قصة قصيرة غاية فى الحزن
د. أحمد الفار
عرفها من سنوات كثيرة، قبلها بعمر طويل أحبها، وقبل ذلك بزمن ادركا عقم الكلمات عجز اللغة أمام فيضان من المشاعر يبغى متنفسا . .
كان يحدق فى عينيها، يستشف منهما حجم الشوق، ومساحة الرغبة فى اللقيا، ويستمد منهما على البعد عونا. .
وكان يحتضن كفها فى راحتيه، يتلمس أصابعها الرشيقة الرائعة، ينقل خلالها دقات القلب ويخبرها كم يحب، وكم يشتاق ويهوى ..
وعندما يبرح به الشوق يختلس قبلة ينثرها على كتفها وأطراف أصابعها أو أناملها، ويشبك يديه بقوة . يتنهد بحرارة ونشوة – آه . . فكم يعذبه الشوق إلى توحد لا يدرى له سبيلا.
كانت تتخذ من حروف اسمه إيقاعا لدقات قلبها .. تكون من ضوء عينيه، صوته وحلو كلامه حياتها. وعمرا جميلا من الحلم ..
***
كان العصفور يرتل فى فم محبوبته أغانى شوقه، وينسج لها من خيوط الضوء المتسللة عبر الأغصان عشا، وللكون سماء حب ساذجة ..
غير بعيد تربص لهما الصياد، طويل قاسى الملامح غائرها، يرقد فوق فمه هلالان مذبوحان يختال بأنه اقتنصهما فى بداياته، وحرم العشاق أيامها شهرين كاملين من قمر يرنون إليه ويبثونه رسائل هواهم ..
تسلل الصياد واقترب انتهز فرصة انشغل العصفور بسماء أكثر فرحة يهبها للكون .. انقض ..
***
جفلا .. تباعدا لفترة ران عليهما صمت ثقيل، حاول بعدها أن يرنو إلى عينيها لكن غيمة حزن منعته من تلمس ضياءهما – حاولت أن تمد إليه يدا، وحاول هو أن يهبها راحتيه لكنهما شلا، استغاث بلسانه أن يتحرك، لكن الصمت كان أثقل ..
كان القلب قد انكسر، وعادت سماء الكون تضيق بالطيور .. وصمت عصفور حاول أن يهب الكون سماء أكثر فرحة .. لكنه – فيما يروون – مات ..