مثل وموال
أولا: المثل
“إنصح أخوك من الصبح للظهر؟ إن ما تنصحشى غشه بقيت النهار”
ماذا يقول هذا المثل؟
هل ينهى عن النصح؟ هل يشجع على الغش؟ هل ينبه إلى أن النصائح ينبغى أن تكون فى حدود؟ فإذا كان الأمر كذلك، ألايكفى أن يكون التوقف عن النصح – بعد ما فشل – هو الإجراء الأنسب بدلا من أن “تغشه” بقية النهار؟
وهل يتفق هذا المثل مع ترجيح أن النصح والإرشاد، والنهى والتنبيه، لا يصلحون لمن يصر على “ما هو”، أو لمن لا يستطيع إلا أن يكون “كما هو” مصداقا للمثل الآخر الذى يقول “نهيتك ما انتهيت والطبع فيك غالب، وديل الكلب عمره ما ينعدل ولو علقت فيه قالب”؟
وفى محاولة الرد على كل هذه التساؤلات نقول:
أولا: إن الافراط فى النصيحة قد يحدث عكس المراد منه وكثيرا ما يأتى المريض (المدمن بالذات) مع أهله (والده بالذات) وكل ما يطلبه من الطبيب هو أن ينصح إبنه بكذا وكيت، وكثيرا ما يصبح الموقف أقرب إلى الهزل، لأن النصح بالنصح يتم أمام المريض (أو المدمن)، وقد تكون إجابة الطبيب، وأحيانا بنفس الهزل أنه: ما تنصحه أنت، ثم يستمر الحوار حتى ينتهى أحيانا بكتابة صريحة على الوصفة (الروشتة) أنه “ممنوع النصح والإرشاد”.
ثانيا: إن النصح يحتاج إلى مصداقية الناصح مثلما يحتاج إلى تحضير المنصوح لاستقبال النصيحة، وأخيرا فهو يحتاج إلى علاقة “مناسبة” بينهما، أما النصائح العشوائية، والصارخة، واللاطمة، والخطابية فهى إن لم تضر قد لا تنفع
ثالثا: إن كثيرامن الذين يمارسون هواية (لاعبادة) الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لا يضبطون جرعة النصائح ولا طريقة النصائح، ولا اختلاف متلقى النصائح رابعا: إن من العلامات الإيجابية التى تشير إلى احتمال نفع النصيحة أن تعطى لطالبها وليس أن تلقى هكذا على الطريق لغير أهلها، ولو أن تمييز أهلها من غير أهلها أمر صعب، يقول مثل آخر (وإن كان من أصل عربى /أردنى أساسا) إللى ما يشاورك ما تدله”، غير أنه فى بعض الأحيان يكون طلب المشورة مجرد تحصيل حاصل أو إبراء ذمة.
وفى السياسة يصل الأمر إلى أن تـطلب النصيحة والمشورة من المعارضة لإكمال الديكور اللازم للديمقراطية الزائفة.
خامسا: إن الكف عن النصح لمن لا ينتصح هو أول خطوات ضبط الجرعة، وهو أسلوب عاقل مهذب، وقد يصلح له مثل آخر (أردنى أيضا أساسا)يقول “اللى ما يسمع منك، أتركه عنك”، لكن لماذا تمادى المثل المصرى إلى هذا الموقف الحازم الذى يكاد أن يصل إلى حد القسوة ؟ نرجع ذلك إلى إحتمالات عديدة منها:
1- أن يكون مجرد الكف عن النصح، رغم رؤية الضرر المحتمل، هو “غش بالصمت”، وقد وصلنى بعض هذا وأنا أفسر موقف الأغلبية الصامتة فى مصر، وكأن لسان حالهم يقول للحكام : “آنفلقوا وادفعوا الثمن”. إلا أن هذا بدا لى تفسيرا ضعيفا.
2- أن يكون عدم قبول النصح هو إضرار بالناصح من المنصوح، وهذا أيضا فى حالة ما ينصح الابن أباه فى شأن من شئون الأسره، أو حين ينصح العامة الحاكم، وهنا يصبح العقاب وارد، ولكن على مبدأ انهيار المعبد على الجميع.
3- أن يكون الغش المأمور به فى المثل هو عقاب موقظ، بمعنى فض الاعتمادية، وإثارة التحدي، فالمغشوش (الذى لم ينتصح) يمكن أن يستشعر هذا المقف الساخر المتحدى فيعيد النظر فى النصيحة التى أهدرها
سادسا: إن من أسخف ما يـسدى من نصائح تلك التى تبدو من باب تحصيل الحاصل، أو تكرار أبسط قواعد السلوك، وكثيرا ما يتكرر ذلك فى برامج الأطفال، أو البرامج التى يقدمها السادة االمختصون فى الطب النفسى، أو علم النفس، أو التربية، من أمثال” ننصح الأم أن تحب أولادها (كذا؟) أو ننصح الطالب أن يذاكر دروسه، أو ننصح الجميع أن يفضلوا الخير على الشر، وسخف مثل هذه النصائح يتبدى حين تفترض أن عكسها محتمل، رغم ما يبدو أنه من الاستحالة – مثلا – أن ننصح الأم أن تكره ابنها، أو أن ننصح الطالب أن يهمل دروسه، فما لزوم هذا الكلام أصلا.
وعلى الرغم من أن هذا التعقيب ليس متعلقا بالمثل مباشرة، إلا أن ذكره هنا قد يكون مناسبا لتفسير: لماذا لا ينتصح المنصوح.
كذلك ينبغى النظر فى أسباب آخرى لعدم قبول النصيحة حين تكون ضد طبع متأصل (راجع مثل عدم انعدال ذيل الكلب) أو تكون النصيحة غير مناسبة مع المكسب الأكبر الذى يحققه المنصوح بعكسها، مثل أن تنصح الحاكم أن يتنازل عن الحكم…… الخ.
ثانيا: الموال
إعادة قراءة فى موال قديم، ومعارضته
الموال القديم (بلا تاريخ)
خسيس عــمـل مقبحة رايـــد بهـا عـندى
عملت انا الطيبة شوف فـرق دى من دي
والله ان كسيت الخسيس حرير مـن الهندى
ياكل فى خيرك وعند الناس يدم فيــــك
هلبت ([1]) يا عين بعد الشـــــــرد ما تنــــدى
(المعارضة) بعد كارثة الأقصر 1997
خسيس عمل مدبحـــة رايد بها عــاري
عملت أنا “مكلمه” عاللى جرى وجـــارى
والله ان مليت الــورق تفاسير وأشعاري
الناس ح تقرا- ان قرت – وخلاص، يـا عينى،
الحال كما كان وألـعـن و”انت مـش دارى”!!
لا تعليق
[1] – هلبت: كلمة عامية تعنى :الأرجح أنه: