنوان “مبروك مبارك “، بالإضافة إلى مقالات رئيس التحرير، أو قلمى بلال فضل وصحبه، هو أمر دال أكثر كثيرا من تعديل المادة 76، هناك أمر دال أيضا سبق أن أشرت إليه، وهو إعلان نسبة من ذهبوا إلى انتخاب الرئيس، وأنها 23% فقط لا غير. ولكن هذا أو ذاك :دال على ماذا؟ والله لا أدرى. “لعله خيرا”.
حين تتوقف قدرتى عن تحليل الواقع، وما يمكن أن يترتب عليه، أسمح لنفسى بأمرين : أن يشطح خيالى فى تصورات احتمالات ليست مألوفة، وأيضا أن اطرح اسئلة ليس لها عندى إجابات جاهزة لعلها تحرك من هو أقدر منى، فيفكر معى، معنا، فى مغزى مختلف الإجابات ، ومن ذلك :
أولا: ماذا لو كففت أنا شخصيا عن المشاركة بما هو ليس فى اختصاصى، واكتفيت بعيادتى، وبعض علمى، ومنظرتى؟ وصرفت ما كسبت طول حياتى على راحتى ومتعى فى هذه السن الجميلة (العقد الثامن!) ؟
ثانيا: ماذا لو ربنا أخذنى غدا، وأنا أتصور أن لى دورا لا غنى عنه، وأننى “ماحصلتش”، ثم سارت الدنيا كما هى، وغالبا أحسن!!؟؟
ثالثا : ماذا يحدث ، لا قدر الله، ألف بعيد الشر، لو توفى السيد الرئيس، (موتة ربنا) بعد غد؟ مع تذكر أن الأعمار بيد الله، وليست بيد أى من لجان الحزب الوطنى؟ أو المعارضة، أو جموع الشعب، مهما بلغت حاجتنا إلى تمام صحته و طول عمره؟
رابعا: ماذا لو أن الرئيس مبارك ، فى صحوة كريمة، قرر مثل الرئيس السادات ، الله يرحمه، أن يؤلف حزبا جديدا اسمه “الحزب المبارك النهضوى” مثلا؟ مع الإبقاء على الحزب الوطنى جدا ؟
خامسا : ماذا لو قرر رئيس الحزب المبارك النهضوى، بخلاف ما عمل الرئيس السادات، أن يرفض الهرولة فلم يقبل فردا واحدا ممن كانوا أعضاء فيما يسمى الحزب الوطنى، ولم يبد أسبابا لذلك. هو حر كرئيس حزب جديد له لائحة جديدة.
سادسا: ماذا لو زاد الخلاف بين لجنتى السياسات واللجان التى هى ليست سياسات، (نسميها : “قلة سياسات” للاختصار)، فانشقت لجنة السياسات أو انشقت لجان “قلة السياسات”، وكون كل منهما حزبا مستقلا، فاحتار رئيسنا الفاضل بين الاثنين، ولم ينضم لأى منهما، وقال “كفاية”؟
سابعا: ماذا لو انضم رئيسنا لأى من الحزبين الجديدين، وبالذات انضم لحزب “قلة السياسات”؟
ثامنا: ماذا لو سمح بتشكيل حزب للمحجبات والراهبات من المسلمات والمسيحيات، على أساس غير دينى، وإنما تحت دعوى الحشمة والعودة للأصول بالصلاة على النبى، وبركة أبانا الذى فى السماوات؟ وسمحت مؤسسات الحزب بضم الرجال المهذبين إليه، وكلام من هذا ؟ ما نصيب هذا الحزب من أصوات الناخبين غير المقيدين فى جداول الانتخابات بالسلامة؟
وبعد
حين راجعت هذه التساؤلات، اكتشفت أننا فى رمضان، أعاده الله على الأمم جميعا: الإسلامية وغير الإسلامية، باليمن والبركة. هذا من حيث المبدأ، ثم إنى خشيت أن يظن بى القارئ الظنون، وأنا موضع شبهة بالنسبة لعملى الأصلى (هل تذكر؟ طبيب نفسى!)، إذ بدت لى الأسئلة شديدة الغرابة ، مع أنها بدت لى شديدة البساطة، فى نفس الوقت : بعضها محتمل جدا لأنه قضاء وقدر، ولا راد لمشيئة الله سبحانه وتعالى، إذا قضى أمرا كان، وبعضها وارد جدا فى الدول التى هى دول بحق وحقيق، وبعضها عبث خيال (السؤال الثامن مثلا).
نظرت فى الساعة فوجدت أنه لم يبق على المغرب إلا سبع عشرة دقيقة، فتذكرت أنى صائم، وتساءلت : هل يكون كل ذلك من أعراض الصوم قرب المغرب، ثم انتظرت حتى أفطرت تمام التمام، وقرأت ما كتبت، ولم أصل إلى إجابة حاسمة .