نشرة “الإنسان والتطور”
24-2-2010
السنة الثالثة
العدد: 908
هذه الحالات ليست حالات إكلينيكية واقعية، ولا حتى مـُتخيلة بشكل روائى شعرى مطلق، ولا هى تصف أشخاصا بالذات، إنها من وحى الفروض العلمية العملية التى استلهمناها من مزيج من الحالات المرضية، والأصدقاء المشاركين، وتراكم الخبرة، وإلهامات الأسطورة الذاتية للمؤلف.
فانوس ألوان
(ضبط جرعة التعرية والرؤية)
مقدمة:
هذه اللوحة تشكيل جديد يحذر من التمادى فى تعرية الذات، أو الآخر، تحت زعم صدق الرؤية، وتعميق البصيرة، لدرجة قد تصيب صاحبها بالعجز عن التغيير الممكن فعلا، هذا ما أسميته فى شرح سابق “الرؤية المرة”، أو “الصدق المعوِّق”. كانت محاولات هذه السيدة بوجه خاص محاولات عنيدة وهى تصر على مواصلة الكشف دون حذر، وكنت أحيانا أتمنى لها العمى، وأحذرها من أن فرط بهر النور قد يعشى البصر. لكن، والحق يقال، كانت كلما ازدادت صدقا، زاد إصرارها على مواصلة الرؤية، دون الانتباه إلى ضرورة التناسب اللازم بين ثالوث “الرؤية– الحفز– الفعل“. كانت حركية الجماعة التى تحاول معهم نفس محاولتها، ولكن بدرجات مختلفة، تجذبها إلى صحبتهم متصورة أنها كلما رأت داخلها، وواقعنا أكثر، كانت أقرب للطريق السليم الذى نحاول السير فيه، واقدر على التغيير اللازم لذلك.
فى نفس الوقت لم تكن تنكر أن هذه الرؤية مؤلمة غاية الألم، ويبدو أنها كانت تكتفى بالألم تكفيرا، عن المسئولية فعلا، وحين كانت تستعبط لتوهم نفسها أنها لا ترى ما ترى، كانت سرعان ما تكتشف أنها تكذب على نفسها أولا، فى محاولات تعمية نفسها بأى مستوى من الوعى، بلا طائل، وكان كل ذلك يجعلها تخاف أن ترى أكثر، وتخاف أن ترى أقل (تعمى)، تخاف أن تتألم أكثر، وتخاف أن تتبلد فتنخدع، كانت تحافظ على المسافة بينها وبين أى آخر، دون أى استغناء، وأيضا دون أية مغامرة باقتراب أكثر.
والنظره دى صادقهْ، وْمحتاره، وْخايفهْ؛
خايفهْ مِنْ الصَّدق وكُتْر الشّوفْ المُرْْ.
خايفه مِنْ بُكَرَهْْْ.
عمّالَه بتقولْ:
”نفِسى آجى معاكُو.. حتى ماشيَهْ حافيهْ
بس شوك الأرض بيَخزَّقْ عِنَيّهْ.
نفِسى اغَمّضْ، نفسى أًعـْمَى.
بس برضُه الشوكْ فِى قَلْبِى،
حتى لو قلت الضلام ستر وغطا،
أبقى شايفه .. إنى عاميه”.
وحين كانت تبلغ درجة قصوى من الخوف والألم وبهر الرؤية، كانت تحاول أن تشكك نفسها فيما يجرى، بما فى ذلك ضرورة أو جدوى أو معنى هذا الكشف المتلاحق، فتحاول أن تسمح للشك فى صدق الجارى ولزومه أن يتسحب إلى داخلها، وهى لا تشك فى الآخرين بقدر ما تشك فى نفسها، بل وأيضا فى رؤيتها شخصيا، أعنى فى صدق رؤيتها، لا فى فاعليتها أو ما يترتب عليها .
والشك الشوك بيشكشِكْْ:
”مش يمكن كل كلامكو الصح: مش صح؟
مش يمكن أنا باعملّكوا فخ؟
مش يمكن باكْذبْْ.
لاجْلَ أهْرَب والعبْ..؟
هذه كلها صورة مؤلفة تسمح لى أن أبين كيف أنه فى العلاج النفسى ينبغى الحذر من هذا التعميق فى الرؤية بجرعة أكبر من القدرة على استيعابها، ويعتبر ضبط جرعة التعرية بتهيير الدفاعات النفسية المعيقة (وأحيانا العادية) من أصعب مهام المعالج، أصعب كثيرا من ضبط جرعة العقاقير حسب مرحلة مسار العلاج، ثم إن ضبط جرعة الرؤية لا يلزم بالنسبة للمريض فحسب، بل هو يشمل المعالج أيضا وباستمرار، ولا توجد مؤشرات، أو خطوات، أو تعليمات محددة تُحفظ فتنفذ، فتساعد المعالج على ضبط جرعة تعرية المريض بل والمعالج أيضا. المعالج هو دائم التجربة، دائم المراجعة دون تردد، هو يعمل على استيعاب كل جرعة أولا بأول، وعليه ضبط الخطوة تلو الخطوة من خلال النتائج المرحلية بخبرته المتنامية.
أحيانا، من فرط جرعة الرؤية يتعامل المريض معها، بشكل قد يخدع المعالج، وذلك باللجوء إلى استعمال ما تيسر من ميكانزمات أخرى أهمها العقلنة(1)، وأحيانا تقوم هذه العقلنة بتعطيل مسار العلاج بقدر أكبر.
فى العلاج الجمعى بالذات قد تخدع آليه “العقلنة” كلا من المعالجين والمرضى على حد سواء، وقد يطمئن صاحب هذه الرؤية إلى انبهار الآخرين بقدرته على الغوص ليس فقط فى داخله، وإنما فى داخلهم، بشكل عميق ومخترق أيضا، وفى هذه الحالة قد يكون الاستمرار فى التصفيق (بمعنى فرط القبول بإعجاب وحماس) لهذه الرؤية هو ضد مسيرة العلاج النمائى بشكل أو بآخر. ثم إن بعض من هم مثل هذه الحالة قد يفخر بأنه يرى حجم سلبياته وطبيعة ميكانزماته التى عرّاها لدرجة تصور له أنه –بذلك – قد كفَّر عنها، مع أن واقع وقفته منظِّرا تقول إنه لم يخطُ بعد ذلك أية خطوة فى محاولة تغييرها، وكأنه يعلن سلبياته ليثبتها لا ليتخلص منها.
وحين ينتبه صاحب هذه البصيرة، المعقلنة جزئيا، إلى لعبة العقلنة والتكفير دون تغيير، قد يحاول أن يخفى بعض رؤيته هذه عن المعالج، وربما عن الآخرين، وأحيانا عن نفسه، لكنه عادة لا ينجح:
الناسِ بتْحَاوِلْ تِخْفِى الِكْذب،
إٍنما صاحْبِتْنا بِتِخْفِى الصِّدْق.
والكذب حْبالُه طويلَهْ،
والصدق مصيبته تقيله،
هذا ما حدث مع صاحبة هذه اللوحة – تخيلاً- حتى تصورت أن محاولتها أخذت تتمادى فى كل اتجاه دون أن تعلّم أنها تدور حول نفسها، فطغت الحلول المثالية، والأحلام المؤجلة على كل ما يمكن أن يترتب على إدراك هذا الواقع العارى من حركة نمائية مسئولة، وبرغم ذلك يتواصل استمرار الرؤية المعقلنة، وكانت هذه السيدة تتخفى طول الوقت من الجميع ومن نفسها بكثرة النقلات بين التفاعلات والانفعالات المتنوعة الصادقة أيضا:
خُدْ عندكْ: حتة كدْب،
على نبضة صدقْ،
على رسمة حبْ،
على صرخة همْْْ،
على سكتة غمْ،
وتلخبط كل حاَجاتها على كل حاجاتها،
بالقصد.
فى العلاج النفسى حين يحدث مثل ذلك لا يكون عادة دليلا على خوض مأزق التغير بقدرْ ما يكون ربكة تعطل صاحبها وتخدع المعالج أو المجموعة بالتالى، ومن ثَمَّ لا يترتب على هذا الموقف أى تحفيز نحو التقدم للخطوة التالية.
صاحبتنا كانت تبدو أنها تلجأ إلى هذه الخلطة المقصودة المتنقلة بسرعة من حال إلى حال فلا تسمح لأحد بالاقتراب، لأنه يمكن حين يقترب الآخر أكثر أن يفاجأ بنقلة إلى موقع آخر، أو مشاعر أخرى، أو موقف آخر دون توقع فينسحب، وتطمئن هى إلى ثبات موقفها وموقعها محتفظة بمسافة من الأمان الدفاعى الحامى.
فى مثل هذه الأحوال تنجح الحالة أن تحافظ على تلك المسافة ثابتة بينها وبين “الآخر” (الموضوع)، أو على الأقل تتحرك فى دائرة مغلقة، أى أنها برغم ظاهر الاقتراب والابتعاد لا يتغير وضعها فى النهاية. وتزداد مقاومتها مع استمرار انسحابها أمام أى اقتراب، برغم حاجتها إلى الآخر “الموضوع”، بشكل متزايد.
وانْ جَهْ وَاحِد وْشاوِرْ عقله يقرّبْْ:
تحرَن وترفَّصْ،
تضرب تْتِملـَّصْ
وتعاند زى العيَّل لما يزق البزْ،
مع إٍنه جعانْ.
يتضاعف الموقف باللجوء إلى درجة من الاستعلاء حين تعلن لنفسها ولغيرها أنها تفهم أكثر، وترى أعمق، وتحس أصدق، وتفكر ألمع، وكل هذا يكون صحيحا من حيث القدرة على الفهم والوصف والتنظير، لكنه يكون غالبا بعيدا عن اختبار الواقع، فتهرب أكثر فأكثر فى المثالية التى نبهنا إلى سلبيتها فى أكثر من لوحة تشكيلية فى هذا العمل، ويظل الزعم بالمثالية هو المطروح والمسئول عن إطلاق الشعارات، والتعامل مع أحلام اليقظة الشاردة كأنها واقع محتمل:
وتقول أنا مخِّى مافيش زيُّـه،
وتدوَّر عاللى مافيش زيُّه :
وتلاقى: “يسقُط شر الناس،
ويعيش الحب”
وخلاص.
- إزاى؟
- مِشْ شغلى.
المفروض أن مرارة الرؤية، وشوك المسيرة، هما الناتج الطبيعى لصدق الرؤية، وهما الدافع لحركية النمو، أمّا المثاليه المزركشه فهى عكس ذلك، إذْ ترسم الأهداف جميلة جذابة، لكنها تلحق ذلك بتعرية صعوبة الطرق الموصلة إليها بطريقة مبالغ فيها تجعل الوصول إلى هذه الأهداف يكاد يكون مستحيلا، فتُحِل ذلك النكوص الطفلى ومزيد من المثالية، محل التوجه الهادف المسئول، دون التخفيف حتى من آلام كل ذلك.
وبحور المّر بْتِرْوِى الشوك ِالصبرْ.
والبحر بعيدْ، ومالوش شطآنْ.
ولا فيش مقداف ولا دفّهْْ،
ولا ريّـِسْ، ولا بمبوطِى.
كان من أكثر الأمور إيلاما لى ما واجهنى حين كنت أتابع صاحبة هذه اللوحة وهى تتمزق بين ما تراه من تناقض ظاهر بين أمومتها الطيبة، وبين طموحها المثالى الطوباوى تقريبا، وكانت تحاول أن تحل المشكلة بحل وسط، أقرب إلى التسوية المثالية المعقلنة الساكنة منه إلى حركية النمو الجدلية الواقعية المسئولة الأصعب:
والطفلة تشقّل فى اللفة وتقول:
رمضان اهُو جىْ، وحاقول وَحَوِى،
واستَنّى الفجر.
وليالٍ عشر.
وراح افتح طاقة القدْرْ.
وأطَلَّع منها فانوس ألوانْ.
بس كبير خالِصْ.
قد الدنيا بحالها.
ولاَقِينِى قَاعْدَهْْ فْ وسْط عِيالىِ،
وعيالى كـتـار، وكـبـار.
يبقى حلِّيتْهاَ يا حَلُلِّى.
لا انا سِبْت عْـَيالىِ،
ولا سِبْت النَّاسْ.
بصراحة، ومن خلال خبرتى، فى العلاج النفسى، لاحظت أن المريض الذى يصل إلى هذه الدرجة من الرؤية المخترقة المعقلنة معا، وفى نفس الوقت يتوقف عند هذه التسوية المثالية الساكنة، لا يحاول أن يهرب من رؤية داخله مها بدا شائها أو متمزقا أو مؤلما، قد ينجح أن يخفيه فقط عن الآخرين، بعض الوقت، حسب مقتضى الحال لا أكثر.
أحيانا تستعمل مثل هذه الرؤية العميقة المخترقة منطلقا لإبداع فائق، هذا إذا ما أفرغها صاحبها فى إبداع خلاق خارجه، حتى ولو على حساب نموه شخصيا، بمعنى أنه بدلا من أن يبدع ذاته من خلال ما رأى، يكتفى بأن يسجل بأدوات إبداعه تشكيلا جميلا جديدا بديلا عن إبداع ذاته،
وقد سبق أن ذكرت أننى قد مرت على فترة رفضت هذا الإبدال، لكننى عدت فقبلته باعتباره محطة قد تكون لازمة، ومفيدة، لكل من صاحب الرؤية المبدعة ومن يتلقى نتائجها على السواء.
كثيرا ما تختلط أجزاء رؤية الحقيقة مع محاولات إخفائها عن الآخرين بشكل مشوش مما يزيد الموقف غموضا، وقد يكون ذلك مقصوداً من عمق آخر، وبالتالى تتوقف مسيرة النمو بحل سلبى مختار نسبيا، فى هذه الحالة لا ينفع العلاج النفسى التقليدى عادة، لأن مثل هذه الحالة قد تعرف وتفسر كل ميكانزماتها أدق وأعمق من المعالج نفسه، أما العلاج النفسى المكثف المخترق فهو يقابل من صاحبة هذه الرؤية بعناد وتحد بلا هواده، وكأنها مبارزة تحدٍّ مستمر، وتصبح كل طاقة المريض موجهة إلى تملك ناصية الوعى والإرادة يستعملهما ضد أية محاولة تغيير أو اقتراب من الخارج. وبرغم هذا العناد القوى، إلا أنه لا يؤدى إلى أى حل حقيقى مهما نجح ظاهريا، فهو موقف تتصاعد مرارته باستمرار نتيجة اصطدام حدة الرؤية، مع عناد الجمود، مع الخوف من الاستسلام والاعتماد على آخر، مع العجز عن النسيان والعمى، أو حتى التعامى ..
ولا يأتى الغد الموعود أبدا.
وقد يخفف من وطأة هذا الموقف بعض الوقت -تكرار ظهور تلك الأحلام الوردية ولو فى أفق بعيد، إلا أنه بالنسبة لهذا التشكيل، كانت هذه الأحلام دائما مضروبة بحقيقة الرؤية ومرارتها.
وبرغم وضوح عناد التوقف، وأوهام المثالية، وقوة المقاومة، إلى أننى لم أستطع أبدا أن أستلسلم لأى حكم سلبى على صاحبة هذا التشكيل، وانتهت اللوحة وأنا بين التصديق والتكذيب، بين اليأس أو أن يتفتح أمامى باب احتمال آخر لا أعرف ما وراءه، فأتركه مفتوحا، آمِلاً منتظرا إلى ما لا نهاية.
وأبص بشكّّْْ، وأحاول أصدّقْْ.
وتبص بعِند، وتقول أنا قَدَّكْْ.
والطفل اللى جواىَ يقول “أنا مالى، مِش يمكن!”
والشيخ اللى بَرَّاىَ يقول: “لا ياعَمْْ، مش ممكن”.
وتبصْ، وأبصْ.
وأشوفْلَكْ طاقةِ القدر فْ عينها،
من غير فوانيس، ولا ناس.
والنور بقى نار بِتْلَهْلِبْ.
إنما جواها: فيه “بكره”. أو “يمكن!”.
“… مش يمكن!!!؟”
حين يفرض تحد مثالى على الطبيب – أو المعالج – النفسى، فلابد أن يفتح عقله لاحتمال تحقيقه وألا يبادر بالرفض أو التعجيز، وخاصة إذا كان صاحب التحدى يحمل مسئوليته، (وهو أمر نادر فى موقف العلاج النفسى وإلا فلماذا للعلاج؟) والطبيب (أو المعالج) عموما يستفيد من فتح أبواب عقله لكل الاحتمالات الجديدة الممكنة ليتطور هو ذاته.. وفى نفس الوقت يسمح للمريض أن يحس بذاتيته .. ويتحمل مسئوليته فى النهاية .. سواء نجح فى مواصلة الطريق، أم رضى بالتوقف.
كثيرا ما يصلنى – شخصيا – من هذه النهاية المفتوحة عرْض يقول:
إذا لم يتمكن الآخر (بما فى ذلك المريض) ان ينجح فى هذه الرحلة، فليكملها الطبيب او المعالج لنفسه، بنفسه،
وهكذا يظل الباب مفتوحا باستمرار.
*****
ملحق النشرة:
نجحت فكرة عرض المتن الشعر مكتملا بعد هذا الشرح التشريحى الذى يسرق منه شاعريته بشكل أو بآخر، وهانحن نواصل ذلك هذه النشرة، ونسأل الأصدقاء الرأى هل نفعل مثل ذلك مع كل لوحة ولو فى نهاية فقراتها؟
المتن مكتملا:
والنظره دى صادقهْ، وْمحتاره، وْخايفهْ؛
خايفهْ مِنْ الصَّدق وكُتْر الشّوفْ المُرْْ.
خايفه مِنْ بُكَرَهْْْ.
عمّالَه بتقولْ:
”نفِسى آجى معاكُو.. حتى ماشيَهْ حافيهْ
بس شوك الأرض بيَخزَّقْ عِنَيّهْ.
نفِسى اغَمّضْ، نفسى أًعـْمَى.
بس برضُه الشوكْ فِى قَلْبِى،
حتى لو قلت الضلام ستر وغطا،
أبقى شايفه .. إنى عاميه”.
والشك الشوك بيشكشِكْْ:
”مش يمكن كل كلامكو الصح: مش صح؟
مش يمكن أنا باعملّكوا فخ؟
مش يمكن باكْذبْْ.
لاجْلَ أهْرَب والعبْ..؟
الناسِ بتْحَاوِلْ تِخْفِى الِكْذب،
إٍنما صاحْبِتْنا بِتِخْفِى الصِّدْق.
والكذب حْبالُه طويلَهْ،
والصدق مصيبته تقيله،
خُدْ عندكْ: حتة كدْب،
على نبضة صدقْ،
على رسمة حبْ،
على صرخة همْْْ،
على سكتة غمْ،
وتلخبط كل حاَجاتها على كل حاجاتها،
بالقصد.
وانْ جَهْ وَاحِد وْشاوِرْ عقله يقرّبْْ:
تحرَن وترفَّصْ،
تضرب تْتِملـَّصْ
وتعاند زى العيَّل لما يزق البزْ،
مع إٍنه جعانْ.
وتقول أنا مخِّى مافيش زيُّـه،
وتدوَّر عاللى مافيش زيُّه:
وتلاقى: “يسقُط شر الناس،
ويعيش الحب”
وخلاص.
- إزاى؟
- مِشْ شغلى.
وبحور المّر بْتِرْوِى الشوك ِالصبرْ.
والبحر بعيدْ، ومالوش شطآنْ.
ولا فيش مقداف ولا دفّهْْ،
ولا ريّـِسْ، ولا بمبوطِى.
والطفلة تشقّل فى اللفة وتقول:
رمضان اهُو جىْ، وحاقول وَحَوِى،
واستَنّى الفجر.
وليالٍ عشر.
وراح افتح طاقة القدْرْ.
وأطَلَّع منها فانوس ألوانْ.
بس كبير خالِصْ.
قد الدنيا بحالها.
ولاَقِينِى قَاعْدَهْْ فْ وسْط عِيالىِ،
وعيالى كـتـار، وكـبـار.
يبقى حلِّيتْهاَ يا حَلُلِّى.
لا انا سِبْت عْـَيالىِ،
ولا سِبْت النَّاسْ.
وأبص بشكّّْْ، وأحاول أصدّقْْ.
وتبص بعِند، وتقول أنا قَدَّكْْ.
والطفل اللى جواىَ يقول “أنا مالى، مِش يمكن!”
والشيخ اللى بَرَّاىَ يقول: “لا ياعَمْْ، مش ممكن”.
وتبصْ، وأبصْ.
وأشوفْلَكْ طاقةِ القدر فْ عينها،
من غير فوانيس، ولا ناس.
والنور بقى نار بِتْلَهْلِبْ.
إنما جواها: فيه “بكره”. أو “يمكن!”.
“… مش يمكن!!!؟”
[1] – العقلنةIntellectualization هى آلية أو حيلة نفسية “ميكانزم” تشير إلى استعمال المنطق العقلى المنظم منفصلا عن كل من الوجدان المصاحب، وأيضا دون التزام بحفز الفعل المترتب على هذا المنطق الصحيح عادة.