تـذكـرة
محمد يحيى الرخاوى
حين يمتلئ الحماس، وتتشكل أشلاؤه، وتبدأ الأفكار فى التزاحم المشبع بالحركة، ويبدأ الحلم فى التنفس، برحابة وشبه انتظام، ويرسم النظر رؤاه ومشروعه، وأتنقل بينهم سعيدا بى، حينئذ، أسعى فى البحث عمن يرغب فى الطيران معى.
امتلأنا بالاختلاف و المحبة، واتفقنا على أن نسعى إلى مزيد من البلورة، فى اتجاه فعالية مسؤولة، حتى ولو كنا صغارا. اعترضنا كثيرا جدا، ورأينا أن الجارى لا يمكن أن يستمر هكذا. كنت أشدهم حماسا، ولم يكونا مثلى بهذا التشاؤم، أرادا أن نكون، وأردت أن أثور، لقد كنت أفشلهم هناك، وكانا مؤمنين بالمسار، وكنت كافرا بكل شيء، إلا أنا، والله القديم، والنهضة الكبرى.
لم تسعفنا طرقات المعهد فى اتخاذ موقف ممكن، فلجأنا إلى موعد تنظيمى لوضع خطة العمل القادم، وأردت أن أسـتغل الموقف لإلزامهـما، فاتفقت على تسجيل اللـقاء صـوتيا وإعداده ونشره، عساه يكون بداية توجه واقعى على أوسع نطاق، ولأكبر دائرة.
السادسة مساء موعدنا عند ثالثنا، التقطت صاحبى الأقدم، وتوجهنا الطريق أطول من أن نسكت فى انتظارالوصول، فشرعنا نرتب خطة زواجه، لم تكن هى تعرف تماما، فشرعت أفرد خرائط احتمالاتي، وأفسر المواقف، واستغرقنا حتى لم نتعجل الصعود حين وصلنا مكان الموعد.
صعدنا ولم نكد ندخل حتى بدأت فى شحذ همتي. لم أكن أعرف أنى فقدت شيئا، ولا أننى سأحتاج لمثل هذه الترتيبات لكى نبدأ، وكأنى فوجئت حين جلست بأن الكون لم ينصلح، ولن يفعل. شعرت بإلحاح رغبة مقتحمة فى كوب من الشاي،فطلبته وواصلت الحديث فى ترتيبات الزواج المحتمل. وصل الشاى فطلبت قهوة وحبوبا للصداع، قالا نأكل فاعترضت حفاظا على الحماس الذى كنت مازلت أبحث عنه.
قالا نسمى موضوعا للحوار، قلت كل المواضيع مهمة، سألا عما أريد أن أطرح، أجبت بأن كل المواضيع واحد لا غير، قالا إذن ماذا؟ قلت الموضوع واضح جدا، فلنبدأ وسيتبلور فورا. وصفت لهم كيف أن حماسنا مشروع جدا، وواعد جدا، وأن بإمكاننا -إذا بدأنا- أن نفعل أشياء كثيرة لم نبدأ يومها أبدا.
فى اليوم التالى ذهبت مطأطئ الرأس، نظرت فى وجهيهما، لم أجرؤ على النظر فى عيونهما تساءلت باقى النهار عن سبب شعورى بأنهما كانا مطأطئى الرأس.