نشرت فى الدستور
10/9/1997
ديانا .. ودودى .. ودادى!
مساء السبت 30/8/1997، مذبحة أخرى فى الجزائر، مائتان (منهم أطفال وشيوخ ونساء) ذبحوا، بـقرت بطون بعضهم، لم أنم، ولم أفهم، ولا يمكن أن أتصور، ولم أنجح أن أتعود رغم تكرار أخبار هذه الحوادث يوميا حتى كدنا نتبلد أكثر مما نحن فيه.
صباح الأحد 31/8/1997مصرع ديانا، ودودى، ليكن، زاد عدد المصروعين اثنين. رحم الله الجميع، لكن مالى - مع كل حرمة الموت وحبى للعشق والشباب- لا أشارك الرؤساء، والظرفاء، والدمثاء، ومحبى الأطفال السمر، وجماعة حقوق العشاق، لم أشارك كل هؤلاء حزنهم الخاص جدا لفقد المرحومة ديانا الرقيقة، المدافعة عن الإيدز، والتى ماتت وهى ضد الصواريخ الموجهة للناس الغلابة، وهى التى باعت فساتينها القديمة (التى أهملتها بعد أن: فرحت به رقصت على قدميه) بالشىء الفلانى وتبرعت بعائدها إلى المؤسسات الخيرية جدا.. إلخ؟
ثم رحت أتساءل: هل المشكلة الآن – عند صحفنا وبعض زعمائنا – أنهم فى الغرب قد اهتموا بمصرع ديانا أكثر من “دودى” تحيزا ضده لأنه مصرى عربى مسلم؟ وهل هو مصرى عربى مسلم؟ (وهو- فى الأغلب – لا يجيد الحديث بالعربية كما سمعت)، وهل هذا المصرى العربى – رحمه الله – قد أصبح كل ما تبقى لنا مما يمكن أن يكون محل فخرنا نحن العرب، نفخر بماذا؟ بأنه أوقع الأميرة المطلقة الجميلة فى حبائله، ليكن، حلال عليه، ثم رحمهما الله، لكن أليس مناسبا أن يكون فخرنا بالشهداء الذين فجروا أنفسهم فى القدس أكبر وأظهر؟
لابد أن أعترف – ربما لسوء ذوقى- أنى لم أحب المرحومة ديانا منذ عرسها وحتى مصرعها، مارا بطلاقها ونشاطها الإنسانى واعترافها بخيانتها، وحين سمعتها شخصيا بالإنجليزية وهى تدلى باعترافاتها الرقيقة الحنون خيل إلىّ أننى فهمت لماذا فضل الأمير شارلز الست كاميلا عليها، مع أن كاميلا أكبر سنا وأقل جمالا.
كما أقر وأعترف أنى احترمت وسعدت بنجاح محمد الفايد المصرى، ولم أحقد على ثروته، أما المرحوم عماد(دودى) فلم يصلنى ما يشدنى إلى احترامه، فكل الحكاية أن الله أراد أن يكون له “دادى” إسمه محمد الفايد، صحيح أننى قرأت نعى أصدقاء مصريين له ، فمنعت نفسى أن أتصور أى سوء فيه، ليكن ما يكون رحمه الله، لكن هل كل هذا هو ما تبقى لنا لنفخر به، وهل المشكلة القومية الآن هى أن مصرعه لم يأخد الاهتمام الإعلامى الذى أخذته المرحومة الأميرة، (ثم إنه سوف يدفن فى لندن مع أن أغا خان دفن فى أسوان !!!)
ثم ما هذا التفكير التآمرى الذى لا يريد أن يتركنا حتى فى مسائل الحب والغرام والسكر وحوادث السيارات؟
أنا أحترم أن نفخر بنجاح محمد الفايد وتحديه للإنجليز، رغم أننا لم ينلنا بعد من الحب جانب: فلم نسمع أنه تبرع – مثلا- ببناء جامعة للمتفوقين غير القادرين من أبنائنا، أو أنه أقام مركزا للبحوث، أو أنه قام بتمويل فيلم نادر أو رصد جائزة دائمة لمبدع عربى (رحم الله سيدنا نوبل)، أو أنه قام ببناء مصنع فى غزة يرحم الفلسطينيين من الوقوف على المعابر يستجدون السماح بالعبور، أو حتى أنه مول صـنع رشاشة عطر (سبراى) نمسح بها بصاق نتانياهو من على وجوهنا كل صباح، حتى لا نستعبط ونقول “دى مطرة”.
للموت حرمة، ومع ذلك لم أفهم الرمز الذى أهاج – هكذا- مشاعر الشعب البريطانى، أهو الحزن الشباب؟ أهو التقدير الخاص للحب؟ أنا أفهم جيدا قول فلاحة طيبة فى هذا الموقف المؤلم أنه “حسرة على شبابهم” ، ولكن كم شاب فى العالم يستأهل نفس الحسرة وأكثر، وهل الذى فجر نفسه فى القدس لم يكن له خطيبة أو حبيبة، ربما أجمل وأرق، و ربما ماتت بعده حزنا عليه؟ إنا لله وإنا إليه راجعون، لكل أجل كتاب، فهل لكل مذلة نهاية ؟