نشرت فى الوفد
16-9-2009
طلبات انضمام للحزب الجديد: “الإنسان والتطور”
بعد نشر مشروع قانون “السماح بالتفكير المتاح”، هنا منذ أسبوعين، وهو المشروع الذى تقدم به حزب “الإنسان والتطور” الذى أرأسه (كما سلف)، تقدم لى بعض القراء والأصدقاء بطلب الانضمام إلى الحزب، وكان أهمهم الصحفى الثائر الجميل الصديق سعد هجرس (زميلى أيضا فى هذا المكان) ثم شقيقى الأستاذ الدكتور محمد توفيق الرخاوى، أستاذ التشريح بكلية الطب، وقبل أن أرجع إلى اللائحة التنفيذية (كنت قد نسيتها) انتبهت إلى أن كلا المتقدمين هما أصحاب سوابق، “رد سجون”، وحزبنا – المفروض يعنى- يرحب بهؤلاء طلبا لمزيد من الخبرات، أما سعد هجرس فتاريخه مع السجون عريق ومشرف وجميل مثله، (وقانا الله شر مثل هذا الجمال)، أما شقيقى فتلك حكاية تستأهل التسجيل:
كان ذلك حوالى سنة 1954 والثورة تتحسس طريقها باضطراد نحو القهر والقبض والتهذيب، كان أخى فى السنة الثالثة فى كلية طب عين شمس، وكنت أنا فى السنة الأولى فى كلية طب قصر العينى، كنت أتدرب مع شباب كتائب الإخوان المسلمين لتحرير فلطسين (وربما لتحرير مصر، لم يخبرونا بالتفاصيل آنذاك)، وكان هو رئيس اتحاد الطلبة فى كليته، كما كانت له جولات حرة مع الزميلات، وربما غير الزميلات، تملؤنى غيرة وحسدا لعجزى عن مثل ذلك، ولهذا السبب أسماه أصدقاؤه (أ.د. سيد الجندى، أ.د. ممدوح مختار، أ.د. شريف عبد التفاح شريف وأخرون) أسموه “الشيخ محمد” سخرية ولمزا (لاأذكر هل كانت ظهرت حكايات الشيخ متلوف أم لا)، المهم تم القبض عليه، ربما بدلا منى لأننى أنا الذى كنت أتدرب فى صحراء جبل المقطم، وبما أن شهرته هى “الشيخ محمد”، فلا بد أنه هو الذى ينتمى إلى الإخوان، والمباحث يهمها أن تقبض على طالب طب اسمه الرخاوى يتدرب بالسلاح مع المخربين المجاهدين، أو ربما قبضوا على أخى لنشاطه فى اتحاد الطلبة، لكن، والحق يقال، تم الإفراج عنه بعد أيام لأسباب لا نعرفها (وهل كنا نعرف أسباب القبض عليه حتى نعرف أسباب الإفراج!!!) .
ولم تشفع لأى من صديقى سعد هجرس أو شقيقى أ.د. محمد أن يلتحقا بحزبى الخصوصى، أية مزية أخرى، مع أنه كان يمكن لأى منهما أن يتقدم بتعزيز لطلبه باعتبار أنه ليس فقط “رد سجون” لكنه أيضا “مسجل خطر”، الأول “سعد هجرس” خطر على الفساد، وعلى الحزب الوطنى، وعلى العشوائيات، وعلى الكذب السياسى والخداع الدبلوماسى، والثانى خطر على تسطيح الأبحاث العلمية واغترابها وتزويرها، وعلى التبعية اللغوية، وعلى اللغة الإنجليزية وتدريس الطب بها، (وهو عضو مجمع اللغة العربية).
ثم إننى تذكرت أن للحزب لائحة تأسيسية، فقلت أرجع إليها، وإذا بأول بند فيها يعفينى من كل هذا الحرج المترتب على رفض طلب صديق وإلحاح شقيق، فقد وجدت أن اللائحة عندنا تنص على أن الحزب لا يقبل إلا من يتولى رئاسته، وبما أننى رئيسه الحالى، فلا بد أن يتخلص منى أى متقدم للالتحاق بالحزب أولا، وحين أخبرت أخى بذلك لم يتعجب، فهو يعلم شطحى وحذرى وغرورى، (وربما شعورى بالنقص تجاه علاقاته الباكرة)، وهو يعلم أننى أقتدى بسيدنا إبراهيم “إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ” وتفسير “أمة” يتراوح بين أن الأمة هو “الذى يعلم الناس الخير، وبين أن سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم، كان يعادل أمة بأسرها ويعتمد هذا التفسير الأخير على أنه كان “مؤمنا وحده، والناس كلهم كفار” فى زمانه، وبما أننى الرئيس الأوحد، وأنى “أمة” فى ذاتى، فلا حاجة لحزبى لأى عضو غير الرئيس.
الفرق الوحيد بين اللائحة التنفيذية لحزبنا الشجاع، وبين الأحزاب الأخرى هو إثبات هذا الشرط بهذا الوضوح فى لائحتنا التأسيسية، فالمتأمل فى كل الأحزاب من أول الحزب الوطنى (المزعوم) حتى حزب الأمة (المرحوم) سوف يجد أنهم يمارسون ذلك تماما بكل الطرق، أليس مما يشرف حزبى أن أعلنها صريحة هكذا أننى الحزب والحزب أنا، بدلا من أن أقبل أعضاء، سرعان ما يتصارعون على منصبى فى حياتى، أو يتربصون بى، أو يتمنون موتى وهم يأخذوننى بالحضن، ويقبلوننى قبلات لا تفطر للأسف، لقد راعيت ذلك بدقة فى وضع اللائحة التنفيذية، حتى أكون صريحا مع الشعب، منعا للطمع، وتوفيرا للجهد، ودرءا للمناورات، وحتى تنصرف جموع الشعب التى كانت سوف تتزاحم على أبوابه، لتأنيس الإنسان ودعم التطور (إسم الحزب: الإنسان والتطور)، وبالتالى فإن يأسهم من الالتحاق بالحزب إلا بعد التخلص من رئيسه، سوف يفرغهم لأعمالهم واهتماماتهم وإنتاجهم وإبداعهم، وهى أهداف الحزب التى يرجو أن يحققها بمن لا يلتحقون به وليس بمن ينضمون إليه طمعا فى رئاسته، (ثم بلهجة خطابية!!!) “إن شعبنا أوْلى بكل دقيقة يصرفها فى الإنتاج والإبداع لكفاية الطبقات الكادحة والدفع بالإنسان إلى التطور”!!!! (حلوة هذه).
وحين ذكرنى أخى بأن لكل قاعدة استثناء، وأن كل أحزاب مصر بدءا هذه المرة من الناحية الثانية أى من حزب الأمة، وليس منتهيا بحزب الجبهة الديمقراطية مرورا بحزب الغد، ناهيك (خل بالك من ناهيك هذه) عن الحزب الوطنى، كل هذه الأحزاب لها وضع خاص بالنسبة لأبناء وبنات وأقارب وزوجات وأصهار رئيس الحزب، أجبته بأنه بالرغم من أننى أحترم هذه التقاليد الدالة على أصالة قيمة صلة الرحم فى شعبنا الكريم، إلا أننى ما زلت أعتذر عن النظر فى تعديل اللائحة مرحليا، وبصراحة فقد كنت أرد عليه وأنا أضمر احتمال تعديل وارد حين أثق أن إبنى محمد، قد أصبح “غاوى سياسة”، لأسلمه الأمانة التى لا يمكن أن يرعاها إلا إبنى من ظهرى، وليس أخى أو صديقى.
هل نحن نلعب؟!!!!!