مصداقية
مازن صفوت محمد
تستيقظ عندما تشعر بنغز يجتاح عمودك الفقري، تستدعى حلم الأمس، رجال كثيرون يطاردونك وسلاحك آلة معطلة.
يعلن المذياع عن صباح يوم آخر من الحظر، تنهار كل خططك الصباحية، تقابلك الثلاجة بفراغ برودتها، تلجأ إلى جارك الذى لا يملك سوى القهوة.
يواجهك بأنك صدقت كل شيء، ماذا يظنك سوى رجل مخدوع؟
تدير قرص الهاتف لتسمع منها آلو، بعدها تغلقه لتمتد داخلك وشوشة الكلمة.
أما زلت تبعثر أيامها على ضفيرتين مقيدتين؟ ولا تدرك فشل الشرائط الحمراء فى إيقاف الزمن.
وأنت هل ستظل تضفر لها أيامك وتخلط عصارة ماضيك مع مشروبها الصباحي؟
وهل هذا كاف لتستدرجها إلى زمن الكوليرا؟
.. عليك أن تخبرها بأنك تخيلتها فتاتك فى كل حكاياك عن البحر، وأنها بطلة أحببتها فى إحدى روايات ساراماجو، وعليك أن تزخرف عينيك بتلك النظرات، فهى تعلم بأنك لم تحلم يوما بأن تكون محطم قلوب أو داعرا فى إحدى المسلسلات الأمريكية، أو صيدا لإمرأة تمتطى البودرة.
يدنو تراشق الرصاص إلى أذنيك بينما تثير صرخات العربات الطبية أحزانك القديمة.
تشعل سيجارة فيلتقى دخانها بخلاء معدتك، يخرج سائل كثيف من فمك تبحث عن الإحمرار فيه.
تخرج سلاحك القديم، تفكك الصدى المتجمع حوله، تحاول تذكر قاعدة التنشين مع إدراكك بأنك لم تستنشق البارود منذ أسفل منتصف عمرك.
وإلى أى جهة تنوى الانضمام أيها المحارب الصلد؟ .. عساك تكرر انتقاضة الويليام والاس، أو حروب الكولونيل أوريليانو الخاسرة، ولماذا لا تصدق بأن الكل باطل؟
تتعرى وتفاضل بين اختراق المخ أو ثقب القلب، حين يفاجئك رنين متصل، تنتصب متدثرا بعريك.. لعلى أكون شيطانك ولكنى أفتقد وسوسة تلك اللحظات.