اليوم السابع
السبت: 28-12-2013
فلندعُ لهم بالهداية والرشاد
كتب نجيب محفوظ أثناء تدريباته للرجوع إلى الكتابة فى الصفحة الخامسة من الكراسة الأولى بتاريخ 29 يناير 1995 ما يلى: “يعجبنى الصدق فى القول، والإخلاص فى العمل، وأن تقوم المودة بين الناس، مقام القانون”، فكتبت معقبا عليه مستلهما : ياه !! يا شيخى الجليل، …..تعلمنا كيف أن البشر لا يكونون بشرا بمجرد الاحترام المطلق للقانون على حساب علاقاتهم الأعمق والأرقى، وإنما يكونون كذلك “حين تقوم المودة بين الناس مقام القانون” ، لاحظ أنه لم يقل: حين تحل المودة بين الناس محل القانون!!!!!
تذكرت هذا التعقيب، وتلك المناقشات، وأنا أتابع صدور قرار مجلس الوزراء باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية، وما استتبعه ذلك من تفسير المادة 86 من القانون 97 لسنة 1992 من قانون العقوبات وهذا الكلام.
فى حديث معى فى قناة الحياة شكـّكت فى جدوى هذا الإعلان والتفسيرات اللاحقة، ولم أذهب إلى مناقشات قانونية ليس لى فيها دراية، وإنما رحت أتصور تأثير هذا القرار على أفراد مصريين مسلمين ينتمون إلى هذه الجماعة، ولا يعلمون من التاريخ ومن دينهم ومن حضارتهم إلا ما تلقوه فى مدارس ليست هى مدارس أصلا، أو من مشايخ ليس لهم علاقة بربنا إلا ما تيسر لهم من دروس الترهيب والترغيب، وبعض التفسيرات المعجمية على ما قسم، أشفقت على كثير منهم وهو يجد نفسه إرهابيا فجأة، دون سابق إنذار ، تساءلت مثل كثيرين عن مدى واقعية تطبيق هذا القرار ثم عن جدوى تطبيقه حرفيا وبمنتهى الحزم والعدل معا، يا ترى هل المقصود هو إخافتهم كبيرا وصغير، رجالا ونساء حتى يقبعوا فى دورهم خشية القبض عليهم إرهابيين حسب قرار مجلس الوزراء؟ أم المقصود هو إفاقتهم حتى يعيدوا النظر فيما وصلوا إليه وقد نسوا دينهم، وربهم، وأهلهم ؟ وهل هذه هى الطريقة المثلى لإفاقتهم إلى ما يهديهم ؟
مع إقرارى أن الله سبحانه “ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”، إلا أنى دعوت لأغلب أفراد هذه الجماعة بالهداية والرشاد، فالأرجح عندى أن كثيرا منهم قد نسوا الله فنسوا أنفسهم، ونسوا ناسهم، وهم يحتاجون إلى الدعاء بالهداية جنبا إلى جنب مع الحاجة إلى الإنذار والتحذير.
حين أدعو لهم ، مثلهم مثل غيرهم ، تصلنى اعتراضات صارخة حتى الرفض، بحجة أن كل من ينتمى إلى هذه الجماعة هو من الفئة الضالة المضللة التى لا يرجى منها خير أبد الآبدين، وكأن هؤلاء المعترضين قد امتلكوا حتى مفاتيح استجابة الدعاء من الله سبحانه.
هؤلاء الإخوان المسلمون ، قبل وبعد صدور القرار، يمثلون ليس أقل من بضعة ملايين (قل ثلاثة إلى تسعة!!!) ، رضينا أم لم نرض، وهم مصريون مسلمون، ولا يصح أن نحذو حذو التكفيريين منهم ومن غيرهم فنكفرهم، صحيح أنهم لا يتقون الله حق تقاته، لكن الله سبحانه غفور رحيم، وعلينا ونحن نلوح بالردع والقانون حكومة وشرطة وجيشا ، أن ندعو لنا ولهم –أفرادا وأهلا- بالهداية والرشاد، وإلا فسوف نقع فيما وقعوا فيه، وفشلوا نتيجة له، نعم لقد زودوها حتى أصبحوا يستحقون حد الحرابة دينا، وربما الإعدام للخيانة العظمى قانونا، لكن كل ذلك ينبغى أن ينتظر حكم القانون ولا يصدر من داخل انفعالاتنا فحسب، ولنحذر التعميم والمعاملة بالتى هى أسوأ، فالله هو الغفور الرحيم ، وهو الذى يهدى حتى من اهتدى؟
نكمل مع تدريبات شيخى نجيب محفوظ يوم 2 فبراير 1995 كتب : “الهدى لمن اهتدى”، ياه يا شيخنا، تذكرنا أنه حتى من اهتدى فإنه يحتاج إلى أن يجدد هداه إلى الله، فكيف بالله عليكم لا نرجو الهداية والإيمان لمن ضل سواء السبيل حتى لو كان منضما إلى جماعة صنفها مجلس الوزراء أخيرا أنها إرهابية.
دعونا ندعو الله لمصر بالسلامة، ولأهلها جميعا بالهدى ، والإخلاص فى العمل، وأن تقوم المودة بين الناس مقام القانون.
ولم لا ؟
إنها مصر وإنهم مصريون !