نشرة الإنسان والتطور
بقلم: يحيى الرخاوى
2001-1980
نشرة يومية من مقالات وآراء ومواقف
تعتبر امتداداً محدوداً لمجلة الإنسان والتطور
11-8-2009
السنة الثانية
العدد: 711
الحالة (الرابعة):
العلاج النفسى الاستجدائى الاعتمادى
(الفردى والجمعى)
مقدمة:
أحيانا يبلغ من سوء فهم، أو سوء استخدام العلاج النفسى أن يصبح مجرد مجال لاستدرار العطف والشفقة واستجداء التقبل بلا شروط، هذا الموقف ينبغى التنبيه على مدى سلبيته، خاصة فى ثقافتنا نحن التى تدعم الاعتمادية بشكل أو بآخر، سواء الاعتمادية على رئيس أو كبير أو سلطة، أو الاعتمادية على رمز أو مقام أو فكرة، صحيح أننا نؤكد أيضا رفضنا للمبالغة فى التأكيد على الاستقلال الباكر والبالغ والممتد، وهو ما تتصف به ثقافات أخرى ومجتمعات أخرى، لكن لا يصح أن يصل السماح بالاعتمادية إلى هذه الصورة الواردة بالمتن.
فى مجال العلاج النفسى يعتبر تمادى هذا الموقف الاعتمادى مسئولية كل من المعالج والمريض على حد سواء، بل إنه مسئولية المعالج أكثر. هذه الاعتمادية قد تتمادى أكثر فأكثر لتصبح بمثابة النكوص، فالسكون، فالموت النفسى الذى أشبعناه شرحا وتفصيلا فى الحالات الثلاثة السابقة، النكوص هنا طفلىّ يتأرجح ملتذا، وإن كان المتن قد عرّاه ليعلن أن الأرجوحة قد صارت نعشا.
(1)
لله ياسيادى..،
عَـيـّل غلبانْ…،
مسكين تعبان.
يستاهل العطفِ والشفقهْ، وشويةْْ حبْْ.
(2)
نفسى اتمرجح، وارجع تانى أرضع مالْبِـزْ،
واتلذْْ.
عاْيز ابقى معاكمْ، شايـْلِنّى شيلْ،
حتى على خشبة نعْشْ.
هيلا بيلا، يا حَلـُـلّى.
العلاج الجمعى المَكْلَمةْ الدافئة “معاً”:
إذا كان النكوص المتأرجح حتى الموت وارد فى العلاج الفردى حيث الطبيب يمثل رمزاً كبيرا خليق بأن يُعتمد عليه إلى كل مدى، فهل هو أيضا كذلك فى العلاج الجمعى؟
بصراحة: نعم، لكن إلى درجة أقل، صعب أن يتعمق هذا النوع من الاعتماد فى “مجموعة من المرضى والمعالجين، تنبض بحركية النمو،
لكن هناك نوع من (أو احتمال لـ..) سوء استعمال العلاج الجمعى فى هذا الاتجاه إذا طالت مدته، وكذلك إذا غلب الحكى فيه على فعل التفاعل، وخاصة إذا انفصلت المجموعة باعتماد أفرادها على بعضهم البعض أكثر فأكثر دون سائر المجتمع، أقول هناك احتمال أن تدور المجموعة بكاملها فى دائرة مفرغة (مثل تلك التى ذكرناها فى الحالات السابقة)، فيتوقف النمو “بس ما نمشيش قدام“، ويتواصل اللّف فى المحل،
التشبيه هذه المرة بالكلب الذى يحاول أن يمسك ذيلة فيلف حول نفسه بلا توقف أو نهاية.
“دا الكلب بيجرى ورا ديله، نهاره وليلهْ” فما بالك إذا كان هذا اللّف هو داخلى وخفىّ فى بؤرة وحدة جافة وعزلة مغلقة برغم التواجد الجسدى فى المجموعة “وانا ديلى لاقف جوايا، ولا حدّ منكم ويايا”
(3)
خلّينا مع بعض: نتونّسْ،
وندَرْدشْ.
بس ما نـِمـْشيش قدّام.
وحانمشى ليه؟
ما تبص يا بيه:
دا الكلب بيجرى ورا ديله، نهاره وْليـــلُـــهْ،
وانا ديلى لافِــفْ جوّايـــــــا،
ولا حدّ منكم ويــّـاىَ.
الخوف من التمادى فى “حلم العلاج” التطورى
من مضاعفات العلاج الجمعى (خاصة النوع الذى نمارسه هنا) أن تنفصل المجموعة ولو مؤقتا عن الواقع، وقد ينتبه المعالج، وأحيانا مريض أو أكثر، إلى أن المسألة هى أقرب إلى الحلم، وأن الفرض القائل بأن ظهور الأعراض هو إعلان ضمنى لاحتمال تحريك مسيرة النمو (فالتطور) هو فرض أقرب إلى الحلم، والمتن ينتهى هنا بهذا التنبيه الساخر، الذى يعلن صاحبه اعتمادية من نوع آخر، كأنه يقول: “اعملوها انتم واحتفظوا لى بنصيبى “وان كنتو مصرين قال يعنى، هاتوا حته”،
يتم إعلان هذا الموقف بأمانة فعلية، وليس بالكلام عادة – وذلك فى صورة الإصرار على الحفاظ على مسافة بعيدا عن الآخر، والتمسك بحق الدفاعات العامية “خايف أقرب ولا أجرّب، خليها مستورة أنا ف عرضك”.
(4)
مش نـِعْـقل ونبطـّل نحلم.
واذا كنتو مُصرّين قالْ يعنى،
هاتوا حتة.
خايف اقـَـرَّب،
ولا أجرّب
خليها مَـسـْتورة أنا فْْ عرضـَكْ.
* * * *
وبعد
قد أعود كل مرة بعد التقديم والشرح إلى جمع المتن مرة أخرى متماسكاً، اعتذارا له بعد هذا التشريح القبيح المفيد.
المتن مجتمعاً.
(1)
لله ياسيادى..،
عَـيـّل غلبانْ…،
مسكين تعبان.
يستاهل العطفِ والشفقهْ، وشويةْْ حبْْ.
(2)
نفسى اتمرجح، وارجع تانى أرضع مالْبِـزْ،
واْتًلــذّْْ.
عاْيز ابْقًى معاكمْ،
شايـْلِنّى شيلْ،
حتى على خشبة نعْشْ.
هيلا بيلا،
يا حَلـُـلّى.
(3)
خلّينا مع بعض: نتونّسْ،
وندَرْدشْ.
بس ما نـِمـْشيش قدّام.
وحانمشى ليه؟
ما تبص يا بيه:
دا الكلب بيجرى ورا ديله، نهاره وْليـــلُـــهْ،
وانا ديلى لافِــفْ جوّايـــــــا،
ولا حدّ منكم ويــّـاىَ.
(4)
مش نـِعْـقل ونبطـّل نحلم.
واذا كنتو مُصرّين قالْ يعنى،
هاتوا حته.
. . .
. . .
خايف اقـَـرَّب،
ولاّ أجرّب
خليها مَـسـْتورة أنا فْْْ عرضـَكْ.