إستفسارات ومشاكل
عن العلاقة بين الأجيال والاكتئآب والتنشئة الدينية
من: أ. ح. ع. ح. من الشرقية – مركز فاقوس
السن: 27 سنة المؤهل: ليسانس فى اللغة العربية والعلوم الاسلامية
الحالة الاجتماعية: أعزب المهنة: لا يعمل حتى الآن
أود الاستفسار من سيادتكم عن بعض ما يشغلنى:
أولا: ما هى العلاقة السليمة بين الجيل الحالى من الشباب والجيل الماضي؟
ثانيا: مشكلة الاكتئاب هل هى فى الوقت الحالى تعتبر ظاهرة مرضية منتشرة أم حالة عارضة.
وما هو الاكتئاب وأعراضه الحقيقية؟
ثالثا: كيف يمكن تنشئة الشباب تنشئة دينية صحيحة؟
الرد
أولا: العلاقة بين الأجيال علاقة متعددة الأبعاد، وهناك دائما فجوة حقيقية بين الأجيال، والفجوة لا تعنى انفصالا حاسما أو متزايدا، لكنها تنبه إلى المسافة والجهد المطلوب من الجانبين،
لكن بالنسبة لأحوالنا الراهنة، وفى مصر بالذات تبدو لى الأمور ذات خصوصية تحتاج إلى تنبيه : فمثلا :
1 – الجيل الجديد يبدو لى أكثر كهولة وتزمتا من الجيل القديم ( مع أن العكس هو المتوقع أو المفروض)
2 – الجيل الجديد يبدو لى أقل إتقانا وعنادا، مع أن الثورة التى تصف الشباب لا بد أن تتسلح بالإصرار والمثابرة
3 – الجيل الجديد أقل حبا للمغامرة والاكتشاف، يريد كل شيء معرفا ومعروفا من قبل، فى حين أن الشباب لا يكون شبابا إلا إذا كان مستطلعا مغامرا مستكشفا مندهشا
أما ملاحظاتى عن الجيل القديم الحالى فى مصر فهى كما يلى:
1 – الجيل القديم أقل حسما وحضورا، بمعنى أن موقفه مهزوز متذبذب، مع أن المتوقع أن يكون صارما حازما
2 – الجيل القديم أقل حوارا مع بعضه البعض، ومع الجيل الأصغر إذا قورن بالجيل الأقدم آباء الأربعينات والخمسينيات.
3 – الجيل القديم أسرع يأسا وانسحابا، مع أن موقفه الناقد للشباب يحتم عليه أن يقدم البديل فى شكل قدوة مسئولة عن الحياة استمرارا وتقدما وإتقانا وإنتاجا
خلاصة القول: إن العلاقة السليمة بين الأجيال تبدأ من رؤية الواقع، وتعديل المواقف، وترتيب الأوراق والتعاون والحوار لصنع حياة أفضل هى مسئولية كل الأجيال.
ثانيا: لا بد أن نفرق بين الحزن، وهو روعة الوجود البشرى الواعى بألام البشر المشارك فى إدراك حقيقة التحدى واحتمالات الإحباط وصعوبة العدل، نفرق بينه وبين ما يسمى الاكتئآب وهو الشعور بالعجز والانهباط والدونية والملل واليأس والتوقف والإعاقة.
وعلى كل لا يسمى أى شعور مرضا إلا إذا أعاق صاحبه عن الإنجاز، وعن التكيف، وعن الاستمرار.
ثالثا: الشباب المصرى خاصة متدين بفطرته، ولا بد أن نقدم له الدين من مدخل صحيح، فالدين ابتداء سلوك تحدده عبادات أساسية، ثم هو قبل ذلك علاقة الشاب (الإنسان) بربه، بمعنى أن يكون الله معه فى السر والعلن، وأن يكون الحوار بين العبد وربه متصلا دائما أبدا، ثم هو بعد ذلك علاقة سليمة مع الناس، وبالناس
محاولة لاستغلال الانفعال الدينى لتنمية التعصب، أو إشعال الفتنة أو قهر الفكر، هى ضد الشباب وضد الدين على حد سواء.
برقيات أسئلة، وأجوبة برقية
يسأل / ……
(1) لماذا أجد نفسى سلبيا فى غالبية الأحيان
(2) لماذا لا أريد أن أتخذ قرارا وكيف يمكن أن أتخذ قرارا؟
(3) لماذا أشعر بأننى مضطهد وأسعى لأرضاء الآخرين؟
(4) لماذا لا أحس بالرضا عن نفسى حتى لو حققت بعض النجاحات ولكنها لا ترضيني
(5) لماذا يمكن أن أشكو إليك بعض الأشياء فتستنتج أحكاما معينة لكنى قد أكون لا أقول الحقيقة فتصل لشىء مخطىء؟
الرد
(1) لأنك تجد نفسك إيجابيا فى أحيان أخري، والإنسان السوى لا بد أن يقبل سلبيته بقدر ما يقبل إيجابيته،
(2) لأنك – فى الأغلب- غير مضطر لاتخاذ هذا القرار الذى تقف أمامه مكتوفا، فكلما كان الأمر حادا وملزما كان القرار سريعا وحاسما مثلما يحدث فى الحرب مثلا.
أما كيف يكون اتخاذ القرار، فهذا يعتمد على درجة المعلومات التى تحصل عليها عن الموضوع، ثم على قدرتك على الاختيار، وعلى ترك ما لم تقرر فى نفس الوقت، وأخيرا على استعدادك لتحمل مسئولية قرارك
(3) أما أنك مضطهد فلا، (فوت دي) ،هذا ما بلغنى من مجمل خطابك، ربما تشعر أنك لا تأخذ حقك كما ينبغي، وقد يرجع هذا إلى ترددك،
أما سعيك لإرضاء الآخرين، فربما تتصور أنك بذلك تتجنب أذاهم (أو اضطهادهم) ، وليس عندى اعتراض، ولكن خل بالك، لا تتمادى وإلا سوف تكره نفاقك دون أن تحصل على رضاهم
(4) لأنك طموح، وتريد أن تستمر فى مزيد من النجاحات، لكننى أذكرك أنك لكى تستمر لا بد أن تتمتع بنجاحك دون غرور، ودون توقف فى نفس الوقت
(5) والله عندك حق، وأنا لا أعرف ردا على ذلك، أنا أصدقك يا أخى ، فإذا لم تكن كذلك فالمسئولية عليك .
(6) على الدور أسألك أنا :
لماذا لم تذكر إسمك ؟؟ شكرا، لا أريد إجابة لكننى أداعبك
تراوح المشاعر
يكتب / ى.ع.ع.ع ، من الشرقية بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* أتمنى استشارة سيادتكم فى موضوع يقلقنى بعض الشيء الموضوع هو:
* أنه تنتابنى فى بعض الأوقات حالة ضيق نفسى ولا أطيق التحدث مع أحد وذلك الضيق لا إرادى لدرجة أنه إذا حدث أمامى موقف مضحك لا أضحك، وهذه الحالة تظل معى حوالى أربعة أيام.، وفى بعض الأحيان أحس أننى فى قمة السعادة وفرح وسعيد جدا وذلك بلا أى أسباب وكل هذه المواقف أحس بها أنا فقط ولا أحد يلاحظ على شيء منها.
فأريد رأى حضرتك وتفسير هذه الحالة
الرد
أشكرك يا بنى ، وأشعر برقتك من خلال سطورك ثم اسمح لى أن أحترم عدم مغالاتك فى وصف مشاعرك، فأنت تشعر ببعض الضيق ‘ فى بعض الأوقات’ ، أليس هذا هو الأمر الطبيعي؟ أليس من حقنا جميعا أن نشعر ببعض الضيق أحيانا ؟ أم أن علينا أن نتحزم ونرقص طول الوقت؟ ثم هذا الضحك الذى يجرى أمامنا فلا نشارك فيه : ألست معى أن كثيرا من الضحك قد لا يكون إلا تهريجا سخيفا ؟ أم أن علينا أن نشارك فى دغدغة مشاعرنا طول الوقت رغم قسوة الحياة وآلام الناس؟
ثم أنت تحكى عن حالات رائعة من السعادة التلقائية، دون سبب، وأظن أن هذا هو الوجه الآخر للوجود الإنسانى الحى.
نحن من حقنا أن نفرح بلا سبب وبلا تهريج بقدر ما هو من حقنا أن نصمت ونتأمل.
إن الإنسان قد تعود مؤخرا أن يجد سببا لكل شيء، فإن لم يجد ألف سببا زائفا، مع أن كثيرا من الأسباب غير معروفة، ووظيفة العلم والكشف هو أن نزيد من مساحة معرفة الأسباب قليلا قليلا، لكن سيظل المجهول أكثر كثيرا.
يا صديق : إن من حقنا أن نفرح لأننا نعيش، ولأن الشمس تطلع، ولأن للورد رائحة، ولأن الله موجود، ورحمن ورحيم
ومن حقنا أن نحزن وتضيق بنا الدنيا لأن الأطفال لا يأخذون حقهم، والظلم ما زال قائما، والفرص قليلة، والحياة قصيرة، والسرطان ليس له علاج، وأعداد الناس تزيد أكثر من المساحات التى نزرعها قمحا
ما رأيك ؟ ومع ذلك فأنا مازلت متمسكا بحقك وحقى أن نحزن ونفرح دون سبب، ودون أن يسمى ذلك مرضا.
ربنا معنا.
إحباط واضح، و حلم مناسب !!
يكتب/ أ. م. م.، مساكن الاميرية بعد التحية :
إحدى قريباتى تخرجت منذ عدة أعوام فى كلية الأداب – قسم لغة إنجليزية وعملت بالتدريس فترة من الوقت، ثم تركته لعدم الرغبة فى استكمال هذا العمل- الذى لا ترغبه – ثم بحثت عن عدة أعمال ووظائف أخرى بالفعل تقدمت للإمتحان فى تلك الوظائف ولم توفق بسبب تفشى ظاهرة الواسطة فى معظم الوظائف الخالية المعلن عنها، وذلك على الرغم من إجادتها لتخصصها بالإضافة إلى دراستها لبعض العلوم التطبيقية الأخرى فى دورات حرة، ثم شعرت بضيق وحالة أشبه بالإشفاق على النفس مع عدم القدرة على تحقيق ما تصبو إليه، ثم فى الفترة الأخيرة، منذ حوالى عام أو أكثر هى أحيانا تحلم بأحلام كثيرة مختلفة فى الأحداث ولكنها متشابهة فى المضمون وهى كأنها فى مأزق ما ولا تستطيع الخروج منها وقبل حدوث أى موقف شديد فى الحلم – تستيقظ وهى تتذكر الحلم وهى غاضبة كأن تحلم مثلا كان هناك امتحان فى الكلية وهى لم تستعد له إطلاقا والكل هناك على أتم استعداد له وتكون هى فى صراع نفسى كبير، وتستيقظ قبل رسوبها – مثلا – وهكذا، مع العلم بأنها كانت على مستوى جيد فى دراستها منذ البداية ولم ترسب سوى عام واحد فى بداية سنوات الجامعة، فأرجو من سيادتكم توضيح هل هناك علاقة بين تلك الأحلام التى تتكرر وبين عدم تحقيق ما تريده فى حياتها العملية؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرد
دعنى أمازحك ابتداء مزاحا كأنه الجد، فقد تصورت أنك هى ، أو أنك تقمصت قريبتك لدرجة كبيرة ومفيدة، ؟ ولكن ما لى أنا، الرد واحد والفائدة المرجوة ممكنة فأشكرك
لكننى لما شككت فى انتحال الشخصية وجدت أيضا أن الخطاب شديد الترتيب والمباشرة، السبب واضح، والحلم يفسر نفسه، والتفسير أنت أوردته بشكل مباشر فما ذا تريد مني؟
دعنى أنتهز الفرصة لأقول لك إن مثل هذا الربط بين الإحباط فى الواقع وبين الأحلام التى تشير إلى الإحباط ليس مألوفا فى الأحلام، وكثيرا ما تكون أحلام الرسوب فى الامتحان، أو أحلام عدم اللحاق بالقطار أحلاما متكررة، دون وجود إحباط حقيقى فى عالم الواقع كما هو الحال مع قريبتك، و فى هذه الحال قد يحتاج الأمر إلى جهد خاص للبحث عن تفسير
وأذكرك أيضا أن تفسير الأحلام لم يعد له نفس الأهمية التى شاعت عنها منذ فترة طويلة
وأخيرا أبلغك أسفى أن تترك قريبتك هذه مهنة التدريس، فنحن فى أشد الحاجة إلى مدرسين ومدرسات لهم من الإصرار والطموح والرقة مثلما ما شعرت أنه عندك وعند قريتك، لقد خسر أولادنا إنسانة فاضلة، ومدرسة ذكية،
ما رأيك لو تقنعها بالعودة للتدريس ؟