ليلة الحلاوة
السيد زرد
حلت ضفيرتها. أعادت تمشيط شعرها. تأملت وجهها فى المرآة. نزعت شعيرات شذت عن خط الحاجبين. عبثت أناملها بأدوات زينتها. تأملت قوامها. مالت لليمين، ثم لليسار. انحنت. راقتها رجرجة الثدين. كشفت عن ساقيها مسـدت خصرها.
هذا الليل طويل. تجمع ساعاته دقائقه. تلملمها. تحصيها. لا ينقص منها شيء. وحدها، عليها أن تنفق هذه الليلة.
سافر الأبوان والإخوة الذكور، ولا مفر من أن تنفرد بنفسها لتواجه جسدها البكر، وسنوات عمرها الثلاثين.
فاجأها الغناء عن الحب والأشواق. كانت الجارة التى ارتحل زوجها، قد أطلقت صوت المسجل. لابد وأنها هى الأخرى أبهظتها الوحدة، وأثقل عليها الليل والجسد.
لكنها – بالأقل – لديها عزاء: أن رجلها سيعود، وعندها من الذكريات ما تسرى به عن نفسها، إذا نالت نصيبا من ملذات الجسد. إنما هى بم تتعزى؟ وكيف تتسرى؟! هى التى سمعت عن الحب، ولم تعشه. شهدت كل الأعراس، ولم تنل زوجا. نضج جسدها منذ أزمان، ولم يقدم أحد على قطف ثمراته.
مايزال الليل يراوح فى مكانه. وهى مائلة “البخت” مكسورة الجناح. يمزق روحها تأسف الأهل لحالها، ومصمصات الشفاه، لا يتيحون لها فرصة للتعايش مع عنوستها وارتضاء نصيبها، مثلما لم يتيحوا لها أية إمكانية للتمرد على أوضاعها.
أطلت من النافذة. أبصرت الجارة ترتدى ثوبا شفيفا، وتدلى نصف الصدر خارج الثوب والشرفة المواجهة. همت بالتراجع. أشارت الجارة بيدها المثقلة بالذهب، وتساءلت: أسافروا جميعا؟ أو مأت بانكسار. تفهمت الجارة، وأشارت أن تعالي. أبت، فقررت الأخرى المجيء.
انزعجت من حضور الأخرى فى هذا الوقت من الليل. فرحت، إذ عثرت على من تقاسمها ثقل الوقت.
على السرير المرتفع، جلستا تغزلان الحكايات. خيوط الكلام الصوفية كرت. لفت، ودارت، وانتهت دائما إلى الرجل: مبعث الشقاء والبهجة. ظل الله، وطفل الشيطان. تسرسب الكلام، حتى فاض وعاء الوجد والخوف والرغبة. اقترحت الأخري، وقامتا تنفذان.
خدر رفيق يسرى فى ذراعها، وهى تـقـلب السكر فى الماء المرفوع على الموقد. تصاعدت رائحة الليمون والسكر المذاب. أمسكت الأخرى بالعجينة تبـردها – بمرح – بين يديها، ووجهها يتوهج. تغلبت على خجلها، ومدت ذراعها. نشطت الأخرى تزيل الشعيرات النابتة من الذراعين. بين آن وآخر تربت على الصدر. تخبط على الكفل. تطلق صوتا “قبيحا”. مالت على الساق، تمنعت، وقد ارتفع وحبيب قلبها.
رفعت ثوبها أعلى الفخدين. شرعت الأخرى فى إزالة شعر الساقين، وتخففت – هى أيضا – من ثيابها.
ارتفعت حرارة جسديهما المتعرقين. إرتعاشة ما ألمت بهما. تضامتا بقوة، وأجهشتا بالبكاء.