عدد أبريل 1982
أخاف أن أرى قدرتى
د. يسرية أمين
نعم أخاف أن أرى قدرتى، اخاف أن أرها كما هى، فى حجمها لا أكثر ولا اقل، اخاف منها فهى سيف على رقبتى. قد تكون حقيقة فهل إصدقها؟
لا… لا استطيع فهى وهم وهى كانت كذلك طول الوقت، فكيف لى اليوم أن اراها حية، فعالة، مؤثرة، قادرة. كيف لى أن أراها أمامى؟ ماذا حدث حتى استطيع ان أصدق أنها موجودة؟ موجودة لى وللآخرين؟ أنى كثيرا ما أسحقها قبل أن تولد فأكبتها وتبقى حزينة وأبقى أنا حزينة معها، أن هذا الحزن أهون من رؤيتها ومن الاحساس بها، أنى أخاف من الاحساس بهـا….
هى لحظات عسيرة تلك التى اوشك أن أحس اذ أكاد أحس بيها فعلا- أنى قادرة على فعل شئ ما لحظات طويلة فى زمنها قصيرة فى حياتها. فسرعان ما تذوب فيصعب الامساك بها، فهى تهرب منى وأنا أهرب منها كل البعد عن قدرتى: ففى ذات اللحظة التى أكاد أحس فيها بقدرتى. اذا بايقاع الزمن يسرع.. ويسرع.. ويسرع فاذا بى قادرة قدرة غريبة، ولكن فى هذه الحالة كذلك هى ليست قدرتى بحجمها، هى شئ آخر أسرع وأكبر وأقوى منى، فأتحدث عنه وأتصوره، بل وربما أحسه، ولكنه ليس شيئا قائما وموجودا يجرى فى دمى ويبعث الحياة فى بل ربما شئ الهث وراءه ….
آه…. فى اللحظة التى يمكن فيها الامساك بقدرتى كما هى، إذا تجرى منى بهذه السرعة؟.
ويأتى الوقت التى تفلت فيه قدرتى لتصبح عملا معينا ولكن هذا العمل ليس هو قدرتى وأنما هو نتاج قدرتى، لماذا لا أستدل منه على قدرتى؟
ولكن الاستدلال لا يكفى ولا يغنى وتبقى قدرتى فى الظلام فى الخفاء عنى حزينة لظلمى لها .
أنى أتصور أنها تنتظر قدرتى وأنها قادرة، ولكن هذا الأخير كذلك ليس الاتصورا فهل منكم من يراها فى نفسه! عجبت لكل هذا وتساءلت ما هى قدرتى؟ وأول رد خطر على ذهنى هو قدرتى هى أنا “.
أليست قدرتى هى أنا … أنا… أنا لم أولد بعد أنا لا أصدق.. ولكنى أحس بهذا الشعور.. أظننى أنتظر ان يرانى الآخرون كى أولد أنتظر… وأنتظر ربما أنا لا أحتاج الى رؤية الآخرين بقدر ما احتاج الى أن أحس وأرى وألمس واعرف وأعلم وأتحسس قدرتى مرات ومرات ومرات، وأعرف أنى موجودة، أعرف أنى قادرة، أعرف ذلك واحس ذلك.
ولا أبكى لذلك بل أحس بالفرحة البريئة. كم فعلت بدون أن تدرى نفسى عما أفعل شيئا، انى أفعل فى غفلتها، وأمحو كذلك ما أفعل فى غفلتها وهكذا تتكرر الأفعال وتتكرر الأصفار كنتاج لهذة الأفعال. أريد أن أفعل وأنا واعية بما أفعل، أريد أن أحس أنه أنا التى تفعل وتقدر، أريد أن أعرف أنى موجودة، أنى ولدت، أنى أعيش .