نشرة “الإنسان والتطور”
22-9-2010
السنة الرابعة
العدد: 1118
فرض: “نحن نؤلف أحلامنا”
تجربة من العلاج الجمعى
“نعمل حلما”: “هنا والآن”
سجلت هذا الفرض فى أطروحتى “الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع” التى نشرت أولا فى فصول سنة 1985 ثم أعيد نشرها فى تحديث فى كتابى “حركية الوجود وتجليات الإبداع”(1)
موجز الفرض كان – ومازال – كالتالى:
نحن لا نحلم بالمعنى الذى شاع من حكى الحلم أو من تفسيره، نحن نؤلف أحلامنا التى نتذكرها تأليفا فى الثوانى (أو البضع ثانية) التى تسبق اليقظة مباشرة، نؤلفها ونحن فى حالة من يقظة غير كاملة قبيل اليقظة، أما ما يحدث قبل ذلك فهو ما أسميته “الحلم بالقوة” وهو النشاط التحريكى التنظيمى الذى يسجَّل برسام المخ الكهربائى أثناء ما يسمى النوم النقيضى أو النوم الحالم والذى يعرف أيضا باسم نوم “حركية العين السريعة” REM وهو إيقاع نوبى منتظم 20 دقيقة كل 90 دقيقة طوال ساعات النوم الحلم الذى نحكيه، أما الذى نتصور أنه الحلم، كل الحلم، فما هو إلا نتاج ما التقطنا من مفردات ما تحرك فى هذا الوعى الحالم النشط، لتصبح هذه المعلومات (بالمعنى الأشمل) التى التقطناها قبيل اليقظة هى الأبجدية التى ننسج منها ما تيسر من تشكيلات وتربيطات نعيد صياغتها، على أنها الحلم الذى نحكيه، أو لا نحكيه، نفسره، أو لا نفسره وبقدر قربنا من وعى النوم يكون الحلم أقرب إلى البيولوجى والإبداع، وبقدر قربنا من “وعى اليقظة، يكون الحلم أقرب إلى الخيال المعقلن المصنوع.
فى جلسة العلاج الجمعى التى عقدت فى قصر العينى منذ أربعة أسابيع يوم الأربعاء 25/8/2010، أشارت إحدى المريضات (ياسمين) إلى حلم حلمته الليلة السابقة، وحين همت بحكاية الحلم نبهتها (بصفتى قائد المجموعة والمعالج الأكبر والمدرس) إلى أن هذا قد يبعدنا عن “هنا والآن”، وأنها يمكن إذا شاءت أن تحكى موجزا باختصار، ثم نفرق الأدوار لأشخاص الحلم على زملاء (أطباء ومرضى) ليقوموا بما تيسر من الحلم، ويمكنها بدورها أن نأخذ دورا أو أكثر، أو أن تواجه نفسها أو تواجههم بما تشاء “هنا والآن”، هذا الاسلوب نتبعه عادة لاستحضار الأحلام فى “هنا والآن” فيما يشبه “السيكودراما”، دون تفسير (طبعا) لكننى فى هذه الجلسة خطر لى ألا ألجأ لهذا الأسلوب.
وكنت مشغولا هذه الأيام بكتابة ورقة فى النقد للعدد الثالث من دورية نجيب محفوظ، عن حركية الزمن وإحياء اللحظة، وحضرنى هذا الفرض الباكر (1985) عن طبيعة الأحلام فقررت أن أنتهز الفرصة لتحريك المجموعة من ناحية، ولمحاولة متواضعة لاحتمال تحقيق هذا الفرض (المستحيل) من ناحية أخرى.
خطر ببالى أن أطلب من كل فرد من أفراد المجموعة أن يحلم “هنا والآن” بما يتراءى له، وطلبت من نفس المريضة أن تبدا المحاولة فلم تفهم ما أريد (طبعا)، فانتقلت إلى د. دينا وهى طبيبة مقيمة متدربة، لم تشاركنا فى التدريب إلا منذ شهرين، وطلبت منها أن تبدأ هى بما طلبت من ياسمين ربما يسهل الأمر على المريض فالآخرين ولم تعتذر(2) د. دينا، وكنت حاولت أن أبين أن ما أطلبه منها ليس إعمالا للخيال، كما نعرفه، وبالذات ليس من قبل “أحلام اليقظة”، ولكنه حلم “بحق وحقيقى”، وكل واحد وشطارته، وشعرت أننى أقول كلاما غير مفهوم لزميلتى الصغيرة.
استفسرت الدكتورة دينا قائلة: أقول حلم حلمته (يعنى)؟ فردت فورا (أن) “لا”، فأكملتْ هى (يعنى) “أعمل حلم”؟ ففرحت فرحا شديدا بكلمة “أعمل”، ووجدت أنها كلمة قد تسهل المهمه، وشكرتها، ولم أتماد فى محاولتى أن استفسر منها عن ما تعنى بــ “أعمل”، لكن يبدو أن الكلمة وصلت لكل أفراد المجموعة: أطباء ومرضى،بما يكفى، وبدأنا بالدكتورة: دينا التى ابتدعت تعبير “أعمل حلم” وقد شعرت أنها أبعدتنا بهذه الكلمة عن كل من “الحكى” و “الخيال” أعنى عن نوع الخيال الذى يغلب فى ما نسميه أحلام اليقظة، وأن “عمل الحلم” هو نوع من التعامل الواعى نسبيا مع عالمنا الداخلى الذى يبدو ـأنه أصبح متعتعا – ربما بالعلاج – وفى المتناول، لأغلب افراد المجموعة، من خلال العلاج الجمعى، بدرجة أجهز من الشخص العادى.
فى هذه النشرة وبعد تمهيد مبدئى سوف أنشر نص هذه التجربة دون تعليق، لمجرد اختبار احتمال تحقيق الفرض، وهو أننا نؤلف “نعمل” أحلامنا قبيل اليقظة، كما جاء سالفا،
وقد أعود لتفسير الاستجابات أو النظر فى آليات إبداع تخليق “عمل الحلم” (وليس تفسيره)، الأسبوع القادم، (بلا وعد).
ملاحظات تمهيدية:
قبل أن أنشر نص التجربة أود أن أنبه إلى الآتى:
أولا: حاولت أن أضيف إلى استجابات بعض الممارسين بدءاً من د. دينا مشاركتى شخصيا فى تكلمه حلمها ربما حفزا على الابتعاد عن ما هو حكى لحلم فعلا، وكذلك عن ما هو أحلام يقظة.
ثانيا: هذه التجربة لم تكن لعبة من الألعاب التى نمارسها فى العلاج الجمعى حين نمكل نصًّا معينا بتلقائية عفوية (أنظر مثلا): (نشرة 8-6-2010 “نصوص” و”ألعاب” من العلاج الجمعى 3)، (نشرة 28-6-2009 “ياه !!!.. دى طلعت صعبة بشكل..(بِشـاااكْل)!!!! ولكن..”).
ثالثا: اكتشفت كلمتين كنت أبدأ بهما كلامى وأنا أطلب أن يبدأ أى واحد محاولته وذلك بأن يقول: “أنا دلوقتى”…. ويكمل، وذلك حتى أساعده أن يبعتد عن الذكريات ما أمكن، وأن “يعمل” حلمه وهو يقظ هنا والآن.
رابعا: كنت أحاول بقدر المستطاع أن أمنع أن تنقلب المحاولة إلى التذكر، أو الخيال المعقلن، لكننى لا أصر على التصحيح أكثر من اللازم، فأستسلم وأفوّت، (وقد أعود إلى تفسير جرعة هذا التدخل الأسبوع القادم).
خامسا: لم أطلب من الزملاء، مرضى أو أطباء بعد انتهائنا من التجربة أن يعلقوا على خبرتهم هذه لا بالنسبة لغرابة ما فعلوا، أوصعوبته (كما بدأنا) ولا بالنسبة لمحتوى ما أبدعوه (عملوه) وكنت أقصد ذلك ألا أشوه ما قد يساعد فى تحقيق الفرض السابق ذكره بالتفسير أو العقلنة اللاحقة.
سادسا: لم نعد ونحن نكمل الجلسة إلى الإشارة إلى هذه التجربة إطلاقا، لم يطلب أحد الأطباء ذلك، ولم يلمحّ أحد من المرضى برغبته فى ذلك.
وبعد
أرجو أن يصل من هذه المقدمة ومن نشر النص دون تعليق، ما يثير التعقيبات أو التساؤلات اللازمة، وأن تصلنى قبل يوم الاثنين القادم ما قد يساعدنى فى كتابة ما أنوى فى النشرة القادمة، حتى لو اقتصرت التعليقات على أبنائى وبنائى من المضطرين لذلك.
25-8-2010
نص الاستجابات
كالعادة: تغيرت اسماء المرضى ولم تتغير أسماء الأطباء وهم: د. دينا، د.محمد، د. مروة، د. يحيى.
وقد أضيف ما بين قوسين وهو قليل جدا على نص التفريغ حتى يمكن توصيل السياق بطريقة أدق، كما وضعت فقط مكان بعض المحذوف دون إخلال بالمراد.
……………….
……………….
د.يحيى: (لياسمين بعد أن أعلنت أنها حلمت حلما) تعرفى تحلمى “هنا ودلوقتى“؟
ياسمين: انا باحلم وانا صاحيه
د.يحيى: يابنتى استنى بس، أنا مش قصدى اللى بيقولو عليه “حلم يقظة”، أنا قصدى “هنا ودلوقتى” يعنى مثلا: انا دلوقتى ماشى وبعدين قابلت مش عارف إيه رحت متزحلق، رحت ميت ومش عارف إيه، راحت طالعالى شجره ما كانتش موجوده، والتعبان جرى ورايا، راح لافف على رقبتى، قصدى حاجات كده (يلتفت لعبد الحميد) تعرف يا عبد الحميد
عبد الحميد: لأ
د.يحيى: طب انا أراهن إنك تعرف
عبد الحميد: ايش عرفك (إنى أعرف)
د.يحيى: كلنا نعرف، أصل أنا عندى كده نظريه أن كلنا نعرف، كلنا دكاتره وعيانين، نقوم حلمانين كدهه وخلاص، هنا ودلوقتى.. إيه رأيك؟
عبد الحميد: لأ، هنا ودلوقتى لاَّهْ
د.يحيى: ليه ما هو حلم، بدل ما نقعد نعنبر وما نعبرش(3)
عبد الحميد: لأ … دلوقتى لأ ….
د.يحيى: يا راجل حِلمْ، حاوِلْ …
عبد الحميد: لأ
د.يحيى: ليه
عبد الحميد: صعب
د.يحيى: طب نشوف دينا (د. دينا)(4)(إيه رأيك؟) تحاولى؟ مش تفتكرى لنا حلم وتحكيه، لأه..،
د.دينا: أقول حلم حلمته قبل كده ؟
د.يحيى: لأ
د.دينا: أعمل حلم؟
د.يحيى: “تعملى حلم!!! يا خبر يا عفريته، شوفى التعبير، الله يفتح عليكى، حليتيها لى فعلا، تعملى حلم!! بس مع حد يا فلان انا دلوقتى وتسيبى نفسك وتكملى، انتى خدت بالك؟ يعنى مثلا يا محمد كذا كذا، على فكرة تعبيرك “اعمل حلم” دا إبداع
د.دينا: انا دلوقتى فى محطة قطر عماله اجرى، بدّور على أختى الصغيره، عماله ادخل من قطر لقطر، قطر يقف، اروح داخله القطر اللى بعده، ….. قلقانه وخايفه على اختى الصغيره تنداس او تتوه منى، وباقابل ناس كتير فى النص، بس ما بابقاش مركزه معاهم، ولا شايفاهم
د.يحيى: انا حفّوت لك عشان شطارتك يعنى بس هو أنا شاعر إنه مش كفاية، زى ما تكونى حشتى نفسك ما كملتيش حاسس إنه: مش كفاية، يعنى مثلا ما شوفتيش الجدع اللى نط من الشباك؟ ما شوفتيش الكمسرى اللى بيضرب الواد اللى بيبيع كازوزه ونزله عشان كان حايقع تحت العجل
د.دينا: شفت
د. يحيى: ما شوفتيش القطر اللى كان جاى غلط على نفس القضيب….؟
د.دينا: آه
د.يحيى: طيب حاتعملى ايه لما يتصادموا بقى؟
د.دينا: مش عارفه
د.يحيى: دينا عملت بدايه كويسه جدا، ما هو اللى انا بقوله ده صعب، بس اى حد يبتدى، اظن اللى بعده حايبقى اسهل عليه شوية، لأنه عرف يعنى ايه معنى “اعمل حلم” “اعمل حلم”، الله ينور عليكى يا دينا، ياللا يا عبد الحميد
…………
…………
عبد الحميد: لأ لسه شويه
د.يحيى: مين بقى مش دكتور يحب يلعب بعد د. دينا ياللا يا صبرى
صبري: انا فيه حد بيطاردني، شبح، وبعدين طبعا جريت منه وانا باجرى كده لاقيت نفسى وقعت وما وصلتش لأى حاجه وفجأه لاقيت نفسى باطير فى الفضا، كده خلاص
د.يحيى: كمل كمل …..كملّ يا راجل
صبري: خلاص ما انا باقول لحضرتك لاقيت نفسى وقعت، ولاقيت نفسى باطير …
د.يحيى: بِجْنِحَه، ولا من غير جِنِحْه ؟
صبري: مش عارف
د.يحيى: كتر خيرك اهى دى نقله كويسة، نرجع نعزم على اى دكتور هو يعنى حانشترى من بره “انا دلوقتى“…. يلا يا مروة (د. مروة زميلة د. ينا متدربة داخل المجموعة)
د.مروه: انا دلوقتى … تايهه، مش عارفه فين والدنيا ضلمه وفيه كلب عمال بيجرى ورايا وانا عماله اجرى عشان أبعد عنه
د.يحيى: الكلب لونه إيه
د.مروه: ما انا مش عايزه أبص له عشان ما خافش منه، انا سامعاه بيجرى ورايا
د.يحيى: يعنى اسود؟ اصل لو اسود تبقى مصيبه سوده؟ الدنيا ضلمه والكلب اسود لو ابيض حاتميزيه
د.مروه: لأ مش ابيض بس شكله يخوّف، وبعدين وقعت، وهو خلاص حايعضنى بس، فاحاصحى، بس بقى مش حاكمل…..
د.يحيى: انا مش عايز ألعبكها أكتر لأنها صعبه، مش عايز أتدخل تانى، فباقول لو أى واحد يساعد التانى إذا كان عايز، يعنى يكمل له الحلم زى ما أنا عملت، ولا أنتى يا مروة تقدرى تكملى؟
د.مروه: انا مش عايزه اكمل
د.يحيى: طيب حد يساعدك زى ما انا عملت مع دينا، ولاّ بلاش، بلاش خلينا على قد كده، واحده واحده، تدى الكوره لمين من العيانين(5)
د.مروه: لمحمد
محمد: انا دلوقتى حاسس ان انا ماشى فى طريق مالوش ملامح خالص، مش عارف الصح من الغلط، وماشى وحاسس ناس كتير عايزه تضيعني، وماشى برضه فى طريقى باحاول اجتهد وبرضه ماشى بتقابلنى عقبات من الماضى بتيأسنى شويه وارجع اقف تاني، وبرضه ماشى من غير عقبات المره دي، بس فيه استفزاز ناس بيستفزونى وباحاول برضه
رضا: دى قصه دى مش حلم
محمد: مش عارف
د.يحيى: وصلت لفين فى الطريق ده
محمد: قابلت الدكتور محمد (الزميل المتدرب الثالث) واديته الكوره
د.يحيى: لأ بلاش د. محمد دلوقتي، نأجله شويه عشان نوزن الحكايه يعنى حد من العيانين
محمد: ساره
د.يحيى: يا ساره د. دينا تعرفك كويس، واديكى شفتى هى لعبتها إزاى، هى اللى ابتدت، وهى اللى استعملت كلمة “أعمل” (حلم) ودى كلمه جيدة جدا، نفعتنى انا وخلتنا نشتغل كويس، واديكى شفتى صبرى ومروه، وعرفتى احنا بنعمل ايه، بنعمل حلم د.دينا حاتبقى جنبك، وتسندك شويه لحد ما تشتغلى
ساره: انا دلوقتى عايشه حياه تعيسه
د.يحيى: وبعدين بقى؟ (يا سارة) الحلم حركه، حياه تعيسه دى صفه، شكوى، تقلبيها مثلا: يعنى انا دلوقتى حاسه انى تعيسه، وعشان كده رايحه جايه عامله زى كذا كذا، ياللا كمّلى….
ساره: انا دلوقتى ماشيه فى الشارع وحاسه ان الناس كلها بتتكلم عليا وحاسه ان اخواتى حايقتلونى
د.يحيى: قوم حصل ايه؟
سحر:(6) حد قتلك فيهم ؟
ساره: حاسه وأنا نايمه حايقتلونى بالسكينة، بأى حاجه علشان ….. (تسكت)
رضا: مين فى إخواتك اللى كان بيفكر يقتلك فى الحلم
ساره: كلهم
رضا: كله كله؟ ماحدش حاول يدافع عنك؟
ساره: لأه
رضا: ولا ماما ولا أى حد؟
د.دينا: صرختى أو جريتى؟
ساره: صرخت وجريت، وحد لحقنى وأنقذنى منهم،
بس بس خلاص، أنا باحس إن الناس كلها بتحبنى
د.دينا: ده حلم ده؟
ساره: آه
د.يحيى: طيب تدى يا ساره الكوره لمين
ساره: لأحمد
د.يحيى: أنا دلوقتى …
أحمد: أنا دلوقتى مدرس فى ملأَه عندنا فى البلد، المكان ده زراعه فى الشتاء، واحنا بالليل، نازل أنا وأربعه صحابى المفروض إن كان فيه واحد جاى معانا بس أنا مارضيتش أجيبه، هو إسمه وائل وإحنا قاعدين وقاعدين فى غيط كده فيه عشّهّ فى الأرض، لقيت صاحب الغيط أمامى وأنا لوحدى فجأة كده والناس اللى معايا مش موجودين وصاحب الغيط أمامى وأنا لوحدى لقيت عماد أخويا جه، ورحنا ضاربين الراجل وموتناه، أنا اللى موته فرحت المستشفى لما أغمى عليا صحيت كده ورحت أعترفت إنى أنا اللى قتلته
د.يحيى: متشكر تدى الكوره لمين
أحمد: لأى حد وخلاص للأستاذ عبد الحميد
عبد الحميد: أنا دلوقتى رايح المنيب، أنا دلوقتى رايح أركب عربية البلد وأنا باحب البلد، باحب الريف وباحب أكل الريف بارتاح نفسيا لما باخرج
د.يحيى: إنت عمال توصف مشاعرك؟ يا راجل قول أى حاجة فيها حركه
عبد الحميد: كل خطوه باخطيها فى البلد، وأنا راكب العربيه بابُصّ على الزراعه، باحب الزراعه جدا، فرحت عند أختى، غدّتنى وقعدنا إتكلمنا مع بعض وبعد كده خرجنا إتمشينا، وبعدين دخلنا تانى وبعدين بدأ العشاء ….،…..، وبس
د.يحيى: كل ده بالنهار
عبد الحميد: لأه المغرب، لأه أنا باحب الزراعه باحب المراكب الشراعيه بارتاح نفسيا
د.يحيى: تدى الكورة لمين
عبد الحميد: للأخت سحر
……………….
……………….
د.يحيى: أيوه كده، ياللا يا سحر أنا دلوقتى ….
سحر: أنا دلوقتى باحلم
د.يحيى (مقاطعا): لأه!! إيه باحلم دى؟!! إنتى حاتبوظى الدنيا، إحنا بنعمل حلم، ياللا: “أنا دلوقتى…..”
سحر: طيب، طيب أنا دلوقتى شوفته أمامى وهو عمال كل شويه أشوفه فى نفس المكان وأنا مش عاوزه أشوفه كل لما ببعد عنى أصادف ألاقيه أمامى
…….:(7)هو إيه ده ؟
سحر: شخص كده فى الحلم كده
….: ومش عارفاه ؟
سحر: لأه عارفاه
……..: طيب ماتقولى لنا مين ده
سحر: مش عارفه كل لما اشوفه أمامى أحاول …..
د.يحيى: تحاولى
سحر: …. هو فى الحلم شفته أمامى بيجرى بعيد عنى، يطلع لى مثلا من الحاره دى آجى فى ناحيه تانيه ألاقيه أمامى برضه، فحاولت إنى أنا أبعد بعيد فجآه لقيت إن هو اللى بعد عنى أنا باحاول إنى أروح له مالاقيتهوش، فصحيت من النوم الحمد لله
د.يحيى: تدى الكوره لمين
سحر: للدكتور محمد
د.يحيى: آن الأوان يا بو حميد
سحر: آه علشان إحنا تعبنا
د.يحيى: أنا دلوقتى …….
د.محمد نشأت: أنا دلوقتى فجأه لاقيت نفسى راكب العربيه بتاعتى فى شارع نازل لتحت كان العربيه الدركسيون ماشى عادى، وفجأه مابقتش قادر أتحكم فى العربيه، والعربيه مابقاش فيها فرامل رحت خابط فى شجرة، والعربيه إدغدغت، راحت العربيه متصحله مره تانية، ورحت راكب العربيه تانى، ورحت ماشى بالعربيه والشارع برضه نازل لتحت راحت العجله طايره فرحت خابط فى رصيف والعربيه إتصلحت تانى رحت راكب نفس العربية، رحت مكمل بيها وكان الشارع برضه نازل لتحت رحت صاحى من النوم، وأدى الحادثه الثالثه
د.يحيى: تدى الكوره لمين
د.محمد نشأت: لياسمين
د.يحيى: أنا دلوقتى …(كمّلى)
ياسمين: مش فاكره حاجه
د.يحيى: هو يعنى كان فيه حد فاكر؟ ما هو كل اللى حلموا دول عملوا حلم من غير ما كان حد فاكر.
ياسمين: يعنى أحلم حاجه
د.يحيى: إسألى الدكتور محمد، هو كان فاكر ولا كان عارف إن العربيه بهذا المنظر؟ العربية كانت نازله لتحت، وهم سايبينه تحت، وهو مش عارف هيه رايح فى أنهى داهيه، طيب صبرى طلع فوق، د. محمد نزل تحت ياللا ياسمين شوفى لك حاجة، ياللاّ “أنا دلوقتى ….”
ياسمين: يعنى اقول حاجه ماحصلتش
د.يحيى: يانهار أبيض، بنقول حلم، هو الحلم حصل؟
ياسمين: لأه ماحصلش
د.يحيى: طيب شوفى بقى دينا علمتنا لما راحت منبهانا بكلمة “أعمل حلم…” يا للا يا ياسمين.
ياسمين: زى خيال كده؟
د.يحيى: كلمة خيال دى ما بنستعملهاش، بصراحة اللى أحنا عملناه ده مش خيال، إحنا بنعمل مش بنتخيل، ربنا يخليكى يا د. دينا عشان كلمة بنعمل دى…، ياللا ياسمين، “نعمل حلم”… أعمل حلم
ياسمين: مش حاعرف
د.يحيى: يا ياسمين كل الناس عرفوا حتى اللى عملوه خفيف خفيف عرفوا زى سحر زى ساره كل واحد على قد ما عرف، حتى عبد الحميد لما قلبه خيال (فى الآخر) قلنا ماشى
ياسمين: يعنى أنا نفسى أكمل فى الدراسه
د.يحيى: لأه المسألة مش نفسى أكمل المسألة: أنا دلوقتى….
ياسمين: ماباعرفش، يعنى حلم يقظة؟
د.يحيى: لأه مش حلم يقظه، حلم بحق وحقيقى، يعنى أنتى بتعمليه دلوقتى
ياسمين: أنا باحلم إنى أنا دلوقتى فى الدراسه…، صح كده
د.يحيى: لأه… فين الحركة؟
ياسمين: ما هو ده حركه برضه
د.يحيى: خلاص ماشى، كله ماشى
ياسمين: بعد كده تعبت وماقدرتش أكمل هو ده بقى كده وخلاص
د.يحيى: بالذمة ده حلم يا ياسمين؟ إنتى مش سمعتى زملاتك من بدرى، و”نعمل حلم” مش أمنيه ولا رغبه تحققيها
د. ياسمين: (يعنى إيه؟) الحلم اللى احنا عملناه وبنعمله كل واحد على قدّه.
د.يحيى: اللى قادر واللى مش قادر واللى عارف واللى مش عارف كلنا حاولنا بمنتهى الشجاعه أنا كده زى ما أكون باتعرف عليكى من أول وجديد، بس برضه عاوزك تعمليه ولو بمساعده د. محمد أو بمساعده د. دينا، تبددى “أنا دلوقتى”، وبعدين حصل، وبعدين طلع، وبعدين نزل، زى ما محمد عمل كده أنا دلوقتى ….هه
أحمد: إنتى كان ليكى أمنيه وماتحققتش ياللا حققيها فى الحلم يعنى إحلمى، وانتى فيها…
د.يحيى: شكرا يا احمد
أحمد: يعنى كنتى إنتى عاوزه إنك تبقى دكتور، إحلمى، إنك دكتورة وبعد كده صحيتى زى ما إنتى المهم تحاولى
ياسمين: أنا باحلم دلوقتى
د.يحيى: مفيش باحلم “أنا دلوقتى…”
ياسمين: أنا دلوقتى فى الدراسه مثلا
د.يحيى: مفيش مثلا “أنا دلوقتى…”
د.مروه: فين
ياسمين: أنا بحلم إنى مدرسه ثانوى
د.مروه: قولى ده من غير كلمة “باحلم”
ياسمين: أنا دلوقتى فى المدرسه الثانويه وكنت فى الإمتحان وماعرفتش احل كويس، فيعنى نزلت فى الدرجات، فبقيت يعنى…، فاللى فى البيت كلهم اتضايقوا من المدرسين وكده، وبعد كده خلاص بقى
د.يحيى: (بعد فترة صمت…) …. ياه!! حتى ده يا ياسمين، شكرا، الله يسامحك فاضل حد غير رضا، ياللا يا رضا “أنا دلوقتى ..”
رضا: أنا دلوقتى ساكنه فى بلد أرياف بقالى، كتير أوى فيها، كل لما أقعد فى مكان ألاقى صاحب البيت يطلعنى منه، فمضّايقه خالص فحاسه إنى أنا ماليش مكان أنا وولادى، كل لما أروح مكان يطلعونى منه فحاسه إنى أنا ضايعه،
يا للا يا د. يحيى أنت اللى فاضل
د. يحيى: (بعد فترة صمت ليست قصيرة وهو مطأطئ رأسه)…
طلعت صعبه يادينا، يخرب بيتك: أنا دلوقتى راكب فوق صبرى فى السما قالى إبعد إنت تقيل، قلت له أبعد دا إيه أنا جاى أركب لك جناح يامغفل، قالى ما أنا طاير من غير أجنحه، قلت له ما هو إنت لما تنزل حاتدشدش، فراح نازل من قبل ما أركب له الأجنحه وأنا لسه فوق لاقيتنى، إن أحنا حاندشدش إحنا الإثنين، راح أبويا طالع لى وقال لى إنت ندل ولا معاك أجنحه ولا نيله، قلت له إمشى ياَ لَهْ، فراح صبرى مختفى فرحت نازل لقيتنى فى مدرسة رياض أطفال ولاقيت الأبله حلوه جيت أبصبص لها، العيال زفونى وقالوا يا راجل ياعجوز مناخيرك أد الكوز رحت طالع لاقيت الدكتور محمد، رحت واخده على قفاه، وركبت القطر بتاع دينا راحت هى ناطه من الناحيه التانية، رحت طارد سارة وقلت لها بدال ما تشخى على نفسك إجرى إطلعى بره، بس خلاص .
****
وبعد
فى انتظار تساؤلاتكم وتعقيباتكم، دون وعد بأن أكمل أو لا أكمل
ربنا يسهل
[1] – يحيى الرخاوى “الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع”، مجلة فصول- المجلد الخامس – العدد (2) سنة 1985 ص (67 – 91) وقد تم تحديثها دون مساس بجوهرها فى كتاب “حركية الوجود وتجليات الإبداع”، الفصل الأول، المجلس الأعلى للثقافة، 2007
[2] – والمتدربة من حقها أن تعتذر فى بداية التدريب وحتى تطمئن تسمح لاحقا فى أى وقت فتضئ ما تسميه “النور الأخضر.
[3] – هناك اتجاه عام فى هذه الطريقة فى العلاج الجمعى أن ننبه أن العلاج النفسى ليس كما يشاع “أطلع اللى جوايا”، وليس مجرد “أعبر عن نفسى”، فقد لاحظنا أن هذا وذاك مرتبط بما هو تحليل نفسى وتفريغ أكثر من ارتباطه تآليات، هذا النوع من العلاج حيث يتركز التركيز على “فعل ما” فى “هنا والآن”.
[4] – كثيرا ما لا ألقب زملائى الأصغر بلقب دكتور
[5] – تعبير “تدى الكورة لمين” نقصد به من الذى تختار ليلعب بعدك.
[6] – لاحظ تدخل المرضى تلقائيا
[7] – النقط هنا تشير إلى أننا فى التفريخ سمعنا صوت المتكلم دون صورته، ولم نتبين من هو.