قصة
السيد زرد
فلنسم الأشياء بأسمائها.. هذا مقعد أجلس عليه، وتلك ورقة بيضاء تواجهنى.. القلم فى يدى.. تحضرنى الرغبة فى الكتابة، لكنى لا أستطيع أن أفعل.. فتنز مشاعرى.
فلأكتب عن السيد زرد.. فمن أين نبدأ؟.. لنبدأ من الأن.. ها هو السيد زرد يمسك بالقلم متحيرا، تتملكه رغبة مبهمة فى البوح، فى قول شئ ما.. رغبة لاعجة تستبد به، تكاد تستغرق كل مشاعره وحواسه.. ها هى الرغبة فى الكتابة توشك أن تتحقق.. لكنها – كصورة فوق ماء يترقرق – تبين ثم ترتعش حتى تقرب من التلاشى.. لا يستطيع الامساك بها.. يتعب فى محاولة تصيدها.. ثم يقنع أخيرا بالانتظار.
هو السيد زرد.. تسعة وعشرون عاما وأوراق.. ورق .. ورق.. يعمل بالورق، يتسلى بالورق، يحزن فوق الورق، يفرح على الورق.. استبدل بدنيا الناس دنيا ورق.. لكنها الريح تأبى ألا أن تجتاحه، فيتطاير الورق، ويدرك بوضوح – فج – أن الورق ليس له سوى وزن الورق.
هو السيد زرد.. تسعة وعشرون عاما وزكيبة أحلام مجهضة.. نفسه المتكسرة على أسطح الأدب والسياسة والمحاماة، لا تمتلئ، شوهاء.. يلهث وهو يجرجر زكيبة الأحلام المجهضة.. لا يملك أن يتخلص منها، مربوطة الى عنقه، يضيف اليها كل يوم ثقل جديد، حلم مجهض آخر… أصبح محترفا صنع الأحلام المجهضة.. الرائحة النتنة تفوح من الزكيبة.
هو السيد زرد.. تسعة وعشرون عاما.. رحلة شاقة وترحال موجع بين صفرين.. رغم ذلك لا يتوقف.. مازال يواصل الترحال، يواصل التدحرج. النزف، الصراخ، الورق، الأحلام المجهضة.. أى قدرة عجيبة يحملها المرء بين جنباته تجعله قادرا على أن يواصل، أو بالأحرى غير قادر على التوقف؟!
أنا السيد زرد.. فشلت هذه المرة فى كتابة قصة جيدة، لكنى – من المؤكد- سأحاول مجددا، وسأكتب قصصا رائعة.