الأساس الأخلاقى للمجتمع
إشارة موجزة إلى مقال سامح سعيد عبود بعنوان ”الأساس الأخلاقى للاشتراكية العلمية”
عرض وتلخيص: د.أحمد الفار
لا يمكن تصور الأخلاق بدون وجود سابق للمجتمع عليها, فلا يمكن للفرد أن يمارس سلوكا/ أخلاقا بدون وجوده فى جماعة ما.. كذا لا يمكن استمرار مجتمع دون وجود منظومة قيمية تحكم تصرفات أفراده فيما بينهم, حتى فى المجتمعات الإجرامية, أو الخارجة على القانون.
ترتبط الأخلاق ارتباطا وثيقا بتنوع الظاهرة البشرية وامتدادها, فهى لا ترتبط فقط بالخلفية الفكرية, أو النظرية للأفراد, ولا بظروف حياتهم المادية والاجتماعية الآنية فحسب, وإنما يمتد هذا الارتباط ليشمل التاريخ الإنسانى الطويل بمختلف تجلياته, المادية, والدينية والحضارية.
لذلك: تتميز الأخلاق بكونها نسبية ومطلقة فى آن واحد, فهى تكتسب خصائصها النسبية من ارتباطها بالواقع الحياتى المعاش, وتأثرها بالتركيبة الاجتماعية للمجتمع, وإذا كانت هذه النسبية تبدو حقيقة مزعجة بعض الشيء, إلا أن دلائلها تبدو واضحة فى التباين الشديد بين القيم الأخلاقية فى المجتمعات المختلفة بل وفى المجتمع الواحد بين طبقاته المختلفة أو على مر الزمن. بينما تنبع الطبيعة المطلقة من أنه على امتداد التاريخ البشرى أخذ ينمو ويتطور ما يمكن أن نسميه بالأنا العليا المشتركة للبشرية, والمكونه من المثل والقيم العليا المتفق عليها تحت أى ظروف..
ويشكل الدين والقانون آليات الضبط والجبر الاجتماعيين الذى يحافظ بها المجتمع على استمرار نظمه الأخلاقية.
الدين, مثل كل الأنساق الفكرية الكبر ى، يشتمل على نظمه الأخلاقية الخاصة به, كما يحتوى أساليب الترغيب والترهيب الخاصة به أيضا, وهذا وذاك يستندان إلى مرجعية آخروية ألوهية, بينما يستند القانون على سلطة المجتمع القادرة على وضع القواعد وإلزام المواطنين بها وفق آليات العقاب التى تقوم بها السلطة, إلا أن الأديان بترغيبها وترهيبها, والقوانين بمواد عقوباتها لم تردع البشر عن ارتكاب الآثام والذنوب والجرائم المختلفة, وذلك لأن العنصر الحاسم فى التأثير على سلوكيات البشر. وأخلاقياتهم هو البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التى يدخلون فيها.
فى المجتمعات الرأسمالية يتأسس النسق الأخلاقى على قاعدة الفردية, وما يرتبط بها من ذاتية وأنانية, وإعلاء لقيم الفردية والمصلحة الخاصة على المجتمع, وبالتالى تحول الفرد إلى مجرد رقم فى سعار السوق. هكذا تبرمج الأخلاق بحسب مقتضيات خريطة التوسع للشركات الكبرى , فتزين الوقوع فى شبق استهلاكى لا يرتو ى، حتى يصبح الإنسان عبدا لرغباته ولإله السوق.
فى المقابل يتأسس النسق الأخلاقى الإشتراكى على قاعدة الجماعية, جماعية الأحرار المتعاونين طوعا فيما بينهم من أجل إشباع حاجياتهم المختلفة الفردية والجماعية, وهو بالتالى لا يتعامل مع الأخرين كأشياء أو موضوعات أو وسائل لإشباع رغباته, وإنما تحل قيم التعاون والتضامن والتكافل بدلا من قيم التنافس والصراع, وهكذا يتحرر البشر من سعار التملك والاستهلاك, عن طريق تحويل هدف الإنتاج من تحقيق الربح عبر فروق القيمة إلى إشباع الاحتياجات الاستعمالية فقط, على افتراض أن سعادة الإنسان تتحدد بمقدار تحرره وسيطرته الفعلية على مقدرات وجوده الإنسانى.