…مقالان فى التربية
مقدمة ودعوة لنقد متواصل
ذكرنا فى الافتتاحية الأولى كيف أننا مازلنا نبحث عن “من يهمه الأمر”، وأننا نتوقعه بين قرائنا ممن يستجيب لما ننشر بصدق التلقى إذ يعيد إبداع ما نثيره فيه، كما نأمل فيه وننتظره بين محررينا ممن يساهمون بفضل المشاركة فى الكتابة إلينا ومعنا.
فجاءنا هذان الإسهامان من الزميل أ.د. شبل بدران و د. إلهام عبد الحميد ليقولا قولا حسنا فى أخطر منطقة تهمنا وتهم كل مهتم، تلك المنطقة القادرة على الوعد بما نحلم به: التربية (و التعليم !!).
ذلك أنه إذا كان للـ “إنسان” أن “يتطور” فهو لن يفعل بأن نكتفى بأن نتعلم من جنون المرضى أو بأن نحسن علاجهم، (من حيث هم قلة عارية ولكنها مكسورة)، ولا بأن نجيد الخطابة، ولا بأن نبدع تشكيلات خاصة فى الأدب والفن، وإنما البداية الأولي، والعامة، والخطيرة، هى فى ما قد يكون إسهاما فى تشكيل النشء تنشئة قادرة على الحديث بلغة العصر، والإسهام فى مسيرة البشر بما حققوا، وبما ينتظر لهم أن يحققوه
ولكن كيف يتأتى مثل ذلك على صفحات هذه ه الدورية المتواضعة الطموح ؟
هل يكون بوضع برامج تفصيلية لسنا أهلا لتغطية متطلباتها؟
أم يكون بالتحذير الصارخ ( الصادق والمضحك معا) عن اقتحام القرن الواحد العشرين فى حين أن أغلبنا يكرر هذه المقولة من الوضع “مضطجعا” ؟
إن من يدقق قليلا، بأى بحث مقارن أو انطباع مخترق، سوف يجد أننا تراجعنا – فى مجال التربية والتعليم – عن ما كنا نمارسه فى أوائل القرن العشرين، بل ربما عن أواخر القرن التاسع عشر (على الأقل من حيث جو التربية العام، وعمق تشكيل الوعي، وسلامة العلاقة التربوية، واستثارة النشاط الحر: حيث كان يتم كل ذلك أثناء العملية التعليمة بشكل لم يعد قائما الآن
أم يكون إسهامنا بمزيد من النقد والرفض والخطابة والتألم والنعابة، بكل ما هو صدق وحق، وكفى؟
حين تلقينا هذين المقالين الهامين وجدنا أنه من الأنفع أن نفرد لهما هذه التقدمة الخاصة التى نحاول من خلالها أن نوسع دائرة الحوار ونحن نصر على أن يكون فى كل ما ينشر إضافة مميزة لما هو نحن (الإنسان التطور) ، فنقول:
أولا: المقالان نقديان تماما، فهما فى صلب اهتمام هذه المجلة التى تزعم أن مهمتها:نقد كل شيء
ثانيا: المقالان فيهما حكمة، وإحاطة، وعلم، وتوثيق، فهما جهد جاد مناسب ومفيد وموثوق فيه
ثالثا: المقالان من مختصين ( أيديهما فى النار) ونحن أحوج ما نكون إلى الاستماع لهما
ولكـن
دارت مناقشات جادة فى محاولة الإجابة على أسئلة مثل:
1- إذن ماذا؟
2- وهل سنستدرج إلى الوصف والتشخيص العام، دون التحديد ومحاولة قبول التحدي؟
3-فإذا فعلنا: فأين ما يميز “الإنسان والتطور” وخاصة وقد أكدنا منذ العدد الأول (سنة 1980) أننا نعرف ما لا يخصنا، أكثر مما نعرف ما يميزنا (أنظر الافتتاحية الثالثة، ص 20)
4- ثم أين الإشارة إلى بعض التفاصيل العملية التى تجرى في”مصر” بالذات (ولو كبداية، كنموذج) فى هذا الوقت بالذات، حتى يمكن أن نستلهم منها ما يمكن، فى ضوء هذا التنظير الصحيح؟؟
(للتذكرة: هذا الوقت هو يوليو 1998 -تحت حكم الحزب الوطني- على خلفية من التفكير السلفي- بهذه البرامج التربوية الجامدة، الحكومية والسلفية معا، التى تخرج لنا هؤلاء الذين نلومهم ليل نهار على ما فعلنا نحن بهم)
4- ما هو المطلوب، حتى بعد الإشارة السالفة الذكر، ما هو الممكن تحديدا ؟
وليس مطلوبا من الكاتبين الكريمين أن يجيبا على هذه الأسئلة ابتداء، لكننا نبحث عن السؤال المستثير أو المستثار حتى نــتحفز، ونحفز القارئ للوقوف أمامه بمسئولية كافية، مرة أخرى: ولو لم نجد إجابة.
ثم مـاذا؟
قلنا نتحفز، ونحفز القارئ، بأن نبدأ نحن – لجنة المجلة – فى قراءة المقالين بحرووف مكتوبة، فنقدم نموذجا لما ننتظره من قارئنا، فألحقنا بكل مقال تعقيبا نأمل أن يثير مثله، وضده، عند القراء فيتواصل النقد، ونقد النقد، لعل وعسى.