العيش قفزا
السيد زرد
لاتغادر… كلُّ الدروب تسلّمُكَ للضياع….. كل المدن منافى…. لا تغادر
هاهنا نزفتُ دماؤك، والسنوات التى سقطت من العمر القصير!
حلمك المثلوم منغرس بجنبك… فاطلق الآه ثخينة مترعة…. لكن لا تغادر.
سقط اللواء وانهزمت جيوشك ، دون حرب، ما صلصل فى الميدان سيف، ولا أشرعت الرماح…. عبثا تغطى سوءتك بالفلسفات الخائية…. لا تبرح مكانك…. لا تلوث أرض الله بالعار يقطر منك.
حلّت اللعنة والقدر الرهيب، فافقأ العينين واندم… لكنّك لن تبرح – بحال – مملكة الذل المقيم.
– 2 –
أوغل الليل وانطفأت عيون المسهدين… سأغافل حرس الأبواب، وأجتاز السور العتيق، سأخرج إلى الصحراء الممتدة، وأترك نفسى لرمالها وهوامهّا وهجيرها، سأستقى من أول خباء ألقاه، وأتشبب بمن ستمنحنى جرعة الماء من وراء حجاب….. سأحدو مع أى قافلة، وأرتحل إلى بعيد…. إلى بعيد…. حينما يسألونى عنّى وعن نسبى، سأختلق حكاية عن عمّى الذى رفض أن يعطينى ابنته إلا إذا جئتُه بألف من النّوق… سأرحل.
– 3-
رنّ جرس المنّبه ببرود وقح… قفز واقفا، وتثاءب… حكّ ظهره وقفاه…. لكزّ امرأته المبعثرة على الفراش… سكب الماء على وجهه. بدَّل ثيابه… تبادل الحديث معادا مع تلك المرأة التى أخذت تلف الصغير…. حمله على كتفه، وراح يقفز درجات السّلم….. قفز إلى الحافلة محاذرا على حمله.. سلم الصغير إلى جدته.
وقفز إلى يوم آخر تعسِ.