حوار نشر فى جريدة الشروق
13-4-2011
يحيى الرخاوى:
الشعب المصرى أقوى من أن تخدعه كلمات مبارك
بعد 57 يوما من تنحيه تحدث مبارك بخطاب لم يتجاوز 6 دقائق محاولا فيه تبرئة ذمته من تهم الفساد المالى وقال إنه يشعر بالألم بسبب الاتهامات التى وجهت إليه وإلى أسرته.. وفى تعليق د.يحيى الرخاوى أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة لـ«الشروق» على هذا الحديث قال إنه شعر بأن مبارك كان طيبا ثم غلبه غباء بشع أساء لنفسه ولأهله كما أساء لشعبه وناسه، مشيرا إلى أن مبارك لم يكن قويا لأن القوى لا يحتمى بما كان يحتمى به مبارك
وإلى نص الحوار
- من وجهة نظرك.. لماذا تحدث مبارك بعد هذه المدة الطويلة من تنحيه ولم يتحدث قبلها؟
– أرجو أن ينتبه الإعلام لدوره حين يساعد -ولو دون قصد- على إثارة الشكوك فى كل خطوة هكذا بشكل يعوق البناء بلا مبرر، نحن الآن فى أشد الحاجة إلى التوقف عن سوء التأويل والتفسيرات النفسية بالذات، هذا الرجل أخطأ كثيرا جدا، وبرغم ما كان يبدو عليه من طيبة مصرية لا تتناسب مع صبغ شعره إلا أنه نسى الزمن، وأنسِىَ الناس، قل لى بالله عليك: ماذا سيستسفيد الاقتصاد المصرى، أو التعليم المصرى، أو الإبداع المصرى، أو الزراعة المصرية إذا نحن أجبنا على مثل هذه الأسئلة بمزيد من الشك والشجب والإهانة، إذا كنا نخاف أن يستثير حديثه هذا عطف الناس، فنحن لا نحترم صلابة هذا الشعب الرحيم ، إن الشعب أصبح قادرا قويا، لا يهزه تصريح، ولا تغريه رشوة، (إلا ما ندر) ليس عيبا على شعبنا ولا هو ضعف أن يستثار عطفه على رجل أذاه أذية بالغة ، أنا أرفض أن أصف رجلا فى هذه السن، بالخسة، ومع ذلك: يقول موال مصرى: « خسيس عمل مقبحة رايد بها عِندى، عملت انا الطيبة شوف فرق دى من دى» ثم إنه أحال الأمر كله للقضاء، والمثل المصرى أيضا يقول:«خليك ورا الكداب لحد باب الدار»، فعلى فرض أنه كذب فعلينا أن نظل وراءه حتى باب محكمة القضاء العالى، وصدور الحكم النهائى، نحن وراءنا ما نفعله غير هذا التوجس والتوقف ومشاعر الأخذ بالثار، وإلا فكيف تتكون هيبة الدولة من جديد بعد أن فقد البوليس هيبته، ثم كدنا نـُفقد الجيش هيبته، ثم ها نحن نريد أن نتجاوز القضاء، الرجل ــ بكل أخطائه ـ قال ابحثوا وحاكمونى، وكل ما علينا هو أن ننتظر حكم القضاء، وإن كانت هناك تهم أخرى غير التربح، فليحاكم عليها أيضا، وخلاص.
- ما الذى شعرت به من حديث مبارك؟
– شعرت بأنه مصرى كان طيبا ثم غلبه غباء بشع، أساء لنفسه ولأهله كما أساء لشعبه وناسه، لقد ورط عائلته كما ورطته عائلته، وأساء لشعبه حين اعتبر أنه “أبوالعريف”، وأن على أى واحد غيره أن: «يروح يلعب بعيد»، «خلّيهم يتسلوا»هذا التصريح أسهم فى تعريته، وربما فى توقيت ما حدث.
- هل مبارك ما زال قويا أم أنه كان يتظاهر بأنه قوى؟
– القوى هو الله، والقوى لا يحتمى بمثل ما كان يحتمى به مبارك، ومع ذلك فمن حقه بعد أن تعلن محكمة شعبية حكمها عليه بالإعدام ألا يبدو قويا، ثم إنه عسكرى أساسا، ولو أدين وحكم عليه بالإعدام من محكمة رسمية، بمحاكمة عادلة، فربما يتقبله بصدر رحب تكفيرا عن سيئاته، أما هكذا فلا ألف مرة.
- هل صحيح أن مبارك يتألم لأن الناس شككت فى نزاهته؟ ولا يتألم للشهداء الذين قتلوا فى الثورة؟ ولا يتألم للحال التى أصبحت مصر عليها؟
– الألم صفة إنسانية، ليس من حقنا أن نحرم أحدا منها، فليتألم لهذا وذاك لعله يتطهر، وشعبنا رحيم رائع، وليس ضعيفا خانعا، علينا أن نخفف من شكنا فى قدرات الشعب وفى رحمة ربنا جميعا، وننتظر أحكام المحاكم، حتى يحكم الله بيننا
- ألا يتأثر مبارك بمشاهد مظاهرات المليونية فى أيام الجمعة التى تطالب بمحاكمته؟
– إيش عرفنى؟ هو إنسان له مشاعره، وإن كان قد سمح لنفسه أن يهيننى بتلك بالكلمة الزفت التى أهاننا – بها، (خليهم يتسلوا) فأتمنى أن يعرف معنى الإهانة بما يجرى فى التحرير، وهى أقل من كلمته فى رأيى.