الوفد: 16-09-1999
سيادة الرئيس: كيف نهنئك بالولاية الرابعة؟
تمهيد:
يقول الأستاذ القدير محمد حسنين هيكل فى تقديمه لترجمة كتاب نعوم تشومسكى “ماذا يريد العم سام؟” بالحرف الواحد” ذلك أن دور المثقف هو حريته وشجاعته، عندما يمارس حقه فى الاختيار. والحرية لا تكون حرية إلا فى زمانها و وفى أوانها، والشجاعة لا تكون بأثر رجعى أمام القبور وليس أمام القصور”
ثم يضيف وفى العالم العربى ـ ولسوء الحظ، فإننا عرفنا نماذج عديدة لممارسة الحرية، وإنما بعد الساعة الرابعة والعشرين، وعرفنا ألوانا من ممارسة الشجاعة، ولكن عندما تأكدنا أن السلطان أصبح ملفوفا بالأكفان” أنتهى كلام الأستاذ هيكل (الطبعة الأولى دار الشروق: ص ـ6ـ 1998)
وإذا كان للرئيس مبارك فضل فى الرد على هذا الكلام فهو ما أكتبه الآن، وما سبق أن أتاحت لى فرصة نشره قبل ذلك صحيفة الوقد الغراء، بصفتى مجرد ‘مواطن مشارك” لا يحترف السياسة، ولا يتعاطى مهنة الإعلام، ولا حتى هو يكتب من منطلق تخصصه العلمى أو المهني. من هذا الموقع أشعر أنه يحق لى أن أسأل الأستاذ هيكل ماذا فعل هو إزاء ما أصاب مصر هذه الأيام ورئيسها الكريم من إهانات نتيجة للتصرفات غير التلقائية التى منيت بها شوارع مصر وصحفها وهى تمارس دعاية أساءت لنا وللرئيس أكثر مما أحسنت، أسأله بصفته صاحب قلم يصول به ويجول فى الخارج (حاليا) أكثرمن الداخل، وبصفته يستطيع بسهوله أن يتقمص أصدقاءه الغربيين وهم ينظرون إلى هذا الجارى من بعيد، وبصفته مواطنا مصريا حريصا على احترام ذاته وصيانة صورة رئيسه، ماذا فعل الآن؟ وماذا كتب الآن؟ وهل الأمر يستأهل رأيه أم لا؟ كل ذلك وأنا أتجنب أن أذكـره بما كتبه لمن كانوا فى القصور قبل أن ينتلقوا إلى رحمة الله الواسعة حين كان هو، وليس غيره، الذى له حق أن يقول ويعيد ويزيد ؟ المهم ليس هذا هو موضوع هذا المقال، وإن كان هو مفتاحه . فهاهو مواطن عادى، يكتب كلاما بسيطا، من واقع معايشة مسئولة، فتنشره صحيفة مفتوحة، ويسمح بنشره النظام الآن وليس بعد,أطال الله عمر رئيسنا المبارك كثيرا جدا.
فضل صحيفة الوفد وفضل الرئيس:
عودتنى صحيفة الوفد الفراء أن أشغل بعض مساحتها لأوصل من خلالها كلمتى كمواطن مجتهد، وكلما رأيت كلامى منشورا لم يحذف منه حرف تعجبت من سعة صدر هذه الصحيفة ومن مدى سماحة رئيس البلاد، وكان الأصدقاء والأهل، والزملاء والطلبة حين يقرأون ما كتبت لا يصدقون أن صحيفة مصرية سمحت، و أن رذيسا مصريا قبل، وأن نظاما مصريا تحمـل، حتى كان بعضهم يتصل بى بعد كل مقال يطمئن على العبد لله، فأطمئنه فرحا برئيسى وبصحافتنا، ولا أنسى نفسي، وأحمد الله من قبل ومن بعد.
وقد علمتنى هذه التجربة ألا نتردد فى أن نقول ما نراه، نصيب أو نخطئ، وارد، لكن نقوله، ثم على النشر والحكومة أن يضعوا هم الحد الذى لا ينبغى أن نتخطاه، وعلينا بعد ذلك، لا قبله، أن نضبط الجرعة، ونلتزم بالممكن، أو نثور، أما أن نفترض المخاوف ابتداء، فنبرر بها التردد والتراجع والسلبية، ثم نلوم الغيروالحكومة، فهذا لا يليق بمن يريد أن يبرئ ذمته بالكلمة المناسبة، فى الوقت المناسب.
ذكر بعض ما كان، ثم ما جرى:
أولا: اعتدت كلما اقتربت انتخابات، أية انتخابات أن أستثار، إذ يتحرك داخلى أمل أننى مواطن يمكن أن يكون محترما، من حيث أن صوتى هذا يمكن أن يقرر مصيرى، أجد نفسى هكذا وأنا أحاول أن أنسى بمنتهى السذاجة كل تجاربى السابقة، وقد أتاحت لى صحيفة الوفد الغراء أن أعلن بعض مشاعرى هذه منذ كتبت فى هذا المقام مقالى الأول فى هذا الشأن بعنوان ‘ يوميات: ناخب حزين (بتاريخ 7/6/1984)، أنهيته بالحرف الواحد قائلا ‘: ..ولو ..، يا سيدى رئيس الدولة، إنهم يصرون على أن نيأس إذ يفشلونك، فانتبه لما يفعله عمالك، لأننا جميعا سوف ندفع ثمنه، وأنت أولنا ‘، وكنت أشير بذلك إلى مهزلة الانتخابات النيابية وليس الرئاسية قبيل حدوثها . (راجع تاريخ الانتخابات بعد ذلك )
ثانيا: قبيل انتخابات مارس 1987 نشرت لى صحيفة الوفد أيضا مقالا تحت عنوان ‘حق الانتخاب وحق الاحترام” جاء فيه بالحرف الواحد ‘… هذا الذى يجرى على المسرح السياسى هو أبعد ما يكون عن الحد الأدنى الذى يسمح لمواطن يقظ أن يحترم نفسه، أو ينتمى لوطنه، أو ينتج خبزه، أو أن يحاور أخا له فيما يختلفان فيه”(كان ذلك فى فبراير 1987، لا أذكرالتاريخ، لكن أعيد نشر المقال فى الأهالى 87/3/4)
ثالثا: فى 11 / 7 / 1995 بمناسبة نجاة سيادة الرئيس ـ حفظه الله ـ كتبت فى الوفد أيضا: تحت عنوان ‘ سيادة الرئيس، كيف نحمد الله على سلامتك، كتبت ‘ الحمد لله على سلامتك ـ سيادة الرئيس ـ حمدا قويا مسئولا مباركا فيه ‘……، ثم ‘إذا كان ما حدث هو غدر نجونا ـ لا نجوت ـ منه، فهو فى نفس الوقت فرصة سانحة نحمد الله من خلالها بتحمل مسذولية قرارات جديدة واقتحامات جديدة . .ثم قلت:
. . . فإن مخاوفى يا سيادة الرئيس هى عليك أنت، وعلينا نحن، عليك خوفا من أن تتصور ـ لا قدر الله، أنك معصوم وأنك فريد لا يتكرر وأنك وأنك . . . ورغم أن بعض هذا وارد دون نفاق أو مبالغة، لكن الأبقى والأهم أنك رئيس قد خلت من قبلك الرؤساء، وأنك بشر، وأن لنظامك أخطاء تتزايد، وأن حزبك الذى ترأسه ليس هو مصر، بل ليس هو حزب أصلا، وهو لا يمثل الشارع السياسي، بل إنه لا يمثلك أنت شخصيا، وأنت رئيس، فهو لا يمثل أحدا أصلا.
وإذا كان هذا الكلام قد سبق كتابته ونشره بمناسبة نجاتك سيدى الرئيس من حادث أديس أبابا منذ أكثر من أربع سنوات، فإنه مازال قائما حتى تاريخه، بل إنه أكثر دلالة وألزم تنبيها بمناسبة ولايتك الرابعة، وإذا كان كاتب هذا الكلام مازال يتمتع بحريته لم يقصف قلمه، ولم يخرب بيته، ولم يحارب فى رزقه، فهذا يحسب لك ـ سيادة الرئيس ـ لا شك، وقد أشرت حينذاك كيف أن فرحة الشعب بنجاتك ,تلك الفرحة التلقائية الجامعة هى الاستفتاء الحقيقى عليك وعلى ولايتك، ولعل الله سبحانه أراد أن نستفتى عليك مرة أخرى بعد حادث بورسعيد القبيح ولو بصورة رمزية قياسا بفيض الحب العارم والغضب الحاسم الذى أحاط بحادث أديس أبابا، نجاك الله من كل شر، وحماك من كل غدر.
ولعله لا يخفى عليك يا سيادة الرئيس أن هذه الاستفتاءات التلقائية هى أقوى وأهم مما يقولونه لك، أو حتى مما تقوله صناديق الانتخاب، والأكيد الأكيد أنها أفوى وأشرف وأصدق مما تقوله لافتات تحصيل الحاصل، ومن إعلانات التنافس على التسجيل المكرر لبعض إنجازات عهدك مما لم تعد بك ولا بنا حاجة لتكراره، بل إن النتائج السلبية لهذه الهوجة الدعائية السطحية لهى أخطر من كل تصور، فلو أنك سمعت يا سيادة الرئيس التأثير السلبى على كل من أرغم على تعليق لافتة بشكل مباشر أوبغير مباشر، ولو أنك رأيت الحواجز وهى تنزل بين كل مواطن يحبك وبينك من خلال هذه اللافتات العبثية والمضحكة المبكية، ولو أنك أنصت إلى تعليقات أولاد البلد فى شارع السد بالسيدة زينب مثلا وهم يعلقون لا فتات عليها كلمات متقعرة لا يفهمون معناهاأصلا، إذن لعرفت كم أساء إليك ـ حتى لو افترضنا حسن النية ـ هؤلاء الذين تصوروا أنهم يعملون دعاية لك، ولا تسمع تبريراتهم يا سيادة الرئيس، فهذه اللافتات والإعلانات ليست للوفاء، ولا للشكر، ولا للعرفان، فلكل هذا وسائله الأخرى الأنضج والأكثر تحضرا والأعمق مسئولية مما سأحاول أن أبينه فى نهاية المقال
إن هذا الذى حدث يا سيادة الرئيس قد أساء إلى علاقتك التلقائية بالناس البسطاء، وقد حرصت على أن تؤكدها فى كل مناسبة ,وبلا مناسبة، بل وتحاول ممارستها طول الوقت، ما سمحوا لك بذلك .
ثم إنى كنت قد كتبت أيضا فى نفس هذا المقال الاسبق ما نصه ‘إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن أ ن نمدح أحدا فى وجهه، احتراما لإنسانيته وخوفا عليه، وأنا من موقع ما أعرف عن البشر أخاف عليك أن تصدق كل ما يقال دون تخفظ أو مراجعة لأن فيه من المبالغات ما لا ترضاه، وما لا يفيد أحدا على المدى الطويل، هذا بالنسبة لما صدق منه، فما بالك ـ سيادة الرئيس ـ عن ما قيل ويقال نفاقا وإعلانا وتزلفا وكذبا. والشعب الناضج المسئول، هو الذى لا ينسى فى ثورة حماسه ما يجرى من أخطاء تحتاج إلى تصحيح، والرئيس القادر مثلك هو الذى يدخل جنته ـ مصـرـ ليردد ‘ ما شاء الله لا قوة إلا بالله” ثم يواصل الحمد من موقع جديد بفكر جديد وفعل جديد”
إننى -يا سيادة الرئيس أتعمد أن أطيل فى الاقتطاف من كلام سبق نشره فى عهدك، وأنت كنت وما زلت رئيس الكل، لأثبت لنفسى وللناس أنك سمحت به ولم تلحق بكاتبه أذى لا من قريب ولا من بعيد، فكيف يشوهون صورتك بكل ما فعلوا هكذا بهذه الدعاية المسطحة، وأمنع نفسى من تشبيهها بدعاية أخرى لمنتجات أخرى ,حتى لا أجرح معنى كريما أنا حريص على صيانته، أليس من حق من هو مثلى أن يتحسر على ما أصاب صورتك بغير ذنب منك ,حتى لو كان الأمر ,مرة أخرى، نتيجة حسن النية ؟
ثم تبلغ الحرية مداها حين ينشر الوفد لى في19 / 11 / 1997 مقالابعد حادث مقتل السائحين فى الاقصر أقول فيه بالحرف الواحد
” . . . أخذ دورك الفردى يتنامى ويزداد ـ وأشهد ـ كمواطن مشارك وصاحب مصلحة أن أداءك قد تحسن جدا جدا بكل مقياس، ولكن ذلك راح يتم جنبا إلى جنب مع تضاؤل دور المؤسسات العامة حتى كادت منظومة ما هو ‘ دولة” تختفى تماما” أمام بهر أداتك المتميز، وأكرر أن هذا ليس مسئوليتك مباشرة، وربما هو لا يتفق وطبعك”
فإذا كان هذا هو اجتهاد مواطن عادى منذ سنتين، أليس فيما حدث من إعلانات، وتقديس، ومبالغة,ودعاية، ما يؤكد مخاوفه، فيسترعى انتباهك، وانتباه كل من يحبك ويحب هذا البلد الأمين ؟
دروس وعبر
مما تقدم، يمكن أن نخلص إلى ما يلى من خلاصة متواضعة تقول:
أولا: إن أى شخص يحبك لابد أن يعلنها صراحة ودون تردد أن ما حدث قبيل الاستفتاء على ولايتك الرابعة هذه هو إهانة للمنطق السليم، وإهانة للبديهات,وإهانة للديمقراطية، وأخشى أن أقول إهانة لشخصك الكريم فلا أنت كنت محتاجا إلى مثل ذلك، ولا نحن انتخبناك من أجل ذلك، فإذا كانت غلطة حماس، أو غفلة حسابات، فاصدر أوامرك الآن وليس بعد ألا تتكرر.وخاصة وأننا على أبواب مهرجانات التهنئة .
ثانيا: إن أى مصرى تقمص معلقا أجنبيا غير مفرض، أو حتى مواطنا أجنبيا يمارس ديمقراطية حقيقية، لابد أنه خجل من هذا الذى جري، بل إن كثيرا ممن يحبونك فعلا تمنوا ألا يكون الأمر كذلك تماما، فلا أنت تريد ذلك، ولا هذا قد زادك شيئا له قيمة تفتقر إليها، بل إن فقرة واحدة من حوارك فى ‘حديث المدينة” كانت كافية لتذكر من نسى ـ إن كان هناك من نسى ـ أنك المواطن المصرى المنوفى الطيب الهاديء الذى تصيب وتخطي، وتتمنى الخير لبلدك، وتجتهد ما أمكنك، وهذا يكفى فعلا لانتخابك مرة ومرات.
ثالثا: إن الذعر الذى أشاعه مدعو الاخلاص بين المواطنين البسطاء بالإلحاح على ضرورة تعليق تلك الافتات بلا هدف ولا معنى جعل كثيرا من الذين فعلوها يرد على تساؤل واحد مثلى عن سبب ومعنى تعليق اللافتة، فيجيـبنى قائلا علقتها”حتى لا يغلقوا محلي”، وسواء كان هذا صحيحا أم تخوفامنه فالأثر على علاقتك به لا يسرك حتما.
رابعا: إن ما حدث قد حدث، لكن يمكن تعديله بعض الشيء بالنسبة لمهرجانات التهنئية المنتطرة، بأن تنبه بكل حسم أن الذى يحبك حقيقة، والذى انتخبك إخلاصا واقتناعا ببرنامجك أكثرمن شخصك، بل والذى لم ينتخبك تألما واحتجاجا، كل هؤلاء يمكن أن يهنئونك بأن يحملون معك وعنك الهم بمزيد من العمل، ومزيد من المسئولية .
فكيف نهنئك إذن ؟
يا سيادة الرئيس، إن أهم ما يمزك أن طموحاتك كبيرة، وفى نفس الوقت رؤيتك واقعية، وشخصك متواضع، وهذه معادلة صعبة أراد الله أن تجتمع فيك، ومن أوقع الواقع أن هناك مواقع فى هذا البلد تحتاج إلى يقظة غير مسبوقة، وبرنامجك لا شخصك يقول ذلك، خذ مثلا عمودين من أعمدة النهضة المعاصرة هم فعلا فى أسوأ حال فى بلدنا هذا فى وقتنا هذا مهما قالو لك: وأعنى البحث العلمى والتعليم، وهذا يحتاج إلى تفصيل آخر، لكننى أخرج منه بالتنبيه البسيط إلى بعض نقاط محددة ـ كأمثلة ـ كما يلي:
على من يريد أن يهنئك من رجال الأعمال أن يدفع ضرائبه، ويؤمن العاملين عنده بما ينبغى كما ينبغي.
وعلى من يريد أن يهنئك بحق من أصحاب المحلات الذين أرغموا على تعليق لافتاتهم أن يغيروا أسماء محلاتهم وشركاتهم إلى اللغة العربية، وأن يقبلوا بهامش ربح يسمح للجائع أن يأمل يوما فى الحصول على ما يسد رمقه
وعلى من يريد أن يهنئك بحق من المدرسين ورجال التعليم أن يتقوا الله فى وقت التلاميذ، وأن يحسنوا لسانهم، العربى، وأن يحافظوا على لغتهم وعلى دينهم الحقيقى
وعلى من يريد أن يهنئك من أصحاب المدارس الخاصة الأجنبية و”كنظام الأجنبية ‘ أن يتذكر أنك رئيس مصر، ولست المندوب السامى لأوربا أو أمريكا، وأن التلاميذ الذى يدرسون فى مدارسهم ويدفعون الشيء الفلانى هم مصريون، يعدون لخدمة مصر، لمساعدتك أنت ومن يليك فى خدمة مصر، ولا يعدون: لا للهجرة، ولا للتشرذم فى هذه الجزر الجديدة المنعزلة عن الوطن قبل أن يثورالشعب لإزالة ‘المستوطنات”
وعلى من يريد أن يهنئك من أساتذة الجامعة أن يكونوا أساتذة للجامعة فعلا
وغير ذلك كثير لا يحصي
إن أى شخص يحبك هو الذى يحمل عنك بعض همومك بأن يفعل، ثم يفعل، ثم يفعل أكثر,ثم يفعل أكثر فأكثر، كل فى موقعه وبغض النظر عن انتمائه الحزبى أو العقائدى أو الثللى
ثم إن علينا جميعا أن نتق الله فى صحتك ووقتك فلا نشغلك بالمسائل الصغيرة، لمجرد أن نصورك فى صورة المحسن الكبير والوالد العطوف، فمهما كان أثر هذه التصرفات الفردية طيبا ,فهى فردية، ورئيس الدولة هو الذى يستلهم مما هو فردى حلا جماعيا وقائيا ضد هذه المحن الإنسانية المتكررة .
أما تهنئة ‘المواطن المشارك” كاتب هذا المقال فأوجزها كالتالى :
أولا:بألا أخفى عنك مشاعرى ورأيى فأكتب ما كتبت هكذا,وأعود فأكتب كلما وجدت ما أقول، ومن ينشر
ثانيا: بأن أدعو لك بالصحة وطول العمر، خصوصا فى الظروف الراهنة جدا، يارب سترك
ثالثا: بأن أدعو الله سبحانه أن ينير بصيرتك أكثرفأكثر فتنتبه إلى أخطائك البشرية مادام من حولك يبخلون عليك بذكرها، وما دمنا نحن أبعد عن أن نوصلها لك فى هذه الظروف، فلا أمل لنا إلا فى بصيرتك
رابعا: بأن أدعو الله مرة أخرى ألا يكون إلحاحنا عليك بالتغيير هو الدافع الأول أو الأهم له، فإن كان للتغيير لزوما فالله يوفقك ألا يقتصر على الأشخاص . بل على المباديء الجوهرية، على الأسس الدستورية، على القيم التى تبقى بعدك، فأنت بإيمانك وتواضعك تعرف أكثر من أى شخص آخر أن لك ‘بعد”، وأن الله سبحانه وحده هو الذى لا أول له ولا آخر، وهو الذى وسع كرسيه السماوات والأرض، ومهما قيل فى رئيسنا العظيم أنور السادات فيكفى أنه ترك من بعده من فعل ما فعلت، وأنا لا أقصد مسألة تعيين نائب لك، فهذا تركيز على معنى لا أوافق عليه، إذ أنه يحمل ضمنا إشارة إلى توريث لا مبرر له، وإنما أقصد أن ما يبقى بعدك هو الأسس الثابتة التى تحمى إنجازاتك من أن تهدر باجتهاد شخص قد لا يكون له موقفك أو سماتك.
سيدى الرئيس إن الإنجاز الحقيقى يقاس بما يبقى وينمو بعد صاحبه، وليس بما يتم وهو معرض للاهتزاز بالصدفة، أو بغير ذلك .
ومثل هذا التغيير الجذرى الذى نأمله لا ينبغى أن ينبع من تقليبك الأمور وأنت تخلو إلى نفسك مهما تعددت مصادر معلوماتك، ومهما كانت مصداقيتها، بل هو يحتاج إلى مشاركة حقيقية ليس فقط من الصفوة المحيطين بك مهما بلغ إخلاصهم، ولكن من القاعدة العريضة، التى تعلمون جيدا أنها لا تشترك أصلا فى اتخاذ أى قرار، مهما جرت انتخابات أوحتى استفتاءآت هل يرضيك يا سيادة الرئيس أن تكون تخمينات التغيير مرتبطة بكلمة قلتها سياتكم عفوا لهذا المسئول أو ذاك، وأحيانا ملحة، وأحيانا سهوة
سيادة الرئيس: أهلا بك معنا، لنا، فى ولايتك الرابعة،
ونحن معك، ما دام الحق معك والحمد لله أولا وأخيرا.