اليوم السابع
السبت: 22-2-2014
ضرورة تحديد الأدوار، ومسئولية الكلمة
اتصل بى أحد أبنائى من إحدى القنوات الفضائية، وطلب أن أشارك فى مداخلة تعقيبا على خبر يعلن “موافقة جامعة عين شمس على افتتاح 6 عيادات للطب النفسي في مدنها الجامعية، بعد انتهاء إجازة نصف العام مباشرة، لتقديم الدعم والعلاج والاستشارات النفسية في ظل الضغوط والظروف الصعبة التي تعرض لها الطلاب في الفترة الأخيرة، واعتذرت لأسباب هاتفية وغيرها.
لا شك أن شبابنا الآن فى أشد الحاجة إلى الدعم النفسى، بل والعلاج النفسى أحيانا، وعلى حد ما جاء فى الخبر “فى ظل الظروف الصعبة التى تعرض لها الطلاب”، إلى هنا والخبر عادى وجيد، لكننى خشيت أن يتصور البعض أن دور الطب النفسى، خاصة فى هذه المرحلة، هو تعديل فكر الطلاب الناشزين، أو المتفجرين، أو المفجِّرين، إن مثل هذه المهمة هى مهمة سياسية أخلاقية تربوية دينية وطنية فى المقام الأول والأخير، وهى تبدأ من سنى الطفولة ولا تنتهى أبدا.
أن يقف الطب النفسى بجوار شاب أو شابة بدأ يعانى من رهاب الشوارع، أو من قلق على مستقبله، أو من رعب على مستقبل بلده، لدرجة المعاناة أو الإعاقة، فهذا وارد وجيد، لكن أن يتصور البعض، ولو من باب الأمل والثقة، أن الطب النفسى سوف يتصدى لتصحيح أفكار فأفعال هذه الفئة التى تتطاول على القانون، وعلى القيم، وعلى الممتلكات، وعلى كبار السن، وعلى أساتذتهم، فهذا ما خشيت أن يظن الناس أنه فى إطار دور الطب النفسى من خلال هذه العيادات مثلا.
ثم إن وصف المارقين، بعيدا عن ساحة القضاء، بأنهم مرضى نفسيين هو أيضا تجاوز لدور الطب النفسى، وإهانة للمرضى النفسيين فى نفس الوقت، ولا فائدة ترجى من ورائه، فوصف هؤلاء المارقين بمثل هذه الصفات، دون كشف مباشر أو دليل علمى، لن يصحح فكرهم، ولن يثنيهم عن أفعالهم .
ثم إن إصدار الأحكام النفسية على تصرف متهم لم تصدر عليه أحكام نهائية بعد، أو وصفه بأوصاف مرَضية، ولو بحسن نية، حتى لو عرض تصرف هذا المتهم فى وسائل الإعلام العامة أو الخاصة، هو تجاوز أيضا لا يتفق مع العلم، ولا مع آداب المهنة، ولا مع ما يرضى الله والضمير، فضلا عن أنه لن يفيد فى سير القضية، ولن ينتفع به القضاة، ولا المتهم أيضا لأنه لا يعفيه من المسئولية !!
من حق أى مختص أن يكون له رأى كمواطن مشارك فيما يجرى حوله حسب ما تصله من معلومات، كما أنه يمكنه أن يعبر عن رأيه هذا مثل أى مواطن ويتحمل مسئولية ذلك، أما أن يصل هذا الرأى إلى العامة على أنه رأى علمى، أو تشخيص مهنى، فأرجوا أن ننتبه إلى هذا التجاوز حتى لو جاء بحسن نية
إن لم نستطع أن نعمم هذه النصيحة على أهل الاختصاص، فليتدبرها المتلقى، فهو مسئول عن استقبال ما يصله، وما ينتقيه ، وما يفهمه،
……مسئول أمام من ؟!!
مسئول أمام الله يا أخى!!
وهل هذا قليل؟
غفر الله لنا ولكم ولهم وللجميع.