حــوار:
مع بعض من رسائلكم
فهل نواصل الحفاظ على الأمل ؟
مقدمة:
وصلنا عدد غير متوقع من الرسائل الدالة، أغلبها من أصدقاء قدامى عز عليهم أن نتوقف دون إذن منهم، دون حس أو خبر، وبعضها من أصدقاء جدد، مثل الصديقة المرشدة السياحية التى اتهمتنا- والحمد لله لأول مرة – بالوضوح
ونحن نشعر أن طزاجة الحوار قد بدأت تعود بهدوء، وإن كانت لم تبلغ بنفس الحركية والتفجير اللذان كانا يميزانها من قبل وسوف نكتفى فى هذا العدد بعرض مقتطفات من بعض الرسائل التى وصلتنا مع ردود محدودة ( قال يعنى حوار !!) منتظرين السماح والإصرار من كل الأصدقاء فعلا.
(1) أحمد زرزور
أحمد زرزور: …….
الكثيرو سوف يفرحون بانتهاء غربتك ….
مياه كثيرة جرت فى نهر الكتابة والمجلة، كما عودتنا: تقتحم وتتجادل وتبدع فى اتجاه الانفجار التغييرى الشامل
المجلة: وحياة النبى والذى نبى النبى ليس فى نيتنا ولا فى مقدورنا حكاية الانفجار التغييرى الشامل، يا عم أحمد ، الانفجار هو انفجار وليس طاقة، والتغيير الحقيقى لا ينبغى أن يكون شاملا، والمسألة ليست مسألة ثورة فى مقابل إصلاح، وإما هى متى يكون الملء ومتى يعقبه البسط.، (الإيقاع الحيوى قانون الحياة)؟ معنا يا بوحميد واحدة واحدة ربنا يخليك
أحمد زرزور: .. مرحبا ، بعد فقد، هذه مرحلة ” الإنسان” الذى لا بديل ولا خيار أمامه إلا حتمية الإبداع التطورى الكبير، ارتكازا على حراك الناس روحيا وماديا، وليس انبثاقا نخبويا من ذهن المتثاقفين لبعيدين عن جدت الطريق وحوار الغبار اليومى ومعارك العقول العضوية حميمية التشابك مع جسد الحياة.
المجلة: شكرا والله العظيم، ولكن ينبغى أن ننظر فى أنفسنا قليلا خوفا أن نكون نحن كذل، ألا من المتثاقفين الكذا كذا ؟ يا أخى ألسنا أصغر نخبة عرفتها تاريخ المجلات فى مصر، مجلة تصدر لمدة عشر سنوات، ثم نزعم الصدور أربع أخرى، وتوزع بضع مئات، وربما عشرات فى المستقبل القريب، ثم تزعم لأنفسنا أننا مع ” حراك الناس …وحوار الغبار اليومى .”إلى آخر ما قلت ، يا عم روووح الله يسترها معاك ومعانا.
دعوة أمى – فى رأيى – هى الأمر الوحيد الذى يطمئننى إلى إمكانية الاستمرار، وهى دعوة أنت تعرفها جيدا جدا، تقول الدعوة: يا بركة العجز.
إياك أن تزعل يا أحمد أو تتخلى عنا فنحن فى أمس الحاجة إلى الاختلاف.
(2) عيد صالح
عيد: …….
مرحبا مرة ثانية..وثالثة.. ورابعة .. وإلى الأبد
المجلة: شكرا.. وربنا يخليك، ولكن ألم تعرف علاقة هذه المجلة أو على الأقل رئيس تحريرها بحكاية الأبد هذا؟ الخوف الملح لدينا هو من وهم الخلود، الأبد هو الموت (وراجع دراسة الحرافيش إن شئت )أما ا”لآن” فهو أبد الحقيقة العظمى المتجلية فى وجه مالك الملك، الخالد الأوحد: لا إله إلا هو.
عيد: مرحبا بالإنسان وللإنسان.. تلك المنظومة الفريدة فى الكون العجيب، البرد والجحيم ، النار والنور الرعشة ودف ء اللحم البشرى العذب الجميل.
المجلة: لا شكر على شعر حقيقى صادق وطيب
عيد: مرحبا.. أين كان ما وصلنا إليه على حافة الكرة القنبلة..كل شيء يتفجر..لا ذريا ولا هوائيا ولا منطقيا: الموت والحياة…الصقيع والشواظ…الزلازل والفيضانات، هلامية الأشياء والعدم..فرضى الجنس والسياسة والمخدرات..بغال وحواشى ونواميس…غدران ومحيطات وسموم، أراغيل وبكائيات، نصوص من خارج النصوص…دهاليز وإبر ومحفات، ..وشراشف أبخرة الموت والطقوس والرهائن والعجائن وانصهارات التحولات الغريبة العجيبة..
المجلة: يعنى …..
عيد: كل شيء يموت، كل شيء يحيا ..كل شيء يتناسل
المجلة: طيب يا أخى أليس هذا هو القانون الأهم، ليس الموت وحده لكنه التناسل والحياة، هلى ياترى غلبت عليك الحياة حتى اقتحمت خطابك وسط هذا الكوم من الأنقاض والشظايا؟ الموت هو أصل الحياة، وحين تشم رائحته فاطمئن أنا قادمة لا محالة: الحياة !!!
عيد: الكتابة تفقد مقوماتها فى عصر الفضائيات..
المجلة: ليس تماما، فالكتاب مازال سيدا فى العالم المتحضر رغم الأقمار والتلفاز، ولكن إذا تذكرت معك العدو الأول للشعوب المتخلفة وهو الكسل، فأنا معك.
أظن أن أغلبنا يموت فى الوضع “متــكئا” !
عيد:ونروح بؤساء على الطرقات تسول النشر ..ونتهم فى أعراضنا الأدبية..نجوع ونعرى …وكان بإمكاننا أن نركب اليخوت ..والأجنحة فى الخمس أو العشر نجوم، آيات ومتغيرات
المجلة: بصراحة “مش قوى” ، ولو قرأت معى “الناس والطريق” التى عادت لعرفت كيف تمحو النجوم الخمس قدرتك على الفهم والتلقى النقدى بفضل شركات الدواء، أظن أنه من نعمة ربنا علينا – أنت ونحن – أننا نكتفى بالنجم القطبى يهدينا إلى أين (ليس إلى أين المكان، ولكن إلى أين التوجه).
عيد: لماذا اختفيتم، لماذا كل هذا البعاد يا أحباء
المجلة: والمصحف الشريف على حبة عيننا هذاالذى كان ، ويا ترى ….!!
عيد: أين كنتم منا، وأين كنا منكم، ظلمنا أنفسنا ؟؟؟ ظلمتنا الكرة المشتعلة بالانطفاء والانشطار والاندماج والهيولى ضاع كل شى؟
المجلة: لا طبعا، لا ضاع ولا يحزنون، وها أنتذا ترى ثم إننا لم نغب يوما عنك، وصدورنا هكذا، وخطابك، “وهذا” هم خيردليل.
عيد: قبل أن تجيئوا كنا أبدا فى انتظاركم خارج الأطر، والدلالات …خارج المعارف والأقانيم، خارج الشياطين والملائكة خارج النصوص الملغومة والمدسوسة والمهدرجة…
المجلة: يا سيدى ربنا يخليك، وينفع بنا وبك، وأسمح لى أن أتوقف هنا وأخبرك أننى فقدت الصفحة الثانية من خطابك واستنتجتك من خطك وحماسك بالمقارنة بقصيدتك ، فاعذرنا جدا، (بعد التأكد من أنك أنت ) واعتذر معنا لتلك المرشدة السياحية (تصور) التى كتبت لنا ما لم نعتده مما أشرنا إليه فى مقدمة الحوار ثم فقدنا خطابهاجميعه (مؤقتا فى الغالب) وسوف نرد عليها من الذاكرة هكذا:
(2) القارئة الطيبة
المرشدة السياحية (معروفة الاسم
والعنوان- والعتبى على المجلة)
أدعو الله تعالى بكل ما عندى أن يصلك هذا العدد، وأن تعذرينا، وأن ترسلى إلينا بما يفيد وصوله، فخطابك يا بنيتي( إسمحيلى أن أعطى لنفسى حق هذا النداء: بنيتي) يكاد يكون أول خطاب يتهمنا بالوضوح، وقد استعملت لفظ يتهمنا هنا وفى المقدمة، لأن التهمة أحيانا ما تكون لمجرد أن يقترف الواحد ما لم يعرف عنه، أو ما لا ينتظر منه وما عرف عنا الوضوح من قبل !!!
ولاتتصورى فرحتنا بك، فوصفك لنا بالوضوح ، والتحديد ، والالتزام بالهدف هو وصف لم نعتده، دائما يتهمونا بالغموض، والألعن أنهم يفترضون أننا نتعمده (قال يعني)، واسمحيلى أن أحكى لك ما يمكن أن يكون دعابة مناسبة.
كنت فى اجتماع اللجنة الدائمة لتقييم الأبحاث للترقية لوظيفة أساتذة فى كلية الطب، وفكرت أن أعطيهم نسخة هذا العدد الذى وصلك ووصفته بالوضوح، وهم زملاء يا بنتى يمثلون أرقى وأميز درجات التفوق الأكاديمى، قال لهم صديقى الأكبر منى -حتى أنه علمنى وأنا طبيب مقيم وهو مدرس- قال لهم مازحا: إن فلانا يعطيكم هذه المجلة ليختبركم، ويراهن إن فهمها أحدهم، وأنا أنصحكم أن من يفمهما يذهب له فى عيادته لأنه لابد أن فى الأمر شيئا
وضحك الجميع برحابة صدر وطيبة اعتادها الأطباء الكبار حين يلتقون.
وتذكرتك يا بنيتى، أهى تهمة أن نفهم؟ أم هو مرض يحتاج إلى علاج كما مزح الزميل؟
أحيانا أعتبر أن وضوح المنهج الذى يدعون أنه موضوعى ( أوبلغة أولاد البلد أنه هو) أعتبر أنه أكثر المناهج غموضا وتضليلا، لأنه ببساطة يتجاوز منطقك السليم.
وفى اتظارك نرجولك ولنا الستر والوضوح
عبد الحميد صبحى ناصف
كفر الشيخ
عبد الحميد: مبروك مبروك العودة مرة ثانية للإنسان والتطور،.. لقد فرحنا جدا بتلك العودة وهذا الإصدار الجديد فى كل شيء الإخراج، نوعية الورق، الموضوعات، التوضيب .. الخ
المجلة: ياسيدى الله يبارك فيك، لقد رعبنا ارتفاع ثمن المجلة وها أنت تطمئنا أن الحكاية تساوي
عيد: أحب أن أفكرك بالعبد لله أول مرة أسمع عنها بمجلتكم كنت فى الصف الثالث الثانوى من خلال قراءة باب عصير الكتب الذى كان يكتبة الاستاذ علاء الديب، ومن فورى بعثت بخطاب لسيادتكم تمنيت فية أن ترسلوا لى العدد الاول من الإنسان والتطور، وفى أقل من أسبوعين وصلنى خطاب رقيق من سيادتكم – مازالت محتفظا به – والعدد الاول والثانى من تلك الدورية القيمة ….
ومن يومها واظبت على اقتتناء المجلة بالرغم من أننى كنت فى غالبية الأحيان لا أفهم الكثير من بعض موادها – إلى ان جاء توقفكم القسرى منذ سنوات
واليوم أعد أطروحة للماجستير فى التاريخ الحديث من آداب الاسكندرية ومازالت أتابع الإنسان والتطور مبروك لنا العودة.
المجلة: والله يا شيخ لو لم نصدر إلا لمثل هذا لاستحق الأمر.
الحمد لله.