نشرت فى روز اليوسف
16- 12 – 2005
سلسلة الإنسان
أ.د. يحيى الرخاوى
أما قبل
كنت قد قررت ألا أكتب فى هذه المناسبة، بل إننى أقرر ذلك فى كل عام قبيل هذا التاريخ بشكل يبدو لى أنه لا رجعة عنه، ولا لبس فيه، وما إن يقترب التاريخ أكثر حتى أجدنى عدلت بشكل لا مفر منه، علاقتى بحكاية أعياد الميلاد عموما هى علاقة غريبة متقلبة، وهى تتغير بقدر ما أتغير (متى أتوقف عن مفاجأتى نفسى بما لا أعرف؟). تحتد هذه العلاقة أكثر فيما يتعلق بما يسمى عيد ميلادى شخصيا، كتبت فى ذلك كثيرا حتى تعرّت نرجسيتى الخفية، فتوقفت خشية أن يلمحها غيرى، على أمل أن يظل السر فى بئر، لكنه لم يكن كذلك، فعيوبك يلمحها من يحبك أكثر، نبهنى أحدهم أن بعض كتاباتى كثيرا ما تذكره بأغنية للأطفال (لا أعرفها) يفخر فيها أبريق الشاى بنفسه مردّدا:”أنا، أنا، أنا، أبريق الشاى”، وهو يعدد فضله ومحاسنه، وحين كتبت قصيدة نشرت فى الأهرام فى عيد ميلاد محفوظ الثانى والتسعين (15 ديسمبر 2003)، اكتشفت أننى حاولت أن أخبئ نرجسيتى وراء حبى لهذا الرجل، فزادت تعرية، وحين أكتب اليوم هنا أشعر أننى أكرر نفس الحكاية، ربما. ما العمل؟
دورية نقدية لأعماله، بدلا من:
… صخب أعياد الميلاد
لماذا نحتفل بأعياد الميلاد عموما؟ ما هو فضلنا فى هذا الحدث العابر؟ كان عميدنا فى كلية الطب يرجو إعادة انتخابه (عادى!!!!)، فراح رحمه الله يفتش – بغير وجه حق، خاصة حق الزميلات !!- فى أوراق إدارة المستخدمين عن تواريخ ميلاد الأصوات الانتخابية (أعنى الأساتذة) ويرسل لهم باقات ورد على عناوينهم فى أعياد ميلادهم، كتبت له آنذاك فى كتيب نشرته تقييما لفترة عمادته الأولى بعنوان “أفكار وأسمار” (قياسا على كتاب أستاذى محمود محمد شاكر “أباطيل وأسمار”، ردا د. لويس عوض رحمهما الله)، كتبت أعاتب على أنه هنأنى بعيد ليس لى فضل فيه، ولم يهنئنى بجائزة الدولة فى الرواية وأنا الذى ولدتها بعد مخاض مؤلم.
بعد فترة لاحظت فرحة أولادى وأحفادى بالاحتفال بأعياد ميلادهم، ولم أستطع أن أتبين هل هذا لما يتلقون من هدايا، أم لمعنى أعمق، ربما هم يتأكدون عاما بعد عام أنه “مرغوب فيهم”، أو لعلنا نعتذر لهم بهذه الاحتفالية عن إحضارهم دون استئذان إلى هذه الدنيا – خصوصا بعد أن صارت هكذا.
طيب ونجيب محفوظ ماله؟ لماذا نطارده كل عام بهذا الصخب المعاد؟ حين صدر منذ أيام عدد الهلال الخاص بهذه المناسبة، وقرأت فيه إسهامات محبيه ومعاصريه ونقاده، فرحت إلا قليلا، توقفت ممتنا عند كلمة أستاذنا أ.د. مصطفى سويف عن الدين الذى فى أعناقنا نحوه، وتساءلت كيف نرده؟ تذكرت اقتراحا قديما تقدمت به رسميا بعيد حصول جائزة نوبل على تشريفها به، فقلت أعيد طرحه، بتفصيل أوضح، وخاصة بعد تبادل التهنئة والشكر مع رئيس البلاد شخصيا !!!، لعل وعسى.
نرجع إلى ما ألفناه منهجا لهذا الباب:
رحت اقلب فى أوراقى، فوجدت أننى حين بدأت صحبته بانتظام منذ أكتوبر، 1994 ولم أكن قد حضرت قبلا أيا من ندواته. رحت أكتب من الذاكرة بعض ما كان يدور معه وحوله، سواء فى لقاء الحرافيش المغلق، أو فيما تيسر من لقاءات أثناء الأسبوع، ظللت ألقاه يوميا تقريبا قرابة عام وبعض عام، كانت، وما زالت اللقاءات متنوعة بتنوع الحضور والمكان، لقاء الحرافيش الذى ضمنى إليهم هو والأستاذ توفيق صالح بالعافية، فى الوقت بدل الضائع، تراجع حاليا وتغير تماما. ما زلت أعتبر نفسى حرفوشا زائدا عن العدد. حين حالت ظروف وقدر الحرافيش الأصليين دون الاستمرار، اقتصر اللقاء على شخصى، برغم أنه لحق بنا صديق فصديق، من الشباب (نسبيا!) هما د.زكى سالم، و حافظ عزيز، وفيما عدا الموعد المحدد، واللقاء المغلق (عادة) ، وإصرار شيخنا أن يخلـّق منا ما يشبه الحرافيش، أجد أن ما تبقى يمكن أن يسمى “كنظام الحرافيش”، أو بلغة الانتخابات الجديدة، مرشحين على مبادئ الحرافيش.
النص (1) : من أوراقى معه
كتبتُ فى 11ديسمبر 1994
…كنت قد وعدته أمس أنني أعددت له مفاجأة، وفرح بشكل ما، لاح لى أنه كان وراء فرحته ما يشبه التوجس الطيب، لكن الفرحة غلبت، وكنت قد اتفقت مع جمال الغيطاني ويوسف العقيد وزكي سالم أن نخرج صباح هذا اليوم، الأحد، إلي شمس الأهرام : أول خروج له بعد الحادث، ليستعيد به شيخنا بداية العودة إلى إيقاع حياته بين الناس، وتذكر شيخنا أيام رحلات التلمذة، عادت الذكريات إلي سن السابعة أو التاسعة!!! يا لهذه الطفولة المتجددة !!!!، وذهبنا بعد الأهرام إلي ميناهاوس، وذكرت له (ولهم) كيف أننى كنت أعود مريضا يوما ما ينزل في جناح مونتجمري فى هذا الفندق، و حين ذهبت للحمام ووجدت أغلب جدرانه وأدواته من الخشب، أو هكذا خيل لى، حسبت أننى أخطأت، وأننى فى حجرة نوم ملحقة، وخرجت دون أن أقضي حاجتي برغم أننى لمحت ما يسمح بذلك، وضحك الأستاذ ولم أكن قد تعودت ضحكته المجلجلة هذه بهذا القرب، خاصة بعد الحادث الآثم بأسابيع.
أخرج الأستاذ مفاجأته بدوره، وكأنه أسر فى نفسه احتفالا خاصا بمناسبة الإفراج عنه بعد الحادث واستنشاق نسائم الحرية، أخرجها وهو يتحسسها كما لو كان يملس على شعر حبيبة عادت بعد غيبة، كان يحتفظ بها في جيبه في سرية مثل تلاميذ الثانوى، ودخن أول سيجارة باستمتاع متوسط، وكأنه يتأكد بها من عودته للحياة الطبيعية، كان قد قال لي أمس إنه لا يحتفل أبدا بعيد ميلاده، ولا يعرف معني لهذا الاحتفال، حتي مع الحرافيش، اللهم إذا تصادف أن جاء هذا اليوم يوم خميس، يوم لقائهم، ثم لا شيء، حتى، ولا ”تورته”.
القراءة:
قارنت بين عزوفه عن الاحتفال بعيد ميلاده، وبين هذا الصخب الذى يحاط به كل عام لمدة أسبوعين على الأقل بتكرار كاد يصبح مملا، ثم لا يبقى منه شىء حتى يأتى صخب العام القادم، ولكن هل من بديل؟ ننتظر حتى نهاية المقال،
النص (2) من أوراقه يتحدى المستحيل
….لم أكن مصدقا ما يفعل خاصة بعد أن اطلعت على التقرير والفحوصات التى تبين مدى عطب أعصاب اليد اليمنى، لكنه راح يفعلها ليقهر المستحيل، وقد كان: رحت أتابع ما يكتب، وهو يطلعنى عليه كل يوم، فأفرح حين ينجح أن يخط حرفا لم يكن يستطيع أن يخطه مثل “الطاء” أو “الصاد”. رحت أجمع ما يكتب كراسة وراء كراسة، وأدرس التقدم فى كل حرف، وهو يقدم لى كل يوم ما كتب، ويقول “أنظر، لقد عملت الواجب”، هل يمكن قراءته؟، وهذا بعض ذلك:
(ا)
بسم الله الرحمن الرحيم
نجيب محفوظ عبد العزيز
من اهتدى فلنفسه
البصر والبصيرة
الطريق إلى الله
الحمد لله رب العالمين نجيب محفوظ أول إبريل 1995
(ب) وفى اليوم التالى كتب
بسم الله الرحمن الرحيم
……
…..
عندما يأتى المساء
الليل طويل
يا ما أمر الفراق
نجيب محفوظ 2/4/1995
القراءة
وهل يحتاج الأمر إلى قراءة ؟
هل يعرف الذين مدّوا يدهم له بسلاح الغدر – من خلال هذه العينة العشوائية _ مدى رقة إيمان هذا الرجل؟ هذا الكلام التلقائى البسيط، شديد العمق، بالغ الإيمان، جميل الرقة، فائق الحكمة، ياخبر يا عمنا الجميل، ربنا يخليك!!!!
النص (3) (عناصر وبدايات : نقد النقد، أمثلة )
(مقتطف من رواية حضرة المحترم): ص 146
“…. ولم تعد أم حسني تصلح لعملها الجليل، أصابها ما يشبه الخرف، وعرضت عليه يوما عروسا ناسية أنها انتقلت إلي رحمة الله منذ أعوام. ومرة – عقب صلاة الجمعة – وكان يجلس في الكلوب المصري رأي “أصيلة” وهي تسير بصحبة سيدة أخري. عرفها من أول نظرة. رغم أنها تغيرت لدرجة أزعجته، تهدلت ككرة مثقوبة، وجف ينبوع الأنوثة من وجهها، وحل محله خيال غامض لا هو أنثي ولا هو ذكر، مضت بخطوات فظة مثالا للتعاسة والتدهور. وشيء قال له إن الموت يطاردهاـ وأنه يقترب من زمانه ومكانه، وأن زمانه الذي تقدس بالخلود يوما مضت تنقشع عنه الأوهام العذبة، وتتجلي له الحقيقة الأبدية المتعالية بجلال قسوتها. ..إلخ
..بعد اجتهاد مبدئى فى محاولة نقد هذه الرواية العملاق، قُدِّمَ فى ندوة محدودة فى جمعية الطب النفسى التطورى، وجدت أنه لزاما على أن أرجع إلى بعض نقدها السابق، وسجلت بعض الملاحظات المبدئية والمقدمات على الوجه التالى:
1- لم تحظ رواية لنجيب محفوظ -غير الثلاثية- بمثل ما حظيت به “حضرة المحترم” من النقاد الثقاة، ولم أجد عملا أقل حضورا في وعى عامة قراء نجيب محفوظ مثل “حضرة المحترم”.
2- لأول مرة في كتاباتي النقدية أضع عنوان الدراسة النقدية بلا تردد، وقد كان: “نبض الحياة في تطور الموت”
3-وجدت التيمة الرئيسية التي بلغتني وانبهرت بها وهى ‘ تقديس ما لا يتقدس’ قد وصلت إلي كل من أثق في يقظة وعيه من قرائه.
4- نفس التيمة التقطها كل من د. رشيد العناني أستاذ الأدب العربي بجامعة أكستر، ود. محمد إسيورتي صاحب دراسة أنسنة السرد الإيديولوجي.
5- غاظنى، بغير وجه حق، أن يسبقني متخصصون في النقد الأدبي إلي ما خطر ببالي .
بعض إشارات للتعقيب على الدراسات السابقة:
أولا دراسة رشيد العنانى:
عالم نجيب محفوظ من خلال رواياته.
2- تناول فيها من الناحية الشكلية ما أسماه ‘ الحديث المنقول بتصرف’ وفرق بينه وبين تيار الوعي (يقارن ذلك بدراسة محمد إسيورتي عن السارد بوجه خاص والتفرقة بين السارد والشخصية.)
3- تناول فيها أيضا ما يبدو أنه أهم ما يجذب النظر في هذا العمل وهى ثلاثة محاور: الطموح (ولي تحفظ على التسمية)، والزمن، والانعزالية معتبرا الطموح هو الموضوع الأساسي ثم تأتى الانعزالية والزمن تاليان له
(أختلفت معه في ذلك ، فإذاكان الطموح هو ظاهر السعي، فالزمن هو حقيقة التحدي)
4- انتبه العناني إلي النقلات السريعة ‘… من المستوي الواقعي للأحداث إلي المستوي الرمزي بحثا عن الجليل في المبتذل، وعن الشعر في طوايا النثر، أعن المغزي فيما يبدو بلا مغزي’….لكنه عزي ذلك إلى النقلة من السرد الروائي إلى الحديث المنقول بتصرف.
(وأنا ضد هذه التسمية، وهذا التأويل)
5- كان العناني يتحث عن عثمان بيومي باسم عثمان ( في حين كان إسيورتي يتحدث عنه باسم بيومي) فبدا لى أن لذلك دلالة خاصة (أنظر بعد)
6- التقط كل من العناني وإسيورتي هيجلية عثمان بيومي في تقديسه للدولة
7- ربط العناني شخصية عثمان بيومي بشخصية محجوب عبد الدايم (القاهرة الجديدة) جاء ربطا ضعيفا، بعكس ربطه بـ ‘ حسين الضاوي’ في ‘ كلمة في الليل’، وخاصة بالنسبة للنهاية الخطابية الماسخة هناك.
أرجح أنه من المحتمل ربطه أيضا بأحمد عاكف في خان الخليلي، وربما بـ عمر الحمزاوي في الشحاذ، وربما حسين فى بداية ونهاية.
8- تخريج الألفاظ عند محمد إسيورتى سواء حكاية Bio moitie أو Bio mai تخريج متعسف بل ومضحك، وهو يذكرني بتخريج أخف وطأة قمت به بالنسبة لاسم ”كامل رؤبة لاظ” فى السراب: “فالاسم “كامل رؤبة لاظ’ شديد الغرابة على الأذن المصرية، حتي لو افترضنا جذوره التركية. وقد رجعت إلي محاولة معرفة دلالته فوجدت أن الرؤبة: القطعة تدخل في الإناء ليرأب (ورأب الإناء أصلحه)، ولاظ من مادة لظ، ولظ به لظا لزمه ولم يفارقه (الوسيط)، فياتري هل قصد نجيب محفوظ- بوعي لغوي تلقائي، وليس بقصد إرادي- قصد أن الـ “كامل’ (ولادة جسدية مكتملة شكلا) لم يكن نفسه أبدا ; فهو لم يكن سوي “أداة’ ترأب بها أمه صدعها، إذ تفرض عليه أن يلزمها لا يفارقها، لأنها قررت ألا يولد نفسيا أبدا ؟!.،
وقد تراجعت لاحقا عن كل هذا التعسف وما ذكرنى به إلا تخريج إسيورتى لاسم بسيوني السويفي Pensione suivant (كما تراجعت عن نقدى البدئى لعمر الحمزاوى باعتباره حالة اكتئاب نموذجية، وهكذا..) – هذا ما أعنيه بنفد النفد حتى مراجعة الناقد لما سق أن أبداه!!
10- اتفق الاثنان علي علاقة الرواية بالتطور وخاصة دارون، وإن لم يشر أى منهما إلي قوة تطور الموت، أو التطور إلي الموت. وهو أمر يهمنى جذريا وقد يدور حوله نقدى.
القراءة
هذه العينة من الأفكار البدئية قدمتها كمثال لما يمكن أن تفتح به الدورية المقترحة “فى نقد نجيب محفوظ” آفاق الحوار النقدى، الذى لا ينتهى، ولاينبغى أن ينتهى، ولعه يحيى حركة النقد التى نحن أحوج ما نكون إليها ليس فقط لأعمال محفوظ طبعا.
النص (4) الاقتراح الباكر سنة 1988
(من الخطاب الذى أرسل منذ سبعة عشرة عاما فى 1/11/1988، (ياخبر !!! ياذى المصادفة لمن يعرف دلالة هذا التاريخ!)
السيد الأستاذ الدكتور عز الدين إسماعيل
رئيس تحرير مجلة فصول، ……
فإنى إذ أعتذر عن التأخر فى الرد على استخبار مجلتكم عن اتجاهات النقد العربى الحديث ، أسارع.. (بتقديم اقتراحين) بمناسبة تشريف أستاذنا نجيب محفوظ لجائزة نوبل بالحصول عليها:
…..
الاقتراح الثانى: أن تناقش الهيئة العامة للكتاب فكرة إصدار دورية خاصة اسمها “نجييب محفوظ” لا ينشر فيها إلا نقد،وحوار حول نقد، وإعادة نقد، أعمال هذ المحيط المترامى…
…..
كما أذكر سيادتكم كيف بدأ تنفيذ هذا الاقتراح فعلا، الأستاذ الدتور حابر عصفور، فى أحد الأعداد الباكرة لهذه المجلة….. إلخ
القراءة
منذ ذلك التاريخ وأنا أكرر الاقتراح نفسه كلما أتيحت الفرصة، ولا يعتنى به أحد، لكن يبدو أنه قد آن الأوان لتنفيذه وقد وصل الأمر إلى مبادرة أكبر رأس فى الدولة بالتهنئة والرد بالشكر، وفيما يلى مزيد من الخطوط العريضة للاقتراح كالتالى:
1- تصدر دورية فصلية اسمها: “نجيب محفوظ”، تقتصر على نقد أعماله طولا وعرضا.
2- تشمل الدورية بصفة مبئية ما يلى:
1) مراجعة ما نشر عن أعماله، وإعادة نشر ما يستحق منه.
2) فتح الباب لنقد جديد فيما هو متاح وما يستجد
3) دعوة عامة إلى كل النقاد (والقراء) العرب (و المتكلمين بالعربية، والمترجمين منها وإليها) لنقد النقد
4) مراجعة ترجمات نجيب محفوظ إلى مختلف اللغات، ونقدها نقدا موثقا، قد يصل إلى درجة التوصية بإعادة ترجمة بعضها إذا لزم الأمر
5) متابعة الأفلام والمسلسلات التى صدرت عن كتاباته وبيان الفرق الجوهرى بين النص الأصلى والفكرة الأساسية التى يمكن أن تكون قد تشوهت بتحويلها، أو حتى أوصلت عكسها !!!!
6) مواصلة حوار كل ذلك طول الوقت طول الزمن
النص (5)
(إعادة نشر قصيدة فى فضله على شخصى وناسى)
أنهى المقال بإعادة نشر القصيدة التى سبق أن نشرتها فى عيد ميلاده الثانى والتسعين (الاهرام: 15/12/، 2003 ) فقد وجدتها أقل صخبا، أو لعل ذلك استكمالا لفخر أبريق الشاى كما فى المقدمة.
… ما عادَ رسمُ الحرف يقْدُر أنْ يحيطََ ببعضِ ما يوحيهِ لى، فى عيد مولدك الجميلْ، فجرٌ جديدْ.
فى كلِّ عام أحمـد الله الكريم وأرتجيه يكون “يومى قبل يومك’، وأعود أكتشف الحقيقة أننى لم أصدق الله الدعاء. طمعا بأن نبقى معا عاما فعـاما.
…. كَمْ أنت سهـلٌ معجزٌ تسرى كمثلَ الماءِ إذْ ينسابُ عذبا رائقاً بين الصخورِ من الجليدِ وقد تربَّـع شامخا فوق الجبلْ.
* * *
… زعموا بأنىَّ قادر أشفى النفوسَ بما تيسر من علوم أو كلام أو صناعةْ
عفواً، ومن ذا يشفى نفسِى حين تختلطُ الرُّؤَى، أو يحتوينى ذلك الحزنُ الصديقُ فلا أطيقْ؟
حتى لقيتــكَ سيدي، فوضعتُ طفلى فى رحابكْ. طفلُ عنيدْ. مازال يُدهش كل يوم من جديدْ.
صالَحْتَـِنى شيخى على نفسىَ حتى صرتُ أقرب ما أكونُ إليه فينـا،
صالَحْتَـِنى شيخى على ناسي، وكنتُ أشك فى بـَـلَـهِ الجماعةِ يُخدعونَ لغيرِ ما هُـمْ.
صالَحْتَـِنى شيخى على حريتى، فجزعتُ أكثر أن أضيعَ بظل غيري.
صالَحْتَـِنى شيخى على أيامِنَا المُرَّةِ مهما كانَ منها.
علّمتنى شيخى بأنا قد خُـلقنا للحلاوة والمرارةِ نحملُ الوعىَ الثقيلَ نكونـُه كدْحا إليهِ.
* * *
وسألته يوما :”هل ثـَمَّ حلُّ فى الأفق”؟
فأجاب يحفز هـمـتى: ‘“كلاَّ”.
فسألته جزعا: لماذا ؟
قال: “صاحبـنا تصور أنه صار المسيح المنــتـظـر.”
قلت : “الصليب نهايتــه..”؟
فأجاب وهو يكاد يقرص بعض أذْنى: “لسْنـَا يهـوذا’. …. وهو ليس المنتظــرْ.
* * *
من وحىِ أحلامِ النقاهةِ – سيِّـدى- نشطتْ خلايا داخلى:
” فحلـمـتُ أنىَّ حامـلٌ، وسمعتُ دقـًّـا حانِياً وكأنه وعدُ الجنينْ. جاء المخاضُ ولم يكنْ أبدا عسيرا، وفرحتُ أنىَّ صرتُ أمًّا طيبةْ، لكننِّى قد كنتُ أيضاً ذلكَ الطفلَ الوليدْ، فلقفتُ ثدىَ أمومتِى، وسمعتُ ضحكاً خافتاً. لا!!،.. ليس سخريةًً ولكنْ..،.
…. وسمعُت صوتًاَ واثقاَ فى عمقِ أعماقى يقولْ: “المستحيلُ هو النبيلُ الممكنُ الآنَ بَنَــا’.
لمستْ عباءتـُـكَ الرقيقةُ جانباً من بعضِ وعيِي، فـعـلـمـتُ أنـــكَّ كـنْـتَـهُ’.
وصحوتُ أندمُ أننى قدْ كنتُ أحلمْ.