الأهرام: 28/6/2004
عن القراءه والصيف
كنا ننتظر بدء الصيف واجازته بفروع صبر، حصاد القمح، النورج، لعب السيجه، والورق مع اولاد العم (مرابعه) ثم القراءه، القراءه، القراءه. مكتبه والدى غاصه بالكتب، احاول ان اتجاوز كل ماهو صوت فى اغانى الاصفهانى لادخل للحكايه، اما حيوان الجاحظ فلم تكن به تلك المعيقات البادئه، روايه الشيخ الصالح عن قاطع الطريق الذى يستعمل الدين ليخدع الناس ارعبتنى، اما روايه ازميرالدا المترجمه فكان اغرب ماشغلني هو كيف تخصص حجره فى اقصى الحديقه للتدخين فقط.
تعاودنى هذه المشاعر وانا اقلب مااستجد من مكتبه الاسره كل صباح فى اثناء عطله نهايه الاسبوع. عشر سنوات فاكثر، وهذا المشروع ينادى الشباب والناس ان الكتب مازالت تطبع، وان الناس يكتبون وان الثمن فى المتناول، يطل علينا هذا المهرجان مع بدايه كل صيف بفيض خيره وتواضع اسعاره جنبا الى جنب مع كل الهمس الذى يدور حول الانتقاءات والتجاوزات(عادى) افرح للناس،ولى واتالم لشخصى الا قليلا (عادى).
عزوز افندى (مدرس العربى فى مدرسه مصر الجديده) كان يوصينا قبيل الاجازه بالقراءه، كان زميلى المرحوم حسن قنديل( سفير مصر بعد ذلك في بلاد متعدده) قد قال لي قبيل ذلك الصيف انه اكتشف كاتبا جيدا اسمه نجيب محفوظ واهداني روايته خان الخليلي فقراتها في عجاله وانا اسعل وابكي وحيدا مع احمد عاكف، ووعدت نفسي ان اعود اليها في الصيف قبيل بدايه صيف ذلك العام ( منتصف مايو1948) طلب منا عزوز افندي طلبا اخر: دخل الفصل متجهما ثم قال قيام فقام كل من بالفصل، فطلب ان نقرا الفاتحه ان ينصر الله جيوش العرب علي عصابات الصهاينه في فلسطين دعونا الله بقلوبنا الغضه ونحن واثقون من النصر، في اواخر صيف لاحق بعد نحو عشرين عاما، ربما كان ذلك في اغسطس1967 دق جرس باب شقتي فاذا بي امام عزوز افندي شخصيا لم اتذكره لاول وهله لكن الاستاذ عبد الرزاق جاري، مفتش الخط العربي الجميل، اوضح الموقف وان عزوز افندي تذكر تلميذه القديم حين قرا اللافته الصغيره علي شقتي وهو يعوده مريضا فرحت وهممت بتقبيل يده فقبل راسي ورفعني. لاانا ذكرته بالفاتحه التي لم يستجب الله لدعاءنا بها حتي الان ولا هو المح للهزيمه المره علقما ولم يكن قد مضي عليها شهران (5 يونيو1967).
كل ذلك توارد الي ذهني وانا اتابع الصديق الجميل د. احمد مستجير في مساء الخير يامصر هذا الاسبوع، ذكرني كيف كنت استعير الكتب من المكتبه الفرعيه في الزيتون كل صيف مقابل اشتراك شهري لايصل الي ربع جنيه، قال ان مكتبه الاسره اتاحت للشباب فرصه ان يعرف معني ان يشتري كتابا حتي لو لم يقراه. (اضفت من عندي حتي لو باعه لاحقا باغلي من ثمنه ليقبع بدوره علي مايشبه سور الازبكيه).
الا يمكن ان يستجيب بعض الشباب لنداء كتاب اشتراه بسعر ساندوتش عادى( ليس ماكدونالد) بعيدا عن دورات الضياع الفارغه الدوامه؟ او حتي بديلا عن القراءه المتناثره النطاطه علي النت اشبه بالقراءه كليب؟
مازالت مراره الهزيمه تملا وعيى وحسى برغم نصر اكتوبر، ربما تحركت المراره من جديد هذه الايام مع تلاحق الاهانات والقتل والغدر.
لكن الصيف يعود كل عام وفيض مكتبه الاسره يطل ليذكرنا بغمر ايجابي اخر اسمه المشروع القومي للترجمه( شكرا د. جابر عصفور).
هل يكون شطحا كبيرا ان يامل واحد مثلي ان مثل هذين المشروعين هما الرد علي الهزيمه علي المدي البعيد؟
حتى لو كان شطحا فمن حقى ان اصدقه لم لا.