نشرت فى الدستور
5/3/1997
دستور يا الدستور
1- فى بلدنا (كانت غربية وأصبحت منوفية دون أخذ رأينا أو إعطائنا حق تقرير المصير) فى بلدنا كانت كلمة دستور “بفتح الدال” تعنى: ولا مؤاخذة، أو: بالإذن، وكان الرد عليها دستورك معك، ولم أحاول أن أسأل أبى ماذا يعنى هذا كله، وما علاقة ذلك بدستور 1923 أو حتى دستور 1930، ناهيك عن الدساتير اللاحقة، فقد كانت دساتير “كدا وكدا”.
وحين صدرت صحيفة “الدستور” لم أحاول أن أسأل أو أتساءل عن معنى اختيار كلمة الدستور اسما لها، لأنها – أيضا- مفهومة بالسياق، ورحت كالعادة أقف حذرا أمام العدد تلو الآخر حتى أتعرف عليها وأطمئن إلى مصادر تمويلها، وآنس بالأقلام على صفحاتها، وقد كان، ثم نشرت فيها مقالا ثم مقالا، وكان التحرير أمينا فلم يشطب حرفا، ثم تلطف رئيس التحرير فطلب منى المزيد، وعادة ما أعتبر ذلك مجاملة، وبعد حوار قصير جاءت فكرة هذا العمود، وأنا ضد الإلتزام الراتب بالكتابة خشيه أن أضطر لأن أكتب والسلام، لكننى تذكرت أنى لم أكتب فى حياتى علما أو رأيا أو أدبا إلا مضطرا مضطرا من الداخل أو من الخارج، فالاضطرار عظيم حين يكون دافعا للبدء، فالإنجاز، لكنه قبيح إذا شكل محتوى الكتابة والعياذ بالله.
وهكذا قبلت هذا الاضطرار الرائع حتى أختبر نفسى وأنا أتجاوز الحدود (وسوف أفعل حتما، فهذا هو ما يدفعنى عادة للكتابة) – لكننى لا أعرف ماهى حدود صحيفه الدستور التى علىّ ألا أتجاوزها (لأتجاوزها) ولأبدأ بهذا الاختبار:
1- نشر فى عدد 19 / 2 / 1997 فى الصفحة الأولى خبرا ساخرا من إقالة مادلين أولبرايت لأنه ثبتت أنها من أصل عربى .. إلخ “ماشى” لنسخر، ولكن ليست بهذا الحجم، ولا فى الصفحة الأولى. دستور يا الدستور.
2- نشر فى عدد 26 / 2 / 1997 تحقيق من طبيب نفسى يعمل فى إنجلترا “مية مية” عن أن لطفى الخولى كذا وكيت، ليكن لطفى الخولى من يكون، ولنختلف معه ونرقع بالصوت الحيانى، أما أن أقرأ تحقيقا عن تاريخه، ثم أفتح كتابا فيه تصنيف أمريكى يستقيه الطبيب الكاتب من هذا التحقيق، ثم يختار له اسم اضطراب شخصية بذاته، ويعدد صفاتها ثم يلصقها على شخص يختلف معه، فاسمحوا لى، وإذا كان ”الدستور” ليس عنده مرجع يقيس به ما يصله من أصحاب الألقاب العلمية، فلينشر رأيا آخر، أو ليعرض الأمر على بعض من يثق من مستشارين، ولو أن الأمر – بينى وبينك – لم يكن يحتاج كل هذا ليعلم رئيس التحرير أن هذا الذى نشر: لا هو حوار سياسى، ولا هو طب نفسى، ولا هو كلام موضوعى، وعلميا وأدبيا: هو سوء استعمال لكلمات “طب”، و”نفس”، و”سياسة”، و”أخلاق” جميعا.
دستور يا الدستور.