الصعود فى مدرج الوجد
إعتدال عثمان
وقفت فى مدرج الحساب روحى على كفى وكفى تقبض جمرة, وملك على كتفى الأيمن يسطر النوايا وملك على كتفى الأيسر يمحو الخطايا وفى السكون البهيم سمعت صوتا آتيا من جبال المحال
قال: أنت قاتل قتيل
قلت: نعم, لكنى لم أقترف قتل أحد ولو كان نملة أو من هوام البشر
قال: بل أنت قاتل
قلت: كيف؟
قال: كم شهوة وأدت؟
قلت: بعدد نجوم السماء, وذرات رمال الصحاري, وقطرات مياه البحار
قال: تلك كبرى الخطايا, ثم انك لقتيل
قلت: أنا عابر فى الدنيا. مذ خرجت من رحمة الرحم وعرفت حكمة الرحم عدمت المآوى والسند وصرت غريب الدار كثير الصحاب. هم قتلونى كلمة فكلمة، ولاكونى فكرة ففكرة ثم أتوا على اللحم والعظم مني, وها أنذا صمت غادرة الكلام ولحمى وعظمى تثار فى هبوب الرياح.
قال: تلك ثانية الخطايا الجسام
قلت: أين النجاة, أين؟
قال: تشهى السر المكنون فى بذرة. تشهى لمعة جبال الموج, وطلعة نجمة الصبح. واصبر فى كسوف الشمس وزوال القمر. واسكن الكلمة واجعل منها جنات رحمة وحكمة. وشوكة فى جنب حماقات النفوق الضعاف وفى حلق كل من قرأ ولم يعتبر.
وكانت الشوكة فى جنبى وفى حلقى لهيب من سعير السقر, واذا بى اقفز عاليا فانقطع قيدي, وتفجر منى صخر دمعي, وحملنى موج المحبة الى كهوف العمق العميق, وأقصى الأعالى كانت دانية. ووجدت اننى أصعد فى مدرج الوجد مرتعش الوجنات، وبى خضرالشوق ووجل العشق واذا بلسانى قد فارقه العى، ونطق بدر الكلم وحروف الدر أثداء تدر أنهار عسل وخمر ما ذاقها انس ولا جان ولا طافت بخلد بشر.