نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 11 – 7 – 2017
السنة العاشرة
العدد: 3601
عوْدٌ على بدْء
من موقف “الوقفة”
مقدمة:
لا أعرف ما الذى أرجعنى إلى ماكتبته استلهاما من مولانا النفرى فى موقف “الوقفة” فى حوارى الباكر “حوار مع الله”، فـَرِحـْـتُ بما قرأت وكأننى لست أنا الذى كتبته، وفرحت بجرأتى آنذاك على الحوار مع الله مباشرة، وأفكر الآن فى العودة إلى ذلك بعد إذن مولانا،
كنت قد وعدت فى نشرة الأسبوع الماضى بالعودة إلى ما استلهمته من هذا الموقف بالذات فى نشرات سابقة، لكننى لم أستطع أن أفضل بين مختلف النشرات لأستشهد بها لما أريد، فقررت إعادة نشرها، لكننى تراجعت مؤقتا وقررت أن استئذنكم واستأذن مولانا فى البدء بهذه النشرة التى صدرت منذ سبع سنوات.
وأملى أن تفاجأوا بها مثلى.
المقتطف: حوار مع الله:
نشرة “الإنسان والتطور”، 27-11-2010، حوار مع الله (27)
(من موقف الوقفة: 3)
وقال مولانا النفـّرى أنه:
وقال لى:
من لم يقف رأى المعلوم ولم ير العلم،
فاحتجب باليقظة كما يحتجب بالغفلة
فقلت له:
العلم العلم(1) جوهرٌ، والمعلوم ظاهرٌ محتمل.
العالِمُ يتعلم المعلومات، يفرز المعلومات، ولا تحدّه المعلومات.
نـدّعى اليقظة فيحتد الانتباه فيختفى باقينا وراء ألمعية الغباء.
نـدّعى الغفلة، فنتخبّط فى العمى ونحن نحرم أنفسنا من حدّة البصر.
علم العلماء توقف عند علم العلماء.
الواقف خاشعا يستعمل علمه لما هو،
لا هو يرفضه ولا هو يعبـده.
فى رحابك يضع العالم علمه حيث تضعه منه.
العلماء العلماء أدواتك إليك، لا هم بديلا عنك، ولا هم إثباتا لك.
هم يصلحون بعلمهم إذا ركبوه ولم يركبهم،
إذا ذكروه ولم يُـنسهم أنفسهم.
بفضلك: لم أتركهم، ولم أتبعهم، ولم أعلنهم أين أقف بين يديك إليك،
لا أخاف، ولا أنسحب، ولا أرفض.
اليقظة زادى إلى ما بعدها من غيبك المدهش الحافز للكشف،
والغفلة سماحُك لأجمع نفسى حتى احتمال مواصلة السعى إليك.
لا تحجبنى عنك لو غرّتنى يقظتى عن خيبتى الرائعة،
ولا تطمسنى علىَّ لو طالت غفلتى كسلا أو غباء.
1- ملحوظة: أضفت اليوم كلمة “العلم” إلى كلمة العلم فى السطر الأول حين لاحظت لاحقا فى نفس النشرة أننى ميزت العلماء الذين تصورت أننى وصفتهم بأنهم “العلماء العلماء”، وهكذا أطمئن إلى موقع العلم الحقيقى الذى هو ليس ضد الجهل، اطمئن إلى موقعه على سلم الإدراك والمعارف وقوفا إليه.