الافتتاحية
هل هى هى ..؟؟
…ثم كان استقبال هذا العدد بعد هذا الزمن استقبالا عاديا، وكأننا لم نتوقف عن الصدور العادى يوما واحدا، ثم إنه كان رائعا من حيث أن الخطابات القليلة التى وصلتنا قالت كلمات دالة، ولولا أن أغلبها مديح وشكر، لنشرناها بأكملها.
وحين يكون ” العادي”” رائعا” يكون النفس أطول والأمل أعمق
ومع ذلك فهذه اللهجة التى ملأت الافتتاحية السابقة كانت هى هى التى تكررت طوال ثلاث عشرة سنة، خذ مثلا فى يناير سنة 1987 (السنة الثامنة) نقول
”وكأنه العدد الأول فى السنة الأولى !!!ليكن، الحمد لله،
ثم: “ونحن نتبين أكثر فأكثر معالم القدرة على المواصلة، ومقومات الاستمرار، ونفرح بالصعوبات الشريفة، صعوبات الحوار واتخاذ القرار وتعارض الإرادات ونرى فى كل هذا صدق التجربة وصعوبة القرار وأمانته فنصدر حتى لو…،
أو مثلا: السنة الثامنة العدد 31 يوليو 1987 مثلا:
نعم توقفت شهرين وأنا أعيش موت هذه المجلة كحقيقة جاثمة ومنتهية، فعلمت فيما تعلمت أن التوقف قد يكون أشجع من الاستمرار بالقصور الذاتي.
أو أصلا: العدد الأول السنة الأولى المجلد الأول يناير 1980
”……وقد كان المبرر المرحلى لإقدامنا على إصدار هذه المجلة هو الأمل القائل:”إن وضعها(الكلمة) على الورق هو أمانة تاريخة لا مهرب من التصدى لها
ثم: السنة الثامنة العدد 31 يوليو 1987
“وعلى قدر إيماننا بشرف قدرنا، وعلى قدر إصرارنا على نقاء وصدق كلمتنا، وعلى قدر ثقتنا بقدرة إنسان مصرنا فى أحلك الظروف سيكون استمرارنا”
… فحين يأتى اليوم (التاريخ) ويطأطئ الغافلون والصامتون الرؤوس، سوف تشهد علينا أقلامنا وأحرفنا وكلماتنا قائلة بملء اليقظة: أننا اقتحمنا الملفات السرية للبحث العلمى المغترب،والكلمة المومس، و،الانتخابات المزيفة،واليسار المتجمد، واليمين المتبختر، والفلسفة الديكور، والدين المنوم، والثقافة المعقلنة، فتحناها كلها نعرى زيفها، لنعيد نبض الحقيقة بما نستطيع.
فماذا جد - بالله عليكم- ونحن نعاود الصدور؟
لقد كانت افتتاحية العدد 56 السنة الرابعة عشر أكتوبر1993 ليست إلا تكرار لكل ذلك مع أننا كنا نتمنى أن تكون شيئآ آخر بعد ما تغيرت أمور كثيرة،
لقد شعرنا أن كل ما أضيف إلى ما سبق هو ظل من يأس لم نعهده من قبل،
هل يرجع ذلك إلى أن السن تقدم، أو أن الخوف تجمد، والحوار تلكأ، أو أن الإبداع شطح أو خفـت، أو أن النظام العالمى الجديد يخرج لسانه لكل محاولة فردية أو عامة ” ؟
هو يرجع لكل ذلك حتما .
الوضع العام الراهن:
كان طموحنا منذ البداية أن نستوعب الوضع الآنى دائما، وأن نلتزم به ونبدأ منه، وقد أوجزنا رؤيتنا لما وصلنا إليه فى العدد الماضي، وكانت رؤية تكاد تكون تشاؤمية أو حتى يائسة، فكان لابد من إضافة فى هذا العدد تفسر أو تضيف.
المسألة أن العالم العربى والعالم الإسلامى والعالم الجنوبى والعالم الثالث، والعالم السابع عشر، بل والعالم الأول: كل من ذلك يقف موقف وجود متأزم، ليس جديدا طبعا، لكن سرعة التوصيل والإيقاع جعلته ملحا، لا يقبل التقريب أو التأجيل، ولا داعى لتكرار سبق التأكيد عليه طوال أربع عشرة سنة، فنكتفى بأن نذكر بالأسئلة التى زادت حدة، كما نعيد صياغة بعض أجوبتها التى لا تعدو أن تكون “فروضا ” نرجو أن تكون عاملة ملهمة معا:
السؤال: هل هى حضارة أو أكثر؟
الفرض: هى حضارة واحدة، لكن الشعلة تتناوبها مجاميع مختلفة، والمفروض أنها تضيء للجميع، من حملها ومن لم يحملها
السؤال: أين نحن من هذا؟
الفرض: نحن أصحابها، إذ هى واحدة، ونحن فجرناها ثم نسينا أو أنسينا بشكل ما، ونحن أهل لها الآن، مهما بدا علينا الهزال وتلاحقت خطواتنا تابعة ثقيلة
السؤال: على من تعود “نحن” هذه ؟
الفرض: على كل من حمل الأمانة من المستضعفين فى الأرض المشرفين بالوعي، وهم الآن المؤمنون الباحثون عن منهج يستوعب إنجازات أهل الكفر ليثرى بها الإيمان فيؤمن الكافر شاكرا، وتستمر المسيرة
السؤال: هل هى إذن مسألة تكفير فى مقابل تدين؟
الفرض: بل هى مسألة منهج ناقص كاد يزحف ليحل الجزء محل الكل، والبديل هو كماله ولو بما يبدو نقيضه، وليس إبداله بما يشتبه فى عكسه الذى يساويه
السؤال: وهل الفرصة متاحة؟
الفرض: الفرصة دائما متاحة طالما لم ينقرض الإنسان، والبحث الألزم هو عن منهج للفعل اليومي، وللمعرفة الأشمل، وللحركية الأكثر قدرة على البسط والتوليف
السؤال: وهل من سبيل إلى بعض ذلك، وماذا عن السحق والإجهاض؟
الفرض: طالما أن استمرار الزيف مستحيل، فلا سبيل إلى غير ذلك فى نهاية النهاية
والإنسان والتطور – بكل ما تعنى من فردية وضعف- هى الدليل على ذلك،
ومن هذا المنطلق (ردا علينا كما بدونا فى العدد الماضي) نحن نقترح تحديدا:
1- أن نبحث عن نظام تربوى ونسهم فيه، نظام يمكن أن نبدأ به تفجير وعى الأطفال نحو إيمان لا ينضب، وإنتاج لا يتراجع، وإبداع لا يقلد. وأن نؤكد فى عملية التربية على تدريب حسن الاستماع وتحمل الخلاف
2- أن ننتبه إلى معنى المنهج، وعلاقته بالفرحة المبدعة، والألم الخلاق، وأنه بغير أن يذوق الطفل فالمراهق فالشاب …إلخ هذا وذاك فى الفعل اليومى ومنذ البداية، فهو كيان مختزل ينمو هامشه دونه، وهو يستبدل بفرحة الوجود الدغدغة والقفز فوق الوجود، (أنظر: الفرحة والإيمان الراهبة الطروب ص 30) كما أنه يستبدل بالألم الخلاق الكآبة والنعابة، هذا علما بأن ما ندعو إليه هو ليس فقط صفات لنوع حياة بل إنه أيضا شحذ لطريقة معرفية (منهج) صالحة للاستمرار كما ينبغي
3- أن نؤكد على حق الناس فى إعادة النظر فالتفكير فمعايشة كل معطى جاهز بلا استثناء، نقول: بلا استثناء، نقول مرة ثالثة: بلا استثناء، وهذا التأكيد على هذا الحق ليس مرادفا لبدعة الديمقراطية، ولا هو مجرد ترديد لمزاعم حرية التفكير وما أشبه، بل إنه يشير إلى عمق حرية الوجود المتفجر فى رحابة سلاسة قوانينه الأقدر على إيجاد الصيغة الملائمة لما تتجدد به فعلا يوميا قادرا مستمرا.
4- أن نبحث عن منهج يعلى من قيمة الملاحظة، والرصد الموضوعى الذى يلتحم بالملاحظ والخيال الواقعى!!!! وأن يختبر كل من هذا وذاك بالتواجد فى الحركة اليومية.
5- أن نقل من الوعود ونكثر من الإتقان: فى الفعل اليومى أساسا
ونرجو أن يستقبل هذا التركيز ليس باعتباره شعارات للترديد بقدر ما هى فروض للتحقيق.
الاستقطاب الجديد والقضايا الزائفة:
ويجرنا هذا إلى ضرورة الانتباه والتنبيه إلى أن الاستقطاب الجارى بين اليسار واليمين قديما، وبين الجماعاتيين ( الجماعات الإسلامية) والتنويريين حديثا ( من المنتمين إلى العلم والديمقراطية بتعريفهما الكمى الغالب) هو استقطاب يجرنا إلى قضية زائفة تحمل فى طياتها لعبة مجمدة ذات نهاية خطرة، والفرض إزاء هذه الرؤية يقول:
إننا إذا نظرنا إلى حقيقة مايجرى -من موقف نقدى مغامر- قد نتبين أن عبادة المنهج العلمى السائد (الذى يتصوره العلمانيون قادرا على تسيير الأمور بعيدا عن وصاية السلطة الدينية) هو سقف يقزم الوجود الإنسانى بقدر ما يقزمه نص دينى جامد لم يقصد به يوما أن يجمد أو يتجمد. والمتأمل لتعصب ووثقانية الجانبين لا بد وأن يلاحظ وجه الشبه بين الشيوعى المادى (الله يرحمه)، وبين العلمانى المدنى (الله يهديه) وبين المتدين الجماعاتى (الله يبصره)،
وقد ناقش القائمون على هذه المجلة-فى ندواتهم ولقاءاتهم الأخري- وجه الشبه هذا بأكثر من أسلوب وتحت أكثر من عنوان حتى تبين لهم ضرورة التنبيه إلى زيف القضية مما لا مجال لتفصيله فى هذه الافتتاحية ا لعجول، ولا يصل بنا الخيال والغباء إلى درجة أن نتصور أننا نقدم البديل، وإن كان على من يرى رأينا فى تشابه هذه الفرق الثلاث ( رغم ظاهر المعارك والقنابل والقهر والقهر المضاد) عليه أن يعرف أن الدنيا فى أمس الحاجة إلى ما ليس كذلك، وهذا هو مبرر صدورنا بل هو هو مبرر وجودنا،……….وعذرا
نحن والتمويل والإعلان:
وارتفعت الأسعار، وارتفع ثمن المجلة إلى ما لا نحب، ومع ارتفاع ثمن المجلة قل التوزيع طبعا، لكن أكثر من ثلاثمائة قارئ مغامر تقدموا فدفعوا فى العدد ثمن 200 جم من اللحم وهذا أمر عظيم يلزمنا بالاستمرار، ورغبة منا فى التخفيف – إن أمكن – رحنا نراجع موقفنا من التحفظ على تمويل المجلة من أى مصدر فيه أى شبهة تتعارض مع ما صدرت له، وصدرت به، ونحن لا نرفض مبدأ أن الغاية تبرر الوسيلة فى ظروف الحرب والقهر، لكن حين تكون الوسيلة هى هى الغاية تصبح المسألة خطرا ما بعده خطر، فإذا كانت وسيلتنا هى تحريك الوعي، فكيف نقبل نشر كلام، ولو إعلانا، يضيق دائرة الوعى مهما دفع فيه، أليس الأولى أن نتوقف؟ وإذا كانت الغاية هى الحفاظ على الحلم فكيف نروج لمعلومات تجهضه أو تئده فى مهده، وإذا كانت الغاية هى حماية التقشف النفسى القادر على صنع الحضارة فكيف نزين ما هو استهلاك فى استهلاك …بالإعلان والتلويح بما لا نتيقن من مصداقيته ؟ وهكذا
لكننا إذا واصلنا هذا سنتوقف حتما لو لم نحل هذا الإشكال التمويلي، فلا نحن نضمن أن الممول الحالى سيستمر على موقفه أو على قدرته طالما نحن نصدر (والمجلة تخسر كل عدد حوالى أربعة آلاف جنيه )، ولا نحن بقادرين على أن نحصل على مصدر آخر للتمويل.
وبعد نقاش وأشياء كثيرة انتهينا إلى حل ما، ليس بالضرورة صحيحا، وهو حل يحتاج لرأى القارئ وأصحاب المصلحة معا، ويشمل هذا الحل أولا: أن نقبل الإعلام عن ما نعتقد أنه مفيد ويتفق مع موقف المجلة (الإعلام لا الإعلان) ثانيا: أن نبدأ بإغراء هذا الممول الوحيد مستشفى (دار المقطم للصحة النفسية) بالاستمرار بأن نعرض عليه هذه الفرصة ليعرف الناس بما يفعل، ولماذا يدفع، ثالثا: أن نفتح أبوابنا لكل من يقبل شروطنا بادئين بدور النشر، ثم المستشفيات التى نأمل أن تحذو حذو الإعلان الحالى غير رافضين شركات الدواء، وشروطنا هي: أن يكون الإعلان هو تعريف أكثر منه تزويق، وبالنسبة للدواء أن تذكر الآثار المختلفة والآراء المتنوعة حول كل دواء بما ذلك الآثار الجانبية، وأن تقبل الشركة نصيحتنا لتوصيل حقيقة الدواء بما يفيدها ويفيد الناس رابعا: أن يتم كل هذا مجتمعا ومميزا وليس متداخلا مع المادة التحريرية، وأن يقع هذا إما فى أول المجلة أو فى آخرها
آخر لحظة: لم نستطع حتى أن نفعل ذلك، وبنا يرزق الممول برزقنا، إلى أن نجد حلا !!!!
هذا العدد:
1- قررت هيئة التحرير أن تقترب من صدق أصدق، فاعترفت أن هذه المجلة هى مجلة الصوت الواحد، والرجل الواحد، مهما تعددت نغمات الصوت أواختلفت طبقاته، ومهما تجاورت الأسماء، فكل الأصوات تمر بمصفاة رئيس التحرير، وكل الأسماء تطل من بين ثنايا سماحه، لم ننكر ذلك يوما بهذه الصراحة وإن كان الجميع يدرك أن هذا هو أخطر ما يهدد هذه المجلة، وإذا كان ثمة سبيل إلى تخطى هذا الموقف فلا بد أن نبدأ بإعلانه دون مواربة أو ادعاء: وهكذا يصدر هذا العدد بلا سكرتير تحرير أو نائب رئيس تحرير أو مجلس للتحرير، ونكتفى بكتابة أسماء من شاركوا فى إخراجه، الأمر الذى يمكن أن يتغير كل عدد. وذلك حتى نستطيع بشجاعة المغامرة أن نتخطى هذه الأحادية الخطرة، فيتحدد المسئولون الجدد من مواقع الممارسة لا من باب المجاملة
2- وتهجم علينا بحب وحماس إبداعات الحداثيين من مصر والعالم العربى وخاصة فى الشعر فنفرح ونخاف، ونتذكر أننا حسبنا أن بعض أسباب نقص التوزيع أننا سمحنا بهذا القدر من الإنتاج الغريب الجديد أن يحتل مساحة أكبر من غيره. لكن ماذا نفعل وهؤلاء الجدد هم من يقولون لنا أهلا، فنقول سهلا، يقولون سلام عليكم فنقول البيت بيتكم، ولكن العجب العجاب أن رئيس التحرير فى إحدى جلسات إعداد المجلة حين مدح فى إحدى الجلسات التى يحضرها أغلب المحررين، مدح-صادقا- شعر فاروق جويدة، لم يصدق بعض منهم أنه يعنى ما يقول !!!، وحين أكد لهم ذلك، ارتفعت حواجبهم سخرية من فاروق جويدة (ومن رئيس التحرير- طبعا)، ولم أفهم ولن أفهم معنى هذا الاستهزاء وهذا الموقف الحكمي، ولا أتصور أنه يمكن للحداثة أن تضيف إلا من خلال موقف موضوعى قادر على استيعاب ما هو غير ذلك، وقد كدت – بعد ما وصلنى كل هذا التعالي، ربما خطأ- أن أرفض أو أقلل من حجم ما ينشر فى هذا العدد حتى لا نصنف حيث لا نقع، لولا أنه أولا: لم يصلنا كثير من غير ذلك مما هو ليس كذلك، وثانيا: رأى الزملاء المسئولون عن هذا العدد أن ما وصلنا من هذا الجديد يستحق النشر، فاتخذنا تحفظا لعله أقرب إلى الأمل يقول: إنه لا حياة لهذه الموجة دون حركة نقدية موازية، وتمنينا أن ينشر مع كل قصيدة رأيا أو دراسة نقدية، فإذا لم يمكن، فنحن ندعو النقاد أن ينقذوا هذه الموجة من الخفوت أو العزلة بحركة نقدية مسئولة ومواكبة
3- فيتفضل إدوارد الخراط بكل ثقله ودلالته ليكتب لنا – متفضلا متواضعا- عن قصيدة النثر ما نأمل به أن نتعلم أكثر فنتحاور أعمق، وأن تكون هذه البداية العامة هى دعوة ضمنية لنقد موضوعى مناسب لنص منشور، وبهذا يمكن أن يقبل القارئ اعتذارنا- هذا العدد- عن تقديم دراسة نقدية مباشرة كما تعودنا.
4- وتعود مساحة ما هو طب نفسى إلى الظهور بشكل أكثر رحابة آملين أن نوثق الارتباط بين التخصص والمعرفة الشاملة بما تميزت به هذه المجلة منذ صدورها، وبالذات فإن ظهور حالة هذا العدد ” حالة بينية: بين ماذا؟ وماذا؟ ” هو مواصلة مسيرة إحياء منهج وصف الحالة الذى اختفى أو كاد وراء أكوام الأعداد المضيعة لتفرد المريض النفسى، وإن كنا نعتذر أن هذه الحالة ستصدر على عددين لطولها: الجزء الأول ويشمل التقديم المبدئى والقراءة الوصفية بما تحمل من تفسيرات ورؤي، ثم يظهرالجزء الثانى وهو التتبع وبعض إشارات إلى ما جرى فى العلاج الجمعى وخاصة لمقتطف من ” تمثيلية نفسية دالة”،
ويكمل هذا العرض المطول باب مقتطفات علمية متعددة حيث أوردنا موجزا لبعض الأبحاث الأجنبية والعربية مع تعليق نرجو أن يثير ويرشد إلى ما نعنيه حين نقول: هو “قراءة نقدية”.
5- كذلك نجد أن باب مقتطف وموقف قد احتوى أكثر من مقتطف وأكثر من موقف، ونحن نرحب بالمشاركة من القراء، وخاصة إذا أرادوا أن يتخذوا موقفا من موقفنا، وليكن الباب الجديد هو ” موقف على موقف” مثل البرنامج الرائع الذى كان من لندن !!!: قول على قول (واأسفا على اختفائه)، كذلك عاد للظهور مقتطف من التاريخ مثلما كنا نفعل مع ذى الرمة وامرؤ القيس فحل المتنبى ضيفا هذه المرة ليكون صاحب المقتطف الذى نقف إزاءه موقفا نرجو أن يكون مناسبا.
6- وتعود تطل علينا ما أسميناه يوما: الكتابة الطليقة مما لم نعرف له تصنيفا آخر حتى الآن، فهذه الكتابة هى خليط من التداعى الحر، والشعر، والشطح، ولن نستطيع، وربما لا نريد أن نميز بينها، ومن ذلك كتابة: الحلم يعاودها، و”مشاهد فى حكاية لا أفهمها”، وإن كانت كاتبة هذه الأخيرة هى مى صلاح عبد الصبور فنحن لم ننشر لها بهذه الصفة طبعا، وإنما نشرنا لها لأن ما كتبت يدخل تحت هذا النوع من أوسع أبوابه
7- أما باب الحوار فهو يتراجع فيكتفى بالرد على مقتطفات من الرسائل التى وصلتنا فى انتظار فتح باب الحوار بأوسع من ذلك ولعل الباب الجديد عن ندوات الجمعية يغطى هذا النقص لما يقدم من أكثر من صوت حول الموضوع الواحد.
8- فنبدأ فى هذا العدد نشر باب جديد يكاد يكون مستقلا ونسميه: من وحى ندوات التطور، وقد حاولنا أن نوجز مادار فى ندوتى نوفمبروديسمبر (كتاب أهل مصر: دراسة فى عبقرية البقاء الاستمرار- وفيلم: sister act ( حيث أثارت الأولى قضية احتمال تغير نوع تلقى مثل هذه الكتابات (إلى أحسن) وكذلك نبهت إلى كثير من التحفظات على النهج المعتمد تماما على قراءة الأرقام و الاستشهاد بالتوثيق، أما الندوة الثانية فقد دارت حول ” الفرحة والإيمان” ففتحت عددا من القضايا والتساؤلات قد تحتاج إلى زمن ليس قصيرا حتى يمكن أن نحيط بعضه كما ينبغي.
ونحن نأمل أن يتسع هذا الباب ليؤدى وظيفة متعددة الجوانب، نذكر بعضا من تصورنا إزاء ذلك: مثل التعريف بجانب آخر من نشاط الجمعية، وما ذا يتبقى من الحوار الذى يدور، وربما كان الأهم هو ماذا أثارت الندوة فى مشاركيها، وكنا نتصور أنه من المفيد أن نقدم الندوة بشكلها الحقيقي، لكن يبدو أن اختلاف وسيلة الحوار ووقته له متطلباته، فلا يمكن نقل المواجهة وجها لوجه بألفاظ على الورق مع الاحتفاظ بنفس الروح، لذلك رضينا أن تكون الإشارة تلخيصا أو استلهاما أو رؤية أو إضافة، ولعل ما حدث بالنسبة إلى ندوة أكتوبر التى دارت عن كتابة باكرة لهيجل هى كتاب “حياة يسوع”، ،، هو نموذج لاستلهام الندوة دون تسجيلها، فقد ألهمت المناقشات د. رمضان بسطاويسي” أن يقدم لنا ما أسماه “مسيرة الوعى وإيقاع الوجود” وهو يربط بتواضع متميز بين حركة الفكر ونبض الوعى فى فكر هيجل وبين ما يتبدى فى بعض مفكرين محليين فى الممارسة أو الكتابة، ولعل ذلك هو من أهم ما تصدر هذه المجلة (وتعقد الندوات) من أجله، وهو أن نمارس الوجود ثقافة ووعيا ومعلومات فى الفعل اليومي، وأن نجرؤ أن نقول – بعد الشكر – ونحن أيضا كذلك، أو على الأقل ونحن أيضا قادرون على الفكر الفعل اليومى “هكذا” …. الخ
9- وتظهر إضافة جديدة لقلم مغامر كانت هذه المجلة قد أتاحت له فرصة بادئة منذ عشر سنوات، فكتب عن نظرية المعرفة وهو بعد طالبا فى الجامعة، ثم ها هو يواصل تقليب فكره وفكرنا من مدخل أكثر تخصصا وأكثر عمقا وأكثر تعقيدا ،فهو يتناول فى بحثه محاولة جادة فى تحديث اللغة إذ هى جوهر الوجود حالة كونه إيمانا حيويا إلى آخر ما يربط الوجود باللغة بالكون الأعظم ربطا مغامرا، بما يحتاج للنظر والتعقيب والتطوير منه وممن يهمه الأمر.
10- ويعود باب مثل وموال للظهور فيقتطف من بحث كان قد ألقى فى البحرين عن دراسة مقارنة بين الأمثال العامية المصرية والأمثال العامية البحرينينة فيما يتعلق بالعلاقة بالموضوع (ثم بعد أن يلحقه فى العدد القادم ببقية الدراسة المقارنة حول العلاقة بالواقع) وهذه الدراسة سبق نشرها فى مجلة أكثر تخصصا فرأينا أن تكون فى متناول القارئ العادي.، وحين ندعو من خلال هذه العينة، ليس فقط إلى مزيد من الدراسات المقارنة التى نعد بأن تظهر تباعا فى هذا الباب ولكن إلى أن نستلهم وحدة عربية أخرى، ثقافية وفكرية ووجدانية، من واقع هذا الإيقاع الذى كان يتناغم عن بعد من خلال هذه الأمثال التى يؤلفها الوعى الشعبى دون وصاية أو مكافأة أو إلزام بالنشر.