حالات وأحوال
حالة بينية(1)
فى عدد سابق(2) قدمنا حالة هند بين مفترق الطرق، وقد بينا فى حينه كيف أن هذا المفترق شديد الأهمية من حيث أنه المرحلة التى يمكن أن نلحق فيها بالمريض، وأن نرجح له ومعه طريقا عن طريق، وأن نعيده من بداية طريق خطر إلى بداية طريق أقل خطورة إلى آخر ما بينا فى حينه .
وهذه الحالة التى نقدمها تفصيلا هنا تقع فى هذه المنطقة، وإن كانت تمثل مرحلة أخرى مهمة أيضا ودالة، وهى ترجع بكلمة بينية إلى أصل استعمالها إشارة إلى الحالات التى تقع أساسا بين العصاب والذهان، وقد تجنبت التقسيمات الأخيرة للأمراض النفسية هذا التمييز الواضح بين ما هو عصاب (وهو ما يشاع عند العامة خاصة أنه حالة نفسية)، وما هوذهان (وهوما يسمى عند العامة أيضا حالة عقلية). وهو تجنب يبدو أنه يحقق درجة من الموضوعية تسمح بأن نفهم المرض النفسى باعتباره مرضا واحدا مختلف الشدة. هذا الاتجاه يزعم أنه يمحو الاستقطاب الذى يعتبر المرض النفسى أقرب إلى ما يسمى بالعقد النفسية، ويربطه بما يشار إليه من أسباب توصف بألفاظ مثل الصراع ثم القلق وما شابه، فى حين يعتبر المرض العقلى هو الشذوذ والتخريف والذهول.، وبالرغم من وجاهة هذا الاتجاه إلا أنه كان اتجاها اختزاليا وليس موضوعيا، حيث إن الفرق بين ما هو عصاب وما هو ذهان سيظل قائما وخطيرا من حيث النظام التركيبى، ومن حيث العلاقة المختلفة مع ما يسمى “عاديا”.
وحالة اليوم هى حالة بينية تقع بين الفصام والوسواس القهرى.
وأهمية هذا الموقع أن الوسواس القهرى نفسه كاد يستقل عن العصاب، وأصبح الاسم الشائع له هو اضطراب الوسواس القهرى Obsessive Compulsive Disorder واختصارا OCD (ونقترح له مقابلا عربيا مناسبا هو ضوق فيقال زملة الضوق، وعلاج الضوق ..إلخ)، كما أن هذه الحالة تعود بنا إلى تشخيص شديد الأهمية وهو ما يسمى بالفصام المبتديء، والذى لم يعد يستعمل فى التقسيمات الأحدث، باعتبار أنه لا تتوفر فيه سمات الفصام الجوهرية، وأن التتبع لا يثبت أن هذه الحالات تتطورإلى فصام أصلا، وهو اعتراض مخلوط، لأن هذا التشخيص الذى لا زال موجودا فى دليل التشخيص المصرى/ العربى، هو موجود أصلا لرصد البدايات حتى لا تتطور إلى مصيرها الأخطر وهو الفصام الصريح
وقد قسمنا الحالة إلى جزئين ننشر الجزء الأول منهما فى هذا العدد، وهو الجزء الخاص بوصف الحالة ومحاولة كشف أبعاد وترابطات ومعانى بعض ما حضرت به وكانتــه.
أما الجزء الثانى فهو الخاص بتتبعها بعد عدة شهور من العلاج المتكامل بما فى ذلك العلاج الجمعى وهذا ما سوف ينشر فى العدد القادم.
الحالة:
على منير (اسم مستعار) طالب بكلية الطب البيطرى، السنة الثانية ، يبلغ من العمر 22 سنة، أعزب، يسكن فى محافظة قريبة من القاهرة تسمح له بالإقامة بها مع حضور الدراسة يوميا بالكلية فى القاهرة، والده ( 66 سنة ) بالمعاش، كان يعمل مدرسا للغة العربية (“مدرس أول”/ هكذا ذكر المريض وظيفته تحديدا)، يدير حاليا محل خردوات .الوالدة (55 سنة) بنت خال الوالد، لا تعمل، ربة منزل، ويصف المريض العلاقة بين الوالدين بأنها “ممتازة”، وهو آخر الإخوة فى الترتيب (آخر العنقود) والفرق بينه و الأخ الأكبر (مهندس زراعى) ستة عشر عاما، وله أخت واحدة أكبر منه مباشرة .
فهو قد جاء “متأخرا” فى أسرة شبعت ذكورا (أربعة متتالين) ثم جاءت البنت الوحيدة، ثم لحقها مريضنا فكان “آخر العنقود”، فالتصق بوالديه و التصقوا به بالمقارنة بإخوته الذكور (من وجهة نظره على الأقل) فاتسعت المسافة بينه وبينهم، يقول:
“علاقاتى باخواتى كويسة”.
لكن لما والدى كان مسافر كانوا يضربونى علشان عملت حاجات وكنت بنام زعلان، وأقول لو هوه هنا ما كانش ده حصل.
إذن فهى علاقة ” كويسة” حالة كونها تحت مظلة حماية الوالد.
(كما ذكر فيما بعد أنه متعلق بأمه -أيضا- كثيرا، لكن جاء ذكر ذلك فى نطاق الشكوي- انظر بعد)
الشكوى:
بمجرد سؤاله عن شكواه. جاءت إجابته تلقائيا ومباشرة على الوجه التالى:
متعلق كتير بوالدتى.
باحس بخوف شديد لو قعدت لوحدى =
ماليش علاقات إجتماعية كبيرة =
ونحن ننبه ابتداء إلى أن هذه الجمل الثلاث لم تأت بناء عـن سؤاله عن بعض سمات شخصيته أو علاقاته مثلا، وإنما هى رد على سؤال ”بتشتكى من إيه؟”.
فإذا كانت الجملتين الثانية والثالثة هما هى مناسب، فإن الجملة الأولى تحتاج إلى وقفة تشير إلى أن ما كان يمكن أن يعتبره سمة، أو طبيعة علاقة أسرية، أصبح – فى وعيه الآن – مصدر شكوى، وكأنه أصبح محل مراجعة .
كذلك فإننا لو أخذنا كل جملة على حدة، لأمكن تصنيف كل منها فى مجال سلوكى منفصل، بعكس الحال لو أخذنا الجمل الثلاث فى سياق واحد (كما ذكرهم المريض تلقائيا، ودون توقف، وبهذا التتابع):
فالجملة الثانية (منفردة) قد تشير إلى عرض symptom هو نوع دال من المخاوف “رهاب الوحدة” أو ما هو أقرب إلى رهاب الأماكن المحددة أو المغلقة claustrophobia والجملة الثالثة (منفردة) تشير إلى غلبة سمة من سمات الشخصية، هى الانطوائية .
أما الجملة الأولى (منفردة) فهى تحكى عن نوع علاقة خاصة بالأم .
أما إذا نظرنا فى السياق متكاملا، واحترمنا أنه بدأ شكواه بذكر ما هو أقرب إلى السمة منه إلى الشكوى،فإنه قد يجدر بنا أن نقرأ هذا التتابع على الوجه التالى:
إن تعلقى الشديد بوالدتى حتى هذه السن، قد أغنانى عن العلاقات الاجتماعية الأصعب، لكن المسألة لم تعد تحتمل، وفى الوقت نفسه فإن على أن أنفصل عنها حتى أستطيع عمل علاقات ناضجة، فهى الوحدة، ياه !!!: ما أرعب ذلك (آن الأوان) .
فعندنا هنا علامتان دالتان:
أولا: أن ماكان سمة مقبولة بشكل ما، قد أصبح يشتكى منه، مما قد يشير إلى احتمال أن وعيا جديدا يبزغ، ليعلن المراجعة التى جعلت السمة تبدو معاناة مرضية (أو آلام دفعة نمو).
ثانيا: أن الشكوى مجزأة ( فى ألفاظ خاصة) قد تعطى دلالات عاجزة أو خاطئة، ولا مفر من السياق مجتمعا، وهنا يجدر التنبيه إلى أن الاستشهاد على وجود هذا العرض أو ذاك بلفظ أو عدة ألفاظ تعلنه هو أمر غير مأمون دائما وغير علمى غالبا.
فقد أردف مريضنا بعد هذه الجمل الثلاث مباشرة:
(2) لقيت البنات بيبصولى، اعتقدت إن شكلى كويس، ووالدتى واخواتى قالوا كده، باعتقد إنى أفضل من الناس، ولازم أتجوز واحدة حلوة، وما احبش حد يتجوز واحدة حلوة، ولما حد من إخواتى ييجى يتجوز بابقى مخنوق، ماببقاش سعيد.
ونحن نقابل هنا أمرا غير مألوف فى مثل هذه السن، فى مثل هذه الشخصية، فعرض أفكار الإشارة (وحتى ضلالات الإشارة ( delusions of reference يتعلق عادة بالشعور بالدونية inferiority feeling أو بالتركيز على صورة الجسم التى تكون مشوهة عادة فى اللاشعور، لكننا نلقى هنا العكس مما يحتاج إلى تفسير أعمق ( أنظر بعد)، فقد ترجم مريضنا هذه النظرات إلى أن ” شكله كويس” (هذا علما بأنه من الناحية الشكلية، يعد متوسط المظهر إن لم يكن دون المتوسط حسب تقييم أكثر من معالج ومعالجة وزميل مريض; عدة مرات).
وقراءتنا لهذا المقطع تشمل الاحتمالات الآتية:
1- إن صورة الذات لدى على هى فى أعماقه مشوهة، شأنها شأن ما ذهب إليه أريتى Arieti فى مقولته حول التركيب النفسى للمريض المستهدف للفصام، وقد احتمى المريض بعلاقته بأمه (وأبيه ) من مواجهة هذه الصورة مواجهة صريحة، إلا أنه مع هذه النقلة النوعية فى بزوغ وعى هذه المرحلة، وما صاحب هذا البزوغ من تهديد بالاستقلال عن أمه، والخوف من الوحدة ( أنظر قبلا) اقتربت هذه الصورة من الوعى فانقلبت إلى عكسها بميكانزم ” تكوين رد الفعل، أو الإعكاسreaction formation، وأسقطت صورة الأم الحسنة على البنات اللائى ينظرن إليه .
ولإيضاح ذلك يمكن أن يكون التأويل على الوجه التالى:
ا-هو بشع (صورته بشعة) ← تكوين رد الفعل←هو جميل ← تعميم ←أفضل من كل الناس،
ب- أمه، الطيبة الجميلة، تراه أيضا جميلا مثلها، فهو يستأهل واحدة حلوة (مثل أمه)، والزواج من حلوة له فائدة أخرى (غير اقتناء ما هو جميل) وهو إثبات أنه هو أيضا حلو يستأهلها.
2-إن غيرته من إخوته الأكبر منه سنا تسمح باعتبارهم هم الأب -أوديبيا- أكثر من أبيه الحقيقى الذى انقلبت صورته إلى الحامى الحانى – ونرجح أنها أصبحت كذلك، أو تدعمت فى هذا الاتجاه نتيجة للغياب الجسدى منذ سافر الأب معارا للخارج -على الأقل -، فكأن غيرته هذه هى الصورة المحورة لما يسمى الموقف الأوديبى، وإن لم يأخذ الشكل الجنسى مباشرة، وإن كان يمكن استنتاج هذا البعد الجنسى حين عبر عن غيرته فى صورة الحقد على زواج أى أخ من إخوته بأية جميلة، وكأنه – من واقع احتياجه المشار إليه آنفا – قد احتكر كل البنات (لأن أمه هى كل البنات) دون أبيه بالذات (هنا: الإخوة الأكبر هم الأب).
وليس المهم هنا أن نصل إلى هذا التفسير المحتمل دون يقين، وإنما لابد أن نتساءل عما حدث لينشط هذا الوعى الجديد الذى استطاع أن يخترق عدة طبقات من طبقات الذات “هكذا”، فيتناول الداخل بهذه الصورة الكاشفة، وإن كان قد عبر عنه بلغة دينامية (فرويدية) فائقة؟
إننا نرى أن التركيز على فهم المحتوى لا ينبغى أن يلهينا عما هو أسبق، وهو محاولة إدراك التعديل فى التركيب الذى أدى إلى ظهور هذا المحتوى ” هكذا ” “الآن”، وهنا نقترب أكثر فأكثر من الفرض القائل:إننا أمام أزمة نمو، كادت تفشل، فتحورت إلى ما هو أعراض، رغم احتفاظها بإيجابيات الرؤية المخترقة، ولو دون فاعلية نموية حاليا (وهذا من طبيعة الحالات البينية )، يتأكد هذا أكثر فأكثر كلما تقدمنا فى قراءة / تفسير فقرات الشكوى:
3- أنانى فى كل شيء (ما زال يتكلم عن نفسه فى الشكوى) لكن اللى حوالى بيحسوا إنى كريم، باحاول أكبت الأنانية دى دايما.
وهذه البصيرة هى صادقة بشكل ما، وإن كانت تتعلق بإدراك ما هو واقع فعلا من حيث التركيز على الذات egocentricity، وشخصنة personalization أغلب الموضوعات، والاعتراف بهذه الصفات بهذه المباشرة بهذا الوضوح هو إعلان لموقف نقد ذاتى يحمل أملا ضمنيا فى تغييره (إذا كان للنمو أن يستمر فى الاتجاه الصحيح)، ولأن المسألة تتعلق بوعيه بما يجرى فى هذه الأزمة أكثر مما تتعلق بسلوكه الظاهرى.
وهو يتقدم خطوة أخرى فيما أسميناه، أو افترضناه، من بزوغ وعى جديد يعرى الوضع القائم تمهيدا لتغييره – إن أمكن ذلك – فيقول:
ما احبش أخلى أخويا يقدم دراسات عليا على الرغم من إنى باساعده فى الترجمة، وباعمل كده بس عشان أحس إنى أحسن منه، ما احبش أدى لزملائى مذكراتى، لكنى باديهم، باضغط على نفسي
وهذه الظاهرة التى أسميتها مؤخرا (1993) “تعرية الانفعال البدائى” هى من أهم ما ينبغى رصده بعمق آخر غير تسميته باسم الاكتئاب أو ما شابه، وهنا ما ظهر هو” تعرية الحقد“ فقد استقبل على الحقد (العادي/ أنه يحقد) ببصيرة جديدة، وهو “حقد” عادى لأنه من طبيعة البشر وإن كان أغلبهم لا يدركونه لأنهم يتحكمون – تلقائيا- فى نتائجه الضارة، كما أنهم ينكرونه (على أنفسهم ابتداء)، أما صاحبنا فقد رأى حقده (ليس جديدا لكن الرؤية هى الجديدة)، ثم إنه رأى تحكمه فيه فى نفس الوقت، فاشتكى من حقده، ولم يسارع إلى التحكم فيه شعوريا برفضه. لكن جاء تحكمه باجتهاد متواضع فى تخفيف جرعته والإقلال من عواقبه. بل إن هذه الرؤية قد دفعته إلى نوع من التعويض البناء، وجعل المساعدة للغير هى لإثبات التفوق، وهذا بعدبـعديخفى على كثير ممن يبالغون فى الشهامة ويفخرون بالمساعدة (الفوقية)، لكن على يقولها بصراحة ومباشرة (دون تحليل نفسى أو تداع حر !!) وكأنه استسلم بصيرا لما تعرى من داخله، فراح يروضه تارة، ويتحكم فيه أخرى، ويسخره “دافعا“ مرة ثالثة وهكذا.
وكثيرا ما يحدث أنه فى مراحل التحول النمائى، والعلاجى أحيانا، (إلى أحسن عادة) يلتقط الإنسان عيوبه دون ميزاته، لأن العيوب هى التى تحتاج إلى مراجعة، وإن كان التحول لا يصير إلى أحسن فعلا إلا بالحركة الجدلية الخلاقة بين الجانبين، أى أن تفجير اللاشعور يتبعه قبول مبدئى، فمواجهة شعورية، فاستيعاب، فطفرة نمو، أما فى الحالات المرضية – كما هو الحال هنا
– فإن العيوب التى كانت خفية، ثم ظهرت فى الوعى، تصبح شكوى، فإعاقة، فتعجيز، وتصبح الميزات مشلولة ومهددة بالتراجع .
والنص المقتطف هنا يشير بوضوح إلى حركية الوعى بالطبيعة الفجة فى العلاقة بالآخر (ما يسمى الحقد) جنبا إلى جنب مع الشعور بالقدرة على التحكم فيه وإبطال مفعوله أو توجيهه، ورغم ذلك فالفصل بينهما – هكذا فى الشكوى -أدى- إلى أن تصبح المسألة شكوى مرضية، لا مسئولية نمائية تتقبل الوعى الجديد.
5 – … وباعتقد إنى جميل، وأنا متأكد إنى موش جميل، إخواتى بيبصوا لى، البنات بتبص لى، بيجينى غرور لكن مش قادر أزيح الأحاسيس دى كلها.
فما أشرنا إليه من تناقض بين حقيقة شكله المتواضع وبين ما فسرنا به أفكار (؟؟ضلالات) الإشارة، ها هو يظهر(بعد فقرات معدودة ) أنه فى متناوله شخصيا، أو ربما نستنتج أنه أصبح تلقائيا فى متناول جانب آخر من وعيه، أو لعله أصبح تحت مجهر “وعى آخر”، وهذا ما يسمى أحيانا باللغة الطبية التقليدية بصيرة المريض فى مرضه، وقد تصل هذه البصيرة إلى درجة تحث على مقاومة هذه الأفكار لدرجة تصل بنمطها ” السلوكي” إلى ما يسمى وساوس مجتره obsessive rumination لكن الوساوس فى صورتها النموذجية لا تتماوج حدتها صدفة هكذا، ولا تروح البصيرة منها وتعود كيفما اتفق، مثلما هو الحال فى مريضنا هذا، فهو حين ذكر فى البداية نظرات البنات له، ألحقها بتفسير أن شكله كويس، ولم يردف ذلك بأى مراجعة تشير إلى أن شكله عادى ( أو دون ذلك )، ثم عاد هنا يعلن بصيرته بهدوء الواعى، وليس بتكرارية من وقع فى مصيدة الوسواس التقليدى وتتأكد بصيرته (مراقبة وعيه الآخر) حين يـلحق وصفه لمعظم ما يستشعره بموقف نقدى ملاحق:
6- بيجينى غرور، لكن مش قادر أزيح الأحاسيس دى كلها باحس إنى أنانى، لما حد يقع فى مشكلة ما بابقاش شاعر بيها قوى.
وقد ذكر هذه الشكاوى فى تلاحق بعد الفقرات الثلاث الأولى من الشكوى (فالفصل هنا تحريرى من جانبنا بغرض الإيضاح فحسب) .
وما يمكن أن يسمى هنا باللامبالاة (الفقرة الثانية – ماببقاش شاعر بيها قوى) يمكن أن يكون وعيا جديدا بضحالة المشاعر العادية (التى كان يمارسها دون أن يدرى حتى هذه اليقظة)، فليس المطلوب من كل الناس أن يشعروا بمشاكل الآخرين “قوي” (جدا جدا)، ولا أحد ممن حوله قد لاحظ ما وصف به نفسه “أناني” ، ونرجح أنه فى قفزة كشفه لتداخل الوعى الجديد، اكتشف أن جرعة المشاركة الإنسانية لآلام الآخرين (وهو مقياس جيد للنضج والعلاقة بالموضوع فى آن) اكتشف أنها جرعة ليست كافية، وأنه لكى يكون كما ينبغى (أو كما يتحفز أن يكون بفضل وثبة النمو الحالية ) لا بد أن يشارك بحق، بصدق . بدرجة أكبر، فإذا به يكتشف أنه دون ذلك، فيعلنها على أنها شكوى. وقد يلتقطها الفاحص المتعجل (أو القياس اللفظى المحدود) باعتبار أنها إعلان للامبالاة، وما هى إلا وعى باللامبالاة ( مرة أخرى) العادية.
وقد شاعت التفرقة بين العرض المسمى التبلد أو فقدان الشعور Apathy على أنه فقدان كل من التعبير والخبرة الوجدانية معا، فى حين أن اللامبالاة هى فقد للتعبير الوجدانى دون الخبرة الوجدانية، لكن عرضا آخر قد وصف لعكس اللامبالاة وقد أسميته ” الشعور بفراغ العواطف feeling of empty affect، وهو يعنى فقد الخبرة مع الاحتفاظ بالتعبير، والوعى بفقد هذه الخبرة هنا قد يرتبط بفقد الخبرة، إلا أنه قد يكون فقدا نسبيا، أى أنه اكتشاف أن الخبرة الوجدانية القائمة هى أقل من التعبير، أو غير متناسقة معه أو غير ذات فاعلية أو رنين، إذن فإعلان اللامبالاة -كما نرجح فى هذه الحالة- قد يتضمن سعيا لمزيد من المبالاة نتيجة لبزوغ ما أشرنا إليه، بزوغ وعى جديد، أكثر منه وصفا لهبوط التفاعل الإنسانى فعلا، ثم يقول:
7- اللى يخلينى أشعر، إنى أقعد أستعيد الذكريات دى، أرجع تانى من ساعة الثانوية العامة، عدتها مرتين، وف آخر سنة بقيت أتضايق بالذات من والدى ووالدتى، وبالذات والدتى، فى أى شيء .
فنلاحظ أن المريض انتقل من إعلان الشكوى من عدم المشاركة الوجدانية كما ينبغى، أو كما يرجو، أو يتمنى، إلى أنه يستجلب يقظة حواسه باسترجاع ذكريات أليمة، ربما هى التى أيقظت وعيه الآخر، فأخذ يراجع ويحاسب، ويبدو أن الإحباط الذى أصابه فى الثانوية العامة، نبهه إلى أنه لم يكن أبدا إنسانا يذاكر، وإنما شيئا مصاغا يـدار زمبركه فيذاكر، وهكذا، كان موجها تماما إلى هدفالتفوق الدراسى دون سواه، وحين أفاق بأزمة النمو (/المرض) هذه: توجه بمشاعر الضيق إلى المصدر المسئول عن هذا التشكيل الآلى، توجه بضيقه إلى الوالدين وكأنه يحتج على الذى حدد وجوده فى “كتاب ودرجات .”
وثمة احتمال آخر، وهو أنه حين أحبط بعد فشله فى تحقيق المجموع الذى كان يصبو إليه، تجمدت مشاعره عند هذه الخبرة، فخفتت، فافتقد شعور المشاركة الوجدانية الانسانية التى أشرنا إليها حالا، وكان عليه أن يعود إلى ما قبل هذا التجمد يختبر قدرته على معايشة وجدانه، (اللى بيخلينى أشعر)، لكنه بذلك يتثبت عندما يخفت وجدانه أكثر .
كما لنا أن ننتبه من كلماته أيضا إلى أن الألم، بما فى ذلك ألم الإحباط، هو أفضل -وجوديا ونمائيا-من راحة اللامبالاة كما تشير إليها شكوى هذا الشاب هنا
وأخيرا فثمة إشارة إلى تجميد الزمن مع تجميد المشاعر، وبالتالى فهو يرجع إلى وقت سابق ليسترجع مشاعره آنذاك، لعلها تمتد إلى الآن، لكنه يظل مفتقدها، وكأنه يفتقد “الآن”.
ثم ننتقل إلى شكوى أكثر اقترابا من الوسواس.
(8) ماليش سيطرة، حكاية الكلام جوه دماغى، كنت موسوس أقعد أتكلم كلام مش عايزه، أكون باصلى وواحد عدى من قدامى، ممكن أشتمه، مش عاوز حد يسمعه، غيرى بيسمعه، ممكن أتكلم جوه دماغى.
فهل هذه هى الوسوسة؟ بداهة، نحن لا نستطيع أن نستسلم لوصف المريض شكواه بمصطلح معين، على أنه هو، فنلاحظ هنا:
1- إنه – من حيث المبدأ – يصف فكرا داخليا، ومناجاة ذاتية قد لا تخرج عن حدود المألوف لأى شخص طبيعى فى مثل هذه المواقف .
2- ثم نلاحظ أن المشكل الحالى هو وعيه بهذا العادى وليس بأن العادى أصبح غير عاديا
3- كذلك نلاحظ أنه عبر عن الوسوسة (أوما أسماها كذلك) بزمن الماضى (كنت موسوس)، فهل يعنى ذلك أنه لم يعد كذلك، بعد بداية ماهو فيه (هذا المرض؟ أو هذه المرحلة من المرض).
4- ثم نلاحظ بعد ذلك أن هذا الحديث داخل رأسه الذى مازال يشير إليه بضمير المتكــلم (أتكلم، أشتمه ..إلخ، لم يقل يكلمنى، يشتمنى) هـذا الحديث كاد يصبح مستقلا عنه، يتمثل ذلك فى قوله ” ماليش سيطرة .
5- كذلك نفتقد فى تعبيره هذا إلى المسار الوسواسى التقليدى من تكرار التتابع المرضى هكذا: الإلحاح - المقاومة - التوتر - الهزيمة أمام الإلحاح - التصرف بما يمليه الإلحاح - خفض التوتر مؤقتا …. وهكذا .
فالمسألة هنا هى وعى مفرط باستقلالية نسبية لجانب من الفكر، نتيجة لضعف السيطرة، وليست وسواسا تقليديا كما هو معروف فى الطب، وإن كان قريبا مما يطلق عليه “وسواس” عند العامة.
وهو يستمر فى إيضاح ذلك:
9- “ممكن أكون باصلى، واحد عدى من قدامى، ممكن أشتمه موش عاوز حد يسمعنى، أبقى مثلا يعنى لو شفت أخويا شارى حاجة أبقى مضطرب الفكر، أقول فى نفسى ما شاء الله، بابقى تعبان”.
فهو بذلك يعود بنا إلى ما أشرنا إليه باعتباره “الوعى بالحقد”، كدليل على فرط الوعى بالداخل، كما أشرنا سابقا، والربطة بين الوعى بالداخل وبين الشكوى من “الصوت الداخلي” وضعف السيطرة هى فى اتجاه إثبات أن هذه الحالة إنما هى: أزمة تعلن ظهور أعراض مرض، وفى الوقت نفسه تشير إلى بزوغ، أو تنشيط وعى جديد.
ولنا هنا وقفة بشأن الاتجاه العام لهذه الشكوى وما تحتويه من أعراض المرتبة الأولى لشنايدر Schneider”s first rank symptoms، فإعلان الوعى واضحا إلى هذه الدرجة يقترب مما يسمى أفكارا مسموعة audible thoughts، وتكرار الشكوى من فقد السيطرة “هكذا” دون النمط التكرارى الوسواسى سالف الذكر، يقترب بنا مما يسمى ظاهرة السلبية passivity phenomenonولعل هذا هو ما حدا بالمعالجين السابقين لهذه الحالة إلى اعتبارها حالة فصام صريح كما ظهر لنا من العلاجات الكيميائية السابقة ( جرعة ونوعا)، ومع كل هذا فإننا اعتبرنا هذه الأعراض بمثابة بداية الوعى بحركة الداخل، وبزوغ الوعى البديل الذى لم يلتحم بعد فى “الكل” القائم . ولعله يجدر بنا هنا أن نلاحظ أيضا أن حقد على على أخيه قد أعلن بالمضايقة، لكنه تعادل neutralized بالابتهال أنه “ماشاء الله”.
فعلاقته بالأهل جميعا، وبالوالدين خاصة، بادية التناقض حتما، ولكن دون تصادم حاد:
فهو يغار منهم، ويحقد عليهم، ويكف حقده عنهم (فى الوقت نفسه)، وهو يضايقه ما حل بهم من خير، فيحاول أن يقيهم شر هواجسه وحسده (فى الوقت نفسه)، وهو يكاد يتمنى الخلاص (الاستقلال) منهم، فيخاف عليهم من الموت فى تعبيره التالى:
(10) “لو مريت على حته فيها مقابر، أقعد أدعى لأهلى، وبابقى يجينى صداع فى مناطق مختلفة من راسي”.
لا نستطيع الجزم هنا بعلاقة مباشرة تفسر موقفه من أهله، إلا أن علاقة “الخوف/ الرغبة” wish/fear بادية فى هذا الموقف بشكل يكاد يكون صريحا، فهنا رغبة خفية فى موت الأهل (تقابل رغبته فى الاستقلال عنهم) والمقابر تذكره بذلك، فيسارع ليخفيه بضده، فيدعو لهم (بطول العمر على الأرجح)، فيلاحقه خوفه من عدم استجابة الدعوة، ومن احتمال الاستجابة معا، فتتصادم نواحيه، فيظهر الصداع فى مناطق مختلفة، أو يظهر الصداع رافضا هذه الحيل المتضخمة، وكل هذا دليل تلو الآخر على شدة تعلقه بأهله تعلقا اعتماديا ، وقد رجحنا أن هذا هو العائق الحالى – على مايبدو – ضد قفزة نموه، يقول بعد ذلك مباشرة فيما يؤكد هذا الترجيح:
(11) دايما والدتى تيجى على بالى، وانا فى القطر وأنا فى الجامعة، كنت بانام معاها فى سرير واحد”
وهنا نرى من جديد تلك الإشارة الأوديبية بشكل أو بآخر، ولكننا نرى أيضا وربما قبلا، كيف أنه أورد هذه المعلومة تلقائيا وفى سياق ما أسماه وسواسا(أو صوته الداخلى ) .
إلى هنا انتهت الشكوى ( باعتبارها المرحلة الأولى فى كتابة المشاهدة) .
فنوجز ما لاحظناه حتى هذه المرحلة فيما يلى:
1- إن الحالة ليست فصاما “بعد “، رغم ظهور بعض أعراض شنايدر، فعلاقته بالواقع شديدة، بل ربما أصبحت أكثر موضوعية (بصيرة/ وعيا) بما افترضناه من تنشيط لمستوى جديد من مستويات الوعى، رغم أفكار (ضلالات) الإشارة، والشخصية ككل لم تتفسخ أو تتناثر، والتفكير يبدو متسقا رغم النقلات السريعة نوعا ما .
2- إن الحالة ليست وسواسا نمطيا، بقدر ما هى وعى مفرط بالحياة الفكرية الداخلية خاصة، وعى مفرط بما هو عادى بدرجة غير عادية، وعى تحفـز له، وبه، صاحبنا فى صحوة نمو، فرفضه، لكن الحدة زادت إلى أن تصادمت القوى، ومن ثم الشكوى.
3- إنه بالرغم من الحديث عن الضيق، وظهور احتمالات الشعور بالذنب فالمراجعة (بعد تعريته لميوله الداخلية بما تحمل مما يسمى شرا أو حقدا، وبعد عدم مشاركته الآخرين مشاكلهم، ووعيه بالحقد المتحفز على القريب والبعيد)، بالرغم من ذلك، إلا أنه لا تشخيص الاكتئاب ولا أعراض الاكتئاب كانت واردة فى الفحص الإكلينيكى التقليدى (بعكس ما ظهر فى بعض الاختبارات: أنظر بعد ) .
4-إن الحالة تحوى من الأعراض (والميكانزمات) ما يوحى ببداية اللجوء إلى دفاعات الهوس، فدفاعات تكوين رد الفعل reaction formation، التى أدت إلى الغرور، والزهو (رغم عودته للتقييم الواقعى أحيانا) ومن ثم أوهام نظرات الحب والجذب الغرامى، كذلك ضعـف الكف لما هو حقد أو حسد، مع الوعى به ثم إلحاقه بما يشبه المحو undoing أو الإصلاح reparation، كل ذلك يشير بشكل ما إلى أن الأمر لو تطور أكثر فى هذا الاتجاه، لأصبحنا فى مجال الهوس لا الفصام، ولا الوسواس
[ونلاحظ هنا أن احتمال تشخيص الحالة هوسا لم يتطرق إليه أحد الأطباء المشخصين، ولا المعالجين أصلا، ولا وردت أدنى إشارة لأعراض هوسية فى الصورة الإكلينيكية فى أى وقت خلال العلاج والمتابعة . كذلك كان هذا المقياس هو أكثر المقاييس انخفاضا على اختبار الشخصية المتعدد الأوجه: (أنظر بعد).
فحتى هذه المرحلة المبدئية نجد أنفسنا قد استبعدنا أى تشخيص محدد (جامع مانع) ثلاثة بالسلب وواحد بالنقص.
و لعل ذلك كله يؤكد فعلا أننا أمام حالة نموذجية مما يسمى حالة بينية(3)
ولكن هل هى حقيقة حالة بينية مرضية تماما؟
أى أنها تقع بين هذه التشخيصات المختلفة دون أن تندرج تماما تحت إحداها، أم أنها بينية بين:احتمال وثبة النمو، أو تدهور المرض [وهو الاحتمال الذى ألمحنا إليه ونحن نقرأ (نفسر) ما جاء فى الشكوى كذلك كان هذا موضوعنا فى حالة هند بين مفترق الأمراض السابق نشرها؟] .
لنا أن نلاحظ هنا أن فرط البصيرة، والاقتراب من الموضوعية، وتحمل التناقض، جنبا إلى جنب مع وجود الأعراض غير النموذجية التى أشرنا إليها يرجح أن هذه الحالة بينية بمعنيين معا: أولا: إنها بين العصاب والذهان، وثانيا: إنها بين فرط الوعى واحتمال تراجعه.
ونحب هنا قبل أن نمضى فى القراءة أن نلفت النظر إلى ملاحظة أن هذه الحالة لم تشخص بالاستبعاد أساسا، أى أن تشخيص ما هو “بيني” لم يكن لأنه “ما ليس كذلك “، لأن هذا الاصطلاح ” بينى ” ليس سلة المهملات لما لا يوجد له مكان فى التشخيصات التقليدية، بل إننا نلاحظ أنه فى هذه الحالة توجد ملامح عدة تشخيصات معا، ولكنها ما زالت فى مرحلة البداية التى لم تتميز إلى تشخيص متميز بعينه .
إعادة النظر فى مشروعية تشخيص: الفصام المبتدئ:
ذكرنا من قبل أن تشخيص الفصام المبتدئ Incipient Schizophrenia، يختص به الدليل المصرى وهو تشخيص يخلو من الإشارة إلى أية أعراض تفسخية، وفى الوقت نفسه يكتفى بظهور ما يمكن أن يسمى إرهاصات الفصام ليدرجها تحت، فئة الفصام، ربما توقـــيا لاستمرار المسيرة إلى ما هو فصام صريح.
وهذا هو أقرب تشخيص لهذه الحالة، وهو رغم مغامرته بلصق لافتة مرض خطير على بداياته دون انتظار لتفسخ أو انفصال تام عن الواقع، إلا أنه يبدو أفضل من استعمال لفظ غامض مثل كلمة بينية حيث لا يوضح لنا استعمال لفظ “بيني” أبعاد الموقف أكثر.
إلا أن لنا أن نتساءل كيف نستعمل لفظا يؤدى فى النهاية إلى عكس الشائع عن مضمونه، أليس الشائع أن الفصامى هو عديم البصيرة متبلد المشاعر متفسخ التركيب متناثر التفكير؟ فى حين نجد مريضنا هنا: أحد وعيا، وأعمق بصيرة، وأبلغ نقدا للذات، وأكثر إصرارا، ليس فقط من الفصامى، وإنما من مستواه السوى السابق ؟
لكننا نلاحظ أيضا أن حدة الوعى هذه كانت لم تكن دافعا إلى الأمام، بل إلى “السير فى المحل” إذ ترتب عليها إعاقة لحقت تحصيله، وانسحابه من الواقع، بالإضافة إلى ربكة فى المشاعر، ولم تصاحبها أية دفعة إيجابية نحو إعادة التوازن على مستوى أعلى.
قراءة فى الاختبارات النفسية للحالة الفردية:
(أ) اختبار وكسلر للراشدين (والاختبارات المتعلقة به) مع وضع الظروف الخاصة لهذا الاختبار فى الاعتبار، نجد أن نتائجه لم تحسم القضية فى أى اتجاه، فمعامل الذكاء أشار إلى أعلى مما هو متوسط دون أية إشارة إلى تدهور أو تشتت دال.
وكل هذا لا يخص الفصام بأى درجة مميـزة، وإن كان لا ينفيه حتما، بل إننا لو وضعنا ظروف الأداء فى الاعتبار، مع تذكر التفوق الدراسى للمريض فى التاريخ الطولى لأمكن اعتبار المريض متفوق الذكاء، أو حتى فوق المتوسط بكثير، وأن هذا الذى أصابه لم يقلل من قدراته الذهنية لأى درجة فى أى اتجاه بذاته، بل إننا نقدر من وحى القراءة الإكلينيكية السابقة أنه شحذها فى بعض الجوانب التى لا يقيسها هذا الاختبار مباشرة مثل نوع وحدة الانتباه ( للداخل والخارج كما ظهر أثناء الفحص الإكلينيكى، الأمر الذى تأكد بعد ذلك أثناء العلاج الجمعى ) .
وبالنسبة لاختبار بنتون، والبندر جشتالت، وفيجل جولدشتاين شيرر، فقد أظهر المريض أداء لا يدل على أى اختلال فى الانتباه أو الذاكرة البصرية أو القدرة على التجريد مما يؤكد ما ذهبنا إليه فى التعليق على اختبار الوكسلر، كذلك كان اختبار لوسشر غير ذى دلالة خاصة يمكن أن تضيف لهذا الفرض فى هذا الموقع من البحث خاصة.
(ب) اختبار الشخصية متعدد الأوجه MMPI
بعد التحفظات المبدئية حول قراءة المقاييس على هذا الاختبار منفردة، أو باعتبارها دالة مباشرة على اسمها، نستطيع أن نشير إجمالا إلى أن مقياس الاكتئاب بلغ حدا هائلا من الزيادة فى ذاته، بالمقارنة بالمقاييس الأخرى، فى حين أن الاكتئاب لم يكن موجودا كأحد الاحتمالات التشخيصية، فلم تقع هذه الحالة “البينية” بين الاكتئاب وغيره، وإنما بين الفصام والوسواس، وفى العرض الإكلينيكى التفسيرى لعمق الأعراض لم يكن الاكتئاب – بل الهوس – هو البعد الأعمق، وكأن هذا الاختبار قد أظهر دفاعات اكتئابية شديدة، ضد احتمال الهوس نتيجة للتحريك السابق الإشارة إليه فى العرض الإكلينيكى، والذى لم يصل سلوكيا إلى أن يظهر فى شكل أعراض وشكاوى يمكن أن نرصدها تحت هذا الاسم مباشرة من خلال معطيات الصورة الإكلينيكية وحدها .
وبالمقابل، انخفض مقياس الهوس إلى ما دون 45 درجة تائية، وهذا فى ذاته غير مألوف فى حالات الاكتئاب الذهانى خاصة، حيث قد يرتفع المقياس الهوسى جنبا إلى جنب مع المقياس الاكتئابى (ومقاييس أخرى ذهانية فى العادة) مع غلبة ارتفاع المقياس الاكتئابى، وهذا الانخفاض يتناقض أيضا مع الأعراض الهوسية الصريحة التى ظهرت فى الصورة الإكلينيكية، من أن المريض اعتبر نفسه جميلا، تنظر إليه الجميلات، وأنه محبوب، وأنه يستحق – أكثر من إخوته – الزواج من جميلة ..إلخ فكأن هذه الملاحظة على مقياس الهوس تشير إلى صحة ما افترضناه تفسيرا للاستجابة المحددة على هذا الاختبار دون تعميم: من أن الارتفاع الاكتئابى هنا إنما هو مختص بما أثاره هذاالاختبار من دفاعات فى هذا الاتجاه، وما أخفاه – فى الوقت نفسه -من علامات هوسية على الجانب الآخر، وهذا لا يتعارض مع مقاييس الصحة، لأن الإظهار والإخفاء هنا ليس وعيا تزييفيا ولا تحايلا، وإنما هو نتيجة تحريك ميكانزمات بذاتها فى موقف بعينه .
4- إن ثمة دلالة تشير إلى غلبة ما يسمى الوساوس والرهابات (السيكاسثينيا).
5- ظهرت كذلك درجة الانطواء الاجتماعى أكثر مما ظهر فى الصورة الإكلينيكية. التى كانت تتميز – فى الفحص المبدئى، وفى العلاج الجمعى – بسهولة التعبير عن نفسه مثل اعترافه بحركة الحقد فى داخله، فيمكن أن نعتبر أن وضع هذا المقياس الخاص هنا هو مواز للتفسير الذى ذهبنا إليه بشأن الارتفاع الهائل على مقياس الاكتئاب.
6- ثم يستوقفنا أيضا الانخفاض الشديد – نسبيا – على مقياس البارانويا ( ت= 45)، ففى حين قابلنا فى الصورة الإكلينيكية أفكار “الإشارة” (التى لا نستبعد أن تكون قد وصلت إلى مستوى ضلالى غير دائم، وكذا إطلاق سراح التعبير عن الحقد، مما يميز الموقف البارانوى عامة نجد أنها لم تظهر على مقياس البارانويا هنا .
كذلك فإن نص عباراته وطبيعة موقفه من الذات والآخرين من خلال ما عرضنا من المقابلة الإكلينيكية المبدئية، هذا وذاك كانت بهما إشارة إلى العلاقة البارانوية صراحة كما وصفها إريك بيرن: أنا على صواب وأنت المخطئ: Iam O.K. you are not O.K.،ولم يخل أيضا من علامات الموقف البارنوى الموصوف فى مدرسة العلاقة بالموضوع .
وقد يكون ذلك مبررا لإقرار أن هذا المقياس يقيس البارانويا سلوكا صريحا وتوجسا مسقطا، ولا يقيسها تعرية موقف، أو تحديد نوع علاقة بذاتها، ثم يجدر بنا هنا أن نربط بين هذا الهبوط على هذا المقياس وبين شعور المريض ( رغم النقص، والإخفاق، والإحباط) بأنه محبوب من والديه ثم من البنات، فميكانزم الإنكار هنا واضح ( كما كان عاملا فى مواقف أخرى أيضا فيما يتعلق بالانخفاض الدال على مقياس الهوس انظر قبلا).
وحتى الآن نستطيع تحديد ما وصلنا إليه من خلال هذا الاختبار جنبا إلى جنب مع المعطيات الإكلينيكية، على الوجه التالى:
إن مريضنا هذا، الذى وقع تشخيصيا بين ما هوفصام ووسواس، هو بالقياس الذاتى اللفظى على هذا الاختبار قد بدا أكثر اكتئابا مما بدا إكلينيكيا، فى حين أنه من منظور الفحص الإكلينيكى كان أكثر هوسا مما ظهر على المقياس
و يشير هذا إلى أن اللافتة التشخيصية قد عجزت عن استيعاب كل من البعد الإكلينيكى الأعمق، والبعد القياسى اللفظى غير المباشر .كما أن التناقض بين البعد القياسى اللفظى (اختبار الشخصية) والبعد الإكلينيكى، ليس بالضرورة تناقضا نتيجة لاختلاف طريقة القياس ، وإنما نحن نرجح أن يكون تناقضا دالا على تعدد حركية مستويات الاضطراب المرضى فى هذه المرحلة من مسيرة المرض الحالية، بما تهدد به، وما تظهره فى آن، هذا يظهر على مستوى فحص بذاته، وذاك يظهر على مستوى آخر.
(جـ): اختبار الأمثال(4):
1- تبينا من خلال هذا الاختبار أن استجابة هذه الحالة من الناحية الكمية تقع فى حدود السواء، وأن قدرته على التجريد سليمة
2- باعتبار أن الاستجابة على هذا الاختبار مادة إكلينيكية متميزة فى ذاتها، تسمح بقراءة فردية تفصيلية لكل حالة على حدة، انتقلنا إلى الخطوة التالية:
فنجد استجابته للمـثل الأول (علـى قـد لحافـك مد رجليك) طليقـة، ومتعددة النواحى، مرتين فى سياق أخلاقى (ماتتطمعشى، مابتبوصش) ومرة فى سياق قدراتى (إعمل على قد قدرتك) .
وحين اختار الموقف ( الذى يمثله المثل: الخطوة الثانية) فإنه اختار موقفا شخصيا (قدراتيا ) يمكن أن يرجع إلى التحاقه بكلية الطب البيطرى دون كلية الطب البشــرى، وفى الوقت نفسه أشــار – بدرجة أقل صراحة- إلى ما التقطه مما تحرك بداخله من حقد . نفس هذا الوعى الواقعى بموقفه الذاتى ظهر فى المثل التالى، (اللى ما تعرفشى ترقص تقول الأرض عوجه) حيث هاجم تبرير الرسوب بصعوبة الامتحان فى حين أن السبب الحقيقى هو عدم الاستذكار، فنتذكر أنه راسب هذا العام، ويتأكد لدينا – من واقع استجابته هذه اقترابه من الواقع وكشفه لنفسه، ولاحتمالات هروبه الدفاعية، .وفى ألفاظ أخرى، فبدل أن يفرط – مثل العصابى أو حتى العادى – فى استعمال الحيل الدفاعية، ومن أهمها فى مجتمعنا: التبرير، راح يمارس حدة البصيرة، وكأنه يمعن فى كشف نفسه، ويؤكد التخفيف من اللجوء إلى الحيل الدفاعية بما يتفق مع ما ذهبنا إليه فى القراءة الإكلينيكية.
وتأكد هذا البعد أيضا فى المثل النقيضى (نقيض المثل الثانى: الشاطرة تغزل برجل حمار)، فتعبيره “…يعملها تحت أى ظروف” هو تعبير شديد الواقعية، شديد الطموح والثقة فى آن، كذلك كان الموقف الذى استشهد به هو موقف فيه إشارة لمأزقه الواقعى نفسه فيما يتعلق بفشله الدراسى هذا العام، وحماسه للتعويض (يذاكر على لمبة أو أى حاجة).
وفى المثل الرابع (يذكر؟) تبدت شجاعة المواجهة كأصرح ما يكون، رغم ما تخفى من آلام ذاتية، حيث جاء الموقف المستشهد به يعلن البعد الشخصى نفسه من حيث الحديث عن الرسوب فى مادة لم يستعد لها بدرجة كافية، وهو مهزوز أو راسب فى غيرها، ولكنه هنا يعرج إلى احتمال أن يكون هذا الرسوب نتيجة لسبب آخر غير الإهمال (انطرد من اللجنة أو حاجة) ومع ذلك فهو يواصل الاقتراب من الواقع ويقبل الخسارة مادامت ستضم إلى مثيلاتها مما سبقتها .
وفى المثل الخامس الذى أعد ليكون صعبا على الشخص العادى (الفار وقع م السقف، القط قاله إسم الله، قاله إبعد عنى وخلى العفاريت تركبنى). كرر المريض ألفاظ المثل نفسها تقريبا دون شرح، لكنه سرعان ما نفى شبهة العجز عن التجريد حين أورد موقفا شديد التطابق، ومثلا مشابها شديد الدقة، (إبعد عنى وخليها تعمر) لكنه عاد دون سبب مفهوم يختار مثلا عكسيا من بين الأمثال الثلاثة المطروحة فى خطوة الاستجابات المتعددة الأخرى وهو (إن حبتك حية اتلفع بيها)، وما لم تكن هذه الإجابة الخاطئة الدالة هى مجرد صدفة، فإننانقول إن ذلك نوع من تساوى التضاد لدى مريضنا هذا، وهذا ما يتفق مع مقولة النفى negation لسيجموند فرويد، ويؤيد هذا بعض ما أشرنا إليه من حيلة تكوين رد الفعل الإعكاس reaction formation كتفسير لشكواه (تقريره) عن شكله وتعلق البنات به بوجه خاص معلنا بذلك عكس ما يعانيه من نقص وشعور بالرفض والإهمال، أضف إلى ذلك حيلة الإسقاط التقمصى projective identification حيث تظهر إسقاطاته فى هذا المثل صورته (المأمولة حتى صارت واقعا مرضيا) التى تفسر أحقيته أن تحبه كل البنات.
ويمكن أن نستنتج من المقتطفات من هذه القراءة أن القراءة النوعية فى هذه الأمثال، بما يمكن أن نربط جزئيــاتها بعضهـا ببعض، وفى الوقــت نفسه نـربط بينهـا وبين المتـاح من معلومات إكلينيكية، ونتائج على الاختبارات الأخرى، إنما تتيح لنا فرصة تعرف هذه الزملة الإكلينيكية المسماة بالزملة البينية بوجه خاص، ذلك أن هـذه الحـالة قد أوضحت كيف تتناقض وسائل بحث مع بعضهـا فى البداية لتكمل بعضها البعض مع مزيد من التعمق والنظر، كما أوضحت أهمية التحليل الدقيق لمحتوى الاستجابة النوعية بما لا يغنى عنه التقييم الكمى الإحصائى.
الخلاصة: نستطيع التوقف هنا لنقرر عـدة ملاحظات سوف نتتبعها فى الجزء الثانى، وهى على الوجه التالى:
1- هذه حالة تقع بين العصاب والذهان.
2- وهى تعلن فرط وعى مناسب إذ يحترق الوعى الجديد ما يكن أن يسمى “فرط العادية” المرهق.
3- وعرضها هكذا ينبه على أنه ينبغى أن نسمع المريض “بما هو”، وأن نلتقط ترتيب ألفاظه، وليس أن نسمع ما نفهمه فقط.
4- كذلك هذا العرض ينبه على عدم الإسراع بترجمة شكوى وكلام المريض إلى أسماء أعراض فورا ودائما.
5- وواضح أن التناقض بين الصورة الإكلينيكية والقياسات النفسية ليست تناقضا حقيقيا وإنما هو كشف من أكثر من زاوية.
6- كذلك لابد من التدقيق فى الرد على الأمثال وعدم الاكتفاء بذكر أن الرد على هذا المثل أو ذاك هو يدل على سلامة التفكير من عدمه، وإنما نركز على تفاصيل الرد (وسنرجع إلى ذلك فى المتابعة).
7- كما أظهرنا ضرورة عدم الاستسلام للمقولات الفرويدية كما هى، ولكن لابد من الاجتهاد فى إعادة تنظيمها، أو تجاوزها أو حتى رفضها (أنظر مثلا مواقع استعمالنا لكلمة أوديب و أوديبية.
الجزء الثانى (العدد القادم)
المسار والتابعة
من النادر فى النشر العلمى المتعلق بالطب النفسى، والعلاج عامة أن تنشر حالات بتتبع حقيقى ودقيق، وعلى فترة كافية، وبأهداف محددة.
وقد كنا دائما نخدر من إهمال هذا الجانب، إذ نرى أننا بغير تتبع مسئول فكل النتائج الكمية قد تكون غير كافية أو مضللة.
وقد أمكن تتبع هذه الحالة فى العلاج الجمعى، مع العلاج الكيميائى، وسوف نعرض فى العدد القادم لهذا التتبع التفصيلى، وكذا سوف نعرض بعض تمثيلية نفسية التى تمت أثناء العلاج الجمعى.
ونحن نعلم صعوبات هذا التقسيم إلى حلقات، لكننا نثق فى قارئنا وفى قدرته على تحملنا كثيرا من الوقت.
وسوف نوجز فى العدد القادم ماجاء بهذا العدد بقدر الإمكان قبل أن نواصل المتابعة إن شاء الله.
[1] – جمع المادة (ورقة المشاهدة) وأجرى الاختبارات الباحث: أحمد إبراهيم، وأجرى الاختبار والعلاج والمناقشة والتعليق والصياغة: أ.د. يحيى الرخاوى.
[2] – عدد أبريل 1988 (تراجع)
[3] - الحالة البينية هى أساسا ما بين العصاب والذهان ونحن مازلنا نصر على التمسك بالتفرقة بينهما: فإن ما يسمى عصابا هو السياج أو الغطاء الذى يحكم ضبط و إخفاء ما يسمى ذهانا (أو مكافئه الإيجابى أى الإبداع) – ومن هذا المنطلق يمكن- بصفة عامة وليس بتعميم مطلق- أن ننظر إلى للعصاب باعتباره ‘فرط العادية’ hyper- normality فى نواح بذاتها من السلوك ( حيث يقتصر فرط العادية فى تكوين الشخصية على ما يسمى: اضطراب الشخصية)
وبالمقابل فإنه يمكن أن ننظر إلى الذهان باعتباره فشل العادية failure of normality مضافا إليه تعرية uncovering الماوراء ثم أخيرا: خلخلةdislodgement التنظيم.
ومن منظورتركيبى يمكن طرح المسألة على الوجه التالى: إن العصاب زيادة فى جرعة الانضباط لدرجة التثاقل فالتعثر: وهو بذلك يعلن احتمال فشله دون أن يفشل،أما الذهان فهو فشل الانضباط مع إحلا ل الانسحاب والتفسخ ، أو الإبدال وفرط الشذوذ المفعلن acted out (كل هذا بما لا يشمل أصلا ما يسمى الاضطرابات العضوية أو الاضطرابات ذات السبب العضوى المحدد).أما لفظ البينية border-line كما يستعمل الآن فى التقسيمات الأحدث مثل التقسيم الأمريكى الثالث، فهو لفظ يستعمل عادة ليصف حالة اضطراب شخصية محدد يقال له: border-line personality أى اضطراب الشخصية البينية، وهو استعمال فى غير محله أصلا لأنه يصف نوعا من الشخصية محدد المعالم، مصقول الصفات، واضح السمات بما لا يصلح معه افتراض أى وجود بين -بين (بين ماذا وماذا ؟).
[4] – اختبار التفكير التجريدى للرخاوى 1984 (نورد هنا موجزا ومقتطفات من الاختبار لتوضيح كيف ينبغى أن ينشأ الاختبار من البيئة)
مادة الاختيار:
أ- يتكون هذا الاختبار من خمسة أمثال عامية متدرجة فى الصعوبة والشيوع ومن المتوقع إن الشخص العادى (المتوسط) لا يجيب عنها جميعا إجابات صحيحة خصوصا الأمثال الأخيرة وهذه الأمثال هى بالترتيب:
1- على قد لحافك مد رجليك
2- اللى ما تعرفش ترقص تقول الأرض 3- الشاطرة تغزل برجل حمار
4- ضربوا الأعور على عينه قال خسرانة خسرانة.
5- الفأر وقع مالسقف القط قاله اسمالله قال ابعد عنى وخلى العفاريت تركبنى.
ب- روعى فى الأمثال المقابلة لكل مثل أن تشمل الآتى:
1- مثلا يحمل نفس المعنى تقريبا
2- مثلا يحمل لفظا أو أكثر من ألفاظ المثل المطروح
3- مثلا يحمل معنى بعيدا لدرجة العكس أحيانا
جـ- روعى فى المعانى المقابلة لكل مثل أن تشمل الآتى:
2- معنى على درجة عالية من العيانية
3- معنى على درجة متوسطة من التجريد
الخطوة الأولى:
يذكر المثل (بالترتيب) ويسأل المفحوص عن معناه
الخطوة الثانية:
يسأل بعد ذلك: تقدر تدينى موقف فى الحياة العادية بنستخدم فيه المثل ده؟
الخطوة الثالثة:
مهما كانت إجابة المفحوص فى الخطوتين السابقتين يسأل:
تقدر تجيب لنا مثل زيه .. أو حكمة أو بيت شعر بنفس المعني؟
الخطوة الرابعة:
ثلاث أمثال غير المثل بتاعنا وإنت تختار أقرب واحد من الثلاثة دول للمثل بتاعنا.
المثل الأول: على قد لحافك ……
1- اصرف ما فى الجيب يأتيك ما فى الغيب
2- الرجل تدب مطرح ما تحب
3- اللى ما معهوش ما يلزموش.
المثل الثانى: اللى ما تعرفش ترقص ……
1- إدلعى يا عوجة فى السنة السودا
2- قصر ديل يا أزعر
3- إرميه فى البحر يطلع وفوقه سمكة.
المثل الثالث: ضربوا الأعور ..
1- قالوا للقرد هانسخطك، قال هاتعملونى 2- الأعور وسط العمى سلطان.
3- إكسر للعيل ضلع يطلع له اتنين.
المثل الرابع: الشاطرة تغزل ……..
1- إيش يعمل الترقيع فى التوب الدايب
2- أربط الحمار مطرح ما يقولك صاحبه
3- يعمل مالفسيخ شربات.
المثل الخامس: الفار وقع مالسقف ….
1- ان حبتك حية اتلفع بيها.
2- غاب القط إلعب يا فار
3- اللى يلاعب الثعبان لابد من قرصه
الخطوة الخامسة:
يقال للمفحوص: دلوقت آخر خطوة. هاقولك ثلاث تفاسير للمثل بتاعنا وعليك تختار الصحيح. ثم يبدأ الفاحص بإعطاء المعانى البديلة للمثل (ولمن تقرأ ويكتب يعطى ‘كارت’ بالمعانى) والمعانى المقابلة للأمثال هى كالأتى:
المثل الأول: على قد لحافك ………..
1- حوش فلوس يمكن نحتاجها لفرش بيتك 2- ما تخرجش رجليك بره اللحاف وانت نايم. 3- ما تتصرفش إلا فى حدود مقدرتك وظروفك
إلخ…….