حوار العدد (1)
وقائع جديدة للتطور
قراءة “أحمد زرزور”
فى العدد رقم “2”
بعد التوقف [57مسلسل]
زرزور:
كثيرون يتحسسون محبتى بتوجس وحذر وحيطة مما يتوهمونه “بين السطور”، وليس فى علاقتى بالكون، ابتداء بالمبدع المذهل الواضح، صاحب الحقيقة الجلية تماما، الله، مرورا بالمبدعين الحياتيين من البشر الفانين، وانتهاء بالعاديين اليوميين، ليس فى علاقتى بكل هؤلاء: “بينبينات”، هناك استقامة خطاب، بساطة خطاب، عمق خطاب، عفوية خطاب، نظامية خطاب! من هنا، أسجل فرحى الخاص “بالإنسان للتطور أو بالتطور للانسان” – وليس الإنسان والتطور! – فالإنسان خلق للتطور، والعكس صحيح، كذلك، الإنسان “المقبوس” من الله، والذى هو مستخلف للإبداع الشامل، وهذه المجلة صاحبة يد تطورية على كيانى الخاص: فكريا، وشعريا، وحسبها أنها نقلتنى من جاهزية الصوت وواحديته إلى جدل الأصوات، وهى – للتاريخ وللحقيقة – المطبوعة المصرية الوحيدة فى إصدارها الأول التى تبنت نشر “قصائدى النثرية، فى حين كان الدكتور القط رئيس تحرير “إبداع” – وقت ذاك – يؤشر على قصائدى النثرية بالرفض بحجة أن مجلة “إبداع” لاتنشر قصائد النثر، وهو موقف مجلة “القاهرة” و”الشعر” نفسه- فى عهد المرحوم فتحى سعيد!
الرخاوى:
أهلا يا أحمد حمدا لله على سلامتنا معا.
زرزور:
”الإنسان والتطور” إذن – قدمتنى بشكل مختلف، بالحرية الإبداعية، وهى بتحريضها على الاقتحام والمغامرة، أسهمت – بحق – فى تطوير رؤيتى للعالم ومن ثم للكتابة، وستظل – أيضا وحتما – دراستكم (قراءتكم) العفوية الواعية لقصائدى التى كانت تنشرها مجلة “القاهرة” (فى إصدارها الأسبوعي): إحدى العلامات المضيئة لى، برغم أنكم ترون أننى لم أفد منها!.
الرخاوى:
أنا لم أر أنك لم تفد منها، وإلا ظلمتك، واستغبيت نفسى، ومن منا يدرى ماذا أفاد من ماذا؟ أو كيف؟ ومتي؟ نحن نؤمن بالتراكم للتغيير النوعى، فماذا يتراكم، ومن أى مصدر يا شيخ؟ لاتظلمنى بهذا التصور، وإن كان معك حق فى أننى حاولت أن أوصل إليك رسالة الحذر والتحذير، لكنها كادت تصل إليك محملة بقدر غير قليل من الرفض والاتهام، لا أعتذر، وإنما أواصل الحذر والترحيب فى آن.
زرزور:
ولازلت أرى أن مجلتنا (وقد اكتسبت عشق نفر من أصدقائى: خاصة كريم عبد السلام الذى جن بها)، هى المطبوعة الحرة، المؤهلة لقيادة التغيير الشامل (أعترف أنها نجحت فى هذا معي!)، وبالمناسبة لقد أذهلتنى الإضاءة الاستفهامية فى ص 2 والتى تختصر موضوعة “الارهاب” بذكاء وبصيرة وشجاعة وعى، بعيدا عن ضجيج الدولة والمثقفين والجماعاتيين، وحقا: “لا .. لا .. ما هكذا تساس الأمور .. إلخ” (ص 2)، وكذلك ما أروع هذه الفقرة: إن عبادة المنهج العلمى السائد (الذى يتصوره العلمانيون قادرا على تسيير الأمور بعيدا عن وصاية السلطة الدينية) هو سقف يقزم الوجود الإنسانى بقدر ما يقزمه نص دينى لم يقصد به يوما أن يجمد أو يتجمد .. إلخ ونحن، فى مجلتنا، مؤهلون لضرب هذه “القزامة” المزدوجة ما بين “علمانية” مغرورة “علموية” لاروح لها، “وسطحية” فكروية تخون جوهر الدين وحضاريته ولاعمق ماديا جدليا لها!…
الرخاوى:
وحق هذه الأيام المفترجة فى رمضان لاتبالغ يا أحمد هكذا حتى لا أفقد توازنى، ما هذه “المطبوعة الحرة المؤهلة لقيادة التغيير الشامل” ياعم قل يابركة العجز، شامل ماذاياعمنا، هو قدرنا لا أكثر، واقرأ بداية افتتاحية هذا العدد حتى لا أكرر.
ربما نكون مؤهليين لما تقول، ولكن لا يكفى أن يكون الإنسان مؤهلا بكل مؤهلات الدنيا ثم هو يكتفى بأنه مؤهل، هل تتصور أننى كثيرا ما أرفض كلمة مؤهلات عامة ومؤهلات عليا خاصة، حتى أسمى مؤهل الدكتوراة أحيانا أنه إجازة بــ “حق الجهل” بمجرد حصولك على هذا المؤهل … يمكن أن تصبح مفتيا جاهلا مادام حرف الدال نقطة يسبق اسمك، مؤهلون: نعم (ربما) .. ولكن ضرب القزامة .. إلخ هو أمل لا أكثر واحدة واحدة ياأحمد.
زرزور:
نحن النخبة الأقدر على فضى هذا الاشتباك العقيم، لتأسيس وعى جديد، مغاير، ينهض بحضارة (الفرح بالإيمان، والإيمان بالفرح)، وذلك “بتنمية الفرحة الفطرية المبدعة”، حضارة تتحرك فى وعلى : إيقاع فاضل يشع من الروح الأعظم (الله)، إيقاع يقود “لحياة” تكون بتوجه (حضاري) دينى يشمل علاقة المرء بكل خلاياه؟ وبربه فى الفعل اليومى والمسجد ومعمل الأبحاث … وملعب الكره على حد سواء (ص 38)، وهو توجه لايلغى الحراك البشرى المجتهد حتى المخالف منه، ولا خوف من هذه المخالفة، مادامت ستضيف إبداعا، ينضم إلى الإبداع الذى يستهدفه جوهر الدين وهو يحرك الحياة، والعبرة فى النهاية بصلاحية هذا الإبداع المخالف للاستجابة لأشواق الروح الإنسانية فى أرضنا (وأضع خطا كثيفا تحت هاتين الكلمتين)!
الرخاوى:
لعل ذلك يساير بعض ما يعنيه د. رمضان بسطاويسى فى مقاله هذا العدد عن الحداثة الجسد.
زرزور:
نحن أصغر نخبة عرفتها تاريخ المجلات فى مصر” ص 148، لكننا نملك أن نزعم لأنفسنا (وهذا زعمى الخاص) أننا مع” حراك الناس، روحيا وماديا، ومع جدل الطريق وحوار الغبار اليومي” صــ 147، ثم ألم يكن الأنبياء والمفكرون المبدعون أصغر نخبة منا (حجما)، على الأقل نحن نوزع 200 أو 300 نسخة، يمكننا القول بثقة إن 60 أو 70 واحدا من قرائنا يتجاوبون مع طرحنا!؟
النخبة عندما تستلهم فطرة الناس، فتوقظ أشواقها الحقيقية، وتلبى احتياجاتها المشروعة (حتى لو اصطدمت هذه النخبة بما ترسخ لدى الناس من نسق اجتماعى – ثقافى – معتقدى – أخلاقي)، هنا تكتسب النخبة شرعيتها وحتميتها بلا منازعة، أليس هذا هو سر استمرار الدين حتى الآن “وهو المنطلق من اللامرئى والمرئى معا” – أى من النقائض التى لايؤمن العقل بإمكانية صهرها فى بنية معرفية متناغمة؟ (لا أنسى مطلقا حواركم مع الدكتور السماحى حول الدين فى العددين 22، 23 من المجلة).
الرخاوى :
… تصور يا أحمد أننى أشك بأن مثل هذا الحوار الباكر قادر على العودة للظهور دون تكفير أو على أحس الفروض “تكدير .. أو تعكير”، ولكن هذا لا يعنى أننا سنعدل، فقط نحاول أن نتجنب حاليا معارك وهمية، لسنا ناقصين الآن على الأقل ..
زرزور:
إننى مصر على الإمكانية التغييرية التى يمكن لمجلتنا ممارستها، لتصويب مسار الرؤية عند من هو بحاجة إلى ذلك (كما حدث لي)، ثم بماذا نسمى المحتويات الدالة للعدد “2” بعد التوقف (العدد 57) ابتداء بكلمة، العدد مرورا بموقفكم مع النفرى وفرحكم الشجاع بالعجز، وهو عجز يمهد للقدرة التى تتراكم فى رصيدكم المنتظم، وانتهاء بمواد العدد كله (حتى قصيدتى التى وقفت فى “حلق” بعض الزملاء ومنهم رئيس التحرير!)، فأنا أكتب بغبار حياتى (أو هكذا نيتى الطيبة على الأقل)، وأنا أزعم – والله – أننى متصل بالناس، أتعلم منهم، وهم إيديولوجيتى الكبرى والوحيدة: أطفال “بولاق الدكرور” المعذبون، دموع ريات البيوت فى أسواقها، آلام أمى (رحمها الله) التى لم تكن تكذب (حددت أمى يوم موتها، وضحكنا حولها!)، الشبح الأبيض الذى رأيته مع صديقى على الطريق الزراعى قبل أذان المغرب ذات صيف فى قريتي!، إلخ إلخ، كل هذا وغيره يشكل تجربتى أمس والآن، وربما غدا، يضاف غبار جديد لأقدامي!
إننى أحاول أن أكون فعلا يوميا متحققا، فى علاقاتى المحسوبة بالأصدقاء، وشفقتى “الخيرة” على ضيقى الأفق من المكابرين على مقاعد المقهى، وقيامى الروحى قبل الجسدى للصلاة، وسلوكى (حتى الخطأ الذى أعرفه وأفعله احتراما لضعفى الجميل الذى وضعه الله مبتسما، في)، أليس هذا هو عمق حرية الوجود المتفجر فى رحابة سلاسة قوانينه الأقدر على إيجاد الصيغة الملائمة لما تتجدد به فعلا يوميا قادرا مستمرا؟ (ص 8 ..).
الرخاوى :
ياحلاوة وروعة وخطورة تعبيرك” الذى وصف الله سبحانه بالابتسام، إلا أننى على تعيين أنه سيأتى خائف يقول إن مبتسما هو حال يصفك أنت دون سواك، لكن رحمة ربنا ووسع كرسيه السماوات والأرض وصلتنى من تعبيرك هذا. شكرا.
زرزور:
… “التطور” هو مبرر مجلتنا، وأعرف أننا سنصطدم بأصنام كثيرة، من أقصى “فرقاء” الطب النفسى، إلى “أقصي” فرقاء النص الأدبي” بخندقيهم: الحداثى والتسطيحى، وأندهش تماما لانحيازكم الشخصى كرد فعل، إلى ثانى الخندقين، وأنا أعترف باستفحال الادعاء فى تيار الكتابة الحداثية: الادعاء الفكرى والجمالى، ولكننا يجب ألا نغفل عن الادعاء الآخر فى تيار كتابة السطح والابتزاز الجماهيرى: الادعاء الشعبوى الذى يتوهم أن بالإمكان صناعة خبز يومى للشعر!
هناك حقا نصوص حداثية يكتبها شيوعيون (الله يرحمهم)، أو علمانيون مدنيون (الله يهديهم).
وهناك – فى الوقت نفسه – نصوص تسطيحية يكتبها شيوعيون وعلمانيون، وجماعاتيون (الله يبصرهم) فأين هو النص البديل غير المتعصب، غير الوثقانى كما هو الحال على الجانبيين: التنويرى والتظليمي؟!
الرخاوى :
هذا هو يا أخى، وكلك نظر.
زرزور:
وأعتقد أن مجلتنا، تمتلك شرعية البديل، حتى لو لم تقصد ذلك، ألا يثاب المرء برغم أنفه؟، أعرف أنكم تغتاظون من حكاية البديل هذه، لكننى شخصيا أرى أن كل مانشرفى المجلة هو بديل فى “جرحه وتعديله” لكثير من الوقائع والطروحات (وهذا ما يعطى المجلة نكهة خاصة غير منكورة)، قد أختلف مع بعض طروحات المجلة، لكننى أشحن نفسى بطقس البديل، فأسعى لاستخارة فطرتى وبراءة وخبرة وعيى لتشييد أبنيتى المعرفية بيد وروح الصدق لا التبعية (بالمناسبة لا أؤمن بمقولة أن أشعر الشعر أكذبه، فالصدق الحقيقى صعب جدا جدا: صدق التجربة وصدق تشكيلها الجمالى معا!)، والحداثة الحقيقية هى عمل من أعمال الصدق، وهى نقيض حداثة الكذب والتسطيح فى آن; فالادعاء الحداثى هو الوجه الآخر لعملة الكذب، وجهها الأول هو التسطيح والتنطع والكسل عن المعرفة = فافتقاد الوعى فاستحالة الإبداع، باختصار حداثة الادعاء = تسطيح التجربة وإفراغها من نبضها الجوهرى الكذب (يمكن استبدال علامة = بــ + لنصل إلى نفس النتيجة) …
الرخاوى :
آفرح ونحن نلتقى مصادفة، ولا أظنك لاحظت الكلمة التى كتبتها على غلاف ديوانى المتواضع “البيت الزجاجى والثعبان” حين شعرت – خجلا – بتواضع شاعريته أوقل: بلا شاعريته، فأردت أن أبريء نفسى من ادعاء شاعرية أملكها، فصدرت المنشور (الديوان) بعبارة تقول: “إذا كان أجمل الشعر أكذبه، فإن أصدق الشعر آلمه ..، كان ذلك سنة 1983 ثم جئت تذكرنى الآن بمثله، هل نقترب هكذا؟ يارب يحدث.
زرزور:
إننا بحاجة إلى تأسيس وقائع جديدة للتطور، وهذا يحتاج إلى توفير قابلية لاحتضان حتى الكذب ثم دحضه، ولامانع من نشر نصوص الكذب هذه: حداثية الادعاء أو تسطح، وإقامة حوار حولها، تماما كما كنا نتحاور من قبل عبر صفحات المجلة حول قضايا فكرية وثقافية ..، ودعنا لانرفض نشر أى نص يزعم التطور، أو يحلم به (إن حسنت نيته)، مرفقا بقراءات لاقراءة واحدة، ليتعلم المبدع (كاتبا أو متلقيا) وقد كان هذا هو اقتراحكم شخصيا فى إحدى جلسات التحرير، فقط أضيف: قراءات لا قراءة واحده، فمن تصادم وجدل القراءات تتشكل معرفة حقيقية بالنص، قياسا بآلية الآية القرآنية: “إنك كادح إلى ربك كدحا، فملاقية”، أجل، انها قراءات كدح للنص!.. أظن أن جهدى التحريرى كان، ولايزال، ترشيح النصوص المتاخمة للخارطة الروحية للمجلة، بما تحويه من إضافة ابداعية أو تعد بإثارة حوار، بصرف النظر عن الاختلاف الوارد أو الاتفاق غير المدبر سلفا مع روحية المجلة ممثلة فى شخص رئيس التحرير، فهذه المجلة بالذات هى بصمة “رخاوية” جلية، ولاتتملص المجلة من هذه الحقيقة، وليس فى هذا أية مدعاة للإنكار أو الاحتجاج، فأكثر مايغيظنى حقا تلك العبارة الكاذبة أو الجبانة التى تثبتها كل المجلات تقريبا، زاعمة بها أن الاتجاهات والآراء الواردة فى هذا العدد لاتعبر عن المجلة وإنما هى مسؤولية أصحابها!. فى حين أن كل هذه الإصدارات لاتنشر الا ما يتفق وفلسفة أصحابها من المحررين أو رئيس التحرير شخصيا ..
الرخاوى :
لا أوافقك على تعبير “نصوص الكذب”، لأن ذلك يوحى بأن النص الذى نكتبه نحن ومثله هى “نصوص الصدق”، ياسيدى لنقل مع بيراند يللو” لكل حقيقته” ثم نمضى متوازين بصبر خليق بنا، ومرحبا بكل قراءة لكل نص، كذبا أو صدقا، المهم أن تكون فعلا، لا مجرد حذق واستهانة أو تصفيق، أو إداتة) (أضيف تقريرا لاقتباسك: تكون كتابة فعلا كدحا) .
وقراءتك هذه عينة لذلك، بل إن جهدك هو دافع لنا دائما إذ نحاورك حتى لو حالت ظروفك دون لقاء منتظم
زرزور:
ولايمكننا بالطبع، بل ولا يليق بنا أو بك يا د. رخاوى أن نصفق أو نتماثل مع رؤيتك تماما، مع محبتنا واحترامنا وفخرنا بالاقتراب والحوار معها، ويكفى أن شراكة الإبداع التطورى تجمعنا، ولو يعلم الكثيرون الذين يظنون أنك لاترى الباطل الذى يأتى بين يدى شعرى أو من خلفه، لو يعلمون كم هى صدامية تلك العلاقة بين قصيدتى وذائقتك الصعب (وهى ذائقة مفكر وناقد وشاعر ومثقف وقاريء فظيع الإحاطة والمتابعة !)، وبقدر ما أعتز بقصيدتى التى تعيش وحدها كما عاش أبو ذر الغفارى الذى احترم صدقه وشجاعته، بقدر ما أتعلم بالفعل من بعض ما يفيدنى منك الملاحظات الصادقة سواء من أو من الأخرين (حدث هنا أيضا من أدونيس وصلاح عبد الصبور وسيد حجاب وقاسم حداد وجمال القصص).
يبقى أن نلتف حول فكرة الاختلاف من أجل “التطور الحتمى للانسان المصرى، ومن ثم الإنسان فى كل مكان كما تقول بنود جمعية الطب النفسى التطوري”، وأن يجد هذا الحوار طريقه لإثارة حوار آخر.
الرخاوى :
لا أشعر لك بامتنان وأنت تعرفنا وتستضيف عندنا تلك الأقلام التى تترجم عن وعى هو زادنا وزوادنا، ولكنى شكر على فصل مخلص، وأنا أسأل نفسى أحيانا من أين لنا بكل هذه الأقلام الطيبة الدامية الشائكة الشائقة لولاك سفيرا لنا إليهم فوق العادة، ثم إنى أوافقك حتما على أن كل الآراء، حتى مالم نشر منها هى مسؤوليتنا جميعا (تحتاج يا أحمد إلى إعاده تعريف كلمة “مسؤولية” ضمن ألفاظ كثيرة أخرى تحتاج إلى إعادة تعريف).
ياعم احمد، تعرف أولا تعرف، بل تعرف حتما أننى من أشد الناس حذرا من حكاية التصنيف أو التماثل هذه، ومن يريد أن يغامر بالحياة مع آخر، لابد أن يشعر بوحدة شديدة القسوة لو تماثل الآخرون معه وليس معنى هذا أننى ديمقراطى .. إلخ.
فهات بقية ما عندك
زرزور:
إسمح – يا سيادة رئيس التحرير – ان أتقدم لك برجاء أن تتخلى عن تشبثك بتصميم المجلة فنيا (ابتداء بالغلاف وانتهاء بالألعاب الكومبيوترية)، فنحن نتطلع إلى شكل تطورى يناغم المحتوى التطورى، فلماذا لايكلف فنان كبير كاللباد بهذه المهمة (وبالمناسبة هو صاحب فضل تطورى على، فى ميدان شعر وثقافة الطفل، ومن المؤسف أننى حصلت على جائزة الدولة فى أدب الأطفال قبل أن أتعلم من جنونه الرائع …).
الرخاوى :
ليس هذا مطلبك وحدك، لكنه مطلب كل من التقط القبح والادعاء فى هذه المحاولة الغبية، وإن كنت متمسكا بها حتى يحدث ماتريد، إذ لابد أن أحدا من محبى المجلة سوف يثور لدرجة أن … يعيد الأمور إلى نصابها، ويعطى العيش لخبازه، على شرط ألا يأكل لا ربعه ولا ثلاثة أرباعه، صحيح أن من حق أى مخرج فنان أو مصمم أن يطلب تقديرا ماديا لجهده وإلا كان هاويا مثاليا أو مستهينا بقيمته، لكنه صحيح أيضا أننا لا نقبل إعلانات، ولانملك مالا، ولا نرجو أن تطفى قيمة الصقل الفنى على القبح الاجتهادى، والدعوة عامة للباد وغير اللباد بهذه الشروط، وهذا وحده هو الذى يمكن يقينى من مضاعفات زملة أسميتها “الشويات” (أشرت إليها فى كل من الافتتاحية والمقتطفات العلمية، كما أذكرك يا أحمد أن الفنان عصمت داوستاشى كان يتفضل علينا بالقيام بهذا الدور متبرعا، وكان اعتراض القراء والزملاء عليه بلا حدود، ولعلك لاحظت بعض ذلك فى الحداد التى ورد المرحوم الحاج سيد عطوة فى صفحة “2”، نزولا على رأى الزملاء كما تعلم لم أدعه مع عودتنا الصدور أولا: احتراما لآراء غيرى مع تمسكى برأيى وثانيا: خجلا من استمرار “تبرعه” لعل له موقف آخر، ولعل ما يؤنسنى فى اعتراضك على دورى القبيح الحالى، هو أنه سبق أن تلقيت اعتراضات أكبر على جمال ما كان يقدمه داوستاشى، وأنا لا أماثل بين هذا وذاك، ولكن .. مرة أخري”الدعوة عامة” وستستمر الحال على ما هى عليه، والمتظلم يستجلب المتطوعين ، وهل “أنا فى ذاك النهار” الذى تصدر فيه المجلة وقد أعد تصميمها محيى اللباد أو محمود هندى أو عصمت داوستاشى وأى واحد يقول لنا خل عنه” فنبادر تسليمه العهده داعيين له أنه” .. لا خلا ولا عدم”، اللهم لاتحرمنا فضلهم، وادفع عنا أجرهم، واغفر لنا ولهم إنك أنت القادر على أن تجزيهم ما يستحقون.
زرزور:
أنبهك أيضا يا سيادة رئيس التحرير إلى التوقف عن الاستيلاء على ثلثى المجلة شخصيا، (الافتتاحية، فى رحاب النفرى، مقتطف وموقف، حالات وأحوال، مثل وموال، حوار، الناس والطريق، الموسوعة النفسية، مقتطفات علمية) ..
الرخاوى :
معك حق والله العظيم، ومثلنا المصرى يقول” إيش خاطر الأعمى قال قفة عيون” وأنا أقول إيش خاطر رئيس التحرير، قال تل من محاولات التغيير”، وليس مقالات التحرير، فى هذه المجلة وفى مواقع أخرى كثيرة مثل الجوكر يا أحمد، عينى من حولى فى المكان الخالى لأقوم مقام الورقة الناقصة، حين تصبح المجلة فى غير حاجة إلى، فسوف أتميز إلى ما هو “أنا” فيما تبقى من عمر يا أخى، ألم يأن الأوان؟ أذكرك أننى فى العقد السابع من عمرى، ولكل أجل كتاب – شيء، فشد حيلك من الآن يا أخى، أم ماذا؟
زرزور:
أخيرا، يرجى منك يارئيس التحرير أن تحافظ على استمرارية هذا المنبر، وأن يعمل على تجاوز حدود الوطن المصرى توزيعا واستكتابا”.
الرخاوى :
أنا الذى أحافظ؟؟ أنا؟؟، لقد أنذرت الزملاء فى آخر جلسة تحرير التقينا فيها أننى وعدت – إن كان فى العمر بقية – أن أقوم بدفع ثمانية أعداد بالتمام إلى المطبعة، وبانتظام مطلق حتى لو كتبتها من الغلاف للغلاف، فضلا عن مسؤولية التمويل والتحرير، ولو لم تلتقط أنت وهم والقراء الخيط، وتتولون القيادة الحقة، وملء الثلاث أثلاث، لاثلثى المجلة، فسوف يكون هناك موقف آخر، ليكن هذا تهديدا أو ما شابه لكن المسألة جد، وربنا يستر، ثم أترك لك ولهم من الآن مسألة تجاوز الحدود .. إلخ، فما على إلا أن أوفى بوعدى هذا يفعل الله ما يشاء ويختار.