خذ حذرك
السيد نجم
سار على الطريق المستقيم نحو نجم سقط من السماء هناك.
كانت الأرض متشققة والعشب جافة من تحته، ولأن الأشجار ماتت عطشا وانطفأت الحياة من حوله، تعلق بالنجم أكثر.. لا يبعد سوى مسيرة ليلة واحدة.
فقالت له الجرذان: خذ حذرك. تمتم فى نفسه: لم أهرب من الموت إلا لأننى حويط وحذر. فقالت له الديدان: خذ حذرك. همهم لأذنيه: النجم البعيد على مسيرة شارفت على الانتهاء.. هناك لا يعرف الهلاك: فقالت له أشياء لم تبن له: خذ حذرك. غمغم ثم قال بصوت شارف حدود النجم: هناك أستطيع أن أحفر قبرى وأتجاوزه.
فلما كانت أصداء صوت ضحكة طويلة وعميقة وقوية.. زلزلت السماء والأرض والأشياء من حوله.. فهم أن النجم الآفل فى انتظاره رابط الجأش!!
****
سعادة صياد
فيما كان الصياد سعيدا، وهو يأكل من رصيد صيد اليوم، دارت رأسه وهو يضرب على صدره بكفه القوية، منتشيا بما أنجز. وهو على تلك الحالة من الشعور بالعنفوان والقوة، شردت رأسه! سرقه مشهد الكائنات من حوله…
لا شيء سوى الوثوب، بلا تردد ولا وسن. معا ذهبوا ومعا عادوا. تلك هى حركة هبوط أسراب الحمام فوق سطح قمة التل الباسقة القريبة..
سرقته أكثر تلك العيون الزجاجية ونظراتها المستقيمة القوية، بلا غضب ولا فرح، بلا اضطراب ولا غرور. عينا السلحفاة تخترق حالا الحاجز المائى الأخير لمياه البحر القريب، لعلها تطمح لاحتواء العوالم الهوائية هاهنا…
وهذا الصقر السماوى، يعرف مقاصده الداخلية كلها، وهو يحوم فوق كل شيء. يبدو هكذا واثقا من نفسه، وبعد أن ترك قرص الشمس الدامى من خلفه، والصيد الدامى بين شقى منقاره.
هنا أسقط الصياد ناظريه، مكتفيا بما تناوله من رصيد صيد اليوم، ولا أحد يدرى ماذا يجول فى رأسه وفى صدره..؟!!
طريق الشمس
.. لم يكن إرث الأب سوى بضع كلمات. ولم تترك الأم سوى بضع ذكريات.. فلعن الأيام.
قبل أن يهم للبحث عن هذا الطائر الذى حدثه عنه الأب، ونصحه بأن يتعلق به أينما كان – وهو الذى لم يبرح موقع قدميه إلا بقدر ما تسمح به أغنامه فى البرارى – شغلته الشمس أكثر.
وبعد أن اقتحمته ذكريات أمه عنوه، كانت قد أشعلت نار النصيحة ليل نهار، أحاطته تلك النار، فانتابه شعور باليأس فى العثور على أية فكرة ما … بقى الراعى الشاب على حاله، انقضى اليوم.. نهاره وليله، فتوهجت الذكريات التى لا يدرى من أين تأتى هكذا دافقة.
يوما بعد يوم، كلما تعلق بطريق الشمس بحثا عن الطائر الذى لا يعرفه والذكريات. تأكد أنه نال من ميراث والديه أكثر كثيرا مما توقع.. وهو ما جعله يتألم من جديد.
… فلما توهجت أشعة الشمس على بشرته، وأطلقوا عليه لقب ‘الراعى الأسمر’، أيقن أنه أحترق على طريق الشمس، ولو أنه تمنى لو يورث أبناءه، ما لم ينله من ميراث والديه..
****