اليأس والجنس والانتحار
قراءة فى رواية ألبرتومورافيا “1934”: فى ندوة ثقافية
آثار نقدية، علــقت بوعيى
إيهاب الخراط
ناقشت الندوة الشهرية لجمعية الطب النفسى التطورى هذا العمل فى شهر يوليو 1989، وليست هذه القراءة تقريرا عن هذه المناقشة ولا هى تلخيص لما دار فيها، بل ربما كانت بعض ما بقى فى وعيى مما أثاره هذا الكتاب الجذاب – الخفيف المفزع – العميق فى آن، وما أثاره التقديم الجيد للدكتور رائع رفعت والأستاذ يوسف عزب، وما تلاه من حوار.
السهل الممتنع:
بطل الرواية الذى يتكلم بصيغة الرواى أيضا (لوسيو الكاتب الإيطالى الشاب) يطارد فى مغامرة عاطفية فى مصيف كابرى الجميل الزوجة الألمانية الشابة الجميلة (بيت) لرجل ألمانى نازى متقدم عنها كثيرا فى السن (موللر) فى صيف عام 1934، ومن خلال هذا الثلاثى التقليدى (الزوج، الزوجة، والعشيق) نرى علاقات غير تقليدية إطلاقا (وإن كنت تشعر أنها أكثر واقعية من قصص الغرام المعتادة) ونرى الكر والفر العاطفيين يتمان من خلال مواضيع غير تقليدية مثل اليأس والفلسفة والسياسة. والعشيقان لا يتبادلان الزهور ورسائل الغرام لكن نظرات صامتة ورسائل فلسفية مكتوبة مثل زرادشت نيتشه، أوسوداوية رومانسية كرسائل كلايست الأخيرة” ومع ذلك فكل هذه الأمور الثقيلة لا تفسد سرعة إيقاع ولا إثارة المطاردة شبه البوليسية.
طبقات اليأس:
يأس الراوى لم ينشأ بسبب النظام الفاشستى القمعى الذى يمقته ويضطر أن يتعايش معه عام 1934 بإيطاليا، بل هو يأس مستقر من حيث لا يوجد له سبب واضح يزول بزواله، وفى الوقت ذاته فإن صاحبه يسعى لترسيخه بمعنى أن يجرده من كل إمكانية قد تدفعه إلى الانتحار.
ويأس بيت على النقيض من ذلك، محموم وحار ومضطرب ويسعى للانتحار بهدوء وحنكة. ونرى من خلال الرواية التى هى أساسا حوار بين هذين القطبين أشكالا وألوانا من اليأس.
1- اليأس الكامل – اليأس المتشائم واليأس المتناقض أو المتفاعل:
النوع الراسخ من اليأس لا يأمل فى أى تغيير وبالتالى لا يجد أى لزوم للانتحار وهو لذلك يصلح “كمبرر” (لاحظ المفارقة) للحياة.
فيأس كلايست، الشاعر الألمانى المنتحر، مختلف عن يأس لوسيو (وربما هو نفسه يأس مورافيا الكاتب) فيقول لوسيو: “لا نخمن فى كل خطابات كلايست أنه يعيش لأنه لم يعد لديه الأمل فى أى شيء، لا بالنسبة إليه فحسب، وإنما بالنسبة لوطنه. ومع ذلك فإنه لم يستبعد أن يعود الأمل يوما ما بعد موته. وكان انتحاره إذن انتحار صبر نافذ”. يأس كلايست إذن بمعنى من المعانى هو يأس متفائل. يختلط الأمل باليأس، فيظن اليائس أنه إذا انتحر فلا بد أن يتحسن الوضع بصورة ما، وعندئذ فقط، تصبح فكرة الانتحار ملحة.
والخبرة الطبنفسية، تشير إلى أن اليأس الأقرب إلى الانتحار ليس هو شديد اليأس بقدر ما هو اليائس المتهيج أو المندفع Agitated or impulsive. فاليأس وحده لا يؤدى بالضرورة إلى الانتحار، ولكن الاحتكاك بين اليأس وغيره (الأمل، التهيج، النزوة .. إلخ) قد يؤدى إلى ذلك.
ويصف لوسيو هذا ” ومن جديد أحسست كما فى أسوأ أيامي، أننى مستعد أن أقتل نفسي، ولكن هذه المرة ليس بسبب الافتقار إلى الأمل، وإنما بسبب أمل كبير لا نعرف ماذا يفعل بالحكمة المريرة لإنسان يائس..”.
2- اليأس دفاع ضد الموت:
حينما لا نتوقع شيئا على الإطلاق، ويكون الفوز بأى شيء مكسبا. وحينما نتوقع أسوأ الأشياء، يصير الوضع محتملا جدا. وهذا النوع من اليأس الدفاعى منتشر جدا كواحد من الدفاعات النفسية الجيدة (الناجحة؟) وهو أكثر استئناسا وأقل خطورة من النوع السابق وأكثر سطحية أيضا (وهو من الدفاعات المفضلة عندى شخصيا – كاتب هذه الكلمات). ونجد شابيرو الشيخ الثرى العصامى فى لقائه بالبطل قبل آخر الرواية : “يقول فى حكمة، كرجل يريد أن يتخلص من مشكلة مزعجة لكى ينتقل إلى موضوع آخر: طالما هناك يأس فهناك حياة. والمشاكل تبدأ مع الأمل، ألا تعرف حكمة بلدك التى تقول: من يعش بالأمل يمت يائسا”.
3- اليأس المؤقت فى مقابل اليأس الدائم:
ويصف الراوى يأسه من رؤية فتاته، فى مرحلة من مراحل المطاردة الغرامية، بأنه “يأس مؤقت أكد كل يأسى الدائم”، بينما فى موقف آخر يصف قراره بأن يتوقف عن البحث عنها بأنه “يتضاعف يأسى الأصلى بيأس آخر طاريء”.
4- اليأس الميتافيزيقى فى مقابل اليأس الاجتماعى الشخصي:
موقف (بيت) اليائس من القمع النازى ومن علاقتها الشاذة بزوجها (وسنذكر هذه العلاقة تفصيلا فيما سيلي) يجعلها “يائسة لأسباب أخلاقية وربما سياسية. زوج مرعوبة منه لأن يديه ملوثتان بالدم، ومجتمع يخيفها هو الآخر لأنه دموى وقائم على الدم. أما أنا فعلى العكس، كنت أعرف أن يأسي، إذا جاز لى القول، يأس ميتافيزيقي، فمهما كان الموقف السياسى والاجتماعى حولى فقد كنت واثقا بأنى يائس بكل تأكيد”.
اليأس أرض اللقاء:
كان ما يجذب بطل الرواية (لوسيو) إلى بطلتها (بيت) هو يأسها العميق فى عينيها أكثر من جمالها. ولذلك لم يعبأ بأختها التوأم (ترود) المرحة المقبلة على الحياة، “الطبيعية الممتلئة صحة” ولم تشده ترود إلا بالقدر الذى استطاعت فيه تقليد يأس بيت. وهذا اليأس – اللقاء هو محور أساس فى قصة بطلاها يائسين.
ولكن الكاتب يكشف لنا عن وجه آخر لليأس فى جملة عابرة يقول “لكننى رأيت فى عينيها هذه المرة أن حنانها العادى قد تضاعف بسبب يأسها الحالي”. هنا نرى اليأس المسبب للعزلة وقد صار سببا للحنان. وهذا أمر بديهى جدا لا نلاحظه عادة.
الحب الناقص أبدا … والجنس المبتور أبدا:
تحفل هذه الرواية الغرامية (من وجهة نظر ما) بالحكايات والعلاقات العاطفية، ويتناول الكاتب الأبعاد الجنسية لهذه العلاقات بلغة جريئة وتناول مفتوح. وهو رغم عدم تعمده مخاطبة الغرائز مباشرة، لا يحرص أقل حرص على عدم مخاطبتها.
وإن كنا نرى فى اليأس المعروض فى الرواية أقطابا على محاور متعددة. فيبدو الجنس متحركا فى اتجاه واحد. حب ناقص وجنس مشوه أو مبتور. فهذه علاقة لوسيو ببيت القائمة على نظرات يائسة متبادلة ثم نرى سونيا الروسية الدميمة الشبقة التى تستأجر الرجال، والزوج الألمانى السادى بشكل مغتصب وفاضح وشاذ فى آن.
عينات من الحب المحبط الذى تحفل به هذه الرواية.
بيت اليائسة (ولوسيو):
رغم الإيحاء الأول بأن المكتئب لا صلة له بالملذات الحسية ونرى هذا واضحا فى عزوف بيت عن الطعام، إلا أن الجنس عندها حاضر وقوي، حتى أن الراوى فى أثناء ملاحقته لها يقول: “وقعت معجزة فإن مدام موللر رفعت يدا، وفى بطء وفى شيء من الأناقة، خلعت نظارتها. كان انطباعى الأول هو مشاهدة فعل فاجر استعراضى مثير كله خبث” ثم نسمع عنها أيضا هذا الحوار:
-“ما كانت بيت تريدنى أن ألاطفها.
- هل أنت واثق؟ .. الأرواح الجميلة التى من نوع بيت لها شهية كبيرة”.
ويبدو أن هذه الشهية الكبيرة مختلطة باليأس الذى هو وجهها الآخر، كان لها دور كبير فى تخطيط مشهد الانتحار بعد ممارسة الجنس، وهو ما فهمته بيت من مقولة نيتشه التى غازلها بها لوسيو: “ولكن كل لذة تريد الخلود… الخلود الغامض المتعذر سبره”.
على أن بيت لم تكن تحفل بلوسيو بقدر ما كانت تحفل بالفعل الانتحارى النهائي.
“ترود” والنزق الفاجر غير الجنسى فى النهاية:
بعد منتصف القصة يسلمنا الكاتب لترود التى هى توأم بيت (كما يخبرنا فى البداية) فى حين هى نقيضها فى المرح والشراهة للطعام والنزق الفاجر والجراءة التى لا تحفل بأن تكون رخيصة. وفى حين تتصف هى بكل ذلك (أو ربما لأنها تتصف بكل ذلك) نجدها لا تدخل فى أى علاقة مشبعة وتكتفى فى النهاية بممارسة العادة السرية فى تقارب (؟) مع لوسيو.
الجنس الحيوانى والزواج الطاهر عند لوسيو:
يخبرنا لوسيو أن اللذة الحيوانية هى التى تدفعه إلى عدم الانتحار أما كل ما هو إنسانى فيه فيدفعه إلى اليأس والانتحار. ونجده يقول بعد أن فوجيء باشتهائه لبيت: “غريزتى الحيوانية بالذات، التى كان يجب أن تحملنى على رفض الانتحار المزدوج كانت تدفعنى إلى قبر له، مضيفة إليه الرغبة العاشقة” ثم خطوة أخرى يحل بها هذا المأزق ويحاول مغامرا أن يرسخ مرة ثانية فيقول مفصحا عن الحلم الذى يحركه فى مطاردته وحبه لبيت فيخبرنا بأنه الزواج المستقر فى النور البارد والنفى لليأس الكامل. هى تدعوه إلى الانتحار فورا وهو يدعوها لذلك الاستقرار الزواجى اليائس.
المرأة الروسية الثورية القديمة:
ويعرفنا لوسيو فى بداية الرواية بامرأة روسية جذابة من بعيد ( أو من الخلف على وجه الدقه) ولكنها دميمة الوجه ومتقدمة فى السن، وتشكل اللقاءات الثلاثة مع هذه المرأة (سونيا) خلفية أخرى للرواية كلها.
سونيا بعد يأسها القاسى الذى أدى لانتحار روحى بسبب فجيعتها فى أفنو الثورى مثلها الأعلى فى شبابها الذى استغلها جنسيا فى علاقة قوية وشوهاء، نجدها بعد انتحارها الروحى وقبولها لدور خادمة البورجوازية الهاربة من وطنها ومن ثوريتها، تقوم بممارسة الحب مع عابرى السبيل بشهية كبيرة مرضية كل نزواتهم (بما فيهم لوسيو نفسه) عن طيب خاطر يعكس فى النهاية موتا روحيا عميقا وباردا. فالجنس النهم هنا هو تعبير عن موت ما بعد الانتحار.
الزوج الألمانى الفاشستي:
وموللر يحب بيت زوجته فى حين أنها لا تسمح له بالممارسة الزوجية ولكن تقبل أن يصورها عارية تماما فى البحر بكاميرته أمام عشيقها المختفى الذى تعرف ويعرف هو أنه يتلصص النظر. وهو حينما يريد أن ينال مطلبه لا يسمح له ذلك مع بيت ولكنه ينجح بتكرار منتظم فى اغتصاب توأمها ترود (سنعرف فيما بعد أن ترود وبيت هما وجهان لنفس الفتاة). وبيت مرعوبة منه، فى حين ترود تحبه وتحتقره وتؤمن إيمانا سطحيا ومتزمتا بعسكريته النازية.
بولا السحاقية:
وأما العلاقة التى لا تدينها الرواية فهى الشذوذ بين بيت وزميلتها الأكبر سنا فى فرقة التمثيل “بولا”، وتبدو أخص العلاقات وأمتنها بالنسبة لبيت حتى إنها تثبت فى النهاية. إنها هى التى تختار أن تنتحر إمعانا منها فى إظهار العبث ولا معقولية العلاقات العاطفية فى الرواية كلها يختمها الكاتب بتحقيق الانتحار المزدوج لا بين بيت ولوسيو ولكن على ذات طريقة كلايست وتقدم بيت وعشيقتها المساحقة على الانتحار المزدوج فى الميجليارا (مكان العشاق أمام البحر الذى هو فى الرواية رمز الخلود) “فى وضع رقيق جدا، متعانقتين وخد كل منهما على خد الأخري.
الانتحار:
من أول الرواية يدرك لوسيو أن بيت إنما تدعوه إلى الانتحار لا إلى الحب فقط. وانتحار بيت كما نظن أنه بسبب خوفها من موللر زوجها الدموى ووجودها فى ألمانيا النازية ولكنها لا تنفذه إلا بعد إعدام موللر بسبب اتهامه بالاشتراك فى مؤامرة على حياة هتلر وربما كان السبب هو تقمص المعتدى Identification with the Aggressor ولكن الأرجح عندى أن موللر لم يكن إلا مناسبة أو شماعة تعلق عليها يأسها المتفجر الداخلى طويل النفس فى سعيه للانتحار.
وتحكى ترود بسخرية قصص ومحاولات الانتحار المزدوج الفاشلة لبيت مع عشاق يتراجعون عن الانتحار فى الخطوة النهائية أو يقومون به منفردين لأسباب أخرى “فيهينون” بيت بصورة ما. ولكنها لا تيأس من تكرار العشق ولا من تكرار الانتحار.
الانتحار والنبل:
يستشهد الراوى بكلايست فى مقولة “ليس هناك ما هو أشد نفورا من الخوف من الموت، فالحياة هى الخير الوحيد الذى لا قيمة له إلا إذا لم نعلق عليها غير قليل من الأهمية، ولمن البشاعة ألا تعرف كيف تفارقها لأغراض نبيلة ولا يمكن أن يستغلها إلا ذلك الذى يشعر أنه جدير بأن يتخلص منها بسهولة وهدوء”. ولكنه هنا لا يتحدث عن الاستشهاد بل عن الانتحار. أو ربما هو يوضح لنا أن فى الانتحار نوعا من الاستشهاد. وكأن المنتحر يحمل إيمانا جازما بعدم جدوى الحياة ويريد أن يثبت عمليا للعالم عقيدته اليائسة كما يريد أن يثبت جدية إيمانه بها ومن هنا يكون شهيدا يفارق الحياة “لأغراض نبيلة”.
كل المنتحرين ما هم إلا ممثلون:
دار هذا الحوار بين ترود (توأم بيت التى تكرهها) ولوسيو:
-” لا يمكن أن يفكر المرء فى الانتحار الا إذا كان ممثلا فى قرارة نفسه.
- آه، من رأيك طبعا إن كل المنتحرين ما هم إلا ممثلون.
- نعم طبعا
-وكلايست كذلك؟
- طبعا عندما كان يكتب لم يكن يمثل، لكن عندما انتحر، نعم.
ولا شك عندى أن الانتحار هو نذالة وهروب ولكن هل كان هذا هو ما تقصده ترود، أم أنها قصدت شيئا آخر بكلمة “ممثلين”، شيئا ليس فيه تقليل من شأن الكلمة.
الانتحار الروحى لسونيا:
وقعت سونيا فى حب آفنو الثورى الجسور الذى يتكشف فى النهاية كعميل مزدوج للمخابرات الروسية عام 1909، ثم كان عليها أن تقتله ثمنا لخيانته بتكليف من الحزب الثورى بينما هو يعرض عليها أن تهرب معه ليستمتعا بأموال الخيانة معا، ولكن هنا نعرف أن هو زمن انتحارها الروحى فتهرب من القتل ومن آفنو ومن الحزب بمعاونة أمها. وتصير مربية لأطفال البورجوازيين وعشيقة للبورجوازيين أنفسهم عند اللزوم. ونجد فى الرواية إشارات واضحة. إنها فضلت هذا الانتحار الروحى على قتل عشيقها السابق أو الهرب معه بعدما صارت تحتقره.
ملاحظات على البناء الروائي:
1- الإيقاع السريع والبناء شديد التماسك مميز فى هذه الرواية. ونجد الأحداث والشخصيات كلها تتكامل فى صورة واحدة. لا توجد زخرفة ولا يوجد إطناب ولا توجد شخصية أو حكاية أو حدث بلا وظيفة أو حتى موظفة فى توصيل رسالة أخرى غير الرسالة الواحدة لهذه الرواية. بؤرة وهدف مخدوم بكل الأحداث والشخصيات والكلمات فى نسيج مركز جدا.
2- نرى أربعة أبنية قصصية حول بؤرة اليأس والانتحار، لوسيو ومطاردته ثم سونيا وقضيتها ثم شابيرو والشيخ وفى لمحة سريعة الدكتورة كيومو وأمها المريضة نفسيا.
3- يسترعى الانتباه أن سن (لوسيو 27 سنة) وهو نفس سن ألبرتومورافيا سنة 1934، سن سونيا فى وقت انتحارها الروحى (سنة 1909) أيضا (27سنة).
4- فى بداية ظهور ترود نشك فى أنها بيت نفسها تمثل دورا، ثم تؤكد لنا الأحداث أنها توأمها فعلا، ويفصل الكاتب أحداثا ومناقشات شديدة الحبكة بما يؤكد لنا أنهما توأمان ومختلفتان تماما، ثم تخبر بولا لوسيو بأن ترود فقط هى الحقيقة، وبأنها ممثلة زميلة لها اتفقا معا ومع ألويس زوج ترود على تمثيلية محبكة للسخرية من العشاق الإيطاليين. وفى النهاية يتركنا الكاتب بانطباع شبه مؤكد (وليس مؤكدا تماما) بأن بيت هى وحدها الحقيقية وترود مصطنعة، ولكن لا نعرف لأى مدى ولكم من الوقت كانت بيت تعيش بشخصية ترود، وفى كل هذا ينجح الكاتب لا فقط فى جذب انتباهنا واهتمامنا للتساؤل حول من هى البطلة، ولكن فى توصيل رسالة شديدة الجودة عن شخصيتها الغريبة حتى الشذوذ والصادقة حتى الألم بل حتى الموت انتحارا، ولا نعرف يقينا من التى انتحرت انتحارا مزدوجا، بيت أم ترود أم كلتاهما معا؟