الأهرام 5-7-1999
شكرا لجاري العشوائي
حين انتقلت للتصييف من الإسكندرية إلي مارينا, لم أكن مرتاحا تماما, كنت أشعر بأنني في غير مجتمعي, بين ناس ليسوا ناسي, ولم أتبين مدي كراهيتي لمارينا هذه إلا حين اضطررت لهجرها هذه الأيام بعد أن عشوأني( من عشوائية) جار لي, مثقف جدا, كنت أحبه, ليس له هواية أفضل من الكتابة هجوما علي العشوائيات.
ولكن يبدو أن ثمة فرقا بين الفقير حين يضطر أن يتعشوأ, وبين الغني المثقف حين يزرع القبح, ويشوه الجمال عيني عينك, فتنشر العمارة, وتتخثر الأخلاق!!.
المهم, عدت الي قواعدي بالاسكندرية فإذا بها أجمل وأنظف وأطيب وأرق, والناس الذين هم بحق وحقيق يمشون أحرارا علي الكورنيش المجدد الجميل بحق وحقيق, يا خبر!!! كل هذا بفضل توحد قائد مسئول محافظ, بناسه وبلده؟!! ولم يخالجني شك في مدي حبه للبشر وللجمال وللحضارة وللحياة, فأحبه الناس والله والتاريخ, وأنا أحد هؤلاء الناس؟.
فرحت ألهج بالثناء له, ولذلك الجار العشوائي الماريني الذي كان سببا في عودتي للاسكندرية لاستعيد كل هذا ا لجمال, واستشعر كل هذا الفضل.
وحتي يزول القبح والتعدي علي الحقوق من جواري في مارينا (وسيزول إن كان هناك قانون ينفذ, أو خجل يوجب التراجع, أيهما أسرع) حتي يحدث ذلك, وبعد أن يحدث, سوف أظل أدعو بالتوفيق لمحافظ لا اعرفه, بدا لي مصريا جميلا حضاريا رائعا.
وأيضا سوف أظل شاكرا هذا الجار المثقف الماريني العشوائي الذي كان له فضل اكتشافي سر كراهيتي لما تمثله مارينا وناسها الـ هكذا, وكذا فضل استعادتي لصحبة ناس الكورنيش البلوشي إلا من ثمن كوز الذرة, حتي لو أصبح بخمسين قرشا( تركت الاسكندرية لما كان بقرشين أوخمسة قروش).