الوفد: 25-7-1992
رأى الطب النفسى فى عبد الناصر ليس علما
(وهو لم يكن مريضا نفسيا، وليس من حق أحد أن يصفه بذلك
مضطر أنا أن أوضح نفسى رغم اننى كنت احسبنى واضحا)
واضطرارى هذا ليس من قبيل الإعتذار أو التراجع ولا هو إمساك بالعصا من الوسط، كما أنه ليس تصويبا واجبا فلم يتجاوز محرر الوفد ما قلته (أو ماقاله زملائى فى الأغلب) اللهم الا فى العناوين المثيرة والمحورة المختصرة بشكل مخل.
لكن هذا المقال هو صرخة ألم تعلن ما آلت اليه طريقة تفكيرنا وكيفية تلقينا لما نقرأ، إذ يبدو أننا نسينا معانى الكلمات ودلالات الصياغة، وفشلنا أن نتحمل الغموض وأن نرى الأمر من أكثر من زاوية… الخ.
ولعل ذلك يرجع الى فترة التدهور التى فرضت علينا منذ تعودنا أن نرى الأمور بعيون حكامنا، أو بأقفيتهم (أما مع أو ضد: على طول الخط)، كما عودونا ان نرى الحاكم الحالى تمام التمام، (اللهم الا فى النكت والأحاديث السرية) ثم نراه هو هو مجنونا وإبن ستين فى سبعين بمجرد أن يرحل فنسارع نطلق أقلامنا والسنتنا عل الرئيس الراحل دون الحالى دائما أبدا: نحلله ونشخصه ونجننه ونجرمه.. الخ !!!!
ولا أذكر أن الصحافة القومية والصحافة المعارضة (التشنجية خاصة) وكذا العلم الزائف، والفتوى الدامغة، كل ذلك مسئول عما الت اليه طريقة تفكيرنا الى مثل هذا.
كل ذلك لزم هذا التوضيح
المفاجأة
كنت فى أجازة نهاية الأسبوع فى مكان لا تصل اليه الخحف بانتظام، وما ان عدت حتى وجدت بعض الأصدقاء يقولون لى ما هذا الذى كتبت وتكتب، ولم أعرف عن ماذا يتحدثون وأشاروا الى شئ عن عبدالناصر فى صحيفة الوفد، فتعجبت لأننى لا زذكر اننى قابلت أحدا من عهد قريب من قبل هذه الصحيفة الغراد، وبالذات لا أذكر اننى تحدثت عن عبدالناصر قليلا أو كثيرا فى الفترة الأخيرة، وقلت لعله خير.
وكان أول عدد وقع فى يدى هو عدد الأحد 12أغسطس وفيه الجزء الرابع والأخير من الحديث، فقرأته كلمة كلمة، ووجدته كلامى بالحرف الواحد، بلا تحريف فعلا، رغم أننى لا حظت الإثارة فى العناوين والإختزال المخل الذى قد يقول بعض الحقيقة فيوصل نصف الرأى ربما للإيجاز وربما لغير ذلك.
ورغم اننى لم زتذكر متى خرحت بكل هذا، ولمن فقد وجدتنى قد أعطيت عبدالناصر حقه وزيادة (كما رأى) ووجدتنى أحمد له ملا تعرفه الناس عنه، وأعدد ايجابيات وسلبيات ما وصلنى منه كمواطن عايش الألم ودفع الثمن لا أكثر.
نعم وجدتنى قد ذكرت له أفضاله واحدة وراء الأخرى من أول التغيير الإجتماعى والسد العالى حتى حرب اليمن التى ما فهمتها الا بعد ان زرت اليمن مؤخرا كما ركزت على تثوير حركة الجيش مما لم يلتقط مضمونه أحد ممن أعرف.
نعم: وجدتنى أتحفظ على انجازات هى تحصيل حاصل، فحتى إخراج الإنجليز لم أجد فضلا فيه الا انه شفانا من رغبة إستعمار السودان شركة مع الإنجليز أو مفردين ان أمكن !!!
وجدتنى أحاول فهم نقائصه الإنسانية بإحترام شديد. فأعرى ضعفه (من وجهة نظرى) وأنا أتألم له ولنا.
وقد كنت حادا فى رفضى أخطاءه حتى اننى تصورت أن احترامنا له ولمثله هو أن نحاسبه حتى القصاص مادام قد أزهق ارواحا بحساب خاطئ وغرور شخصى لمجاملة صداقة عفنة، ثم إنه اعترف بذلك اليس كذلك ؟؟
وحتى دعوتى للتنكيل بزملائه بدلا من تخريب الإقتصاد بمجاملتهم بتعيينهم فى أعلى مناصب القطاع العام، حتى هذا اشترطت ان يكون تنكيلا قانونيا بعد محاكمة عادية تدينهم أو تدينه، الله – والقانون – أعلم.
ورغم ان الصحيفة كررت بأمانة تحفظى المبدئى: ان هذا ليس رأى الطب النفسى وإنما هو رأى مواطن تصادف انه يعمل طبيبا نفسيا إلا انها لم تبرزه مكررا فى عنوان مناسب وهذا ما تمنيته فعلا
كما دهشت أيضا لماذا لم تبرز ان كل هذه فروض قابلة للنفى والإثبات بقدر المعلمومات المتاحة لصاحب الرأى (الفرض).
ذكر ماجرى.
فماذا كانت نتيجة هذا النشر المتلاحق أربعة أيام متتالية ؟
1- اكتفى البعض بقراءة العناوين
2- التقط كل فريق على الجانبين ما يريد أن يراه فقط
3- انطلق زملاء أفاضل يعلقون لافتة تشخيطات نفسية على شخص وتاريخ هذا الزعيم الرائع وكأنهم فى عيادة بلا رقيب علمى أو غير ذلك، ولا حول ولا قوة الا بالله.
4- حاول زميل آخر (د. عكاشة) ان يلطف الأمور بموضوعية نسبية رغم انه كان أحيانا ما يعيد – بالحرف الواحد ما يعلن مخالفته. (ولم يسلم هذا الزميل من ظلم العناوين لكلامه حتى بدا عبدالناصر كزنه مريض يرفض العلاج، رغم أن د. عكاشة لم يقل ذلك أصلا بهذا المعنى) .
5- وصلنى من قراء أفاضل خطابات تكاد تصل الى التهديد، وعذرتهم بقدر ما فهموا، ربما من العناوين، وبقدر ما تعودوا عدم الإختلاف وتقديس الأحلام.