- اهداء والمقدمة
- افتتاحية
- الفصل الأول: يوميات الاعمى
الجزء الأول: الفقرة الأولى: ورقة شجر صفراء
- الفقرة الثانية: نعام العصر والحرباء..، وأمنا الغولة
- الجزء الثانى: الزمن والثعلب
الفقرة الأولى: الهرب الفاشل
- الفقرة الثانية: الساقية المهجورة
- الفقرة الثالثة: شهد الفطرة
- الفصل الثانى: تفجير الذرة وما قبل الفكرة
الفقرة الأولى: اللبن المرّ
- الفقرة الثانية: رقصة الكون
- الفقرة الثالثة: جلد بالمقلوب
- الفقرة الرابعة: وهتفت بأعلى صوتى
- الفقرة الخامسة: هربا من هربى
- الفصل الثالث: الطفل العملاق الطيب الفقرة الأولى: الطفل العملاق الطيب
- الفقرة الثانية: جبل الرحمات
- الفقرة الثالثة: خشية أن تنفجر الذرة
- الفقرة الرابعة: خاتمة
- الفصل بعد الخاتمة: دورة الحياة الفقرة الأولى: رسالة من دون كشيوت إلى أخوان أبى لهب
- الفقرة الثانية: دورة عباد الشمس وأهل الكهف
- الفقرة الثالثة: العقلة والأصبع
- الفقرة الرابعة: حسبة برّما
- الفقرة الخامسة: زواج عصرى مصرى!
- الفقرة السادسة: رسالة إلى ابن نوح
- الفقرة السابعة: نهاية دورة
- الفقرة الثامنة: حب للبيع
ديوان “سر اللعبة”
إهــداء الطبعة الأولى
إلى أولادى الذين أنجبتهم والذين لم أنجبهم
ممن أعرف ومَنْ لا أعرف.
أهدى قطعة من نفسى،
مشفقا عليهم من “رؤيتى”، آملا أن يحققوها إذ يستوعبونها،
أو أن يتفوقوا عليها إذ يرفضونها،
ولكن . . أبدا لايتوقفون عندها أو بسبها.
******
مقدمة الطبعة الأولى
وما تعلمت الشعر وما ينبغى له …….
فلماذا هذا الشكل؟
لست أدرى هل أستطيع الإجابة على هذا السؤال بعد أن تمت التجربة وأصبحت كيانا قائما يفرض نفسه حتى لو لم يعرف سبب وجوده؟
لا أظن.
إلا أنى لابد وأن أحاول التنقيب فى نفسى، ولو لم أصل إلى الدافع الحقيقى، فمدى مسئوليتى -الآن- هو ما وصل إلى وعيى، فلأعرضه كما هو، ولأترك الحكم النهائى للقارئ.
لعلى قد أردت بهذا الشكل أن أطوّع حقائق العلم المعاشة فى الممارسة الإكلينيكية للتعبير الفنى التلقائى من واقع المشاركة الوجدانية للمرضى، تقمصا وتواصلا، وتحملا لمسئولية المعلومة، والكلمة والمريض فى آن واحد.
أو لعلى أتحدى به الإتهام الموجه للغة العربية بالقصور فى مجالنا هذا فأردت أن أثبت قدرتها على التعبير عن علم من أصعب العلوم الحديثة، وهو علم السيكوباثولوجى (علم تكوين المرض النفسى) فى هذا التشكيل الذى لايحتمل مظنة النقل أو التقليد فأعلن بذلك أن أصالة هذه اللغة لاشك فيها، وأنها قادرة على التعبير بكفاءة غير محدودة عن أصعب العلوم، متى ما تمكن طالب العلم، أو شارحه من تملك قيادها وقياد علمه معا (الأمر الذى أحاوله ولا أدعيه) فيخلطهما بلحمه ودمه، ثم ينطلق فى تعبير جديد مباشر.
وأخيرا لعلى قد سننت به سنّة، أو ابتدعت بدعة، وهى إمكان التزاوج والتأليف بين العلم والفن، وليكن اسم هذا الفن العلمى، أو العلم الفنى، الأمر الذى سبق أن حاولته بأكثر من أسلوب، فكتبت القصة العلمية القصيرة والرواية الطويلة، ونظمت خبرة خاصة بالعامية المصرية، فى وقت سابق ولاحق لهذه التجربة.
******
وعلى كل حال فإذا كان الشعر “حالة” لا “حلية” ولا أسلوبا – كما يقول صلاح عبد الصبور – فليكن هذا شعراً.
أما مدى علمية محتواه، فهذا متوقف على تعريف العلم، الأمر الذى أعفى نفسى من تفصيله هنا (وقد تناولته فى كتابى “مقدمة فى العلاج الجمعى”)، ولكنى أكتفى بإعلان مسئوليتى عنه علما من أدق ما خلصتُ إليه من واقع ممارستى الإكلينيكية ومواجهتى ذاتى معا.
وعندى أن العلم والفن وجهان للحقيقة.. ولكن اقترابهما فى عصرنا هذا يلزمنا بعمق من نوع جديد، تصحبه شجاعة مخاطرة تناسب أسلوب سعينا المعاصر نحو التكامل، بلا تخصص مصطنع يحرم كل فريق من رؤية الفريق الآخر، فيعطل المسيرة.
لا نفع للإنسان المعاصر فى مزيد من التباعد بين العلم والفن وإلا واجهنا مجتمع المعرفة منشقا بين آلات متقنة ومشاعر ثائرة، نحن حاليا أحوج مانكون إلى التزاوج بين الطاقة البشرية النابعة من الإحساس الصادق، (إحدى وظائف المخ) وبين جهاز الكمبيوتر البشرى الذى يمثل أعلى مراتب الترابط وحساب الاحتمالات (فى المخ أيضا).
علم الطب النفسى عامة، وعلم السيكوباثولوجى كأحد أساسياته، هو أكبر مثل حى على هذا التزاوج الصحى الذى ينبغى أن نسعى لتعميقه ونشره .
وهذه التجربة التى بين أيدينا هى محاولة فى هذا الاتجاه لتقديم العلم بأسلوب فنى، أو تقديم الفن بالتزام علمى.
* * *
وهكذا أكون قد حاولت الاجابة على السؤال الأول ” لماذا هذا الشكل؟”
إلا أنى بعد أن انتهيت من هذه التجربة وتركتها جانبا أربع سنوات كاملات، رجعت إليها وكأنى غريب عنها، فأخذتنى دهشة مبدئية، وتساؤل مؤلم يقول: وماذا لو عجزت هذه التجربة عن الوفاء بما أردت لها بادئ ذى بدء؟ فلا هى بلغت مبلغ الفن النافذ المشرق القائم بذاته، ولا هى أدت الفائدة العلمية المرجوة لتوسيع المدارك وتعميق المعرفة.
وداهمنى تردد جديد فسرت به – متداركا- هذه الوقفة الطويلة التى حالت دون مغامرة النشر طوال هذه الأعوام، وذهبت إلى بعض الأصدقاء الذين أثق فى حكمهم أستشيرهم، فطلب فريق منهم، أغلبهم من المتحفزين المتوهجين، أن أنشرها كما هى دون إضافة، وطلب فريق آخر أغلبهم من الأطباء والعلماء أن أكتب شرحا علميا مستفيضا لكل ما أشرت إليه فى صلب المتن وكأنهم يطالبوننى بكتابة “شرح على المتن” أسوة بتقليد عربى تليد” وزادتنى آراؤهم حيرة، ثم قررت بعد طول أناة أن أكتب حواش موجزة ، لعلها لا تزعج الفريق الأول، ولا تخيب رجاء الفريق الثانى.
المقطم فى 8 مارس 1977
يحيى الرخاوى
******
مقدمة الطبعة الثانية
ظهرت الطبعة الأولى من هذا العمل فى عدد محدود بناء على إلحاح طلبة الدراسات العليا ونفدت على الفور لأنها لم تتعد هؤلاء النفر من الدارسين، وبالرغم من طبيعتها وهدفها المتواضع إلا أنى تعلمت منها الكثير، ومن بين ذلك أن بعض الدارسين قد اعتبرها مرجعا أعانه فى إبداء رأيه أو إثبات رؤيته، وكذلك فقد تيقنت من غلبة طبيعتها – وفائدتها – العلمية قبل وبعد شكلها الفنى.
وقد كاد هذا وذاك أن يشجعانى أن أرجح الكفة التى غلبت علىّ هذه الأيام وهى الاقتصار على الحديث بلغة العلم، وهممت أن أنحسر مختارا بعيدا عن الرغبة الملحة للتواصل مع الكافة عن طريق هذه المحاولات الولافية بين العلم والفن.
ولكنى فى النهاية اخترت قسمة عادلة، وهى أن أنشر “المتن” وحده للكافة دون التخلى عن الترقيم الجانبى حتى يرجع للشرح من شاء فى ملحق مستقل، ثم أنشره مع الشرح لمن شاء من أهل العلم ومحبى المعرفة فى مرحلة تالية.
27 مايو 1978
يحيى الرخاوى
******
إهداء الطبعة الثالثة
إلى روح المرحوم صلاح عبد الصبور
******
مقدمة الطبعة الثالثة
ثلاثون عاما مضت على ظهور ما سمى بالطبعة الثانية، وهى فى حقيقة الأمر ليست إلا الطبعة الأولى، لأن الطبعة التى سبقتها لم تتعد عشرات النسخ على الآلة الكاتبة، ثلاثون عاما اهتديت اثناءها إلى طبيعة هذا العمل بعد أن أتيحت الفرصة لصدور ما أسميته “شرح على المتن” وهو كتابى الذى ناهز الألف صفحة، وله حكاية:
بعد ترددى الشديد الذى أعدت تسجيله هنا فى مقدمة الطبعة الأولى (الثانية)!، وبعد ترجيحى نشر المتن دون شرح وحتى دون هوامش كما قلت فى تلك المقدمة، اتيحت لى فرصة أن أشرُفُ بمناقشة الديوان الحالى فى البرنامج الثانى فى الإذاعة المصرية، وقد شرفت بأن كان المناقش هو المرحوم صلاح عبد الصبور الذى أثنى عليه شعرا خالصا، وحين حكيت له انه ليس كذلك تماما، وأن معظَم، أو كلَ، ما جاء فيه هو صياغة شعرية لمراحل وتطورات نمائية ونكوصية يمر بها المريض النفسى فى رحلته من السواء إلى المرض وبالعكس، نافيا فى نفس الوقت أنه نَظْمٌ أو أرجوزة لتسهيل الحفظ مثل ألفية ابن مالك، وإنما هو شعر حاولت من خلاله أن أحتوى ما وصلنى من مرضاى وخبرتى ومعرفتى حتى غمرنى ما خرج منى شعرا صرْفا وأنا أقوم بتشكيله هكذا. لكنه -رحمه الله- أصر على أنه شعر خالص، وأنه يكاد لايصدق أن المرضى بتشتتهم الشائع، يمكن أن يكونوا مصدره أو أنه يمثل أحوالهم بهذه الشاعرية المنسابة، بصراحة فرحت واعتبرت ذلك مديحا لا أستحقه، لكننى تماديت فى شرح طبيعة ما كان منى وبى، وقلت له إننى كنت على وشك أن أكتب شرحا على هذا المتن الشعرى لأكمل به توصيل الرسالة التى وصلتنى من خبرتى ومرضاى، وهنا تحمس المرحوم صلاح وقال فلتفعل، وأغلب الظن أنك لن تنجح لأن الشعر لا يحتمل الشرح، فقبلت التحدى شاكرا راضيا، وبدأت فى كتابة ما صار بعد ذلك عملى الأم وهو كتابى: “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” شرح على متن ديوان سر اللعبة.
ثلاثون عاما مضت وهأنذا أصل إلى منتصف العقد الثامن من عمرى، فآن الأوان أن أجمع أوراقى وأنظمها، وقد سُتِرْتُ ماديا والحمد لله، وأستطيع أن أعيد طبع ما ينبغى أن يعاد طبعه فى شكل لائق، وعلى رأس ذلك متن هذا الديوان الأول دون شرح أو تغيير نهائيا، وحين رحت أراجع مسودات هذه الطبعة تجهيزا لدخول المطبعة بالطرق الأحدث، ترحمت على هذا الرائع صلاح عبد الصبور، وفهمت أخيرا إصراره على شاعرية هذا النص.
لكن يظل التساؤل مطروحا لماذا تظلّ القدرة الفائقة للإبداع الأدبى متقدمة وقادرة على استيعاب ما أسميته لاحقا “النص البشرى” أكثر من الكتابة الخطية المفاهيمية الحتمية إن صح التعبير؟ ولماذا ينطبق ذلك بوجه خاص على المرض النفسى، شرحا وعلاجا بوجه خاص؟ أغلب الظن أن ذلك يرجع إلى أن معايشة المرضى بصدقٍ مشارِكٍ لمن يغامر بها، تسمح بدرجة رائعة من التقمص غير المقصود الذى يتيح بدوره تحريك وعى الطبيب أو المعالج فى ذاته لذاته بعيدا عن المآل المرضى، بل فى عكس اتجاهه، فإذا امتلك هذا الطبيب بعض أدوات الإبداع مهما بلغ تواضعها، فإنه يهضم الخبرة ويتمثلها حتى يستوعبها، فإذا ما أتيحت لها فرصة التعبير فى إحدى تشكيلات الإبداع خرجت منه تشكيلا أصيلا يسمح بأن يُعد إبداعا فى ذاته لذاته.
أظن أن هذا هو ماحدث
وأظن أن هذا هو الدافع الأهم لإصدارهذه الطبعة الثالثة شعرا خالصا
ملحوظة:
برغم اعتزازى بإسهام الابن د. وجدى الكيلانى فى رسوم الطبعة الثانية إلا أنى رأيت أن أسلمها فى صورتها الجديدة لمن يعيد إخراجها كما يرى بما تستحق.
افتتاحية
هل يعرفُ أحدكمُ وما يحمل داخِلَهُ من جِنّة؟
هل يقدرُ أىّ منكمْ أن يمضىَ وحدهْ…،
لا يذهبُ عقلُهْ؟
كيف يصارعُ قهر الناسْ …… ،
والحب الصادقُ يملؤ قلبهْ؟
كيف يروّض ذاكَ الوحشَ الرابضَ فى أحشائهْ،
دون تشوّه؟
كيف يوائم بين الطفلِ وبين الكهلِ وبين اليافعْ،
داخل ذاته؟
كيف يحاولُ أن يصنعََ من أمسٍ قاهرْْ …،
قوة حاضرة المتوثبْ،
نحو الإنسان الكامل؟
-2-
هل يعرف أحدكمو كيف يضل الانسانْ؟
كيف يدافع عن نفسهْ، إذ يغلقُ عينيهِِ وقلبهْ؟
إذ يقتلُُ إحساسَهْ؟
كيف يحاول بالحيلةِ تلو الأخرى أن يهرب من ذاته،
ومن المعرفةِِ الأخرى ؟
كيف يشوّه وجه الفطرةِ، إذْ يقتلهُ الخوفْ؟
كيف يخادعُُ أو يتراجعْ؟
وأخيرا يفشل أن يطمسَ وجه الحقْ،
إذ يظهر حتماً خلف حُطام الزيفْ؟
-3-
ترتطمُ الأفلاكُُ السبعةْ،
يأتى الصوتُ الآخرُُ همساًً من بين قبورٍ عَفِنَةْ،
…يتصاعدُُ … يعلو … يعلو… كنفير النجدةْ
………..
………..
وأمام بقايا الإنسان،
أشلاءِ النفس ورائحة صديدِ الكذب وآثار العدوان،
تغمرنى الأسئلةُ الحيرى
لِمَ ينشقُّ الإنسان على نفسهْ؟
لِمَ يُحرمُ حقّ الخطأ وحق الضعفِ وحق الرحمهْ؟
لِمَ يربطُ عقلهْ… بخيوط القهر السحريةْ؟
يمضى يقفزُ يرقدْ يصحو ..
بأصابعهمْ خلف المسرحْ،
ويعيد الفصلَ الأول دون سواه ،
حسْب الدور المنقوشْ،
فى لوحٍ حجرٍ أملسْ،
رسمته هوامٌ منقرضَةْ
فيضيع الجوهرْ،
ويلف الثور بلا غاية،
وصفيح الساقية الصدِئَةْ،
يتردد فيه فراغ العقلِ، وذل القلبِ
وعدمُُ الشىْْء،
…… ونضيعْ.
- 4 -
لكن هواءً مثلوجا يصفع وجهى،
يوقظُ عقلى الآخرْ،
ويشل العقل المتحذلق،
يلقى فى قلبى الوعىْ
بحقيقة أصل الأشياء،
……….
……….
يا ويحى من هول الرؤية!!!
ورقة شجر صفراء
مُذْ كنتُ وكان الناسْ …،
وأنا أحتالُ لكى أمضِىَ مثل الناسْ،
كان لزاماً أن أتشكلْ
أن أصبحَ رقماً ماَ،
ورقة شجر صفراءْ،
لا تصلح إلا لتساهم فى أن تلِقَى ظلاّّ أغبرْ،
فى إهمالٍ فوق أديم الأرض
والورقة لا تتفتح مثل الزهرة،
تنمو بقَدَرْ،
لا تثمرْ،
فقضاها أن تذبلْ،
تسقُطْ،
تتحلّلْ،
تذروها الريح بلا ذكرى
كان علىّ أن أضغط روحى حتى ينتظمَ الصفْ،
فالصف المعوج خطيئة،
حتى لو كانت قبلتنا هى جبلُ الذهِب الأصفرْ،
أو صنم اللفظ الأجوفْ،
أو وهْج الكرسىِّ الأفخم،
كان على أن أخمد روحى تحت تراب “الأمر الواقع”
أن أتعلم نفس الكلماتْ…. وبنفس المعنى،
أو حتى من غير معانْ
****
نعام العصر والحرباء…،
….وأمنا الغولة
-1-
ما أبشعها قصةْ،
قصةُُ تشويهِ الفطرةْ،
طفلُ “غفلٌ” لم يتشكلْ،
يا أبتى – بالله عليك – ماذا تفعلْ؟
ترفعْ … أرفعْ،
تخفضْ … أخفضْ،
تأمرْ … أحفظْ،
تسكتْ … ألعبْ،
حتى اللعب الحر رويدا ينضبْ،
يتبقى لعب الحربِ وإحكام الخطةْ،
أو لعب الحظ وحبكِ الخدعة،
أو لعب البنك وترويج السلعة
-2-
وسعارٌ جامح :
أنت الأول … أنت الأحسن … أنت الأمجد
إسحق، واطعن، واصعد،
إياك وأن تتألمْ،
وتعلّم أن تتكلمْ،
من تحت المِقعدْ،
فإذا صرتَ الأوحد
فاحقد، واحقد، واحقد
لتكون الأعلى، والأسعد
………..
وفتات المائدة ستكفى جوعهم الأسود
-3-
يبدو سهلاَ،
فى أوله يبدو عملا سهلا:
أن تقفأَ عينيك وتطمِسَ قلبك
أن تنتشرَ الظلمة من حولك
ألا تختار فلا تحتارْ
لكن ويحك من نور شعاعٍ يتسحبُ الجلدْ
من مرآة تورى ما بعد الحد
من نفَخ الصور إذا جَدَّ الجِدّ
-4-
أخرجت يدِى سوداءً بليلٍ حالك
يا سوء عماىْ
تتحرك كثبانُ الظلمةْ،
تسحق نبضَ الفكرةْ.
…….
…….
وتَملْملَ طفلٌُ فى مهدهْ
يا ليتَ النومَ يروّضهُ،
هيهات الغولُ يعاندهُ
طال الليلُ بغير نهاية …
رغم الدورة حول الشمس وحتم النورْ
-5-
لمُُ أعلمْْ – طفلاًً – أنى أحذقُ فن العوْم،
حين لمستُ الماء طفوتْ،
ألقيت ذراعى فإذا بى أسبح فى بحر الخير،
يحملُنى موجُ الفطرة
أفزعنىْ القومُ من الحوتِ الوهْم،
وانتشلونى أتعلّم فى مدرسةِ الرعبِ،
فنَّ الموتِ العصرىّ،
وتعلمت:
أن أحذفَ من عقلى كلَّ الأفكار الهائمة الحيرَى
ألا أتساءلْ: “لِمَ؟” أو “كيف؟”
فـ”لماذا” تحمل خطر المعرفةِ الأخرى
أما “كيف”
فالميّت لا يعرفُ كيف يموتْ،
أما كيف يعيش، فإليكَ السر:
لا تفتح فمَكَ يغرقكَ الموجْ
لا تسكتْ يزهق روحك غول الصمَت
لا تفهمْ
لا تشعرْ
لا تتألمْ
وتعلم “كمْْ”
كم عددٌُ الأسماءِ فى صفحةِِ وَفَيِات الأحياء الموتي؟
كم جمَعَ الآخرُ من صخرِ الهرمِ القبر؟
كم دقت ساعةُ أمس؟
كم سعرُ الذهب اليوم؟
كم فقاعة حُلم نفقأها فى الغد؟
كم أنتَ مهذّب إذ تَلعب فى صحراءِِ الرقّة:
لعُبةَ ذبح الشاةِ بسكينٍ باردْ
يبدو حُلمك أبيضَ أسود
لا يزعجك لون الدم.
-6-
رفقا أماه …
لم نتعلم فى مدرسة الفطرة، أن الجسدَ عدو الله،
والعضوُ الثائرُ فى أحشائى تنبض فيه الروحْ
مهلاً أماه
سمعاً … سأحاولْ،
سأحاول أن أحذف من جسدى فضلات الشهوة
.. لا تفشى سرى
سأحاول أن أغلق بالسهو وبالإغفال ..،
كل مسام الجلد
…….
…….
الصم البكم هم السادة
وحروف الألفاظ الجوفاء تغنى اللفظ الميتْ
-7-
قالت يده اليسرى:
– ما بال القوم يضيقون بفنى
ردت يده اليمنى:
أنا أحفظ الأرقام
- أنا حس النبض الثائر
= أنا أجمع، أضرب، أكسب أكثر
– أنا زهر الروض الباسم
يتماوج وسط ضياء الشمس
أو يغفو تحت حنين الظل
= أنا أكثر حذقا … ونجاحا
- أنا أصل الشئ وسر الكون
قالت يده اليمنى فى ضجر غاضب:
- ما أغنانى عن سخف حديثك
… أنا أُحْسِن صنع الحرب الدم
أنا أُحسن تشكيل الأطفال
………….
وتوقفت اليسرى باسترخاءٍ حتى ماتتْ.
-8-
فى الغابةْ
أكل الطفلُ من لحمِ أبيهِ الميتْ،
هرباًً منه إليهْ
يا أبتى إن زاد القهر
فسألتهمك إذ يسحقنى الخوف
لن تؤلمنى بعد اليوم
فأنا القاتل والمقتول وسر وجودى إنك مِتْ
تختلط ضمائرنا تتبادَلْ
فسأمضى، تمضى، نمضى… نحو سراب وجودٍ عابث
ما أغبى هذا السيرُ وُقُوفا
لكنْ ما أحلى الخدعة.
-9-
وخطفت السيف بأيديهم
كان بِغمدى
لكنّ الغمدَ بلا قاعْ،
وسنان السيف عيونٌ تطلق نار المعرفة النورْ:
داخلُ ذاتي
لم أقدرْ أن أُبعد ذاك المسخَ الشائهَ يحمل إسمى
ألبستكُمُو عارَ وجودى:
أنتم أصلُ بلاء الكون
أنتم بيتُ الداء
أنتم أكلةُ لحم الناس
أنتم … أنتم … أنتم …، لست أنا،
أصبحت بلا أعماق ولا فحوى
خرجتْ أمعائى تلتف مشانق حول رقاب الناس
ورجعت إلى الداخل أتحسس:
ليس به شيء
ليس به شيء
ليس به شيء
ويقولون تناومْ،
والفجر تأخر صبحُه
حتى كدنا نيأس.
-10-
أنت زعيمى … أنت إمامي
أنت نبىُّ اللهِِ المرسلْ
أنت القوة أنت القدرة، أَسْرِجْ ظَهركَ، أعلو المحمل
هَدْ هِدَ .. هَدْ هِدَ ، دعنى أغفو
أنت الأكبر أنت الأمثل
لا توقظنى … شكرا عفوا،
فيك البركةَ، أكملْ . أكملْ.
-11-
قال الثعلب إذ لم ينل العنبا
”هذا حامضٌ، حصرٌم، ليس لنا فيه أرب”
وقصيرُ الذيل الفأرُ تأفّفَ من طعمِ العسلِ،
فالتافهُ ما لا أملكه
وغبى من يلعن سخفي
والصورة تزدان أمامى
وظلال تمتد حثيثا …
حتى تطمس كل عيوبى
وغطيط النائمِ يعلو فى أرجاء المخدعْ.
-12-
الأم الغولةُ تأمرنى …
…. فأمشّط شعر القنفد
تتساقط تلك المخلوقات بحجرى،
فأقول لأمي:
ما أحلى طعم السمسم
………….
………….
يا حكمة طفل شاخ بمهده
لا أحد يقول لغولة دربه:
”عينك حمرة”
………….
هل أقدر يوما أن أعلنها:
”إنى أكره ذاك المتوحش
يأكل لحمى حيا…”
يخرسُُ صوتى لو نطقتها شفتاىْ
تُقطع كفّى لو امتدت لهُمَا،
يُطفأ نورْ حياتى
أحبُو أزحفُُ أختبئُ برحمِ الضّعف
يلهب ظهرى سوطُ الذنبْ
أفقأ عينىَّ بإبهامىّ
يكتملُ عماىْ
يتشوه وجهى
… لا…لا….لا…
سأحبّهما جداًً جداً
ما أجمل وجهك يا أمى الغولة
ما أنعم شعرك
ما أحلى طعم السمسم.
- 13-
وخيوط الصورة تتداخل
واللون رمادىّ الأهداب
والخدر القاتل للإحساس يغلف وعيي
يكتم أنفاسى
فكأنى نِصفُ النائم أو نصفُ اليقظان،
وتنابلة ُ السلطان يغنّون اللحن الأوحدْْ،
لحنَ رضا السادة فى بيت الواحةْ
راحة من راح بلا رجعة
وخيوط الصورة تتراقص أعلى المسرح
وعرائس فى الكفن الأسود
فوق الخشبة
تنطفئ الشمس
….. تغرب قبل المشرق
وتغوص الأقدام إلى الأعناق فى كثبان الخوف
وتثور رياح الرعب
فتغطى الهامات تسويها بالأرض
والأعمى يبحث عن قطته السوداءْ
فى كهف الظلمةْ
-1-
الهرب الفاشل
وأظل أحملق بعيون لا تبصرْ
لكن الزمن الثعلبْ …
يتسحبْ
يمضى … يمضي… لا يتوقفْْْ
ورقابُ نعامِِ اليومِ قصارْ
تأبى أن تدفن هامتها فى الرمل
أين المهربْ؟
فى الداخلِ كهفُ الظلمة والمجهول وتفتيت الذرة
والخارج خطر داهم
………
يبدو أن الرعب من الخارج أرحمْ
شئ ألمسه بيدى
يلهينى عن هول الحق العاري
عن رؤيةِ ذاتى
أفليس الظاهر أقرب؟
والخوف عليهِ أو منُه يبدو أعقلْ؟
هُوَ ذاكْ:
أخشى أن أمشى وَحْدِى
حتى لا تخطفَ رأسى الحدأةْ
أمَّا بين الناسْ …
فالرعبُ الأكبرْْ
أن تسحقنى أجسادهُمُو المنبعجةْ
اللزجةْ، والممتزجةْ
أخشى أن يغلق خلفى الباب،
..، أو أن يفتح
فالباب المقفول هو القبر .. أو الرحم أو السجن
والباب المفتوح يذيعُ السرْْ
……
أخشى أن أنظر من حالقْ
……………
أو أن يأكلَ جسمى المرضُ الأسود
أو أن أقضىَ فجأة
أو أن أفقدَ عقلى
أو أتَنَاثَرْ
والخوفُ يولّد خوفا أكثر
والهربُُ الفاشلُ يتكرر
سقطت تلك الحيلةُ أيضَا،
لم تُغْنِ عنى شيئَا،
لكنْ أجلتِ الرؤيةْ
-2-
الساقية المهجورة
لم يعد الرعبُ من الخارج يكفى أن يُنسَينى الداخلْ،
فاقتربتْ نفسى منى حتى كدتُ أراهَا
الظلمةُ والمجهولُُُ وتفتيت الذّرة
والسردابُ المسحورُ، وما قبل الفكرة
والطفلُ المقسومُ إلى نصفين
ينتظر سليمان وعدله
وحقيقة أصل الأشياء تكاد تطل
* * *
لا مهرب من هول الداخل إلا عقلٌ عاقلْ
متحذلقْ
عقلٌ ينظم عقد القضبان المحكمْ
دعواه قديما كانت “حل الطلسم”
ويظلّ التافهُ يملؤ وجهََ الساحة
يُخفى الخطرَ الأكبرْ
فالتافه آمَنْ:
فليشغلْ بالى أىُّ حديثٍ أو فعلٍ عابرْْ
ولأمسك بتلابيبهْ
وليتكررْ ….وليتكررْ
وليتكررْ…
وليتكررْ أكثر؛
نفسُ الشئ التافه
دون النظر إلى جدواه
فلأحفظْْْ أرقام العرباتْ
أو عددَ بلاطِ رصيف الشارع.
أو دَرَجَ السُّلّم
أو أصبح أنظفْ،
لكن من فوق السطحْ،
هذا غايةُ ما يمكنْ،
ولأغسلْ ثوبى الأغبر،
حتى أخفى تلك القاذورات،
داخل نفسى،
عن أعينِ كلِّ الناس،…
لا بل عن عينى صاحِبِها الألمعْ،
الأطهرِ الأمجدِ والأرفعْ،
بدلا من أن أشغل نفسى بطهارة جوهر روحى
فلأغسلْ ظاهرَ جلدى، بالصابون الفاخرْ
لكن ويحي…،
كيف دخلتُ السجنََ برجلّى؟
كيف سعيت إلى حتفى؟
صوّر لى العقلُ المتحذلق: أن السارقَ ضابط شْرطة،
فإذا بالمصيدةِِ الكبرى … تمسكنى من ذَنَبِى
حتى أمضِىَ سائر عمرى فى عدِّّّ القضبانْ
أو لمسِ الأشياءِ على طول طريق حياتي؛
دون الغوص إلى جوهرها
أو جمْع الأعدّاد بلا جدوى،
أو إغلاق نوافذ بيتى
ونوافذ عقلى تتبعها،
وحديد التسليح يكبّل فكرى
لم يعد التكرار ليكفى،
والمسرح ضاق بنفس الحركة
……..
وأزيز الساقية المهجورة،
يرجو أن يُوهم ثوراًًًً نزعََ غُماهْ،
أنّ سرابَ الفكر،
يروى الزرعَ العطشان،
لكن كمْْ جفّ العودُ الوِجدان،
رغم خوار الثورِِ المتردّدْ،
وأزيز الساقية الأجوفْ
-3-
شهد الفطرة
وتعلّمنا فى السنة الأولي:
أن الماء بلا لونٍ وبلا طعمٍٍ وبلا نكهةْ،
لكن الحقَّ يقولْ:
إن الماءَ العذْب .. هو شهُد الفطرةْْ
فإذا صدّقت العلم اللفظى
ضاعت منك حقيقة أصل الحكمة
أو قد تستمرىُ تلك الخدعة
إذ تلقى فى الماء، بقُمْع السكر
يا أَبْلَهْ:
أنساكَ الحلوُ الماسخُ طعمََ الصدْقِ النابضِ
فى لبِّ الفطرة
………
………
بدلاًً من أن تعرفَ نفسكْْ
تحنى هامتك لغيرك؟
بدلا من أن ترقصَ فى موسيقى الكون برحاب اللهْْ
تلعب شفتاك بلفظٍٍ مبهمْ
بدلاً من أن تصبح ذاتك جزءاً من ذاتٍ عليا
تنصبُ محكمةًً دُنْيَا؟
بدلا من أن يملأ قلبك حبك الأول والآخر
يملؤه الخوفُُ أو الطمعُ وأرقام التاجر؟
بدلا من أن تعرفْ، تهرفْ
وبحسِن النية … شوّهتُ الفطرة
إذا ألهانى طعم السكَّر عن عذب الماءْ
وكأنى أرجو أن أطفئ بالحلو الماسخ
عطش الطفلِ المحرومْ
………
………
تطفو الروحُ إلى الحُلْقومْ
والغثياُنُُ الدائرُُ يسحبُ وعيى حتى لا قاعَ ولا آخر.
اللبن المر
-1-
أخذتْ زخُرفَهَا
…. وازّينتْْ
-2-
زُلزِلت الأرضْ
فى سكرة موْتْْ
أو صحوة بعْثْ
حدثَ “الشىءْ”،
”شئٌ ما” قد حدث اليوم
سقط الهرم الأكبر
هرب الملكُ من التابوت يدبّر للثأر مكيدهْ،
والملكة تبِِعَت سيّدها
كان الطفل تَمَلْمَلَ بعد سباتٍ طالْْ
وتحرك جوعٌ لحياةٍٍ أخرى:
-3-
والثدى الجبل الرملى تزحفُ كثبانه
تكتم أنفاس وليدٍٍ كهلٌ
يرقص مذبوحا فى المهد اللحد
واللبن الحامض يزداد مرارةْ
وتغير شكل الناس
ليسوا ناسَ الأمس
وتغير إحساسى بكيانى
أنا منْ ؟ كيفَ ؟ وكمْْ؟
من ذاكََ الكائنُ يلبس جلدى
من صاحب هذا الصوت ؟
هل حقا “أنا”… يتكلم ؟
وتغيّر وجه حياتى
واختفت الأبعاد
فُتحت أبوابى
رقّ غشائى
قُلبت صفحات كتابى
وتناثرت الأسرارْ
-4-
سقطة أقنعة الزيفْ
لكن الحق، لم يظهر بعدْ
والحزنُُ الأسودُُ يتحفزْ
والأحياء الموتى فى صخبٍ دائمْْ
ويخيل للواحد منهم أن الآخرَ يسمعُهُ
والآخر لا تشغله الا نفسهْ
أو موضوعٌٌ آخرْ
لكن الرد الجاهز دوما جاهز
- ما حال الدنيا؟
-الدفع تأخرْ
………..
– هل نمتَ الليلة ؟
-الأسهمُ زادتْ
………..
– كم سعر الذهب اليوم ؟
-المأتم بعد العصر.
والكل يدافع عن شئ لا يعرفُهُ
بحماسٍٍٍ لا يهدأُ أبدا ً
يتعجل كلُّ منهم حتفة
إذْ يلتهم الايام بلا هدفٍ و بلا معنى
والعاقلُ مثلى، أى مَنْ جُنّ
يعرفُ ذلكْ
ولقد يرتدّّ البصرُ إلى أعماقه
يتذكر أصل القصة:
-5-
فى يوم الرعبِِ الأول
لما غادرتُ القوقعةََ المسحورةْ،
صدمتنى الدنيا
نار الحقد قد اختلطتْْ بجفافِ عواطف ثلجيةْْ
فتجمّد تمثال الشمعِ المنصهرِ
لمّا غرق القارب فى بحر الظلمة
قذفِنَى اليمُّ على شاطئهم
صوّر لى خوفى أن الكل يطاردنى
………..
………..
جفّ البحر ورائى
وهواء البر الساخن يزهق روحى
لم تنبت فى صدرى رئةُ بعد
وتمدد جسدى ينتظر الموت
-6-
هل يوجد حل آخر؟
هل أفتح بابى بعض الشيء؟
ورويدا دخل الدفء إلىّ
فأمنت ..،
سقط الشك
وَنمتْ فى صدرى بعضُ براعم تنتظر هواء الوَدّ
ما أحلى أن يخلع ذاك الوحش الوهمى قناعه،
حتى يبدو إنسانا يعطى ويحب
هل حقا؟! أن الدار .. أمان!
أن الناسَ بخير؟
قد كدت أجفْ من قرّ الوحدةِ وجفافِ الخوفْْ
سقطت أوراقى،
لكن العود امتدْ، فى جوف الأرضْ
إذ لو نزل القطر
فلقد يخضرُّ العودْْ
أو ينبت منه الزهر
-7-
لكن البقرةْ، قد تذهب عنى
وأنا لم أشبعْ
لا .. لن أسمحْْ
ليست لُعبة
هى ملكى وحدي:
أضغطْْ: تحلبْ
أتركْ: تنضبْ
أضغطْ تحلبْ، أتركْ تنضب،
لكن هل تنضبُ يوماً دوما؟؟
أفلا يعنى ذاك الموت؟
ملكنى الرعب ..
واللبن العلقم ..، يزداد مرارة
فكرهتُ الحبْ
وقتلت البقرة
……
وصعدتُ إلى جبل الوحدة
أنحت فى حجر الصبر أدراى سوأة فعلي
ووضعتُ الصخرةَ فوق الصخرة
وبنيت الهرم الأكبر
علّ السُّخرة، تغفر ذنبى،
ونصبت تابوت الملك الأعظم
ومضيت أقدم قربان حياتى لجلالته
-8-
نخر السوسُ عصاه
وإذِ انكفأ على وجهه
زُلَزِلِت الأرضْ
إذ سقط الهرم الأكبر
فوق رؤوس الأشهاد
فى سكرة موت،
أو صحوة بعث
رقصة الكون
-1-
انقشع غمامُ الضيقْ،
وشعاع الفجر يُدَغْدِغُنِى
حتى أشرق نور الشمس
بين ضلوعى
وصفا القلب
رقصت أرجاءُ الكون
وتحطمت الأسوار
وانطلق الإنسان الآخرْ،
الرابضُ بين ضلوعى ..
فى ملكوت الله
يعزفُ موسيقى الحرية
وعرفتُ الأصلَ، وَأصل الأصْل،
فى لحظة صدقْ.
ورأيتُ التاريخ البشرى …. رأىَ العين
”كنت زمانا حبة رمل فى صحراء الله”
وعرفت بأن الرمل قديمٌ قبل الطين،
ومن الطينْ، خرج الطُّحْلُبْ
……….
……….
وقفزتُ إلى جوف البحر أناجى جداتى،
وضربتُ بذيلى سمكةَََََََََََََََََََََََََََََ قرشٍ مفترسة،
ورجعتُُ إلى شاطئنا الوردىّ أغنى،
ومضيت إليكم فى أروعِ رحلةْ
وعرفت يقيناً أن المعرفةَِ الحقّةْ
هى فى المعرفة الحقة
دون دليلٍ أو برهان
دون حساب أو تعداد الأسباب
هذا قول الصوفيةْ:
“من ذاقَ عرفْ”
ولقد ذقْتُ، فعرفتُ
ما أعجز ألفاظ الناس عن التعبير عن الذات العليا
وعن الجنةْ،
وعن الخلد،
فى ذاك اليوم:
رقصتْ حباتُ الرملْ،
وتعانق ورق الأشجارْ،
وسرت قطراتُ الحبِّ..
من طينِ الأرضِ إلى غصنِ الوردةْ،
وتفتحت الأزهار …
فى داخل قلِبى،
فى قلب الكون.
وارتفع الحاجز بين كيانى والأكوان العليا
……….
أصبحتُ قديما حتى لا شئ قديمٌ قبلى،
وامتدّ وجودى فى آفاق المستقبل،
دون نهايةْ
فعرفت الله،
وعرفت الأصل وأصل الأصل،
ملأنِىَ الحُبْ، حتى فاضََ بِىَ الوجْد
ورأيت العالم فى نفسى،
وتوحدت مع الكل
……….
من فرط الفرحةْ، ملأنِىَ الخوف،
أحسست بنور الله كجزءٍ منى …
فرعِبْتْ،
وتملكنى الشكْ،
هل هى شطحات الصوفية؟
أم ذهب العقل؟
كنت أعيش القمة،
وانطلقت روحى تسعى
لكن الجسد يقيّدنى
وأنا عصفورٌ شفافٌٌٌ نورانىّ
أسبح فى ملكوت الله
لن أسمحَ أن يمنع تِجْوالى هذا الثقلُُ الجسدىْ،
ما أغنانى عن هذا اللحم وهذا العظم،
وعن الفعل الحيوانى الأدنى،
حتى النوم، هو موتٌ أصغر
وأنا فى جنة خلد لا يفنى
-2-
يا ربى …
لِمَ دار الكون كأنى مركزه الأوحد؟
لم أشرق نورى فى نورك؟
فانطمس العالم إلاىْ
وانغمستْْْ ذاتِى فى ذاتِكْ
فحويتُ العالم والناسْ
صرتُ الأوحدْ،
إنسان الحلْم، أنا؟
إنسانُ الغدْ؟
لكنِّى وحدى، وحدى،
وحدى حتى الموتْ
”أين الموت” ؟؟
أم أن خلودى هُوََعَيْنُ الموت؟
-3-
هل يشعر أحدكمو بِى؟
أحدُُ الناسِ الناسْ؟
أم ألقى حتفى فى صحراء الوحدة؟
لا أَحَدَ هناكْ،
لا صوت ولا همس، ولا نبض، ولا رؤْية.
الوحدة؟ يا مُرّ الوحدة؟
الوحدة موتٌ حتى لو كنت إله
عزف البركانُ اللحنَ الثائر:
الحب الشَّكُ الرعبْ
الرُّعبُ الحُب الشَكْ
الشُّك الرعبُ الحبْ
ماذا ينقذنى من نفسى
من رؤية سرى الأعظم
سر الله وسر الكون، وسر وجودى،
سر الزمن، وسر الموت، وسر الكلمة
كيف أحدد أبعادي؟؟
-4-
يا رب الكون:
قد بهرتْنى طلعتك الحُلوةْ
وغشى نورك عينىّ
خذ بيدى وارحم ضعفى
واجعل دورى أن أسهم فى السعى إليك
لا أن أصبح ذاتك
يارب الناس
من لى بالناس؟
بالكلمةِ وبدونِ كلامْْ
شدّنى الناسُ إلى الناسْْ
لمستْ قدماى الأرض.
يا ثقل الجذب الى الطين
-5-
قد عشت حياة اليوم الثامن
لكن الأسبوع له أيامٌ سبعةْْ
فلأهبطْ بين الناسْ ..
أتقن دورى المحدود الرائع
لنقوِّض حاضرَنا المُلتاث
وتصير الأحلام حقيقةْْْْ
ويسير الشعر على أرجلْ
لنضيف الحلقة والحلقة
فى تلك السلسلة الحلوة
ما أحلى كل الأشياء
كل الأشياء بلا استثناء
ما أجمل صوت بكاء الطفل
بل صوت نقيق الضفدع
بل صوت الصنبور التالف!
جلد بالمقلوب
-1-
لا تقتربوا أكثر ..
إذْْ أنِّى:
ألبسُ جلدى بالمقلوب،
حتى يُدمى من لمسِ ‘الآخرْ’
فيخاف ويرتدْْ
إذْ يصبغُُ كفّيِه نزفٌ حىّ
وأعيش أنا ألمى،
أدفع ثمن الوحدة
-2-
لن يغنينى أن أصعدََ جبلَ المجد،
لا يخدعك اللون الثلجىُّ على القمة،
لا يخدعك الرأس المرفوع إلى أعلى.
تمثال الشمع تجّمدْ
فتقلصت الضحكة
كانت تحبو بين دروب الخد
وتوارى الطفل الحزنُ الأمردْ
والثور الأعمى فى فلكٍٍٍ دائرْ
يروى السادة بالماء المالح
فى سوق المجد
……..
تتلقفنى الأيدى الصماء
أصعد درجَ الرفعةْْ
أنسج حولى شرنقة الصّدْ
أهرب منكم،
فى رأسى ألفى عينٍ ترقبُكُمْ،
تبعدكم فى إصرار.
أمضى وحدى أتلفت
-3-
……
لكنّ حياتى دون الآخر وهم:
صفر داخل صفر دائر
……
لكنّ الآخر يحمل خطر الحب
إذ يحمل معه ذل الضعف
يتلمظ بالداخل غول الأخذ
فأنا جوعانٌ منذ كنت
بل إنى لم أوجدْْ بعدْْ
من فرط الجوع التهم الطفل الطفل
فإذا أطلقت سُعارى بعد فواتِ الوقتْ،
ملكِنىَ الخوف عليكم.
اذ قد ألتهمُُ الواحدَ منكم تلو الآخر،
دون شبع
-4-
يا من تغرينى بحنان صادق .. فلتحذر،
فبقدر شعورى بحنانك:
سوف يكون دفاعى عن حقى فى الغوص الى جوف الكهف،
وبقدر شعورى بحنانك:
سوف يكون هجومى لأشوِّهََ كلَّّ الحبِّ وكلَّ الصدق،
فلتحذرْ
إذ فى الداخلْ
وحشٌٌ سلبىُّ متحفزْ
فى صورة طفل جوعان
وكفى إغراء
وحذارِ فَقَدْ أطمعُُ يوما فى حقى أن أحيا مثل الناس
فى حقَى فى الحبْ
ألبس جلدى بالمقلوبْ
فلينزف إذ تقتربوا
ولتنزعجوا
لأواصلَ هربى فى سرداب الظُّلْمةْ
نحو القوقعة المسحورة
………
لكن بالله عليكم: ماذا يغرينى فى جوف الكهف،
وصقيع الوحدة يعنى الموت؟؟
لكن الموتَ الواحدْْْ: … أمرٌ حتمىٌ ومقدرْ،
أما فى بستان الحب،
فالخطرُ الأكبرْ
أن تنسونى فى الظل،
ألا يغمرُنى دفُء الشمسْ
أو يأكلُ برعمَ روحى دودُ الخوفْ.
فتموت الوردةْ فى الكفن الأخضر،
لم تتفتحْ
والشمس تعانق من حولى كلَّ الأزهار،
هذا موت أبشعْ
لا..
لا تقتربوا أكثر،
جلدى بالمقلوبُْ
والقوقعُة المسحورة
تحمينى منكم
وهتفت بأعلى صمتى …
يا أسيادى:
يا حُفّاظ السفر الأعظمْ
يا حُمّال سر المنجمْ
يا كهنَةَ محراب الفرعون
يا أفخَمَ منْ لاكَ الألفاظَ تموءُ كقططٍ جَوْعَى فى كهفٍٍ مظلمْ
يا أذْكَى من خلقَ اللهُ وأَعْلَم
يا أصحابَ الكلمةِ والرأى
هل أطمعُ يوما أن يُسمع لي؟
هل يسمحُ لي؟
هل يأذنُُ حاجبكُمْ أن أتقدمْْ
لبلاطكمو التمس العفو
أنشرُ صفحِتَى البيضاء
أدفع عن نفسى
أتكلم
أحكى فى صمتٍ عن شئٍ لا يُحكى
عن إحساسٍ ليس له اسمْ
إحساسٍ يفقد معناه، إن سكن اللفظْ لميت.
شئ يتكور فى جوفى
يمشى بين ضلوعى
يصّاعد حتى حلقى
فأكاد أحس به يقفز من شفتى
وفتحت فمي:
لم أسمع الا نفساًً يترددْْ
إلا نبضَ عروقى
وبحثتُ عن الألف الممدودةْ
وعن الهاءْ
وصرخت بأعلى صمتى
لم يسمعنى السادة
وارتدت تلك الألف الممدودةُ مهزومةْ
تطعنُنى فى قلبّى
وتدحرجتِ الهاءُ العمياءُ ككرة الصلب..،
داخل أعماقى
ورسمت على وجهى بسمة
تمثالٌ مِن شمعْ
ورأيت حواجبَ بعضهمو تُرفع
فى دهشة
وسمعتُ من الآخر مثلَ تحيةْ
ظهرت أسنانى أكثر،
وكأنى أضحك
ومضيتُُ أواصل سعيى وحدى
وأصارع وهمى بالسيف الخشبىّ
السيف المجدافِ الأعمَى..
والقاربُ تحتى مثقوبٌ
والماء يعلو فى دأبٍ،
والقارب تحتى يتهاوى ..
فى بطءٍٍ لكنْْ فى إصرارْ
فى بحر الظلمةْ
فى بحر الظلمةْ
هربا من هربى
لا تجزع منى
إذ لو أمعنت الرؤية
لوجدت الانسان الضائع بين ضلوعي
طفلا أعزل
لا تتعجبْ، لستُ الوحشَ الكاسر
والشعرُ الكثّ على جلدى هو درعى
يحمينى منكم،
من كَذِب “الحب”،
من لغو “الصدق”
من سخف “الحق”
أنتم سببُ ظهور الناب الجارح داخل فكّى
أنتم أهملتمْ روحى
أذبلتمْ ورقى
فتساقطَ زهرى.
-1-
هل تذكر يا من تشكو الآن
كيف لَفِظتَ وجودى؟
هل تذكر كيف لَصَقت ضياعَكَ بي؟
هل تذكر كيف لبسْتَ قناعَ الوعظ
والشيطانُ بداخلك يغني؟
-2-
لمّا عشتُ الوحدة والهجر
أغرانى الطفلُ الهاربُ بالغوص إلى جوف الكهف
وتهاوى القارب فى بحر الظلمة
لكن هناك كما تعلم يا صاحب سر اللعبة
موتٌ باردْ
فطفقتُُ أجمِّعُ قوة أجدادى
مَن بين خلاياىْ
حتى أخرجَ وسْط البحرِ المتلاطم بالكتل البشرية
حتى أجدَ طريقى الصعب
………….
………….
واسّتيقظ فىّ ابن العمِّ النمرْ ،
ولبستُ عيون الثعلبْ
ونمت فى جلدى بعضُ خلايا بصرية
مثل الحرباءِ أو الحّية
وبدأتُ أُعاملُ عالَمَكم
بالوحش الكامن فى نفسى
أرسلتُ زوائدَ شعرية
مثل الصرصور أو الخنفسْ
أتحسس ملمس سادتنا
ووجدتُ سطوحَكمو لزجةْْ ..
تلتصقُ بمن يدنو منها ،
أو ملساءْ،
تنزلق عليها الأشياء
أو يعلوها الشوّكْ.
فجعلت أدافع عنى
هرباً من هربي
هربا من “همى” و”شكوكى”
-3-
وسرقتْ …،
لا تتهمونى يا سادة،
لم أفعلْ إلا ما يفعله من تدعون الساسهْ
أو أصحاب المال الكاسح
أو من حذقوا سر المهنة.
-4-
وكذبت،
لا تتعجل فى حكمكْ
ولينظرْ أىّ منكمْ فى أوراقه
فى عقد زواج،
أو بحث علمى يترقى به،
أو ينظر داخل نفسه
إن كان أصيب ببعض الحكمهْ
ولْيخبرْنى:
هل أنّى وحْدى الكذاب.
-5-
وتعجلتُ اللذة
أنت تؤجلُ يا سيد إذ أنك أتقنتَ الصنعةْ
تعرف أن السرقةَ لا تدعى سرقهْ، إن لبست ثوب الشرع
والكذبُ تحول صدقا بالكلمات المطبوعةِ والأرقامْ
لكنى أمضى وحدى
وبلغة الأجداد الأصدقَ ،
لا أضمن شيئا مثلكمو
فى مقتبل الأيام
إذ ليس لدىّ سوى “الآن”
فكما اغتلتم أمسى .. ألغيتُ غدى
واللذّةُ عندى تعنى كل وجودي
هذا قانون الأجداد
تلتصق بنصفٍ آخرْ.. تبقى
وكلامكمو المعسول عن العذرية
وعن الحب الأسمى
وهْمٌ يخفى رِدّتكم للحيوان الأعمى
يا سادة:
ماذا يتبقى إن فُصلت روحى عن جسدى الثائر؟
يا سادة:
لم تختبئون وراء اللفظ الداعر؟
………..
………..
إذ لو صدق الزعم
فلماذا أتُرك هُملا؟
أين الحبُّ المزعومُ إذا لم ينقذْْ روحى طفلا؟
…..
لا…… لا…. لا.. حسبُكُمُو
فلأرْوِ خلايَا جسدى بالجنس
وتقولون الحيوان تلمّظْ
وأقول: نعمْ
فوجودى يعنى امرأة ترغبني
أو حتى رجل يَلصق بى
لا تنزعجوا
فخلايا جسدى تعرف لغة الحس
وجنابكمو … أهملتم حسى وكياني.
-6-
كان لزاما أن أختار:
إما أن أمضىَ وحدى فى ذلِّ الهجر،
أو خطر ذهاب العقل،
أو أن أُطلقَ نارى
أسرقُ حق وجودى
أمحو الدنيا إلا ذاتى،
لكن بالله عليكمْ،
بالله علىّ:
لِمَ أحبس نفسى فى قفص التهمة
لأدافع عن ذنبكمو أنتم
عن تهمة كونى بينكمو وحدي؟
وضياعكمو أصل ضياعى؟
…………….
…………….
قد أنجحُ أن أبقى،
أن يدفعَ قلبى الدم،
أن تطحنَ أمعائى ما يُلقى فيها،
أو يقذف جسدى اللذة،
لكن أن أحيا إنسانا؟
هذا شىٌْ آخر،
لا يصنعه العدوان أو القسوة،
لا يصنعه الهرب أو اللذة
لكن يبنيه الحبُّ .. النبضُ .. الرؤيهْ،
الألمُ .. الفعلُ .. اليَقَظهْ،
الناسُ “الحلوة”
من لى بالحب ؟؟
أين الناس؟؟
الطفل العملاق الطيب
-1-
نحتوا فى الصخر الهيكلْ:
فى داخله سرٌّّ أكبر،
صنمٌُ عبدوهُ وما عرفوه،
قربان المعبد طفل،
يرنو من بعد،
لا يجرؤُ أَن يطلبَ، أو يتملْمَلْ،
أقعى فى رعبٍ فى جوف كهوف الصمت،
خلف عباءةِ كهلٍ قادر.
-2-
……وكلامٌ غَثّ:
ما أحكمَه … مَا أنبلَه
ما أعلَمه … ما أولاه بالحب
- الحب؟ ؟ ؟ من لى بالحب؟؟
إذ كيف يحب الجوهرَ من لا يعرف إلا السطحَ اللامعْ؟
لم يعرفْ أىٌّ منهم أن صلابتهُ هى من إفراز الضعف،
وحصاد الخوف
-3-
لم يسمع أحدهمو نبضَ أنينهْ،
والطفل الخائف يقهره البرد الهجر،
نظر الطفلُ إلى كبد الحق
وتمنى الموت.
-4-
لكن النورَ يداعب بَصَرَهْ،
وحفيف الدفء يدغدغُ جلدَهْ،
فيكاد يصيح النجدهُ،
يتحرق أن يُظهر ضعفه
لكن الرعبَ الهائلُ يكتمُ أنفاسهْ،
ويعوقُ خطاه،
الضعفُ هلاكْ، والناس وحوشْ
-5-
فلتتجمد أعماقى، ولتنمُ القشرة،
ولينْخَدعوا،
وليكن المقعد أعلى
ثمّ الأعلى فالأعلى،
حتى لو كان بلا قاع،
ولأجمعْ حولى فى إصرارٍٍ ما يدْعَمُ ذاتى فى أعينهم،
ولأصنع حولى سوراًً من ألفاظٍ فخمةْ،
دِرْعا يحمينى منهمْ،
بل من نفسى،
…………….
…………….
لم يَدَعُوا لى أنْْ أختارْ
لكنْ ويحى..!
من فرط القوة، وقع المحظور،
أو كاد
أسمع خلف الصخر حفيفا لا يسمعه غيرى
يحسبه الناس حديث القوة والجبروت
…………….
…………….
لكن الشق امتد
من داخُل داخلنا الأجوف
لا لم يظهر بعد،
لكن لابد وأن يظهر
وكما كان الصخر قويا صلدا
وكما كان الصنم مُهَاباً فخما
سوف يكون الصدع خطيراًً فاحذرْ،
وليحذر ذلك أيضا كل الناس
-6-
لن ينجوَ أحدُ من هول الزلزال
إلا من أطلق للطفل سراحه
كى يضعف … أو يخطئ … أو يفعلها
لن ينجوَ أحدٌ من طوفان الحرمانْ،
إلا من حلّ المسألةَ الصعبةْ:
أن نعطىَ للطفل الحكمةََ والنضجْ،
دون مساسٍ بطهارته، ببراءته، بحلاوة صدقه،
أن نصبح ناسا بسطاءْ، فى قوة،
أن نشرب من لبن الطيبة سر القُدْره،
كى نُهلك – حبا- غول الشر المتحفز
بالإنسان الطيب
هل يمكن؟؟
هل يمكن أن نجعل من ذاك الحيوان الباسم:
إنسانا يعرف كيف يدافع عن نفسهْ..
ببراءة طفلْ،
وشجاعة إنسان لا يتردد… فى قول الحق،
بل فى فرضه؟
تلك هى المسألة الصعبة.
هل يمكن؟؟
هل يمكن أن نضعُفَ دون مساسٍ بكرامتنا؟
أن نضعُفَ كيما نقوى؟
أن يصرخ كلَّ جنين فينا حتى يُسمعْ
أن نطلقَ قيدَ الطفل بلا خوفٍ وبلا مطمعْ
أن يعرف أنا لا نرجو منه شيئا..
إلا أن يصبح أسعدٍ منا
ألا يُخدعْ
فلكم قاسينا من فرط الحرمان.. وفرط القوة،
ولكم طحنتنا الأيام،
والأعمى منا يحسب أنا نطويها طيّا،
لكن كيف؟
سأقول لكم “كيف” :
كيف “يكون” الإنسان الحر،
يترعرع فى أمن الخير
ينمو فى رحم الحب
حب الكل بلا قيد أو شرط
حب لا يسألُ كم… أو كيف…
أو حتى منْ؟
حبّ ليقبل خطئِى قبل نجاحى
حب يقظٌ يمنعنى أن أتمادى
يسمحُُ لى أن أتراجعْ
حب الأصْل،
لا حب المظهر والمكسب وبريقُ الصنعهْ،
حبٌّ يبنى شيئاً آخرّ غير هياكل بشريةْ،
تمشى فى غير هدى،
تلبس أقنعة المالِ، أو نيشان السلطة.
سأقول لكم كيف:
“بالألم الفعل،
والناس الحب
ينمو الإنسان:
طفلا عملاقا أكمل،
يسعى نحو الحق القادر
مثل الأول …. مثل الآخر
والقمة تمتد إلى ما بعد الرؤية”.
جبل الرحمات
وتعلمنا
تاتا .. .. تاتا،
لاتتعثرْ
وتعلّمنا .. سرًّا أخطرْ،
قال الكلمةْ: شيخ الِمنْسَرْ،
إفتح “سِمْسِمْ” .. أنت الأقدرْ،
تحفظْ أكثرْ.. تعلو المِنْبرْ،
تجمعْ أكثرْ .. ترشو العسكرْ،
وخيوط التشريفة من جلد الأفعى المُغبر
وحفظتُ السرْ،
………..
وبعقل الفلاح المصرى، أو قل لؤمِهْ
درت الدورة حول الجسر.
حتى لا تخدعَنى كلمات الشعر،
أو يضحك منى من جمعوا أحجار القصرِ القْبر،
أو يسحق عظمى وقع الأقدام المتسابقة العجلى
أقسمت بليل ألا أضعف… ألا أنسى
-2-
وأخذتُ العهد،
غاصت قدماى بطين الأرض
وامتدت عنقى فوق سحاب الغد
-3-
هذّبت أظافر جَشعى
ولبستُ الثوب الأسمر
ولصقتُ اللافتةَ الفخمةْ
وتحايلت على الصنعة،
وتخايلت طويلا كالسادةِ وسط الأروقة المزدانةِ
برموز الطبقة
…………….
…………….
هأنذا أتقنتُ اللغةَ الأخرى،
حتى يُسْمع لى، فى سوق الأعداد وعند ولى الأمر
- مرحى ولدى حقّقتَ الأملا!
…………….
اسمك أصبح علما!!
…………….
وثمارك طابت فاقطفها!!!
وفتات المائدة ستكفى القطط الجوعى
…….
لا يا أبتى لن تخدعَنى بعد اليومْ
صِرُت الأقوى،
للرعبِ الكذبِ نهايةْ،
تكشفْ ورقَكْ؟
أكشفْ ورقى…
هذا دورى ..،
أربَحْ!
-4-
ألقيت بحياتى السبعةْ
تلتقط الديدان المرتجفةَ فى أيديهمْ
وحملت أمانة عمرى وحدى
وشهرتُ السيف أكفر عن ذنبى الوهَمى
وفردت شراعى
لتهب رياح العدل الصدق الحب
-5-
لكن العاصفةَ الهوجاءَ تُبَدّلُ سَيْرى
…………….
…………….
ورسَتْ فلكى فى أرضٍ حمئةْ
فوق سنان جبال الظلمَةْ
وتناثرت الألواحْْ
فصنعت الكوخ القلعة وسط الغابة
…………….
والزيفُ الظلمُ يطاول أملى حتى يطمس أنفه
كن الحقَّ النور يذيبُ جليد اليأس على قمم الوحدة
والزيد يروح جُفاء
لا يبقى..
إلا ما ينفع
-6-
فلأُفتحْْ قلبى .. يحمى رقّتَهُ درعُ القدرة
وليطرقْ بابِى الطفلُ المحرومُ ليُظهر ضعفه
ثم يصيرُ العملاق الطيب
وليلتئم الجرح الغائر تحت ضماد القوة
وليتألم فى كنفى مْن حُرموا حق “الآه”
لتعود مشاعرهم تنبض
ولأحمِ الجيل القادمَ أن يُضْطَر ..
لسلوك طريقى الصعب
-7-
لكن ….
وأنا؟ .. وأنا؟؟
وأنا إنسانٌ لم يأخذْ حقه:
طفلا أو شابا .. أو حتى شيخا
هل يمكن أن تُغنينَى تلك القوهْ
عن حقى أن أحيا ضعف الناس
لكن من يعطى جبل الرحمات الرحمة؟
-8-
أصغى بعض الناس “الناس” لنبض أنينه،
لم يضطربوا .. لم يختلّ المسرح
وتهادى الحق،
أشرق نور الفجر الوعى الصدق
وانساب الفكر الألم النبض يعيد الذكرى
…………….
فى ذاك اليوم الدابر قبل النور
كان وحيدا …
وصليلُ الألفاظ يغنى اللحن الأجوف
والفكر سحابٌ يخفى النورَ المأمولْ
والحسُّ الأعمى يرقص فى حلم النشوة
…………….
وتراءت صور الخدعة
تتلاحق، تحكى قصةَ سرقةْْ:
يومََ تنكر جمع الناس لوجه الحق،
يوم تفتّحَ سردابُ الهرب بلا رجعة،
يوم تنمّر كل قديمٍٍ حتى يفرضَ نفسهْ،
يوم انطلق يلوح باللذةِ والمتعة
الجن الجنس الشيطان
بدلا من حبٍّ قربٍ أكملْ
يوم تراءت للنفس مزايا الخدعة
’أن تجمع ما تجمع حتى تأمن غدر الأيام،
حتى لا تحتاج إلى الناس،
حتى تشترِىَ عبيدََ الله
-9-
وبكيتْ….
يا فرحَتى الكبرى ..
ما أقدس ماء الدمع الدافئ يغسل روحى
….هل قتلوا غول الوحدة؟؟؟
-10-
ساورنى الشك ..
يا ليت الكل تلاشى
حتى لا أبدو جبلا يتهاوى من لمسة حبٍّ صادق
داخلنى خوف متردد،
وتراجع بعضى يتساءل:
ماذا لو أضعف؟
وخيالُ جامح:
وكأنى أرفع وحدى الكرة الأرضية فوق قرونى:
من يروى عطش المحرومين؟
من يمنع ذاك الوحش القابع فى أنفسنا
أن ينتهز الفرصة؟
من يقضم أنياب الليث الكاسر حتى لا
يغتال طهارة طفل،
إذ تخدعه الغنوة:
“الحل الأوحد يا أحبابى .. فى الصدق
وفى الألفاظ الحُلْوهْ “
من يلعب بالبيضِة فى سوق العلم الزائف؟
حتى يعلمَ أصحابُ العمم الخضراء،
أو القبعة المرتفعة،
أن اللعبة ليست حِكْرا يعطيهم حقُّا قدسيا
فى إصدار اللائحة الرسمية لحياة الناس؟
…………….
من يفعل ذلك عنى يا أحبابى إذ أكشف أوراقى،
إذ أبكى .. أضعفُ .. أتمددْ،
دون سلاح الشك القدرة؟
-11-
زيَّن لى خوفى أن أتراجع،
أن أجمع نفسى وأواصل لفّ الدورة.
-12-
لكن لا،
خلق الله الدنيا فى ستة أيام
ثم ارتاح
والضعف الصادق فى ظل حنان الناس
دورٌ أقوى ..
وتساقط دمعى أكثر
والتفّ الكل حوالى،
يغمرنى بحنان صادق،
هدهدةٌٌ حُلوة،
وتكوّر جسدى مؤتنسا،
فى حضن الحب ودغدغدته،
واهتز كيانى بالفرحة،
ليست فرحة،
بل شيئا آخر لا يوصف،
إحساسٌ مثل البسمة،
أو مثل النسمة فى يوم قائظ،
أو مثل الموج الهادئ حين يداعب سمكة،
أو مثل سحابة صيف تلثم برد القمة،
أو مثل سوائل بطن الأم تحتضن جنينا لم يتشكل
أى مثل الحب..،
بل قبل الحب وبعد الحب،
شئ يتكور فى جوفى لا فى عقلى أو فى قلبى،
وكأن الحبل السرى يعود يوصلنى لحقيقة ذاتى ..
هو نبض الكون
هو الروح القدسى
أو الله
- 13-
…. واستسلمْت،
لكنْ…، لكنْ…، ماذا يجرى ؟؟
وتزيد الهدهدةُ علُوًّا …
ماذا يجرى؟
تعلوا أكثر،
ليس كذلك…
تعلو أكثر
ليست هدهدةً بل صفعا
تعلو أكثر
بل ركلاً ضرباًً طحْناً
تعلو أكثر
أنيابٌ تنهش لحمى
الكلبُ الذئب انتهز الفرصة
اغتنم الضعف وأنى ألقيت سلاحى
-14-
هل لبس الشر مسوح الأب الحانى؟
هل خدعنى المظهر؟
وتلفتّ حوالى،
فإذا بقناع الود يدارى شبه شماته
……… ففزعتْ
وجعلتُ ألملم أجزائى
وأحاول أن أتشكل….
وصليل حادُّّ يغمر عَقلى،
وكأن نحاسا يغلى فى فروة رأسى
والضوء النورانى يخفت، يخفت، يخفت،
إنطفأت روحى أو كادت.
انسحب عصيرُ حياتى
جف كيانى: خشب أجوفْ
وصليل نحُاسِ الرأسِ يُجَلجلْ
فكرٌ صلبُ أملسْ
واختفت الآلام مع الأحزان مع الفرحة.
-15-
لم ملَكِنىَ الرعبْ؟
هل خشية أن تنفجر الذرة
أن أقتحمَ المجهول؟
أن أطلق روحى فى روح الله؟
أن أتحرّرْ؟
هل خوف الأسلاف يشوه ضعفى
هل أتراجع؟
-16-
فات أوان الردة ..
والفطرة نضجت فى نار القدرة
-17-
لكن بالله عليكم:
ماذا هيّج ضدى الشر؟
لم شوّه طفلى الحر..؟
لم عيّرنى بالضعف؟
لم لَبِسَ الإنسانُ السلبىُّ درع الرحمة؟
فانطلق يلوّح بالرايةْ،
وكأنه داعى الحرية
يهرب من عبءِ القُدرة
تحت ستار بريقِ الثورة…،
ثم يحطّم ذاته، إذ تغريه اللّعبة:
أن يتمرغَ فى نهر اللذة
هربا من ألم الوحدة
يمحو الدنيا فى اللاشيء
والهرب الخدْر يزين دوراً آخر،
والدور الآخر يتلوه دور آخرْ:
نقضى من فرط اللذة
نمضى من مهد الجنس الى لحد الجسد الفانى
-18-
تتلاحق تلك الصورُُ أمامى، تتبادلْ:
الطفل العابث يرفض أن يتشكل
والزيف القاهر يترقب
وخيارٌ صعبْ!
-19-
يتضاءل ذاك الحل الأمثل
“أن نصنع من قهر الأمسِ – اليومَ – الإنسانُ الأكمل” ويصيح السادة من أعلى المسرح:
إعقلْ يا سّيد!
قد أَصْبَح حُلْماً وهْماَ
فكفى هرباً كذباَ….
أيةُ خدعة؟
أنفقت حياتى أرعى الطفل الخيّر
فإذا ما حان الوقت لكى أصبحَ طفلى الطيب
عوقّنى الشك!؟
وتحفّز شيطانُ الخوفْ؟!
و أكاد أصدق أن الظلمَ هو الأصل
أن الكَذِب هو الحق
أن الحُلْم هو الحَل
هزّنِىَ الرعب
شدّنَى الخوف.
-20-
ويذكرنى الصوت الأعمق:
”قد فات أوان الردة”
والناس “الناس”، …… غرسُ الأيام المرة..
تقضم أنياب النِّمَرة
نبت الشوكُ بغصن الوردةْ
يدفع عنها عبث الصّبيةْ
فنفضت غبار الغربة
وبزغت أداعب طين الأرض
أنثر عطرى فى أرجاء الكون
يعلو ساقي
يتعملقُ جِذري
ينمو الطفل العملاق الطيب
-21-
علّمنى الألم القهر الصبر:
أن الخوف عدو الناس
لكن علّمنى الحب الفعل:
أن الناس دواء الخوف
ورجعت ببصرى
فاذا بالضعف هو القوة
وسط الناس الناسْ
وإذا بالناس همُ الأصل
وإذا بالحب هو الفعل
وإذا بالفعل هو الفكر
وإذا بالفكر هو الحس
وإذا بالكون هو الذات،
واذا بالذات هى الله
-22-
إنسان الغدْ..، ينمو اليوم
من طين الأرض،
إذ يفرزُُ ألَمَكَ طاقةْ،
والرعشة تصبح نبضة،
فى قلب الكون الإنسان،
تمضى أحد الناس:
تدخل فيهم لا تتلاشي
تبعد عنهم لا تتناثر
تعطى لا تترفّع
تأخذ لا تتخوف
…………
………..
والواحدُ يصبح كلاَّ يتوحدْ،
إذْ يتكاملْْ.
خـاتمـــة
لا ….
لا…لا…
يا من ترقب لفظى العاجز
بعيون الـفن المتحذلقْ
أو تفهم روحََ غنائى
بحساب العلم الأعشى
لا تحسَبُ أنى أكتب شعراًً
بخيالِ العجز الهاربْ
أو أنى أطفئ ناري
بدموع الدوح الباكى
لا … لا … لا… لا
هذا قدرى
وقديماً طرق الباب الموصد شيخ أعرج
فتعارجت ،
(فليس على أعرج من حرج)
فليحترق المعبدْ
ولتذرُ الريحُُ رماد الأصنامْ
ولتُسأل نفسََُ ما كسبت
وليُعلـِن هذا فى كل مكانْ :
”فشلْْ الحيوان الناطق أن يصبح انسانا”
أو .. .. ..
فلنتطور
إذ يصْبح ما ندعوه شعرا
هو عين الأمر الواقع.
رسالة من دون كشيوت
الى إخوان أبى لهب
– 1-
يا سادتى
” تبَّتْ يدا أبى لهب ”
ماذا كسب؟
. . . . . . .
يا سادتى
هذا أنا لمّا أزلْْ
” ألقى السلاح؟؟ “
لا ..
هذى أمانيكم ،
(…كذا ؟)
والسيدُُ اليأسُ الملثمُ بالعدمْ
يلقى التحيةََ الشماتةَ الندمْ
على مُصارع الهواءِ الذاهبِ العقلِ المتيمِ بالأملْ،
سيفى خشب ؟
خير من الحبل المسد
فى جيدكم
– 2-
طـاحونتى …
عبث الهواء بكفها ،
دارت تئن، توقفت
دارت
طاحونتى، ثأرى القديم
لكن رَوْضى يرتوى من مائِهاَ ،
مهما علا سد الفزع
وتعثر المجرى بجندل ظنكم
لن توقفوا نهر الحياة
بل، فاحذورا طوفَانها
– 3-
فى روضتى . . . .
ألقيت بذرة القلق
نبتتْ بوجدان البشر
نحت الجنينِ الطينِ فانهار العدمْْ
صرخ الوليد الطفلُ أذّن بالألمْ
وتطاول الشجرُ الجديدْ:
يعلو قباب الكون إذ يغزو القمر،
والشوك يدمى الكفَّ إذ يحمى الثمرْ
واللؤلؤُ البراقُُ فوق الساقِ من صمغ الضجر
– 4-
ذى صرختى
سوطُُ اللهــيب النورِ رعدِ القارعة
يكوى الوجوه..
يا ويحكم ! !
من يوقْف الرجع الصدى فى قلبكم
هيهاتْ . .
إلا الموت ،
حتى الموت لا يخفى الحقيقة بعدنا
. . .
يا ويحكم منها بداخلكم . ،
نعمْْ … ليست ” أنا “
بل “نحن ” فى عمق الوجود
بل واهبُ الطين الحياة
بل سر أصل الكون ، كل الكل ،
نبض الله فى جنباتنا
ليست أنا
= 5 =
يا سادتى
هذا أنا ، لمّا أزلْ
سيفى خشب ؟ ؟
لكنّ لؤلؤة الحياة بداخلى لا تنكسرْ
وبرغم واقعنا الغبى ،
ينمو البشر. . . فى ملعبى
(طبق الأصل)
(” دون كيشوت “)
دورة عباد الشمس
وأهل الكهف
– 1-
وطارت وريقةْ ،
وأخرى . . وأخرى ،
وزهرةُُ عباِد شمسٍٍ تهاوتْ إلى الغرب ..
قبل الغروب
وهبت رياح الخريف تئن
وغــطت جبال الظلام بقايا القمر
وصفّر ناىٌُ حزينُْ : ودَاعاَ
– 2-
وتهرب بذرةْْ ،
الى جوف أرضٍ جديدةْ ،
لتكمنَ فى الكهف بضع سنين قرونا
يقولون خمسةُ، ستةُ، سبعةُْ ،
وكلبٌ أمينْ
– 3-
وثأرُْ قديمٌُ يثور ْ
صحا الديناصورْْ
وغولٌُ يداعبُ عنقاءَ وسط النمورْ
وروح الجنين الجديد تطل خلال شقوق الضياع .
فترتد رعبا.
– 4-
تبيض الحمامةٌٌ فوق السحابْ
وكلبهموُُ …
يطارد جوع الذئاب.
– 5-
وذات صباحْ ،
تمطى الجنينْ ،
أزاح ظلام الهروبِ الجبانْ ،
ونادى الوليد العنيد على الشمس، هـّيا، …
” هـيّا اتبعيني . .
نهارٌ جديدْْ “.
العقلة والأصبع
وبغير شراع أو دفةْْ
سار المركبْ
نزل صبيان إلى الميدان بدون سلاحْ
أحدهما جلس على المجداف يحركهُ :
عقلة أصبعْ،
والآخر يلقى بالشبكةْ :
شِبراًً. . شِبراً . .
والنيل تمطى فى سأمٍ ،
أغمض جفنهْْ . .
وتناوم يرفض لُعبتهمْ ،
أخفى سمكهْ ،
والإصبعُُ يجذبُُُُُُُُُ حبلَ الأملِ يطاولُهُ
تُفلت منه بعض خيوطه .
يجذب أُخرى،
وأخَيْرى تجذبه نحوى،
لكن النيلَ يعاندُهُ،
والأملُ يعود يعاودُهُ
وبعيدا فى وسْط الحلقةْ لاحت سمكة،
فأضاءت فى وجه العقله . . . قمراً بدرا،
والإصبع قفز من الفرحةْْ . . . . إذْْ أمسكها . .
. . .
وقُبَيْل طلوع الروح تمايلت المركب . . . .
قفزت فى النهر عروس البحر بدون وداع . .،
. . . . .
والعقلة نظرت للإصبعْ . . . وتنهدتا . . .
وتحرك قاربنا يسعى . .
ٍأتْبَعَ سببا
حِسْبة بِرَما
-1-
تكسبْْ . . . تخسرْ
هاتِ العشرةْ . . . . . . . . هاك البصرةْْ
خطِى العتبةْ . . . . . . . . تمضى اللّعبةْْ
دورا آخر،
ومن الأول
-2-
لف الدورةْ . . . . . . أخفى العورةْ
دارى السَّرِقة . . . . . خدع الفرقةْ
ضرب فأوجعْْ . . . . . هز المضجعْ
خسر الموقعْ
كسب اللُّعبةْ . . . . خسر الصحبةْْ
طلب التوبةّ ،
لمـَّا تُقبلْ .
-3-
ألقى ورقةْْ …
أبْدَلَ ورقةْ
مثل الأولَى . . . . مثل الأخرَى
أظهر بسمةْ . . . . أعلن إسمهْْ
أخفى رسمهْ
رجلٌٌ أهبلْ.
-4-
قَرَص الزهرةْْ . . . دارت دورةْْ ،
جاءت دُشًّا . . . . فبدا هشّاًً ،
حبس غريمهْْ . . . أكل وليمهْْ .
قالت همساًً . . . نهربُ يأساً
ضربتْْ لخمة
نامت وَخمة
ماتت تَخَمَة
دور أفشلْ
-5-
سَخِرَ الهُمزَْةْ . . . ضحك اللُّمزةُ
كسر القلّةْْ
خسر الثلّةْ
نازل ظلّهْ
غيـّر جلده . . . . ومضى وحده
مثل الأول.
-6-
حسبةُُ بِرْما ،
ساقت غَنَما
صنعت صنما
ذهبت عدما
وغدا أفضل .
زواج عصرى مصرى!
س بلدتنا الهمام
فتح المزاد بصولجانْ
فتزاحم التجار فىْ سوق القيان.
-2-
وتهاونتْ هانَتْ ، فما رحم الزمان
وتلفعت بالحيتّان :
الرغبة الحمقاء والجوع الجبان،
والنائم الثمل المخدر بالأمان
ألقى السلام بلا سلام
. . . .
وتقاربا . . . يتباعدان ، .
وتمايلا . . . لا يشعران ،
وتناوما . . لا
-1-
نخّا يصحوان
فَلَكَان لا يتقابلان
وتساقط الحمم الجحيمُ بلا أوان
وعلا عويل الطفلةُ البلهاءُ فى جنح الظلام
وصديقنا
لما يُفِقْ من خدره . . لـمّا يفسر المنام
-4-
وتفرقا لا يلويانْ .
لا يرجعانْ ،
زرعا الكراهية الهوانْ ،
فبأى آلاء الحقيقة تكذبانْ
وتكذّبان.
رسالة إلى ابن نوح
-1-
لا . . ليس ديناًً يا بنىَّ ولا مسيلمة الجديد
. . . . .
والرفض يغرى بالمزيدْ
. . . .
لكن أحلام الخلودْ،
لا ترحم الطفل الوليدْ.
-2-
قل لى بنىّ . .
قل لى بربك كيف ينمو اليأسُ من نبض الألم ؟
قل لى بربك كيف تطفئ ذا البريقْ ؟
كيف تطمس ذا الطريق ؟
قل لى بربك كيف ينتصر العدمْ ؟
-3-
لا يا بنى :
ما أسهل الأحكام تُلقى فى نزقْ،
ما أسخف الألفاظ فى حضن الورقْ،
والفمة السوداء تعْرى بالنجاة من القلق
لكنى بنى:
أعلى جبالُُ الخوفِِ لا تُنجِى الجبانََ من الغرقْ
نهاية دورة
وجاء نهارٌ حزينْ
وأمسك بالناى طيف ابن نوح
وموسى الكليمُُ يصلى بأعلى الجبل
. . . .
وتعوى الذئابْ
وخوفُ السنين الطوال يعودْ
وتذهب كل النساء الحبالى بوهم الخلودْ،
بعيدا . . بعيدا
وأغمسُ فى النور طَرْف القلمْ
أخط على صفحتى فى السماء نهاية دورهْ،
وأصعد ذى المرة العاشرة، وبعد المائة،
وألفٌُ و ألفٌُ وصفرٌٌ يدورْ،
وأسبح فى ضوء يأسى وحيداَ
لأمسك خيطا جديداََ
وأمضى عنيداًً عنيداَ …
وحيدا عنيدا
عنيدا وحيدا،
أخط على الدرب سر الوجود.
حب للبيع!
- بضعة قطرات من فضلك
= لم يبق إلا المتبقى
- جوعانٌُ.
محرومٌُ من نبض الكلمةْْ
= ما بَقِىَ لدى بلا معنى . .
مخزونٌ من أمس الأولْ
- آخذهُُ أتدبرُ حالى
قد يعنى شيئاًً بخيالى
= الحجز مقدمْ
- لكنى جائع
= تجد قلوبا طازجة توزن بالجملة
فى ” درب سعادة “
- قلبى لا ينبض
= عندى أحدث بدعة
تأخذها قبل الفجر وبعد آذان العصر
وتنام . . . . لا تصحو أبدا
- كم سعر الحب اليوم ؟
= حسْب التسعيرهْ، الطلبات كثيرهْ،
وأنا مرهق
- لكنى أدفع أكثرْْ
= نتدبرْْ
-1-
= من أنت ؟
- أنا رقمٌُ ما،
= طلباتك ؟
- قفصٌ من ذهبٍ . . . . ذو قفل محكم
من صلب تراب السلف الأكرم
= فلتحكم إغلاق نوافذ عقلك
وليصمتْ قلبك أو يخفت . .، تمضى تتسحب لا تندمْ،
- يا ليت! لكنى أمضى أتلَّفتْ
= إياكْ، قد تنظر فجأة فى نفسك
قد تعرف أكثر عن كونك
تتحطم،
- ساعدنى باللهو الأخفى
= أغلقْ عينيكََ ولا تفهمْ.
-2-
= وجنابُكْ؟
- لا أعلم
- طلباتُك ؟
- ” أتناولْ” .. أستسلم،
أتعبد فى ما هو كائن
وأبرر واقع أمرى
أتكلم . . أتكلم . . أتكلم
= تذكرتك ؟
- فى أعلى المسرح
= قاعتنا ملأى بالأنعام
- أجلْسنى فى أى مكان
فى الكرسى الزائد خلف الناس
بجوار التَّيس الأبكمْ
– البطل تغيبََ
- . . . . . . لا تحزنْ
ألعب دوره ،
وأكرر ما أسمع من خلف الكُوّةْ،
لا تخشى شيئا . . . لا أحَدَ سيفهم
= لا ترفع صوتك وتكتم
- سمعا .. تم ..تم .. تم ..تم ..تم ..تم
= سلّم تغنمْ
- اخترتُ الأسلمْْ
= الصفُّ تنظمْ
- ما أحلى السير وقوفا .. تررم ..تررم
رم .. رم.. رم.. رم.
-3-
= الثالث يتقدم ْ
-.. سمعا يا أفندمْ
– طلباتك أنت الآخر؟
- أبحثُ ، أتألم
-مجنونٌُ أنت ؟ ؟
- أتعلمْْ
= قد جئتَ أخيرا يا عفريتْْ
- .. أنا؟
= هو أنت.. قد طال غيابك يا ابن سبيلى
- .. لكنى جئتْ
= كم ضاع الزمن بلا معنى
- غلبنى اليأس دهورا
= لكنك جئت
- ضاعت منى الألفاظ
= تجمع أحرفها تتكلم
- فاح العفن من الرمز الميت
= بالحب يعود النبض إليه
- الحب يهدد أمن الناس
= الناس الأجبن،
- البسمة شبح فى جمجمة جوفاء
= بل روحٌ تحيى الموتى
- من لى باليأس الخدر الأعظم
= قد جئتََ لنبدأ بعد الطوفان
- يا ويحى من حبى للناس
= يا سعدك
- بم؟
= بالناس
- الناس؟ ؟
= لا مهرب بعد الآن
- العود على بدءٍٍ أكرمْ