إستفسارات ومشاكل
قراءة الكتب النفسية
يكتب/أ. أ. ك ، من كفر الشيخ:
برجاء من سيادتكم تحديد بعض عناوين لأهم المراجع والكتب عن الصحة النفسية كعلم له أصول وكمنهج له مراجع محلية وعالمية، إنى أدرك جيدا أن البحر عميق ولكن أرجو من سيادتكم إرشادى إلى بعض الكتب لتكوين ثروة لغوية وعلمية وتاريخية فى مجال الصحة النفسية.
فنرد قائلين:
أولا: أشكرك على ثقتك باختيارنا لطرح هذه التساؤلات، ثم أشكرك على رغبتك فى القراءة، والإتقان – هكذا- فما أندر ذلك الآن.
ثانيا: أرجو أن تبحث بهدوء فى نفسك عن دوافع الرغبة لهذه القراءة النفسية بوجه خاص، ذلك أنه قد لوحظ من الخبرة العلمية أن الدوافع لمثل ذلك قد تكون فى كثير من الأحيان رغبة فى العلاج الذاتى، وهذا شيء طيب طبعا، لكنه قد يحمل مخاطر سوء تأويل ما تقرأ أو تعرضك لافتراض أمراض عندك لا وجود لها.
ثالثا: إن أى كتاب عميق ، وخاصة فى مجال الأدب الروائى ، هو أهم وأكثر ثراء لمعرفة النفس من كثير من الكتب التى تتكلم عن الصحة النفسية والهناءة النفسية بشكل مباشر.
رابعا: إن كثيرا من الكتب الشائعة تحمل أفكارا مباشرة ومسطحة، وأخشى أن تكتفى بها فتحرمك من الفرصة لمعرفة النفس، ومعرفة نفسك من واقع الحياة والثراء الأدبى خاصة
خامسا: إن كتب النصائح والإرشادات تمسخ الحياة أحيانا ، وهى تفيد المتعجل والمبتدئ، لكن الذى يأخذ ما بها على أنه علم ثابت، وأمر واجب قد يجد نفسه بعيدا عن معرفة نفسه وعن الصحة النفسية.
سادسا: إن تعريف الصحة النفسية غير واضح عند الكثيرين، فهى ليست الرفاهية والدعة، وليست النفاق لاكتساب الأصدقاء، وليست مجرد عدم وجود أعراض نفسية، بل هى الحضور الإيجابى فى الحياة ومشاركة الناس والانتظام فى عمل نافع لك وللآخرين، والحياة التى لها هدف ومعني، وكثيرة هى الكتب التى تهدى إلى ذلك، دون أن تسمى باسم الصحة النفسية.
خلاصة الرد: إبحث عن ما هو صحة نفسية فى كتبها، وفى كل ما يحققها من معرفة إيجابية، حتى لو لم يكن إسمه كذلك.
هبوط المستوى الدراسى: فجأة!!
يكتب / أ.أ.أ.، من طنطا:
فى السنة الخامسة الابتدائية حصلت على مجموع 96%، وفى السنة الثالثة الإعدادية حصلت على مجموع 91% بعد ما دخلت ثانوى عام، فى سنة أولى ثانوى حصلت على 67%، وفى الصف الثانى (المرحلة الأولى من الثانوية العامة) حصلت على 51.2%، رغم أننى أقسم بذات الله أن ناسا كثيرين هم أدنى منى فى كل شيء، دين، ذكاء ووضع اجتماعى ومذاكرة، مشكلتى أننى أشعر بالغباء أو بمعنى أصح أننى أصبحت غير ما كنت، حيث أننى مشهود لى من كل الناس أننى حاد الذكاء أو أقرب ما أكون إلى العبقرية (بدون غرور) قد أكون اجتزت الشعرة الفاصلة بين العبقرية والجنون كما يقولون !!! فى صغرى كنت أكسر وأحطم الأشياء، وهذا دليل على خلل مبكر طبقا لما قال الأخ (فرويد)، لكننى عندما أجلس أمام الكتاب أجد مليون شيء آخر يشدني، وحينما أطرد كل ذلك لأركز فى الكتاب وأجلس أجد أن النوم يغالبني، أو إن لم يكن النوم فالجوع، أو فقراءة رواية أو قصة …..إلخ. أسرح كثيرا أثناء شرح المدرس ولا أفهم، أشعر بالملل سريعا، لا أستطيع أن أجلس ساعتين متصلتين أمام الكتاب. أرجوكم ساعدوني
فنرد قائلين:
بصراحة : عندك حق أن تأخذ مسألة هبوط مجموع درجاتك هكذا مأخذ الجد، إن هذا التدهور الواضح فى التحصيل الدراسى هو علامة منذرة فى مصر بوجه خاص، لكننى أبادر فألحقك قائلا:
إن الشعور بالغباء ليس غباء بحال من الأحوال، ثم إن الذكاء الذى تتحدث عنه والذى تأكد من تفوقك فى بداية دراستك مازال موجودا حتما، لأن الذكاء علميا لا يتدهور بشكل حقيقى إلا فى أحوال نادرة من الاضطرابات العضوية فى سن متأخرة فى العادة، أما ما تحكى عنه فيدل على أنك لم تعد تستعمل ذكاءك كما ينبغي، أو كما كنت تستعمله صغيرا، فماذا حدث يا ترى ؟
واضح أن تركيزك قد أصابه تشتت ليس بسيطا، وأرجح أنه نوع من الاحتجاج الداخلى على تسخير عقلك لمجرد التحصيل الدراسى على حساب كل حقوقك الوجدانية، وعلى حساب تكوين كيانك واستقلالك فى الوقت المناسب
عليك أن تلزم نفسك بعناد خاص بينك وبين نفسك، مثلا أن تقرأ كذا ساعة فى اليوم حتى بدون فهم ، وكذلك حتى بدون تركيز، ثم ليكن الاستذكار عنادا متزايدا أيضا، وهذه المرة سوف تذاكر أنت لتتحدى ما حدث لك وليس إرضاء لوالديك، أو تأكيدا لتاريخك المتفوق، إنك الآن فى موقف مختلف يحتاج إلى العناد والمثابرة والاستمرار.
قد تستعين ببعض الأصدقاء، أو بالكتابة والتلخيص، أو ببعض الدروس، أو باستشارة طبية، ولكن فى جميع الأحوال لا بد أن تعلن بداية التحدى وأن تستلم قيادة المعركة لتسترد حقك فى استعمال ذكائك لك، وليس لحساب غيرك، ولا على حساب مستقبلك … ربنا يستر.
عن الشباب، والاكتئاب، والدين !!
أ.ح.ع.، الشرقية،
أولا: ما العلاقة السليمة بين الجيل الحالى من الشباب والجيل الماضي؟
ثانيا: مشكلة الاكتئاب هل هى فى الوقت الحالى تعتبر ظاهرة مرضية منتشرة أم حالة عارضة. وما الاكتئاب وأعراضه الحقيقية؟
ثالثا: كيف يمكن تنشئة الشباب تنشئة دينية صحيحة؟
أولا: الإجابة عن السؤال الأول:
العلاقة بين الأجيال علاقة متعددة الأبعاد ، وهناك دائما فجوة حقيقية بين الأجيال، والفجوة لا تعنى انفصالا حاسما أو متزايدا ، لكنها تنبه إلى المسافة والجهد المطلوب من الجانبين، لكن بالنسبة إلى أحوالنا الراهنة ، وفى مصر بالذات، تبدو الأمور ذات خصوصية تحتاج إلى تنبيه : فمثلا الملاحظات العابرة عن الجيل الجديد تبدو كالتالى :
1 – الجيل الجديد يبدو أكثر كهولة وتزمتا من الجيل القديم ( مع أن العكس هو المتوقع أو المفروض)
2 – الجيل الجديد يبدو أقل إتقانا وعنادا، مع أن الثورة التى تصف الشباب لا بد أن تتسلح بالإصرار والمثابرة
3 – الجيل الجديد أقل حبا للمغامرة والاكتشاف، يريد كل شيء معرفا ومعروفا من قبل ، فى حين أن الشباب لا يكون شبابا إلا إذا كان مستطلعا مغامرا مستكشفا مندهشا.
أما الملاحظات عن الجيل القديم الحالى فى مصر فهى كما يلى [والله أعلم] :
1 – الجيل القديم أقل حسما وحضورا ، بمعنى أن موقفه مهزوز متذبذب، مع أن المتوقع أن يكون صارما حازما.
2 – الجيل القديم أقل حوارا مع بعضه البعض، ومع الجيل الأصغر إذا قورن بالجيل الأقدم آباء الأربعينيات والخمسينيات.
3 – الجيل القديم أسرع يأسا وانسحابا، مع أن موقفه الناقد للشباب يحتم عليه أن يقدم البديل فى شكل قدوة مسئولة عن الحياة استمرارا وتقدما وإتقانا وإنتاجا
خلاصة القول إن العلاقة السليمة بين الأجيال تبدأ من رؤية الواقع ، وتعديل المواقف، وترتيب الأوراق والتعاون والحوار لصنع حياة أفضل هى مسئولية كل الأجيال.
الإجابة عن السؤال الثاني: لا بد أن نفرق بين الحزن، وهو روعة الوجود البشرى الواعى بآلام البشر المشارك فى إدراك حقيقة التحدى واحتمالات الإحباط وصعوبة العدل، نفرق بينه وبين ما يسمى الاكتئاب وهو الشعور بالعجز والانهباط والدونية والملل واليأس والتوقف والإعاقة. وعلى كل لا يسمى أى شعور مرضا إلا إذا أعاق صاحبه عن الإنجاز ، وعن التكيف، وعن الاستمرار، والإشاعة التى سرت مؤخرا من أن ثلث الشعب المصرى مصاب بالإكتئاب هى نكتة أكثر منها معلومة، لا لأنها كاذبة، ولكن لأنها مبنية على معلومة عالمية لا تفهم إلا فى سياقها العام من حيث تعريف ماذا قصدوا بكلمة ‘اكتئاب’ هذه، فلا داعى لإزعاج الناس، أو وعدهم بما لا نملك، ولا يجوز إزالة الاكتئاب، أو حرمانهم من حق الحزن، وكل ما حولنا يستدعيه.
الإجابة عن السؤال الثالث: الشباب المصرى خاصة متدين بفطرته، ولا بد أن نقدم له الدين من مدخل صحيح، فالدين ابتداءا سلوك تحدده عبادات أساسية ، ثم هو قبل ذلك وبعد ذلك علاقة الشاب ( الإنسان) بربه ، بمعنى أن يكون الله معه فى السر والعلن، وأن يكون الحوار بين العبد وربه متصلا دائما أبدا ، ثم هو مع كل ذلك علاقة سليمة مع الناس ، وبالناس
وأية محاولة لاستغلال الانفعال الدينى لتنمية التعصب، أو إشعال الفتنة أو قهر الفكر ، هى ضد الشباب وضد الدين على حد سواء.