مثل وموال:
العلاقة بالموضوع
من خلال الأمثال العامية
فى: مصر، والبحرين
نشرنا فى العدد الماضى الجزء الأول من هذه الدراسة المتوازية
(لا المقارنة: تصحيح واجب) بين الأمثال العامية فى مصر والبحرين من منظور
العلاقة بالواقع، ونكمل فى هذا العدد المقارنة نفسها من منظور العلاقة بالموضوع(1):
ثانيا: العلاقة بالموضوع (الآخر)
مسألة العلاقة بالموضوع غير واضحة عند كثيرين من المشتغلين بالطب النفسي، وإلى درجة أقل بالتحليل النفسي، ولن أدخل فى مقدمة نظرية، ولكننى أنبه إلى حدود هذه الدراسة فى هذه البداية، وأن المسألة ليست علاقة بين شخصين أو أشخاص، وإن كانت العلاقات بين الأشخاص متضمنة فى العلاقة بالموضوع، كما أنها ليست تركيزا على أنواع التكيف الاجتماعي، وإن كان هذا أيضا متضمنا بدرجة أقل فى هذه الدراسة، فالموضوع هنا هو طبيعة التركيبة البشرية التى تحدد أنواع وتباديل وأبعاد وأعماق التعامل بين الذات والعالم الخارجى (أحد أهم أبعاد الواقع).
وسأقصر حديثى هنا على عرض بعض المواقف التى وصفت بلغة التحليل النفسى المرتبط بهذه المدرسة مثل الموقف الشيزيدى والبارنوى والاكتئابي، ثم أعرج على الذاتوية وأستشهد فى كل ذلك بما تيسر من الأمثال.
وباختصار (مخل فى الأغلب، ورسم توضيحى أخل) نحدد هذه المواقف ابتداء، ثم نعرج إلى كل موقف على حدة”.
1- “يوجد” الإنسان فى داخل الرحم، بلا آخر، ولا مسافة، فلا علاقة بأحد، ثم يولد أى ينفصل عن الرحم الجسدي، لكنه يظل داخل رحم نفسى بضعة أيام أو أسابيع أو شهورا (أو طول العمر!!!) وهو داخل الرحم النفسى بلا علاقة ولا آخر ولا مسافة فلا علاقة منفصلة.
ويتضمن هذا الموقف غلق الأبواب: أبواب العواطف والوجدان والتواصل والأخذ والعطاء وحتى أبواب الهجوم والدفاع، وتتمادى الغلبة للإنكار والإلغاء والانكفاء على الذات.
2- وحين يبدأ التميز بين “الذات” و”اللا ذات” يبدأ موقف آخر هو الموقف البارانوى الذى نفضل له اسم “موقف الكر والفر”، كما نفضل اسم موقف “الانسحاب اللاغي” للموقف الشيزيدي، ففى حين يتعامل الكيان البشرى من موقف شيزيدى مع الموضوع بإلغائه أو الانسحاب الدفاعى أمامه، يتعامل فى حالة الموقف البارنوى بالهجوم العدوانى والهروب المناوراتى والحذر والشك على طول الخط.
ويتضمن هذا الموقف البارنوى وجدانات الشك وفرط الانتباه والتلفت والعدوان، كى يحافظ على “الموضوع” ولكن على مسافة متغيرة وبشروط “حربية!!” لكن يعتبر وجود موضوع “خطر” هو خطوة أكثر تقدما بدلا من اللا موضوع أصلا.
3- ثم يتبين الكيان البشرى النامى أن هذا الموضوع الخطر، ليس خطرا على طول الخط، بل هو مصدر الحب والحياة، وبالتالى يزيد التقدم عن التجنب، وينقلب الموقف إلى ما يسمى الموقف الاكتئابي، وهو غير حالة الحزن أو الاكتئاب المعروفة، لكنه موقف يتميز بالاقتراب من الموضوع مع الاحتفاظ بمشاعر الكره الحذر، خشية الهجر، ويتضمن هذا الموقف الحب والكره معا فيما يعرف بثنائية الوجدان، وهو موقف يعلن الحاجة إلى الموضوع ولكن دون اعتمادية مطلقة لاغية للموضوع، ومع درجة مناسبة من الانتباه والألم والفرحة.
كذلك سوف أشير إلى مسألة التشكل والتكيف كقضية لاحقة، ومترتبة على العلاقة بالموضوع وإن كانت ليست متفرعة منه، ثم إنها أقرب إلى الموقف الناضج، إن صح التعبير.
1/2
الموقف الشيزيدى:
برغم أن العلاقة الشيزيدية تنفى وجود علاقة أصلا، إلا أن المسألة هى ليست كذلك تماما، ففى الموقف الشيزيدى يرفض الفرد الموضوع، يرفضه بالإلغاء والإنكار والالتهام والذوبان فيه حسب الموقف والسياق، والشيزيدى مغلق الأبواب، فاتر العاطفة، أو أن عاطفته الرقيقة الظاهرة ليست لها نبض يسمح بالاقتراب، لكنها دماثة زائفة تؤدى فى النهاية إلى البعد والتقوقع كل فى ذاته.
إذن، فما أقدمه هنا ليس الشخصية الشيزيدية وإنما هو الموقف الشيزيدي، الذى يمثل أول خطوات النمو، حيث “لا موضوع” أصلا، ومن أصعب الصعب فصـل هذا الموقف عن الموقف التالي، المسمى بالموقف البارنوي، حيث إن هذا الأخير الذى يمثل موقف الكر والفر الذى يؤدى فى أحد جوانبه إلى تجنب العلاقة، اللهم إلا هذه العلاقة القتالية المناورة.
ثم نبدأ بالأمثلة المصرية، فنرى أن أحد أوجه الموقف الشيزيدى هو نفور التماثل، فالشيزيدى المنغلق على ذاته مثل الحبل المبروم الذى لا يصلح أن يقترب من مثله حبل مبروم آخر، ومن هنا: مبروم على مبروم لا يلتقيان أو لا يتكاملان، وفى المثل “مبروم على مبروم ما ينفتلش”(2) جانب آخر، وهو أن الذى يعرف حيل الآخر نفسها، لا يمكن أن يتغلب عليه فى تحايل مماثل، فالموضوع لكى يكون موضوعا لابد من أن يكون مختلفا، وإلا فالمسألة مجرد تكرار الذات، إسقاطا تقمصيا عادة، وهذا ما يضيع فاعلية أى حكم مطلق شمولى يكرر الفرد إلى ما لا نهاية، يكاد يكون هو ما يكمن وراء “جدل العبد والسيد” عند هيجل.
وهذا الموقف يؤكد أن العلاقة الحقيقية هى علاقة “تكامل” لا تماثل، ومن الآن حتى نهاية الدراسة لابد أن نتذكر اختلاط الموقف الشيزيدى بالموقف البارنوى بدرجات مختلفة، فهذا المثل “مبروم على مبروم…” قد يؤخذ على أنه بارنوى إذا أدى معنى الكر والفر بين قوتين متكافئتين.
1/1/2
وما يوضح فكرة التنافر بالتماثل هو: مثل “زى نخل أبو قير دكر قصاد دكر”، ولم يشر المثل هنا إلى صعوبة أو استحالة التنافر بقدر ما أشار إلى عدم جدوى العلاقة أو عقمها، وإن كان قد يحمل معالم بارنوية (انظر بعد) مع التذكرة بأنه أحيانا يصعب تماما الفصل بين الموقفين: الشيزيدى والبارنوي.
أما فى البحرين فالمثل المقابل هو الذى يعلن أنه لا يستحيل لصق تمرة (بلحة) جافة بأخرى جافة مثلها “احشفة على احشفة ما تلتصك”، وهذا المثل أقرب إلى وصف الشيزيدية من المثل المصرى لأنه يشير إلى جفاف يستحيل أن يلتصق بجفاف مماثل، والجفاف هنا هو جفاف عاطفة الشيزيدي، كما يشير المثل فى الوقت نفسه إلى لا جدوى محاولة الاقتراب حتى الالتصاق، فمادامت العاطفة جفت، بماذا نتواصل؟
وهذا التنافر بالتماثل ليس اعترافا بالموضوع باعتباره كيانا مهدد أو حتى عدواني، لكنه إعلان أن الموضوع “المثل” تماما، المطابق تماما، عادة لا يكون موضوعا أصلا.
2/1/2
على أن الشيزيدى قد لا يلغى المسافة أبدا، وإنما هو يحافظ عليها ثابتة بحيث يضمن إلغاء العلاقة، كأنها علاقة مع وقف التنفيذ، وبالتالي: “لا علاقة”، وثمة مثلان مصريان يمثلان هذه الوقفة مع ثبات المسافة يقول الأول “لا باحبك، ولا بقدر على بعدك، “ويقول الثانى “قربوا تبقو بصل بعدوا تبقوا عسل”، أما المثل الأول فهو عكس الموقف الاكتئابى تقريبا حيث سوف نرى أن الموقف الاكتئابى هو “باحبك وأتوقع أن أقدر على بعدك (متألما) وربما يؤكد هذا حبك (انظر بعد).
والمثل الثانى يعلن زيف العلاقة باعتبارها علاقة إسقاطية اعتمادية، وليست علاقة بموضوع مختلف (بما هو) وإنما تتحدد هوية الموضوع بما أسقطه أنا عليه.
3/1/2
أما الجانب الآخر من الشيزيدية فهو جانب التجنب بالهروب والانسحاب، يقول المثل المصري: “إن جار عليك جارك، حول باب دارك”; فهنا رفض الشيزيدى الدعوة إلى الانتقال من اللاموضوع، إلى الموضوع القتالى أى الانتقال من الموقف الشيزيدى إلى الموقف البارنوي، ودعوة الانسحاب تتم بفعل تحويل باب الدار، عند جور الجار، دون الرد عليه، أى أنها تجنب أى نوع من أنواع المواجهة.
أما المثل التالى فهو أكثر إعلانا للشيزيدية إذ يجعل الانسحاب ليس من الجار الجائر، وليس بتحويل باب الدار فحسب، وإنما يجعله انسحابا من صحبة الأحباب، فهنا يعلن المثل أن العزلة أو الوحدة هى أفضل من قعدة الأحباب، وليست لتجنب أذى الغير، وهذا من أعمق مراتب رؤية الموقف الشيزيدى “قعدتى بين أعتابى ولا قعدتى بين أحبابي”.
وقد نفهم بسهولة تجنب أصحاب السوء، أو تجنب مواجهة عدوه، أما تجنب الحبيب “هكذا”. فهو إعلان صريح أن الحب الحقيقى هو الخطر الذى يتجنبه الشيزيدى ونعنى بالحب الحقيقي: حب موضوع حقيقى real object
4/1/2
ثم تأتى المرحلة الثالثة التى تعلن الانسحاب الوجدانى لدرجة التبلد وقطع مواصلات المودة فى المثل القائل” زى غز ططر لا يوحشه من غاب ولا يآنسه من حضر”، وهذا النوع من التبلد وخاصة الشطر الأول: لا يوحشه من غاب هو أهم من الشطر الثاني، ومما سبقه، لأن الموضوع الداخلى هنا هو الأهم من الموضوع الخارجي، ووحشة الغائب هى إعلان على درجة “حضور” الموضوع الداخلى حتى فى غيابه، وفى هذه الحالة يعلن المثل خطورة هذا الفقد (فينكره تماما، وبالتالى يطمس، ويجمد، حركة الموضوع الداخلي، اللهم إن كان تكرارا للذات، أو مغطى بصفة ذاته).
5/1/2
ثم ننتقل أيضا – ما زلنا مع الأمثال المصرية – إلى نوع آخر من الشيزيدية المتعلقة – بالالتهام حتى الاختفاء، أو العودة إلى الرحم، وهى قضية قديمة فى التراث الأدبى وفى التحليل النفسى على حد سواء، وفى التراث الشعبى تتواتر بشكل ملحوظ، حتى تستأهل دراسة تفصيلية، أرجو أن تسنح لى الفرصة للعودة إليها. أما الآن، فأكتفى بالإشارة إلى الأمثلة المصرية التى تتناول هذه الظاهرة من منطلق شيزيدى مباشر حين تصف الهرب إلى الرحم نكوصا شيزيديا كاملا بالمثل القائل: “رجع العجل بطن أمه” وهذه ليست جملة تقريرية، وإنما هو مثل يعلن الوعى باتجاه الفرد وهو ينسحب إلى الرحم، سواء كان انسحاب الذات إلى رحم الذات الأكبر، أو كان انسحاب الفرد إلى اعتمادية رحمية مطلقة على “آخر” موضوع خارجى فعلا.
والمثل الثانى الذى اقتطفته هو مثل يحـذر-ضمنا-من هذه العودة للرحم على أمل أن يتواصل ما يسمى برنامج الداخل*-* الخارج (in-and- out programm) فالشيزيدى يتقن هذه اللعبة شريطة أن يحافظ على المسافة بينه وبين الموضوع (مع موقف تنفيذ العلاقة) وثبات المسافة يضمن عدم الاقتراب، أما السير فى “المحل” فهو خداع العلاقة الظاهرة وهى التى تتقنها مجتمعات الغرب الحديثة حتى الجفاف. ولكن ثمة خطرا يكمن فى نشاط الجذب الشيزيدى فجأة، أو تماما، نشاط بلا رجعة حتى يدخل إلى الرحم الذاتى ولا يخرج، لأن الرحم ينقلب فى هذه الحالة قبرا، وبالتالى تصبح العودة إلى الرحم موتا نفسيا، وهو الذى يتحقق أحيانا بشكل من أشكال الفعلنة فى صورة الانتحار المحقق حقيقة وفعلا.
يقول المثل المتعلق بهذه المرحلة محذرا الشيزيدي. “القبر ما يرجعش ميت”، فمن ناحية – حسب تأويلى هنا، هو يعلن أن الموت النفسى (الشيزيدية المطلقة) لا يسمح ابتداء بالمقامرة بمحاولة لعبة الداخل الخارج – كما أن الرحم إذا صار قبرا، فإنه لا يستقبل إلا ميتا، وهو لا يرده بداهة.
ثم ننتهى بالمثل المصرى الثالث الذى يعلن أن هذا الاحتواء حتى الاختفاء وهو أمر لا شعوري،غالبا، فقد يتم بعيدا عن الوعي، فالمثل يقول “دسنى فى عين اللى ما يحسني”; فهو من ناحية دس فى العين بما يعميها بداهة، ومن ناحية أخرى أنه حتى صاحب هذا العين لا يحس بهذه العملية، فكأن الشيزيدى حين يضطر إلى عمل علاقة فإنه يعمل علاقة سرية فى ظل العمى وعدم الاحساس فهو يلغى العلاقة بالآخر كآخر برغم أنه داخله. وبرغم أن التفسير الذى أورده تيمور فى المرجع الأصلى كان يشير إلى كلمة دسنى على أنها “تقرأ بفتح الدال” (دسني)، وبالتالى قدم تفسيرا يقلب المعنى الذى التقطته هنا رأسا على عقب، فإنه يعنى احتجاجا من دعا المتحدث إلى الاقتراب جدا من شخص لا يقدره حق قدره ولا يحس به، لكننى عدت أقرأ المثل بكسر الدال، لأن الشطر الثانى من المثل هو فى المضارع “ما يحسني” وليس ما حـسـني”، مما يشير إلى شيزيدية أعمق، وليس إلى احتجاج على إهمال الرؤية.
5/1/2
فإذا انتقلنا إلى البحرين (فى هذه الجزئية الانسحابية عن الآخر أو الاستغنائية عنه) وجدنا – ربما لصغر حجم المصدر- أمثلة أضعف فى وصف الشيزيدية، حتى إن المثلين اللذين اقتطفتهما قد يعنيان الشيزيدية بقدر ما يعنيان الدفع إلى الاعتماد على النفس أو محاربة الاعتمادية، فالأول يقول: “اللى ما يشيل القدح بيده ما يرتوي”، والثانى يقول: “حمل فوق الراس ولا حاجة الناس”، والاستكفاء الذاتى لا يكون شيزيديا إلا إذا شغل كل مساحة الحصول على الاحتياجات العاطفية طوال الوقت. وهى الظاهرة التى تتمثل مباشرة، ولكن من موقع ساخر ومختلف، فى المثل المصرى القائل “زى غنم العرب تبات تشتـر على بربورها”.
6/1/2
هامش عن الذاتوية (التركيز على الذات):
على أن ثمة ظاهرة ليست متعلقة بالشيزيدية كموقف سيكوباثولوجى أو موضوعي، وإنما هى متعلقة بها من حيث علاقتها بالسلوك الذاتوى أو التحوصلى الذى يسمى فى اللغة الشائعة أحيانا “الأنانية”. هذا الموقف السلوكى الذاتوى شائع فى الأمثلة العامية المصرية بشكل متواتر، فها هو جحا يقر أن القيامة تقوم إذا هو مات، كأنه يعلن بذلك ضمنا أنه “أنا وبعدى الطوفان” وأن العالم لا وجود له إلا بوجوده الفردى الذاتى جدا. ثم مثل آخر يؤكد الذاتوية حتى على حساب الأولاد “فؤادى ولا أولادي”، أى أنه “أنا أولا وربما أخيرا” كأنه يصف كرامازوف الأب، ثم مثل ثالث يكاد ينهى عن عون الغير تطوعا حتى لا تـدعى إلى مالا تستفيد منه، بل قد تصاب من خلاله بأذي، “أردب ما هو لك ما تحضر كيله، تتعفر دقنك، وتتعب فى شيله”.
وأخيرا يوصى المثل المصرى أن تحرص على أخذ المكاسب بمنتهى اللهفة، حتى ولو خطفتها من أقرب الناس إليك، وبعد أن يكونوا قد تملكوها “إن لقيتى بختك فى حجر أختك خذيه واجري”.
وفى البحرين يظهر هذا الموقف الذاتوى بدرجة أقل حين يشير المثل إلى تحميل الخشن والثقيل والصعب على ظهر غيرك، “ظهر مـب ظهرك حمـل عليه كرب”، وكذلك حين يشير إلى التركيز على الذات وإهمال كل ما لا يمسـك مباشرة وشخصيا “مطر ما يبلك ما يهمك”.
3/2 – الموقف البارنوي
سبق أن أشرنا إلى أن الموقف البارنوى شديد الالتصاق بالموقف الشيزيدي، ثم هو فى ذاته يحمل نوعا من التعالي، وفى الوقت نفسه يؤكد الانفرادية والتوجس، وهو يخطو نحو الآخر لا يلغيه، إذ هو يحتاجه فيحافظ عليه، ولكن مع الحرص على الحذر منه، وعادة الارتفاع عنه ودمغه كـرا وفـرا.
1/3/2
ومن مصر نبدأ بالموقف المتعالى الذى يحكم على الآخرين بأنهم أدني، أو أنهم موتى لا يستأهلون أو أنهم لا يحرصون أو.. أو… إلى آخر مثل ذلك، فيقول المثل إن “الصقر صقر وله همه، يموت من الجوع ولا يحـود على رمة”، وهذا العلو فى الشطر الأول ليس دليلا فى ذاته على كل جوانب الموقف البارنوي، أما الشطر الثانى فهو المهم فى إعلان رؤية الموضوع، (لا إلغائه) لكن يعقب الرؤية الإسراع بدمـغـه أنه جثة هامدة، مما يبرر الاستغناء عنه تماما (ولا يحـود) مع الاحتفاظ به فى دائرة وعيه موضوعا هامدا على مستوى أدني.
ويأتى مثل آخر يؤكد الحاجة إلى الاستعلاء بأى ثمن “زى مرزوق، يحب العلو ولو على خازوق” ومع ما فى الصورة من سخرية، وواقع فى الوقت نفسه، فإن فيها ما فيها من تحذير من العلو الزائف، ومن البعد عن الآخرين بهذا العلو بأى ثمن، فالثمن هنا هو الهلاك التدريجى فى وحدة قاسية مفتوحة (هـ).
ثم يأتى المثل التالى ليعلن نوعا من الانفرادية البارنوية ذات الشوك، بالمقارنة بالانفرادية الشيزيدية الانسحابية، يقول المثل: “زى الزقازيق (نوع من السمك) كل منهو شوكته فى ضهره”.
3/3/2
أما الجانب الآخر من الموقف البارنوي، وهو جانب الخبث والتخفى والشك والمفاجأت المختبئة فالأمثلة التى تعريها كثيرة مثل “مية من تحت تبن”، أو تحت الدفة حية ملتفة”.
4/3/2
وثمة مثل مصرى يواجه هذا الموقف البارنوى مواجهة شديدة العمق، إذ يجذب هذا الذى يعلو حتى ليتصور أنه وحيد زمانه بل وحيد كل الأزمان، يجذبه إلى التواضع البشري، بتنبيهه إلى أن الساحة مفتوحه لكل تفوق، عنه، وحتى إذا لم يتم ذلك الآن فهو وارد مستقبلا ، فعلام التعالى والغرور. يقول المثل: “طول ما الولادة بتولد ما على الدنيا شاطر”.
أما فى البحرين فلم يسمح لى المصدر المحدود الحالى إلا أن ألتقط مثلا يعلن المواجهة المضادة لهذه الحالة البارنوية من الاستعلاء، وهو المثل الذى يذكر الأعلى المتعالى (بارانويا) بأن ثمة من هو مثله أو أخبث “على هامان يا فرعون”..
4/2 الموقف الاكتئابى
1/4/2
مفهوم الموقف الاكتئابى عامة ليس واضحا بالقدر نفسه من وضوح مفهوم الموقف الشيزيدى أو البارنوي، ذلك أن الاكتئاب هنا لا يظهر كمظهر سلوكى يمكن رصده، وإنما الاكتئآب هنا هو حسبة علاقاتية أكثر منه مظهر حزن أو ما شابه.
والأمر الثانى الذى ينبغى توضيحه هنا ابتداء هو أن هذا الموقف هو موقف تناقض الوجدان، وفى الوقت نفسه هو موقف احتمال الغموض واستيعاب التضاد، والانتقال من ثنائية الوجدان إلى احتمال التناقض هو انتقال من موقف ممـزق متـنـافـر (الثنائية)، إلى موقف ضام متضفـر (تحمل التناقض)، كذلك هو انتقال من انفصال متجاور (الثنائية)، إلى تكامل معقد (تحمل التناقض)، وهذا الانتقال هو بعينه الذى يولد الموقف الاكتئابى (انظر قبلا).
فالموقف الاكتئابى هو أقرب المواقف إلى ما هو واقع حى حقيقي، فهو الربط الموضوعى بين جزئى هذه الدراسة (العلاقة بالموضوع وإدراك الواقع كما هو).
2/4/2
ثم نبدأ من مصر بمثل مباشر يقول “الدنيا حلوة ومرة ومرها أكثر” فيقدم لنا طبق الواقع للموقف “حلوة + مرة”، ثم التميز الكمـى أيضا، “ومرها أكثر”، إلا أن الإيحاء الكلى للمثل، والإيقاع السريع للألفاظ يجعل المستمع يلتقط (أو هكذا فعلت) أن المرارة الثانية هى ليست المرارة الأولي، وكأن المرارة الأولى هى أحد شطرى المعادلة، والمرارة الثانية تشير إلى صعوبة تحمل نتيجة المعادلة، فإذا كان الموقف الاكتئابى يقول إن “الموضوع” هو مصدر حب (حلوة) وهو هو تهديد الهجر (مـرة) فإن نتاج ذلك هو الاكتئاب (مرها أكثر) (- وهذا اجتهاد يحتاج إلى عودة).
ويتأكد احتمال صحة هذا التفسيرمن ورود أمثلة أخرى تشير إلى تحمل التناقض بشكل واع تماما، يقول المثل التالي: “إن خانقك جارك إبقيه، وإن غسلت ثوبك إنقيه”، وجمال هذا المثل يكمن فى المقابلة بين العلاقة بالجار (الإنسان / الحي) والعلاقة بالشيء (الثوب – الجماد) فأنت يمكن أن تنقى الثوب فيصير أبيض ناصعا بلا شائبة، لكنك لا يمكن أن تنقى الجار – إنسانا- ليصبح ذا صفات واحدية – تماما، وبالتالي، يثير مشاعر واحدية دون تناقض وجدانى ambivalence، أى انسحابا إلى تصنيف الجار عدوا فقط (الموقف البارنوي، أو إلغائه أصلا (إن جار عليك جارك حول باب دارك) (الموقف الشيزيدي: انظر قبلا).
ويتأكد المعنى نفسه من ثلاثة أمثال أخري، المثل الأول يقول: “صبرى على خلى ولا عدمه”، والثانى يقول “قساوتهم ولا خلو بيوتهم”، والثالث يقول بالمعنى نفسه “جفاك ولا خلو دارك”.
فهذه الأمثال الثلاثة تعلن ببساطة واقتحام أن الموقف الاكتئابى المتحمل للموضوع “الحلو/المر” هو أفضل وأبقى وأكثر واقعية من الموقف اللاغى للموضوع، ففى الأمثلة الثلاثة يعلن الحدس الشعبى التنبيه على موضوعية الحاجة للآخر، حتى لو هجر، حتى لو نسي، حتى لولم يقترب، فمجرد وجود “الموضوع” على ظهر الدنيا هو مكسب، يحافظ على الموقف الاكتئابى دون الحاجة إلى العدوان أو الانسحاب (بارانوى **–** شيزيدي) فهذه الأمثال تعلن رفض العدم – برفض اختفاء الموضوع مهما كان الهجر محتملا.
ثم تتمادى المبالغة فى إعلان المغامرة بالعلاقة، حتى لو كانت تحمل خطر الموت نفسه، وليس فقط مرارة الصعب، يتبين ذلك فى مثل مبالغ فيه يقول: “إن حبتك حية اتطوق بها”، ثم يخفف هذه المبالغة مثل آخر يقول: “إن كان جارك بلا حك به جسمك”.
3/4/2
وبشكل مباشر، يواجه حدس الناس الموقف البارنوى بمحاولة العبور منه إلى الموقف الاكتئابي، وكما واجه هذا الحدس الموقف الشيزيدى برفض العدم حتى لو كان يغرى بالراحة من القسوة أو الجفاف، فإن الحدس الشعبى يواجه الموقف البارنوى بالتفرقة بين الشك والحرص، يقول المثل المصرى “حرس ولا تخونش” يفرق تفريقا رفيقا بين الوعى بمخاطر الواقع وتناقضاته، وبين احتمالات التخلى والخداع والترك وما شابه، وهو الذى تعنيه كلمة “حرس” وبين موقف التوجس والشك والاتهام بالخيانة “ولا تخـونش” وهو موقف صعب ليس له ناتج إلا الاكتئاب.
وفى البحرين: يوجد مثل قريب، وإن كان ليس مرادفا يقول: “إحفظ مالك ولا تتهم يارك”، فالتركيز هنا على مسؤولية الذات تجاه الآخر لتجاوز موقف التوجس.
وتؤكد الأمثال البحرينية وعى الحدس الشعبى بهذا الموقف الصعب الحامل لتناقضات الواقع، والمتكيف معها والمستوعب لها فى الوقت نفسه، وهوالموقف الاكتئابي، وإن كان البحث عن تناقضات الموضوع مع تضفرها فى آن، لم يسعفنى مثلما أسعفتنى الأمثال المصرية.
أما المثل البحرينى الأعمق فى هذا الصدد، فهو الذى يعرى صعوبة الإيذاء يأتى من المصدر نفسه الذى ينتظر منه إرواء الحاجة إلى الآخر، ودعمه، وحل صعوباته، “غصيت بك يا ماى شا دفعك به” ذلك أن هذا المثل يشير إلى أن الصعوبة (الغصة) تأتى من مصدر الرى نفسه – وهو الموقف الاكتئابى نفسه حين يأتى التهديد من الآم المحبوبة فعلا. وثمة مثل فى الاتجاه نفسه وإن كان أقل عمقا فهو يحمل قدرا من النفعية، أكثر مما يحمل قدرا من تناقض الوجدان، وهو يقترب من القدرة على التكيف (انظر بعد) أكثر من اقترابه من الموقف الاكتئابى “أحبك يا نافعى ولو كنت عدوي”.
وثمة مثل بحرينى آخر يقول “يا لوزة شوكك شاقنى كاليت دريت ما الحصي”، فالواقع هنا ماثل بشكل مباشر، ذلك أن الرغبة فى اللوز وحلاوته وطعمه، يصاحبها أذى الشوك، لكن ذلك يسبقه اقتراب مغامر مؤلم أيضا فى محاولة الحصول على ثمر اللوز بقذفه بالحصي، كأن هذا المثل يصور الموقف الاكتئابى من “وجهة نظر الأم” (أى الموضوع) أكثر من وجهة نظر الطفل، (الفرد) فكأن الأم تردد على ابنها الذى يشكو احتمال هجرها بأنه أذاها (مرحلة عـض الثدى مثلا) وهو ينفصل عنها، وأن الانفصال لتحقيق موضوعية الموضوع لابد وأن يصاحبه ألم على الجانبين.
5/2 هامش عن: التكيف الاجتماعى والتشكل
ولو أن هذا الهامش ليس له علاقة مباشرة بماهية العلاقة بالموضوع، فإن إيراده فى هذه الدراسة له مبرران:
الأول: أنه ربط بين العلاقة بالموضوع وبين الصلة بالآخر بواقعية محسوبة.
والثاني: أنه يعالج موضوع الأخذ والعطاء على مستوى السلوك الاجتماعي، بحيث ينبه إلى واقعية الجانبين، وضرورة المرونة التى سبق الإشارة إليها.
وتنقسم الأمثال التى تصلح لإظهار هذا البعد إلى مايلي:
الأمثال التى تنبه على أن كلا من الموقف الطاغى (المسيطر) والموقف المتنحى (التابع) لازم لتحقيق التكيف، وأن هذا الموقف (المسيطر) يكمل ذلك الموقف (المتنحي) ويتبادل معه.
نبدأ بالبحرين: يقول المثل البحرينى ببساطة ومباشرة “إذا ماطاعك الزمن طيعه”.
لكن هذا المثل عام وليس متعلقا بالتعامل بين الناس بعضهم وبعض بقدر ما هو متعلق بقبول، الذى أشرنا إليه سابقا فى مسألة التلاؤم .
وفى مصر نرى الصورة أكثر مباشرة فى مثل آخر يقول مباشرة “الإيد اللى ما تقدرشى تقطعها بوسها” وفى الحالتين نرى أن التكيف قائم ومحتمل.
أما الأمثال التى تدعو إلى التكيف بالإذعان فهى كثيرة فى مصر خاصة مثل: “اللى يتجوز أمى أقوله يا عمي”، “واللى يتجوز ستى أقوله يا سيدي”، “وارقص للقرد فى دولته”، وكثرتها فى مصر (المبالغة فيها) قد تشير إلى موقف خاص بعلاقة الشعب بفراعينه، (دون أن ننسى ثقة هذا الشعب بوقوف الزمن إلى جانبه حتى يفنى هذه الفراعين أولا بأول “أصبر على جارك (وفرعونك) السو يا يرحل يا تجيله مصيبة تاخده).
وفى البحرين تظهر صورة التكيف “بالسيطرة”، ثم التكيف “بالإذعان” فى مثلين متلاحقين “اللى ما يطيع يضيع” (إذن فلابد من الطاعة تكيفا وحفاظا على النفس من الضياع) وعكس ذلك من الجانب الفوقى أنه “اللى ما يرضى يترض”، يعنى هكذا هو الأمر ومن ذا الذى لا يعجبه، فسوف يضطر أن يعجبه.
وفى حين يدعو المثل المصرى إلى شرط الموافقة لتتم الصداقة والمواءمة “اللى توافقه رافقه”، يعلن المثل البحرينى ضرورة الالتزام بالموافقة ابتداء (ولو بالتفويت) إذا كان للصداقة أن تتم أصلا “اللى مايوافق ما يرافق”.
كما نرى أن ما تركز عليه أمثال البحرين فى هذه النقطة هو الإلحاح على ضرورة التفويت والملاينة حتى تسير الأمور ويتم التكيف.
“اللى ما يلين ينكسر”، “ضلع ما يلين ينكسر”،
”وادهن السير يجري”.
أما علاقة الندية والدعوة إلى المعاملة بالمثل فهى كثيرة التواتر، ولها دلالتها إذا أخذت جنبا إلى جنب مع علاقة السيطرة والإذعان، ففى مصر يقول المثل: “من رادك ريده”، “ومن طلب بعدك زيده”، كما يقول مثل آخر “من فاتك فوته” أو “اللى يديك ظهره إديله كتفك”.
وبعد،
فهذه القراءة هى مجرد تذكرة بما أردنا الإشارة إليه فى البداية من أن الحدس الشعبى أسبق من التنظير النفسي، وأن تسجيل هذا الحدس الذى يظهر أكثر ما يظهر فى الحدس الجماعى والمرض النفسى هو أسلوب شديد الأهمية فى كل من المنهج والمحتوى على حد سواء.
ملحق الدراسة :
حاولنا أن نجمع الامثال التى أوردناها فى الدراسة منفصلة هذه المرة حتى يمكن أن يتأملها الرأى مستقلا بعيدا عن المتن، وحتى لا ينقطع السايق
الموقف الشيزيدى (1-تنافر)
مصر: (1) مبروم على مبروم ماينفتلش (2) زى نخل ابو قير دكر قصاد دكر
البحرين : احشفه على إحشفه ماتلتصك
الموقف الشيزيدى (2-مسافة)
مصر: (1) لا احبك ولا اقدر على بعدك (2) قربو تبقو بصل بعدو تبقو عسل
الموقف الشيزيدى (4 – احتواء؟ اكتفاء)
البحرين : إذا كان ريجك حلو لا تاكله كله
مصر : زى غنم العرب تبات تشتر على بربورها
الموقف الشيزيدى (4 – احتواء )
مصر : (1) رجع العجل بطن امه (2 زى القبر ما يرجعش ميت . (3) دسنى ف عين اللى ما يحسنى . (4) إن كان حبيبك عسل ماتلحسوش كله.
الموقف الشيزيدى (5 اكتفاء)
البحرين: (1) اللى مايشيل ما يشيل الجدح بيده مايرتوى (2) حمل فوق الراس ولا حاجة الناس
الموقف الشيزيدى (6- مظاهر أخرى : الذاتوية، النرجسية آلخ)
مصر: (1) قالوا لجحا إمتى تقوم القيامة، قال لما أموت أنا (2) فؤادى ولا اولادى (3) أردب ماهولك ما تحضر كيله، تتعفر دقنك، وتتعب فى شيله (4) إن لقيتى بختك فى حجر اختك، خديه واجرى
الموقف البارنوى (1) موقف الاستعلاء والاستغناء
مصر : (1) الصقر صقر وله همه، يموت من الجوع ولا يحود على رمه (2) زى مرزوق يحب العلو ولو على خازوق (3) زى الزقازيق كل منهو شوكته فى ظهره
الموقف الشيزيدى (7- مظاهر اخرى :الذاتوية، النرجسية الخ)
البحرين: (1) ظهر مب ظهرك حمل عليه كرب (2) مطر ما ما يبللك ما يهمك
الموقف البارنوى (2) موقف الاستخفاء والمرواغة
مصر : ميه من تحت تبن
البحرين : تحت الدفة حيه ملتفه
معادلة الموقف البارنوى
مصر: طول ما الولادة تولد ما على الدنيا شاطر
البحرين : على هامان يا فرعون
الموقف الاكتئابى (1) ويشمل تناقض الوجدان والوعى بالالم واحتمال الغموض
مصر : (1) الدنيا حلو ومره ومرها أكتر (2) صبرى على نفسى ولا صبر الناس على (3) إن خانقك جارك ابقيه وان غسلت ثوبك انقيه (4) ان كان جارك بلا حك به جسمك (5) صبرى على خلى ولا عدمه (6) قساوتهم ولا خلو بيوتهم (7) جفاك ولا خلو دارك (8) إن حبتك حيه اتطوق بيها (9) ان كان الراجل غول مايكلش مراته (10) حرس ولا تخونش
الموقف الاكتئابى (تكملة)
البحرين : (1) غصيت بك يا ماى شادفعك به (2) احبك يانافعى لو كنت عدوى (3) يا لوزه لوزج شاكنى كالت دريت من الحصا (4) احفظ مالك ولا تتهم يارك
التبادل بين السيطرة والاذعان
مصر (1) الايد اللى ماتقدرشى تقطعها بوسها (2) اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى (3) اللى يتجوز ستى أقوله يا سيدى (4) اللى توافقه رافقه
البحرين : (1) اذا ما طاعك الزمان طيعه (2) اللى ما يطيع ايضيع (3) اللى مايرضى ينرض (3) اللى مايوافج ما يرافج (4) اللى ماي لين ينكسر – ضلع ما يلين ينكسر (5) ادهن السير يجرى
معاملة الند (واحد بواحدة)
مصر : (1) من رادك ريده، ومن طلب بعدك زيده
(2) من فاتك فوته (3) اللى يديك كتفه اديله ضهرك
[1] – وإن كان قد تم تحوير وإضافات مناسبة، حتى تصلح لتوضيح الأمر للقارئ العادى أساسا.
[2] – فضلنا هذا العدد – خلافاً للنشر الأول والعدد السابق أن نجمع كل الجداول المبين فيها الأمثال المقابلة كملحق للمقال حتى لا ينقطع السياق