نشرة “الإنسان والتطور”
الاربعاء: 23-7-2014
السنة السابعة
العدد: 2518
دعوة للإعلام لإعادة النظر، وتحمل المسئولية (1)
أدعو الله ولا يكثر على الله أن يساهم الإعلام –عاما وخاصا- أكثر فأكثر فى دوره الإيجابى المسئول آملا فى الإستجابة فى هذه الأيام المفترجة:
- لم يعد يكفى أن يهتم الإعلام أكثر فأكثر بدوره في “إعلام” الناس بما يجرى، برغم أنها وظيفته الأساسية التى لا غنى عنها .
- لم يعد يكفى أن يركز الإعلام على الماضى، مهما تصور القائمون عليه أن دروس الماضى هى عظة للمستقبل، لكن الناس، وهم يدفعون ثمن ما حدث غاليا حتى يكاد يغلبهم اليأس من احتمال تغييره، حين تصلهم رسائل الماضى بكل قبحها، وبكل هذا الإلحاح، لا تنطلق منهم آمال المستقبل بقدر ما تتحرك فيهم غرائز الحقد والانتقام، مما يعطل حركة التغيير، وجهود الإنتاج، ويعوّق البناء. القصاص حق، لكن له مكانه فى ساحة القضاء وليس على شاشات الإعلام، الذى يمكن أن يلخص دوره فى عبارات قليلة مفيدة تقول: إن ما حدث فى الماضى كان بشعا، وأغلبه أمام القضاء الآن، دعونا نعمل فورا حتى لا يتكرر.
- لم يعد يجوز أن يمدح الإعلام شخصا مهما بلغ مركزه، أو أملنا فيه، بديلا عن أن يعلـِّم الناس كيف يقيسون أداءه إذا وفقه الله وقاد السفينة، يقيسونها بمقاييس موضوعية على أرض الواقع.
- لم يعد يصح أن ينشر الإعلام بشائع الجرائم المرعبة التى تحصد الأبرياء من الناس ومن حماتهم الشرفاء، لمجرد أنها بشعة، وغير أخلاقية، وضد كل الشرائع والأديان، فهذا يرعب الناس أكثر مما يحركهم فى اتجاه محدد للبناء والمقاومة، كما أنه يسمح للمتربصين أن يبالغوا فى تشويه صورة الأمن وسلبهم حق الدفاع عن النفس، وأيضا يسمح للأعداء والشامتين فى الخارج أن يفرحوا بقوة أعوانهم التى لم يحدّ من عدوانها كل هذا التكثيف الأمنى
- لم يعد يليق بالإعلام أن يتدخل فى شؤون القضاء، لا بأن يعامل المتهم على أنه مدان، ولا بأن يشوه صورة المتهمين قبل الحكم عليهم، ولا بأن يصدر الأحكام بديلا عن القضاء دون أدلة قانونية نهائية لا يملكها إلا القضاة، حتى لو اطمأن الإعلام إلى عرض صورالفيديو التى سمحت لعامة الناس، (وللمغرضين أيضا) ، أن يحملوا ما يوازى حق الضبطية القضائية، هذه الصور المشكورة أحيانا، قد تفيد القضاة ، لكنها ليست للعرض العام على العمال على البطال،
- لا يجوز للإعلام أن يعلق على أحكام القضاء قبل الدرجة النهائية للتقاضى، حتى لو استضاف بعض المستشارين الأفاضل.
- لم يعد يليق بأبنائى وبناتى الإعلاميين أن يذيعوا أخبارا شديدة الإيلام، شديدة التحدى، وهم يجهرون عاليا بأصواتهم التى تحرض على المتهمين المحتملين، دون أن تظهر على وجوههم ما يتناسب مع الموقف من آلام نبيلة، ومسئولية متصاعدة
- لم يعد يصح أن تشغل الإعلانات مساحة متزايدة، وسط إذاعة أخبار خطيرة، وبالغة الإيلام والتحدى
- لم يعد يليق أن تحتل برامج التوك شو كل هذه المساحة، فكثرة الكلام تقلل من احتمال تحويله إلى فعل مسئول، ووعى فاعل، وإبداع قادر (من الشخص العادى قبل المبدعين والصفوة)
- لم يعد يصح أن يركز الإعلام على المشاكل الفردية، رغم حق الأفراد المضارين، وكأنها الحل السعيد لمشكلة عامة، دون أن يخرج من كل مشكلة فردية، باقتراح حل عام يمنع تكرارها ليرفع الظلم عن كل من يعانى مثلها، ولم تكن له فرصة اللجوء للإعلام
- لم يعد الحديث عن دماء الشهداء (فى الإعلام خاصة) يصح أن يحل محل الدعوة لحمل رسالتهم، واستكمال مشوارهم، فالشهيد عند ربه فى جنته، لا يفرح بالانتقام من قاتله، بقدر ما يسعده، وهو فى جنة الله الرحمن الرحيم، أن يرانا نواصل ما أراده لبلده، ودفع حياته ثمنا له
وبعد
عذرا، انتهت المساحة، ولم أقل كل ما لا ينبغى، أما ما ينبغى، فله حديث آخر، أدعو الله أن أستطيع أن أقدم بعض هذا وذاك اجتهادا يخطئ ويصيب.
[1] – تم نشر هذا المقال فى موقع اليوم السابع، بتاريخ: 3-4-2014