رقصات تسبيح بترنيمات النفرى
تعليقات على مواقف الربع الثالث
د. إيهاب الخراط
أوقفنى فى نور وقال لى لا أقبضه ولا أبسطه ولا أطويه ولا أنشره ولا أخفيه ولا أظهره، وقال يا نور إنقبض وانبسط وانطو وانتشر واخف واظهر، فانقبض وإنبسط وانطوى وانتشر وخفى وظهر، ورأيت حقيقة لا أقبض وحقيقة يا نور انقبض.
وقال لى ليس أعطيك أكثر من هذه العبارة، فانصرفت فرأيت طلب رضاه معصيته، فقال لى أطعنى فإذا أطعتنى فما أطعتنى ولا أطاعنى أحد، فرأيت الوحدانية الحقيقية والقدرة الحقيقية.([1])
(1) موقف نور صــ 72
طلب رضاك هو معصية لله
طاعتك الحق نور يسبب ذاته، وتسببه أنت فى آن. طاعتك لا تكون طاعة
إن كانت طلبا لرضاك.
طاعتك لا سبب لها إلا أنت
ولا سبب لها حتى أنت.
***
فقال إن أسلمت ألحدت وإن طالبت أسلمت، فرأيته فعرفته ورأيت نفسى فعرفتها، فقال لى أفلحت، وإذا جئت إلى فلا يكن معك من هذا كل شىء.
(2) موقف بين يديه صـ 73
وهل أطالب إن لم أسلم لك؟
وهل أسلم إن لم ألحد؟
. . . . . .
المطالبة قوة التسليم
والتسليم رجل منتصب القامة واقف على صخرة الإلحاد وسط طين الميوعة وترهل بناء المتزمتين
أقف على الصخرة منتصبا.
فأراك فأعرفك فأعرفنى، ثم لا يكون معى شيء من هذا كله.
***
أوقفنى فى العظمة وقال لى لا يستحق أن يغضب غيرى، فلا تغضب أنت فإنك إن تغضب وأنا لا أغضب فإن غضبت أذللتك لأن العزة لى وحدي.
وأوقفنى فى الرحمانية فقال لا يستحق الرضا غيرى فلا ترضى أنت، فإنك إن رضيت محقتك، فرأيت كل شيء ينبت ويطول كما ينبت الزرع ويشرب الماء كما يشربه وطال حتى جاوز العرش.
موقف العظمة صـ 74
غضبى تسريب لنار النبات وعطش الشرب ورضاى توقف عن النبات حتى تجاوز العرش.
الغضب عبادة أوثان والرضا كذلك.
التوحيد هو العزة لك وحدك والرضا والمـلك.
أغضب فتذللنى وأرضى فتمحقنى فأنبت وأشرب وأنت الزارع والساقى والذى يـنمي.
***
وأدخل إلى بغير إذن فإنك إن إستأذنت حجبتك وإذا دخلت إلى فأخرج بغير إذن فإنك إن أستأذنت حبستك…
وأفرح فإنى لا أحب إلا الفرحان.
موقف التيه صـ 75
الاستئذان تردد وتصنع ورياء وارتداد إلى النفس.
الفرح فى الدخول والفرح فى الخروج دخول أطفال واثقين، أنضجتهم شدة الهوي.
الإيمان هو الفرح.
***
وقال لى جازف نفسك وإلا ما تفلح. وقال لى حسابك غلط والغلط لا يملك به صواب. وقال لى الحساب لا يصح إلا منى.
موقف الحجاب صـ 77
فى هذه الحياة لابد من المقامرة أو الرهان لأننا لا نعرف على وجه اليقين من نحن.
المغامرة قد يـفقد فيها الإتزان أو يسحق فيها التزمت. الإحجام أمان إنتظار الموت الجاثم الأكيد.
***
أوقفنى فى الثوب وقال لى إنك فى كل شيء لرائحة الثوب فى الثوب.
موقف الثوب صـ 78
مبغضين حتى الثوب المدنس من الجسد
***
وقال لى قل للمستوحش منى الوحشة منك أنا خير لك من كل شيء.
وقال لى يوم االموت يوم العرس ويوم الخلوة يوم الأنس.
موقف الثوب صـ 78
ساعة نهاية الغربة. بداية الحرية.بداية
انحلال القيد. معرفة الذات معرفتك الدخول للعرس. الإنتصار. الفرح. اللقاء مع السحاب.
وحشتها منى وغربتى عنها فى لا فيك
***
وقال لى إن شغلتك بدلالة الناس على فقد طردتك. وقال لى أنا وشيء لا نجتمع وأنت وشىء لا تجتمع.
موقف الثوب صـ 78
إن لم تطردنى دللتهم عليك بإنشغالى بك لا إنشغالى بهم. أطردنى فأدلهم عليك وأخذهم معى عودا إليك بدون استئذان منك. أصارع معك وأغلب. وأجتمع. تجلدى على الطرد تأهيل للعود.
أعود معهم فلا يكونوا معى بعد. بل معك.
وأكون أنا معك. لا شيء إلا أنت ولا شيء إلا أنا.
***
وقال لى إذا رأيت عدوى فقل له مصيبتك فى اعتراضك عليه أعظم من مصيبتى فى أخذك لي.
موقف الثوب صـ 79
رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء. رأيته عند قدمي. فشل فى أن يأخذنى وفشل حين أخذنى وفشل حين فقدني.
يحترق فى كبرياء العناد الغبى الهاديء. فى وهم أنه متميز وهو عادي. وأنا عادى أيضا أمامك وفى هذا نصرتي.
***
وقال لى أغريتك بى حيث لم أجعلك على ثقة من عمرك.
وقال لى أى عيش لك فى الدنيا بعد ظهوري… وقال لى حصل لك كل شيء فأين غناك. فاتك كل شيء فأين فقرك.
وقال لى أعذتك من النار فأين سكوتك وأظفرتك بالجنة فأين نعيمك.
وقال لى الجزء الذى يعرفنى لا يصلح على غيرى وقال لى ما بينى وبينك لا يـعلم فيـطلب.
موقف الثوب صـ 79
لا عيش لى فى الدنيا بعد ظهورك.
وهل كان لى عيش قبل ظهورك؟.
تحصيل الأشياء واقع لكن مخاتل، لا يـمسك، لا يشبع، لا يفيد، قبض الريح.
الفقر ساحق وبغيض لكن لا يؤذى ولا ينفع.
هى لا تضر ولا تفيد.
أنت لا تخاتل ولا تتملص ولا تعد بما لا تفى به.
ولا تنذر بما لا تنوى أن تتمم.
ذكرى أخص ما أظهرت وذكرى حجاب، وقال لى إذا بدوت لم تر من هذا كله شيئا.
موقف الوحدانية صـ 80
ذكرك إظهار
ذكرك حجبة
ظهورك يبدد الذكر
ومن يحتمل ظهورك
ومن يحتمل الذكر الخالى من الشوق لظهورك.
الذكر شوق والظهور تحقق.
والشوق أسهل إحتمالا من التحقق.
موقف الإختيار صـ 81
***
إذا رأيت النار فقع فيها ولا تهرب فإنك إن وقعت فيها إنطفت وإن هربت منها طلبتك وأحرقتك.
موقف الإختيار صـ 81
الخوف منها أقوى على من لسعتها.
أخوض الخوف مرتجفا متلفتا.
أقع فى النار ملسوعا. فهل أنا هارب؟ أما أنا محارب غير متراجع؟
وعرفت الدخول فيها وعرفت إنطفائها فى الدخول.
وقعت فيها فإنطفت.
فهل أنا واهم؟ أم إنى متجلد صابر؟
أم هى فعلا إنطفت؟
وهربت منها فما شعرت بها.
فهل لحقتنى وأنا غافل؟
أم هى متربصة بى ستلحقنى فى أواخر الطريق؟ أم هى ساكنة بردت؟
شرط المحبة الجسارة، شرع القلوب الوفية.
***
أوقفنى فى العهد وقال لى إطرح ذنبك على عفوى إلق حسنتك على فضلي.
موقف العهد صـ 83
أطرح ذنبى على عفوك لا على بري
ألقى حسنتك على فضلك لا على تقواي.
والعهد أن ينبت فضلك حسناتي
وأن يفنى ذنبى فى عفوك وحده.
العهد أنك تعطى وأننى أخذ.
***
وقال لى لا تيأس منى فلو جئت بالحرف كله سيئة كان عفوى أعظم.
وقال لى لا تجتريء على فلو جئت بالحرف كله حسنات كانت حجتى ألزم.
موقف عنده صـ 85
فى حجتك تظهر سوءات حسناتى
وتلزمنى بأن الحسنات لا تحسب هكذا.
وفى عفوك تخفى حجتك ذنبى عن كل عين.
***
وقال لى فضلى أعظم من الحرف الذى وجدت علمه، ومن الحرف الذى علمت علمه ومن الحرف الذى لم تجد علمه ومن الحرف الذى لم تعلم علمه.
موقف عند صـ 86
كبرياء الحرف هو فى الحرف الذى عرفته وفى الحرف الذى وجدته فقط. وفى الحرف الذى أطمع فيه وفى الحرف الذى أيأس من بلوغه وأعلم إنه يغوينى وينتظرني.
فضلك أعظم من كل الحرف وكل العلم. أسجد.
***
وقال لى من عرفنى فلا عيش له إلا فى معرفتى ومن رآنى فلا قوة له إلا فى رؤيتي
موقف صـ 87
ومن من لم يرك هل له قوة فى غير رؤيتك؟
له، وليس له.
ومن لم يعرفك هل يعيش فى غير معرفتك؟
يعيش ولا يعيش
العيش والقوة فى السؤال والسؤال يسلم للرؤية
ومن يرى لا يعود له عيش ولا قوة إلا فى الرؤية.
***
وقال لى إذا جاءك التأويل فقد جاءك حجابى الذى لا أنظر إليه ومقتى الذى لا أعطف عليه
موقف صـ 87
التأويل يجيء ومعه الحجاب والمقت، ثم يعبر وبعد ما يعبر تجيء أنت
أبحث عنه ويبحث عني
أبحث عنك وتبحث عني
عبثا أهرب منك أو أهرب منه.
التأويل الذى يجثم ويلصق
لعنة ومقت لا فكاك منه
التأويل الذى يعبر يؤذن بحضورك
التأويل حجابك الذى لا تنظر إليه
ومقتك الذى لا تعطف عليه.
ومن وراء الحجاب قدس الأقداس
وبدون الحجاب لا يكون القدس.
والقدس لا يرى إلا إذا رفـع الحجاب.
فأعطنى الحجاب فأرفعه.
وأعطنى الحجاب ثم شقه
من أعلى إلى أسفل.
وأدخلنى القدس من و راء الحجاب.
***
وقال لى إن عصيت النفس إلا من وجه لم تطعك من وجه.
موقف صـ 87
أمارة بالسؤ. وإن صلبتها مرارا وأنكرتها
ولا زلت من حيث لا أدرى أربت عليها لكى تصحو وإذا استيقظت أفزع من صحوها الشرس. إن طاوعتها فى وجه واحد سرعان ما تـخضعنى من كل وجه.
فضلك وحده يقيني. وخلاصي. سبيلى إلى عصيان كامل عليها من كل وجه.
***
وقال لى صاحب العلم إذا رأى صاحب المعرفة آمن ببداياته وكفر بنهاياته وصاحب المعرفة إذا رأى من رآنى كفر ببداياته ونهاياته وصاحب الرؤية يؤمن ببداية كل شيء ويؤمن بنهاية كل شيء فلا سترة عنده ولا كـفران عنده.
موقف المراتب صـ 88
أرقص عند سقوط الأستار
أهتف عند نهاية كل شيء
أتجاسر وراء الكفـران
أنا صاحب العلم وصاحب المعرفة
صاحب الرؤية وصاحب الكفران هو أنا وصاحب من وراء الأستار.
***
وقال لى العلم عمود لا يقله إلا المعرفة والمعرفة عمود لا يقله إلا المشاهدة.
وقال لى أول المشاهدة نفى الخاطر وأخرها نفى المعرفة
موقف المراتب صـ 88
العلم قائم على تحليل المعارف
والمعارف على التعبير عن الرؤي
والعلم يصارع المعرفة التى قام عليها لينفيها وهى تصارعه لكى تبقى عليه حيا.
***
أوقفنى فى السكينة وقال لى هى الوجد بى أثبت ما أثبت ومعا ما معا
موقف السكينة صـ 87
الوجد بك يثبت حضورك، وحضورك يثبت السكينة.
الوجد بك يمحو الزائلات. يثبت السكينة
يثبت دفق الفرح المتفجر. والفرح المتفجر
يثبت السكينة. ويمحو ما يمحو.
***
وقال لى السكينة أن تدخل إلى من الباب الذى جاءك منه تعرفي
وقال لى فتحت لكل عارف محق بابا إلى فلا أغلقه دونه فمنه يدخل ومنه يخرج وهو سكينته التى لا تفارقه.
موقف السكينة صـ 88
جعلت أمامك بابا مفتوحا لا يقدر أحد أن يغلقه
أنا هو الباب، تدخل وتخرج وتجد مرعي.
أدخل أقتنص سكينة وأخرج وهى معي.
ما وراء الحجاب يبقى حتى يفنى الحجاب، يبقى فى زخم السوي
يبقى سكينة حاضرة قريبة عند إحتدام الظلمة والغبار والضوضاء.
وصلصلة الآلات الصماء.
السكينة وراء الباب وراء الحجاب قائمة تمنح نفسها لسائليك وتمنع نفسها عن سائليها.
***
وقال لى أصحاب الأبواب هم أصحاب المعارف هم الذين يدخلونها بعلم منها ويخرجون منها بعلم منى
موقف السكينة صـ 88
علم الأبواب نعمة منك نتركها عند مدخل الحجال.
والعلم عنك نعمة نأخذها ونحن خارجين. نمسك بالعلم ونرخيه وإلا أمسك بنا وخدعنا
وقتلنا أو قتلنا به أنفسنا.
نمسك بك ولا نرخيك لأنك أنت أنت.
***
وقال لى إذا قصدت إلى الباب فاطرح للسوى من ورائك فإذا بلغت إليه فالق السكينة من ورائه وأدخل إلى لا بعلم فتجهل ولا بجهل فتخرج.
موقف السكينة صـ 89
إن بقيت مع السوى لم أبلغ إليك. ولم تبلغنى السكينة
وإن بقيت مع السكينة لم أبلغ إليك وفارقتنى السكينة
وإن بقيت مع العلم لم أبلغ إليك ويفوتنى الجهل.
وإن بقيت مع الجهل لم أبلغ إليك ويفوتنى العلم.
إن قصدت إليك أبلغ السكينة والجهل والعلم وأجدك.
***
وقال لى إذا قصدت إلى لقيك العلم فألقه إلى الحرف فهو فيه فإذا ألقيته جاءك الذكر فألقه إلى المعرفة فهو فيها، فإذا ألقيتها جاءك الحمد فألقه إلى الذكر فهو فيه فإذا ألقيته جاءك الحرف كله فألقه إلى الأسماء فهو فيها، فإذا ألقيته جاءتك الأسماء فألقها إلى الإسم فهى فيه فإذا ألقيتها جاءك الإسم فألقه إلى الذات فهو لها فإذا ألقيتها جاءك الإلقاء فألقه إلى الرؤية فهو من حكمها.
موقف السكينة صـ 89
***
أوقفنى بين يديه وقال لى إجعل الحرف وراءك وإلا ما تفلح وأخذك إليه. وقال لى الحرف حجاب وكلية الحرف حجاب وفرعية الحرف حجاب. وفال لى لا يعرفنى الحرف ولا ما فى الحرف ولا ما من الحرف ولا ما يدل عليه الحرف.
وقال لى المعنى الذى يخبر به الحرف حرف والطريق الذى الذى يهدى إليه حرف.
موقف بين يديه صـ 90
فرعية الحرف سجن أضيق من كليته وكليته سجن أضيق من طريقه..
الحرف حجاب لابد من شقه للدخول للأقداس وطريق الأقداس بعد الحجاب ويفنى وجه الحجاب
***
وقال لى تعرفى إليك بعبارة توطئة لتعرفى إليك بلا عبارة. وقال لى أنا تعرفت إليك بلا عبارة خاطبك الحجر والمدر.
موقف بين يديه صــ 91
***
وقال لى إن سكنت إلى العبارة نمت وإن نمت مت فلا بحياة ظفرت ولا على عبارة حصلت.
وقال لى الأفكار فى الحرف والخواطر. فى الأفكار وذكرى الخالص من وراء الحرف والأفكار وإسمى من وراء الذكر.
موقف بين يديه صــ 91
العبارة توطئة لتعرف بلا عبارة
والنوم توطئة للموت
الموت فقدان العبارة
والعبارة توطئة لتعرف بلا عبارة
وتعرف بلا عبارة حياة من بين الأموات.
وإن سكت أصحاب العبارة نطقت
وهتفت المدر والحجارة.
***
وقال لى أخرج من العلم الذى ضده الجهل، ولا تخرج من الجهل الذى ضده العلم تجدنى،
وقال لى أخرج من المعرفة التى ضدها النكرة،
تعرف فتستقر فيما تعرف فتثبت فيما تستقر فتشهد فيما تثبت فتتمكن فيما تشهد.
العلم الذى ضده الجهل علم الحرف والجهل الذى ضده العلم جهل الحرف فأخرج من الحرف تعلم علما لا ضد له وهو الربانى وتجهل جهلا لا ضد له وهو اليقين الحقيقي.
موقف بين يديه صــ 91
والعلم الصوفى أيضا مثله مثل علم الحرف. طقوس العلم كطقوس الدروشة حجاب.
واليقين بالجهل توطئة للعلم. العلم الذى ما فيه جهل ما فيه علم..
***
وقال لى إذا علمت علما لا ضد له وجهلت جهلا لا ضد له فلست من الأرض ولا من السماء.
وقال لى أعمال أهل الأرض الحرص والغفلة. فالحرص تعبدهم لنفوسهم والغفلة سكونهم إلى نفوسهم وقال لى أعمال أهل السماء الذكر والتعظيم. فالذكر تعبدهم لربهم والتعظيم سكونهم إلى ربهم.
موقف بين يديه صــ 91، صــ 92
أعمال أهل الأرض الطمع والبخل، أعمالهم الثقة فى أنفسهم وعدم الشك فيها.
وأعمال أهل السماء الدروشة والسكون.
والدروشة الثقة فى فعل العبادة والسكون الثقة فى فعل التعظيم. فلا تجعلنى من أهل الأرض ولا من أهل السماء.
إحفظنى مترددا بين الأرض والسماء، حتى أخلص من الحرص والغفلة ومن الدروشة والسكون إحفظنى بين الأرض والسماء حتى أدرك الجهل الذى فيه العلم والعلم الذى فيه الجهل. اليقين الذى فيه الحيرة. واليقين.
***
وقال لى العبادة حجاب دار وأنا من ورائه محتجب بوصف العزة، والتعظيم حجاب أدنى أنا من ورائه محتجب بوصف الغني.
وقال لى إذا جزت الحرف وقفت فى الرؤية، وقال لى لن تقف فى الرؤية حتى ترى حجابى رؤية ورؤيتى حجابا
موقف بين يديه صــ 92
والحرص حجاب يخفى عدوك. الغفلة حجاب يستتر ورائه الشيطان.
أهل الأرض واقفون بحجاب الشيطان
أهل السماء واقفون بحجاب الرحمن.
كل حجاب مخلوق لنمزقه ونرى من ورائه.
والرؤية فور حدوثها تتحول حجابا آخر.
حجاب موضوع لينتهك. ليغوى برؤية أوضح
وأنت فى القدس وراء الأحجبة.
***
وقال لى لن تلقى فى موتك إلا مالقيته فى حياتك.
وقال لى إعرض نفسك على لقائى كل يوم مرة أو مرتين، وألق ما بدا كله وألقنى وحدك. كذا أعلمك كيف تتأهب للقاء الحق.
الحياة الأبدية أن يعرفوك. من يعرفك الآن، يعرفك أبدا.
ومن لم يعرفك ، لم يعرفك
وأقم الصلاة، الصلاة أن أعرض نفسى للقائك
كل يوم مرة أو مرتين
الصلاة عبارة لمعرفتك. ومعرفتك عبارة لرؤيتك
ورؤيتك عبارة لما وراء الحجاب
وما وراء الحجاب يحفظ الليل والنهار.
***
وقال لى إحفظ نهارك أحفظ ليلك، إحفظ قلبك أحفظ همك، احفظ علمك، أحفظ عزمك
موقف من يديه صـ 93
أحفظ ما أرى تحفظ ما لا أرى، أحفظ ما أنوى تحفظ ما يطرأ، أحفظ ما أفكر فيه فتحفظ ما أقوى على صنعه
***
وقال لى إعرض نفسك على أدبار الصلوات
موقف بين يديه صــ 93
أنسى دائما أن أفعل هذا.
أعرض نفسى عليك ومعى الفرحة
أعرض نفسى عليك ومعى العزم
أعرض نفسى عليك ومعى الهم الجديد
***
وقال لى أتدرى كيف تلقانى وحدك، أن ترى هدايتى لك بفضلى لا أن ترى عملك وأن ترى عفوى لا أن ترى علمك
موقف بين يديه صــ93
بالنعمة الخلاص، بالرحمة دخول الأقداس وأما من لا يعمل ولكن يؤمن بالذى يبرر الفاجر فإيمانه يحسب له برا.
***
وقال لى إعلم وإجتهد وإعمل وإجتهد وإجتهد وإجتهد ، فإذا فرغت فألقه فى الماء آخذه بيدى وأثمره ببركتى وأزيد فيه كرمي
موقف بين يديه صــ 94
إجتهادى فضلك ، وعملى نعمتك وعلمى كشفك وعرقى ثمر تعبك، تراه فتفرح
فضلك وحدك لا شريك لك ولا أنا
بفضلك أقف أمامك كما أنا.
وأنت كما أنت .
ليس كمثلك شيء
***
وقال لى أحسن إلى كل أحد تنبه روحه على التعلق بى، وإحلم عن كل أحد تنبه عقله على استفتاح أمرى ونهى، وقال لى إذا رأيت القاسية قلوبهم فصف لهم رحمتى فإن أجابوك وإلا فإذكر عظيم سطوتى
موقف بين يديه صــ 94
عملى ذكر رحمتك هو فضل منك.
فضل على وعلى سامعى ذكر الرحمة.
وذكر سطوتك هو فضل منك على وعلى سامعى ذكر سطوتك.
إحسانى وحلمى وتنبه العقل وتنبه الروح والتعلق بك
أجتهد فأحسن أجتهد فأنبه وأجتهد فأرحم وأجتهد فاستفتح العقول وأجتهد فأرى القاسية قلوبهم وأذكر الرحمة فينتبهون أو أذكر السطوة فينتبهون هذا هو الوعظ الحق.
وكلامك هو بين جلدى وعظمى وبين نومى ويقظتي
***
وقال لى غلبت أنوار ذكرى على الذاكرين فأبصروا قدسى فكشف لهم قدسى عن عظمتى فعرفوا حقى فأسفرت لهم عظمتى عن عيانى فخشعوا لعزى فأخبرهم عزى بقربى وبعدى فأستيقنوا قربى فأجهلهم بى قربى فرسخوا فى معرفتي
موقف بين يديه صــ 95
الذاكرون تغلبهم أنوارك، تباغتهم، لا يفوزون بها بل تفوز هى بهم.
القدس يكشف عظمتك عيانا.
والعز يفرض الخشوع، الخشوع المصنوع ليس خشوعا العزة وحدها مبعثه
إستيقان قربك يثبت العطش لا يطفئه، يولد إدراك الجهل.
العطش يثبت الجهل والجهل يرسخ المعرفة.
***
وقال لى أنا المهيمن فلا تخفى على خافية.
وأنا العليم فكل خافية عندى بادية.
وقال لى أنا الحكيم فكل بادية جارية.
وأنا المحيط فكل جارية آتية.
موقف بين يديه صــ 95
أوقفنى فى قلوب العارفين وقال لى قل للعارفين إن رجعتم تسألونى عن معرفتى فما عرفتمونى، وإن رميتم القرار على ما عرفتم فما أنتم في.
***
موقف قلوب العارفين صــ 97
معرفتك تنزع القرار باضطراب الشوق ثانية.
عدوك يغوينى بالرضا عما عرفته منك والقرار فيه.
القلق علامة معرفتك الدائمة.
***
وقال لى قل لقلوب العارفين من أكل فى المعرفة ونام فى المعرفة ثبت فيما عرف.
موقف قلوب العارفين صــ 99
بارك وكسر وأكل
أنام وأنا بعد معك
من يأكل فلك يأكل ويشكر
ومن لا يأكل فلك لا يأكل ويشكر
***
وقال لى سبح الأبد وهو وصف من أوصافى فخلقت من تسبيحه الليل والنهار وجعلتهما سترين ممدودين على الأبصار والأفكار وعلى الأفئدة والأسرار وقال لى الليل والنهار ستران ممدودان على جميع من خلقت وقد إصطفيتك فرفعت السترين لترانى وقد رأيتنى فقف فى مقامك بين يدى قف فى رؤيتى وإلا إختطفك كل كون.
موقف عهده صــ103
سبح الأبد. سبح فقط، ذكر جمالك ومدح.
فخرج من بطن الأبد دوران عجلة الزمن.
الأبد وصف من أوصافك وخروج الليل والنهار ظل من ظلال الأبد.
أنت وراءه وإخترتنى لأقف وراء الليل والنهار ولأقف فى حضرة الأبدية فى ظل جناحيك.
***
وقال لى مقام الولى بينى وبين كل شيء فليس بينى وبينه حجاب.
وقال لى سميت ولى ولى لأن قلبه يلينى دون كل شيء فهو بيتى الذى فيه أتكلم.
***
وقال لى إما أن تدعونى فأتيك وإما أن أدعوك فتأتيني.
موقف أدب الأولياء صــ 105
صديقك
وأدب الصداقة أن يناديك وإن لم يناديك ناديته وإن تأخر نداؤك نادك.
صديقك
وأدب الصداقة أن يكون قلبه بيتك
وقلبك بيته
صديقك
وأدب الصداقة أن كل الأشياء تلى الصديق وهو معك وأنت معه.
معك وأنت معي.
[1] المقتطفات بالبنط الأسود من كتاب المواقف والمخاطبات، محمد إبن عبد الجبار لابن الحسن النفرى، تحقيق أرثر أربرى، مكتبة لالمتنبى القاهرة 1935.