“يوميا” الإنسان والتطور
8- 9 – 2007
(8) …. دستور يا الدستور (تانى مرة)
* أقرأ للإبن النابه إبراهيم عيسى منذ كان فى روزاليوسف قبل صدور الدستور، حين كنت أتابع موقفه وكتاباته عن موجة التدين السلبية والإرهاب.
* ثم تعرفت عليه أقرب من خلال الإصدار الأول للدستور، وتفضُّلِه – كرئيس تحرير- بدعوتى لكتابة هذا العمود الذى اسميته “تعتعة”، وكانت أول تعتعة لى بعد شرح معنى كلمة التعتعة: نقداً للدستور نفسه بعنوان “دستور يا الدستور”، حيث نستعمل فى بلدنا كلمة دستور بمعنى “لا مؤاخذة”، وأحيانا: مش كده” أو “مش كده قوى”.
ثم توقف الدستور وعاشرت ألم ابراهيم من بعيد حتى أتيحت لى فرصة لقاء عابر وهو مسئول عن إعداد برنامج لقناة أوربت، ثم فى لقاء حول بعض ما هو الأستاذ محمد حسنين هيكل فى برنامجه فى قناة دريم (أظن: على القهوة). ثم دعانى بتفضل جديد لأعاود تعتعة الوعى فى الإصدار الثانى للدستور، فعاودت الكتابة شاكراً، رافضاً لمقالاته المنفعلة، خاصة حين يطيح سباً فى الشعب المصرى “عمال على بطال”، وكتبت فى إحدى التعتعات أنبهه إلى بعض ذلك، لكن ذلك لم يمنعنى أن أتابع حماسه الصادق، وشجاعته المندفعة وهو يستشهد أكثر من مرة بـ جمال حمدان، وكأن حكمه (حكم حمدان) هو المنبع والمصب على طول المدى، وظللت بينى وبين نفسىًّ أتحفظ على كل ذلك، ثم فرحت حين عَدَّدَ أسماء مصريين أفاضل ذاكراً إنجازاتهم الحالية والمستمرة داعيا لهم ولمصر، وكأنه يصالح الشعب المصرى، وقلت لعله خيراً.
بالنسبة لموقفه تجاه الرئيس ، لم يكن لدى أى اعتراض على النقد من حيث المبدأ، فالذى يحب مصر، ويحب الناس الذين لهم رئيس، لايمكن إلا أن ينقد وينبه ويعيد ويزيد بلا سقف ولا تردد، لكن بأى لهجة، ولأى هدف، ولأى مدى. ثم ماذا يمكن أن يترتب على هذه اللهجة المنفعلة المتمادية تحديداً؟ هل سينصلح الاقتصاد، هل سيتشجع الأتقياء الأنقياء ليرشحوا نفسهم ضد الرئيس وصحبه وآله وينجحون، أم أنها تفريغ انفعالى مندفع، وهى صفة بشرية طبيعية جائزة، لكن إلى أى مدى.
ليس عندى فى مسألة “صحة الرئيس” -أدام الله عليه العافية- أكثر مما كتبه وائل الابراشى فى “صوت الأمة” فى العدد الأخير، بما يعنى أنه فيما عدا حرصنا على مصلحة البلد، وترسيخ تنظيم انتقال السلطة، فإن صحة الأفراد لاينبغى أن تكون موضوعا للإشاعات أو المعايرة أو الجدال، هذا موقف أخلاقى مفروغ منه.
أنا لن أعرج إلى مسألة أو إشاعة صحة الرئيس الذى أدعو له بدوام الصحة، وحدة البصيرة، لعله يرى ما يفعله بنا وبنفسه، وما يجرى منه وحوله، وينتبه –أطال الله عمره- إلى أين هو ذاهب بنا، ونحن ذاهلون وراءه.
راجعت أوراقى – موقفى – فوجدتنى قد اضطررت مراراً للكتابة عن الرئيس، والأهم: أننى خاطبته شخصيا بخطابات مفتوحة نشرت فى جريدة الوفد، وهى فى موقعى هذا لمن أراد أن يطلع عليها كاملة بالعناوين التالية:
1- سيادة الرئيس كيف نحمد الله على سلامتك؟ سلامتك ونحن حولك: فرصة سانحة
2- سيادة الرئيس كيف نقف اليوم بجوارك؟
3- سيادة الرئيس: كيف نهنئك بالولاية الرابعة؟
4- لم يكن نفاقا للرئيس
ثم أثناء بحثى أيضا وجدتنى قد تناولت موقفى من أى رئيس (الواحد تلو الآخر) بما تيسر لى من أدوات فنية، من أول “أبلة الناظرة” فى “عندما يتعرى الإنسان”، حتى ما تم تحديثه فى ديوان “أغوار النفس”.
ألهمنى الرئيس الأول: صاحب حكاية الـ 50% عمال وفلاحين، الله يرحمه، ومع كل الاحترام لحسن النية، واندفاعات القومية، واللافتات الاشتراكية، ألهمنى ما أعدت قراءته، فتحديثه، ووجدته يصلح لكل زمان ومكان (عربى جداً) مع تغيير الأسماء والأحوال، ومن ذلك:
……
… إلعيال الشغالين هُمَّا اللِّى فيُهمْ،
باسُمُهمْ نـِـْلَعْن أبو اللِّى خلّفوهمًْ
“باسُمُهمْ كل الحاجات تِبْقى أليسْطَا
والنسا تلبس باطيسطا
والرجال يتحجّـُبوا، عامِلْ وأُسْطَىَ”.
***
يعنى كل الناس، عُمُومْ الشعب يَعِْنى :
لمْ لا بد إنه بـيتغذّى لِحَدّ ما بَطْنُـه تِشْبَـْع.
وامّا يِشْبَعْ يِبْقى لازِمْ إنُّـــهْ يسْمَعْ.
وان لَقَى سمَعُه ياعينىِ مِشْ تمامْ،
يِبْقَى يِرْكَعْ.
بَسّ يلزَقْ ودْنُه عَا الأْرضِ كـِـوَيِّسْ،
وانْ سِمِِْع حاجَةْ تِزَيَّـــقْ،
تبقى جَزْمة حَضْرِةْ الأخ اللِّى عـيّنْ نَفُسُهْ ريّسْ،
لاجْلِ ما يْعَوَّض لنَِا حرمَانْ زمَانْ.
إمّالِ ايِهْ ؟
واللِّى يشبْع مِنكُو أكل وْشُـوفْ، رُكوعْ، سمَعَانْ كلامْ،
يِقَدْر يَنامْ : مُطْمِئِنْ،
أو ساعات يقدر يِفِنّ.
واللى ما يسمعشى يبقى مُخّه فوت،
أو غراب على عشُّه زنْ.
***
والحاجات دى حلوة خالص بس إوعك تِـسْتَـمَنّـى إنك تقيسْها،
أَصْلَهَا خْصُوصِى، ومحطوطَةْ فى كيسها.
وانت بس تنفّذ الحتّة اللِّى بظّــتْ (يعنى بانت).
إنت حـُرّ ف كل حاجة، إلآ إنك تبقى حر.
(لأْْ، دى مش زَلّةْ قَلْم، ولا هِيّةْ هفوة،
مش ضرورى تتفَهـــمْ، لكن مفيَدةْ،
زى تفكيكةْ “داريدا”).
***
ما هو مولانا رَأَى الرأىِ اللى ينفعْ،
الحكومة تقولْ، يقوم الكل يسمعْ.
واللى عايز أمر تانِى، ينتبه للأوّلانى .
مش حا تِفرقْ.
“قول يا باسطْ”.
والمعانى فى الوثائق، والوثائق فى المبانى.
(برضه تفكيكة دريدا، تبقى هاصِطْ).
***
الدنيا دى طول عمرها تدّى اللى يغلب : سيف ومطوة
واللى مغلوب ينضرب فوق القفا فى كل خطوة
أصل باين إن “داروين” كان ناويلْــها:
إن أصحاب العروشْ. ويّا أصحاب الفضيلة، يعملولْــنا جنس تانى. جنس أحسنْ.
يعنى : “إنسانٌ مُحَسَّّن،
حاجة أشبه بالرغيف، من عالرصيف.
واللى يفضل منّا إحنا؟ مش مهم .
إحنا برضه لسّة من جنْس البشرْ. إلقديم.
يعنى “حيوانٌ بِـيِــنٌطَـقْ”. مش كفاية ؟؟
هوّا إيه؟ هيه سايبة؟
يعنى إيه الكل يفهم ؟
مش ضرورى،
يِكفى إنه يقرا “ميثاق” السعادة،
واللى صَعْب عليه حايلقى شَرْحُهُ فِى خُطَبِ القيادة.
واللى لسّة برضه مش فاهم يُـحاكَـــم ْ
وانْ ثبت إنه برئْ. يتــْـَرَزْع نوط “العَبَطْ”
وانْ ثبت إنه بِيِفْهَمْ، يبقى من أَهْل الـلَّبَطْ .
“يعنى إيـــه ؟” زى واحد ناسى ساعتُه.
يعنىِ نِـــفسُــهْ فِـى حاجاتٍنْ مِشْ بِتَاْعتُه.
“زى إيه؟”
***
زى واحد جه فى مخه-لا مؤاخدة -يعيش كويّس.
“برضه عيب”، هوّا يعنى ناقْصُهْ حَاجَة ؟
قال يا أُمّى، والنبى تدعى لنا إحنا والرئيسْ،
ربنا يبارك فى مجهودنا يكتّــر فِى الفلوسْ.
بس لو نعرف معاهم قدّ إيه ؟!
واحنا لينا كامْ فى إيه !؟
***
يانهارِ اسودْ، شوف صاحبنا راح لِـفِـين !!
“آدى أَخْرِةْ فَهْمِك اللِّى مالُوشْ مُنَاسْبَةْ.
طبْ خُــدوه، وضّــبوه،
واحكموا بالعْدِل يعنى: “إعْدِلوهْ”.
تُـهمته ترويج “شفافـيَّه” مـُعَـاصْرةْ.
هذا ملعوبُ الخَواجةْ،
وان رمينا الكومى بدرى، تبقى بصرة.
“الكلام دا مش بتاعنا،
دَشْ ماْ لهُوْش أى معنى”
تهمته التانية “البجاحة”،
واحنا فى عـِزّ الصراحة،
واللى عايز غير ما يُنشرْ،
هوّه حرّ انه “يفكر”، فى اللى عايزُهْ.
أو يشوفُهْ جــوّا حــلـمـه،
وانْ حكاهْ يحكيه لأمه،
وانْ أخد باله وقالُهْ مـُوَطّى حسه،
مستحيل حدّ يمِسُّــهْ.
***
قالّها يا مّهْ أنا شفت الليلادى:
إنى ماشى فى المعادى.
شفت نفسى باخترع نظرية موضَةْ،
زى ساكن فى المقابر يبنى قصر ألف أُوده :
“العواطف أصبحت ملك الحكومةْ،
والحكومة حلوة خالص.
عبّـت الحب الأمومى، والحنانْ،
جوّا أكياس المطالْبةَ بالسَّلاَمْ،
والطوابير اللى كانت طولها كيلو،
اختفت ما عادتشى نافعة
حطوا مطرحها خطب وكلام ملاوعة
***
واللِّى طَالُهْ من رضا الريّس نصيب :
فازْ، وقّــلعْ
واللى لسّا ما جاشِـى دوره. بات مولع.
قام سعادة البيه قايــُّــله :”تعالى بكُرَه”
(درس مش عايز مذاكرة”)
ورحت صاحى
***
وبعد
أنا لا أدعى أننى قدوة يحتذى بطريقتها من يريد أن يخاطب الرئيس أو يتكلم عنه أو عن صحته ولكننى تصورت أن المطلوب هو نَفَسٌ طويلٌ جداً، ورسالة متكررة غائرة، قابلة للتراكم والتشكيل لعل وعسى!
ويا عم إبراهيم عيسى، يا “أبو يحيى” ربنا يديم عليك الصحة،
ويخلّى لك “يحيى” واخته وأمهما،
ويبارك فيك وينجّيك ويعطيك طولة العمر، أنت والرئيس، على الأقل حتى نرسى لنا على بر، قادر على كل شئ،
حفظكما الله وأدامكما لنا بالسلامة.
وربنا يستر.