لمحة من خـلـق مسيحى
المحبة: أن تفعل الأفضل
د. حسام حشمت
المحبة تحكم باقى الوصايا، حتى أن المسيح أشار إلى أن الناموس كله يكمل فى آية واحدة “تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك وتحب قريبك كنفسك”.
المحبة هى – إذن- المرجع الأساسى لباقى الوصايا التى تحكم السلوك المسيحي.
المحبة فى المسيحية ليست هى مشاعر الحب أو التسامح أو الغفران أو تحمل إهانة الغير أو أى من تلك المظاهر السلوكية الشائعة حول كلمة “المحبة”.
تعريف المحبة -مسيحيا- هى أن تريد وتفعل الأفضل، كل الأفضل للآخر.
الجدير بالذكر أن المقياس الذى من المفترض أن يحكم الأخلاق المسيحية ليس هو”الصواب والخطأ” أو “الثواب والعقاب” أو حتى “الخير والشر” بل هو فى الواقع “المحبة والأنانية”.
لاحظ أن عكس المحبة فى المسيحية ليس الكره، لكن الأنانية.
من هنا نجد أن الأخلاق فى المسيحية ليست مجموعة من القيم التى تحكم العلاقات مثل الصدق والأمانة والوداعة، لكن هى اتجاه عام من المحبة بالمعنى السابق. أما مظاهر هذا الاتجاه فيمكن أن تكون الصدق والأمانة والوداعة.
المحبة فى المسيحية تعبر عن علاقة رأسية وأفقية.رأسية بالله وأفقية بالآخر.
وكما أشار المسيح فى الآية السابقة فإن البعدين هما وحدة واحدة غير قابلة للانقسام. لا يمكن القول بأنى أحب الله، لكن لا أحب الناس، أو أنى أحب الناس، ولا أحب الله.
جانب آخر هام فى المحبة المسيحية أنها ليست صدفة، كما أنها لا تحدث بشكل عشوائى لكنها اختيار واع مسئول، وإلا لما كانت أمرا مباشرا أن تحب كما هو موضح فى الآية أعلاه.
المحبة تعتمد بشكل كبير على رؤية الله ورؤية الآخر كما هو، ورؤية استحقاقهم للمحبة. وأحيانا رؤية الاستحقاق من وراء عدم الإستحقاق كما فى محبة الأعداء.
عندما أتكلم عن استحقاق المحبة فهو بالنسبة للآخر رؤيته ككائن رائع جدير بالمحبة، وهنا تجد أنك لا تحبه فضلا أو لأنك أسمى أو أكرم منه، بل لأنه يستحق هذه المحبة لأنه إنسان كما تستحقها أنت. ونتعلم من الله شخصيا هذه المحبة فهى محبة ترى الاستحقاق لكونك إنسانا.