الافتتاحية
يصدر هذا العدد من المجلة، ونحن فى حيرة، إذ نجد أنفسنا نعمل بدون رئيس التحرير بعد ابتعاده المؤقت، الاختيارى /الاختبارى/ الطوعى/التطوعى؛ (انظر ما قبل الافتتاحية، والافتتاحية فى العدد الماضى)، فندرك خائفين، ومعاندين، كم المسئولية اللازمة للاستمرار والتحدى.
. . . . .
نراجع أنفسنا فى هذا العدد، فنتذكر أننا مجلة “علمية” ثقافية، فيعود الجزء العلمى ليأخذ مكانا جديرا به على صفحات العدد، فيقدم لنا الدكتور رفعت محفوظ بلغته الدقيقة دراسة عن “علم نفس الأنا”، ملقيا الضوء على جوانب غير معروفة فى نظرية التحليل النفسى؛ تلك الجوانب التى اتسعت بعد رحيل المؤسس فرويد؛ لتقدم رؤية شاملة للنفس الانسانية استحقت أن تسمى بعلم نفس جديد؛ وتقدم الدكتورة هناء سليمان مدخلا لموضوع طالما اهتمت به المجلة، وهو اضطرابات اللغة فى الفصام، ونأمل أن يستمر الجزء العلمى فى التوسع لنقل الأمانة إلى القارئ، وما زلنا آملين فى مشاركته.
ولا يعنى هذا انحسار المد الأدبى على صفحات المجلة، فما زالت الأديبة اعتدال عثمان تخص المجلة بانتاجها، ويتحاور معها الشاعر وليد منير، فالكتابة النقدية عن مثل هذه الأعمال لا تملك – فى رأينا – إلا أن نتوقف عندها ونتحاور معها؛ ويلتقط د. سيد حفظى الخيط هذا ويقدم قراءة بعد القراءة لنفس العمل. وما زال الباب مفتوحا.
. . . . .
كما يحتوى هذا العدد الحلقة الأخيرة من “الناس والطريق” للدكتور يحيى الرخاوى، وبذلك ينتهى العمل الذى تتبعه القارئ عبر أعداد سابقة، هذا العمل الذى ينتمى إلى نوع خاص من الأدب، لايقف عند أدب الرحلات ووصف الأماكن والأحداث، بل يغوص إلى أعماق الخبرة الشخصية ليستخرج منها القلق العام، فى محاولة التواصل مع الذات والآخر، داخل وخارج الوطن والمكان. ونعد أن نصدر هذا العمل كأول كتاب يصدر بعد أن نشر مسلسلا فى هذه المجلة العنيدة، بعد أن استمرت فصوله لأكثر من عامين، وليس عنادها هنا فقط ولكنها مجلة عنيدة – أيضا وقبلا – إذ تصر دائما أن تكون الفرصة على صفحاتها للناس، كل الناس، وأن تكون الفرصة حقيقية، للكتابة والنقد والحوار الدائم، وأن تتساءل – دون خجل أو ادعاء – عن كل الشوائب والقوالب والبديهيات العقلية. العنيدة إذ هى فى جدل دائم مع نفسها ومع الآخرين، وهى عنيدة أيضا إذ تصر دائما على مشاركة القراء، القراء (حتى ولو كان الاصرار انتظارا، ليس فقط) المشاركة فى كل هذا، وفى عنادها، كتابة، ونقدا، فعلا وحوارا، (انظر حوار هذا العدد).
. . . . .
وفى هذا العدد يجرى أيضا بعض التغيير فى شكل المجلة، نود أن نعتذر عن جزء منه وهو صعوبة قراءة الخطوط وعناوين المقالات لخطأ فنى لم يمكن تداركه، ونحيل الجزء وهو تغيير شكل الغلاف والرسوم الداخلية إلى القارئ للحكم، وابداء الرأى.
ونود أيضا أن نشير فى هذا الصدد إلى أن بعضنا قد اقترح القيام بتجربة الطباعة الحديثة (الأوفست) واقترح الأغلب منا أن نبقى حيث نحن بتلك الطباعة (الطيبة)، التى لابد لها فى ظروفنا الخاصة الحاضرة أن تستمر فلا يأكلها تحديث الطباعة والدعاية، خاصة أن وجودها الآن بكفاءتها وتكلفتها وسهولة التعامل معها، يدحض ويفند بعض أسباب المتقاعسين عن نشر ابداعهم، وعن المساهمة فى تحريك السطح الثقافى البطئ. فربما كان وجودنا بهذا الشكل واستمرارنا تجربة ما، مثالا ما لامكانية الصدور والتواصل والتحرك دون امكانات الطباعة الحديثة.
ودون بهرجة فرط الدقة والتلوين وأحكام الظاهر مما قد يبتلع أو يؤجل الحركة الداخلية وموجات الابداع البسيط “غير المحكم”.
ولايعنى هذا، أننا نرفض الشكل الآخر تماما وأبدا، ولكننا هكذا الآن، فربما فى وقت آخر وموقف آخر نتوقف ثانية ونتساءل، ونقرر التجربة . . ولكننا الآن نرى أن التغيير الشكلى الظاهرى، بلا خطة أو مبرر معقول لايكون أسلوبا أمثل لبدء حركة أو تغيير مسار، أو حتى لتصليح أو استكمال.
. . . .
ويأتينا فى هذا الصدد التغيير الوزارى الأخير الذى جاءنا بلا مقدمات ولا مبررات، على الأقل معروفة لدينا، او حتى معلن بعضها، ولو على سبيل تطييب الخاطر، فلا نسأل لماذا؟ ؟ . . ونتسول أن يكون لنا خاطر عندهم!! ولكن نتساءل : إلى متى ؟ ؟ هكذا . .؟ دون حوار . .؟؟
وتطلع علينا أمريكا، بما هو أمريكا، وايران، بما هو ايران، ويطلع علينا كل، بما هو حقيقية، فنتصور لأول وهلة أننا نعرف، أو كنا نعرف، ونكاد نلوم من صدق، ومن يريد أن يصدق، ثم تمتد الحكاية، ولانعرف إلى أين، حتى نكاد نفقد ثقتنا فى أى تصور وأى اعتقاد فى أى امكانية لأى شئ، ولكننا نستمر، ونطلب الاستمرار والحوار، وهل أمامنا إلا الاستمرار . . .؟؟ ومن يعيش، سوف يرى ويسمع، ومن يعيش أكثر، يرى أكثر، ولكن، بالله عليكم هناك طرق عديدة للحياة والرؤية ذات نهايات تبلغ حد التناقض فى تباينها ومخاطرها . . فهل من منتبه . .؟
أسرة التحرير