الأهرام: 1/7/1985
خطأ الاعلام
رد هادئ على أستاذ جليل
حين قرأت در الأستاذ محمد خالد على الدكتور يوسف إدريس أحسست بأن أستاذنا الجليل قد شحذ من أسلحته اسلوبا هو السهل الممتنع، واملا رائعا يملأ عليه وجدانه وخياله وان كان ال يزيد على كونه حلما لا يرتبط بالواقع بسبب ولا يؤيده من التاريخ سند، وهو حلم الدولة الاسلامية، تلك التى حاول أستاذنا الكبير اقناعنا بقبولها، مؤكدا على ان الاسلام دين ودولة، ولعله وهو العاشق للديمقراطية أبدا تعمد الا يكمل العبارة، فلم يذكر انه مصحف وسيف، ربما لعلمه وهو العالم الجليل، بافعل السيف – سيف المسلمين – برقاب المسلمين، تأكيدا لجور الحاكمين باسم الاسلام على مدى قرون طويلة يصعب آن نتمثل فيها بأكثر من فترة حكم الرسول والعمرين، وانى لنا بامثالهم .
ان الاستاذ خالد يرى ان مصر من خير بلاد الله اسلاما، وانا له مويد بل اننى اتزيد واقول انها خير بلاد الله اسلاما، وهو يرفض كل مظاهر التطرف الديني، وانا انحنى لمقولته اعجابا، واؤكد له اننى ام اتوقع منه غير ذلك وهو الذى عاش عمره مدافعااصيلا عن الديمقراطية مجاهدا يسعى جاكدا لربطها بحلم رائع لدولة اسلامية تتبنى مفاهيمها العصرية، وهى دولة التقت للخلف فى صحائف التاريخ فلا أرى لها اثرا، وانظر حوالى متاثرا بالاعلان الشهير إلى دولة ترفع الراية فلا أجد لها محلا، واقرأ وأسمع للمتشدقين بحديث الدولة الاسلامية فى مصر فلا أرى فى اعينهم الا شرا مستطيرا ولا اسمع منهم الا توعدا وتذيرا ولا أرى فى الافق الا نكوصا عن ركب الحضارة وفتنة تمزق وحدة الوطن الأمن و ظلاما يسدل استاره على الفن والفكر والثقافة ولا أحسب الا ان ذلك كله أو بعضه هو ما جال فى خاطره وهو يستدرك فى الفقرة التالية بقوله ان الشريعة حين تطبق فى بلادنا لن تكون شريعة الخمينى ولا شريعة النميرى ولا شريعة القذافى ذلك ان الحق لا يعرف بالرجال وانما يعرف الرجال بالحق وهو قول عظيم وصادق وأمين لولا انه يدفع إلى تساؤل يراود أذهاننا عن ذلك الحق الذى لم يصادف رجلا يعرف به منذ الف عام، الا يدفع ذلك إلى التروى فى احسن الاحوال ولا احسب ان وصف حالنا بالحسن جائزا أو إلى الرفض فى اسوأ الأحوال ولا أحسب أن سوء حالنا يخفى على أستاذنا الإديب.
إن استاذنا يتساءل لماذا الشريعة ؟ وهو يجيب لان الاسلام دين ودولة بمعنى ان قبولنا بالدين يترتب عليه قبولنا بالدولة الاسلامية ولا أظن ان صياغة العبارة بصورة عكسية يمكن تؤدى إلى نتيجة صحيحة بل انى لا أحسب ان واحدا يمكن ان يتحمل وزر القول بأن عدم القبول بالدولة الاسلامية يخرج مسلما عن دينه، وحجتى فى ذلك اننى لا اعتقد ان ثلاثة ممن يتصدرون مجال الدعوة للدولة الاسلامية يمكن ان يجتمعوا حول مفهوم موحد لها والاستاذ خالد يعلم أكثر منى ان اغلبية الفقهاء يجمعون على ان الحاكم ملزم بان يستشير لكنه غير ملزم بان يأخذ برأى الأغلبية أو حتى برأى الاجماع وهو عكس ما ينادى به الاستاذ خالد، وهو ايضا عكس ما تؤكده روح الديمقراطية وجوهرها وهو ايضا ما يدفع الى ان نتساءل هل الدولة الاسلامية جزء من العقيدة فيصبح احد الطرفين خارجا على صحيح الدين والعياذ بالله، ام انها لزوم ما لا يلزم فنتردد امام مقوله الدين والدولة.
والاستاذ خالد يعلم ايضا أكثر منى ان اختيار ابى بكر فى السقيفة باجماع اغلبية المسلمين مناقض لاسلوب اختيار ابى بكر لعمر مناقض لاسلوب اختيار عثمان على مرحلتين اولاهما اختيار اهل الحل والعقد لعثمان وعلى وثانيتهما ترجح عبد الرحمن بن عوف لاختيار عثمان مناقض لاسلوب اختيار على ببيعة اهل المدينة مناقض لتولية معاوية بحد السيف مناقض لتولية يزيد بالورثة نتاقض لتوليه الرشيد للأمين ثم اخيه المأمون ثم اخيه القاسم ومعاذ الله ان يكون اسلوب اختيار الحاكم وهو أحد أهم الاركان السياسية للدولة جزءا من عقيدة الاسلام والا كان الاختلاف خروجا على صحيح الدين والعياذ بالله والله أكبر من أن يفرط فى الكتاب من شيء الا ان تكون رحمته قد علت بالعقيدة على السياسة ونزهت الدين عن الدولة والاستاذ خالد يعلم ان من استندوا الى القرآن والسنة فى تبرير المنحى الرأسمالى للأسلام لم يخرجوا على قاعدة فى الدين ولم يتعسفوا فى تفسير نصوصه وان من استندوا الى القرآن والسنة فى تبرير المنحى الاشتراكى للأسلام لم يخرجوا على قاعدة فى الدين ولم يتعسفوا فى تفسير نصوصه وانما وجد كل ضالته فى الأسلام لانه دين الرحمة الذى يسع متغيرات الزمان والمكان ولا يضيق لكى يرتبط بشكل من الاشكال الدولة أو نظمها الاقتصادية والسياسية وانما يتسع لها جميعا رحمه بالعباد وتأكيدا على ان الدين اشمل من الدولة وان العقيدة أكثر اتساعا وشمولا من المفهوم الضيق لنظام الحكم .
راصل إلى تساؤل استاذنا الجليل ماذا يعنى تطبيق الشريعة وبدون ان ادخل فى متاهة الشريعة والفقه أو ان اتساءل كما يتساءل الكثيرون عن ماهيه الحدود وهل هى مقصورة على ما ورد فى القرآن نصا، أم انها تشمل ايضا ما طبقه الرسول، او تتسع أكثر لكى تشمل اجتهادات الفقهاء فى مرحلة زمنية تالية .. تلك قضية فقهية لا اتوقف عندها لأن ما يعنينى هو الجانب السياسى للقضية ذلك الجانب الذى يدفعنى إلى اجابة استاذنا الجليل استاذنا عن تساؤله بأن تطبيق الشريعة سوف يجعل المواطن المسيحى مواطنا من الدرجة الثانية لا تقبل له شهادة ويزداد البعض تطرفا بالقول بأن لا ولاية له وسوف يصبح غناء المطربات دعوة للزنى لا تستقيم مع اقامة حدة وسوف يصبح الرقص مجونا، والتمثيل فسقا، وتزين المرآة تبرجا من الجاهلية الأولى ونحت التماثيل كفرا الا اذا دمرنا موقع القلب فيها أو الكبد والله وحده يعلم مصير تماثيل الفراعنة التى تصور الهة المصريين القدماء وهى معلومة غابت عن حكام الدول الاسلامية المتعاقبة رحمة من الله بالتاريخ وشادت ارادته جل شأنه ان يطمرها التراب فتبقى لنا صامدة الا من نقب المأمون للهرم أو تشويه أحد الزهاد لوجه ابى الهول العظيم….
اما اجابة استاذنا الكبير عن تساؤله كيف ستحكم الشريعة المجتمع .. والتى سرد فيها اروع ما أتت به الديموقراطيات الحديثة من كون الامة مصدرا للسلطات وحرية تعدد الأحزاب واصدار الصحف واختيار اعضاء البرلمان وحق نوابه فى المعارضة واسقاط الحكومة فهى اجابة تحتمل القليل من التعجب والكثير من الاعجاب، اما الاعجاب فبالرجل، واما التعجب فمصدره انه لا يوجد نص دينى واحد فى القرآن أو السنة يؤكد صراحة على بند واحد من البنود السابقة غير ان الاقراب إلى المنطق ان نقول انها روح الاسلام وليست شريعته، تلك الروح التى لا تناقض عدلا ولا تنقض حقا، غير ان طرح الأمر بهذه الصورة ينشئ مازقا ويطرح تساؤلا ويدفع الى دعاء اما المأزق فيتمثل فى خروج نظم حكم ‘اسلامية’ مجاورة وغير مجاورة من دائرة روح الاسلام كما اتصور وشريعته كما يتصور استاذنا الجليل واما التساؤل فعن الاصرار على نعت المباديء السابقة بمسمى اسلامى وهى مباديء ان التقت مع روح الاسلام وجوهره فانها بالقطع نشأت فى غير دياره وتسمت بغير مسمياته.
واما الدعاء فلا ستاذنا العظيم بان يحفظه الله من السنة واقلام وربما خناجر من يرفعون راية الاسلام ولا يرون فيه الا حزبا لله قائما وحزبا للشيطان مقضيا عليه ولا يعترفون للانسان بحق فى التشريح ويتزيد بعضهم فينكر عليه حق الاجتهاد أو حتى حرية الفكر والعقيدة ويشغلهم حديث الذبابة فى عالم منشغل بحرب النجوم ويلهون مواطنيهم بالحديث عن الطين الارمنى فى وقت ينشيء فيه الاخرون متاحف لصخور القمر..
وأصل الى التساؤل الاخير لاستاذنا الجليل واستميحه العذر الا ينكر على عجبى وانا الذى قضيت عمرى كله معجبا به اليس عجيبا يا استاذنا الفاضل ان تكون اجابتك عن سؤلك لماذا الشريعة الآن؟ موجزة فى انه مادام هناك احتمال لان يصل هذا التيار يوما – قرب أو بعد – الى الحكم فلنبدا ابقنين الشريعة ونظام الحكم الآن ولنطرحه الآن فى اسستفتاء عام حتى لا يخرج عليه احد بعد الا يشبه ذلك لجوء صاحب المنزل القديم الى احراقه باكمله تحوفا أو توهما لسقوطه على رأسه يوما ما اما قولك بان الشريعة مطلب شعبى فانه يفتح على بابا من ابواب الهم لا لكونها كذلك بل لأننى موقن بأنها تبدو بهذه الصورة لكونها طرحت على الرأى العام كقضية دينية وامام الدين لا يملك احد ولا أملك انا ان يختلف أو يعترض بينما لو عرض الامر على وجهه الصحيح وهى انها قضية سياسة ودينا وحكم لا ختلف الامر وليس هذا مبعث الهم الوحيد وانما مبعثه افلاس الساسة حين يتوسلون الى صوت هنا أو هناك بالمزايدة على آمن الوطن ومستقبله….
ما علينا ايها الاستاذ العظيم , بل رب ضارة نافعة فقد استمعنا بما ذكرت وسعدنا بالحوار معك.
والله والوطن من وراء القصد.
* تصيحيحا للخطأ المطبعى الذى وقع فى عنوان مقالة الاستاذ خالد محمد خالد اذ كتبت الصاد فى ‘الصديق’ وعليها ‘شدة’ ولكنها فى الأصل ‘فتحة’.
خطأ الاعلام
احب بادئ ذى بدء – وردا على كثير من الخطابات التى جاءتنى تتهمنى وتشكك فى نياتى حين أرسلت تلك الرسالة الى الكاتب الاسلامى الكبير خالد محمد خالد، – ان أشرح للقراء حقيقة الموقف واقول ان تلك الرسالة التى أرسلتها لم تكن لها زدنى علاقة بمسيرة خضراء أو بيضاء يزمع البعض القيام بها، ولكنى كنت قد قابلت الاستاذ خالد فى حفل افطار فى رمضان ومعنا بعض الصفوة من مشايخ المسلمين والمثقفين المصريين وان الحوار دار بالطبع حول فكرة الدولة الاسلامية التى أصبح الاأستاذ خالد محمد خالد ينادى بها خلافا لما بدأ به فى أوائل الخمسينات فى كتاب ‘من هنا نبدأ ‘ وكان وقتها يؤكد انه لا طريق للخلاص إلا بفصل الدين عن الدولة ثم اذا به الآن ينادى بأن الاسلام دين ودلة معا، ولا سبيل الى دين اسلامى إلا بدولة اسلامية.
واذا كانت تلك الدعوة قد أخذت هذا الشكل عند الأستاذ خالد محمد خالد فانها اخذت شكلا بل أشكالا أخرى احدها بلا شك هو: ان لا حل لمشاكل مصر – أمة ودولة وشعبا – الا بتطبيق الشريعة الاسلامية فورا ودون ابطاء، هنا ثار السؤال عندى عن رأى الأستاذ خالد فى هذا وعن رأيه فى كيفية تطبيق الشريعة واقامة الدولة الاسلامية ووعدته بأن ارسل له رسالة له مفتوحة اساله فيها عن هذا كله واقول له ايضا رأيى الخاص فى مشكلة مصر والمصريين والعرب والمسلمين باعتبار ان سببها الأول والأوحد هو معادات الاستعمار بقديمه وحديثه واسرائيله لنا ومؤامراته المتصلة علينا وان الدين الاسلامى عندى هو دين جهاد أعداء الاسلام الذين اسماهم القرآن الكريم ‘الكفار’ فلم تكن كلمة الاستعمار مستعملة فى تلك الأيام.
والمهم ان هذا حدث كله فى النصف الأول من رمضان المعظم ولكن حال دونى ودن كتابة الرسالة انه كان لابد على ان انتهى من سلسلة المقالات التى كتبتها عن زيارتى الأخيرة لبعض البلاد الأوروبية والأمريكية . لم يكن فى ذهنى اذن مسيرة ولا مقاومة مسيرة انى كنت ومازالت أؤمن برأيى الذى أوضحته فى الرسالة ولكن ظروف النشر جاء توقيتها بحيث اقترنت بقرب المسيرة، ليس هذا فقط بل انى كنت قد كتبتها يوم الأربعاء لتنشر يوم الأثنين وفوجئت بزميلة صباحية تصدر يوم السبت وتناول الموضوع برؤية وطريقة مختلفة تماما عما فى ذهنى .
ولم يفت هذا فى عضدى بل اقنعنى بأننا أصبحنا فى حاجة حياة أو موت الى جدل جاد عميق حول الموضوع وهكذا نشرته والحق اننى فوجئت برد الفعل المحبذ لمناقشة الموضوع وفتحه على مصراعيه وكأنما كانت اغلبية المصريين الصامتة تنتظر ان تخف موجه الارهاب الفكرى الذى يحاصرك بين اما ان تكون مع الدعوى العاجلة لتطبيق قطع اليد ورجم الزناة وتحريم كافة اشكال التطور والتحضر واما انك زنديق وملحد ومرتد ولابد من نسفك نسفا.
احس المواطنون العقلاء الذين لا يحكمهم ولا يقودهم الهوس والتعجب الأعمى اننى لا أهاجم احدا ولا أريد النيل من دعوة ولكنى مصر على المناقشة والاقتناع فلا شيء يثير غضبى مثلى أى مواطن – إلا ان يفرض على الرأى فرضا وبديكتاتورية عصبية لا تقبل الجدل، وافضل لو جاء داع دينى مسلم أو مسيحى وخيرنى بين اعتناق هذا الدين أو ذاك بالقهر والقوة أو ان يقطع رقبتى لفضلت ان أموت على ان أؤمن حقا به ولا اقتنع به عن ايمان حقيقي، فالاديان ان لم تصدو عن ايمان صادق فقدت رسالتها كدين اذ الدين هو الايمان الصادق المصفى الخالص لوجه الله وليس الايمان عن خوف من حاكم أو تيار أو ايذاء …
والحقيقة انى حين قرأت الزميلة الصياحية اليوم ‘السبت’ ورأيت الطريقة التى بدأت تعالج بها الموضوع احسست أنها طريقة أرفضها تماما لأنها تندفع إلى تسخيف بعض الأراء . طريقتى انا مختلفة تماما فهى تؤ من بأن المطالبين بتطبيق الشريعة قوم فى مجملهم فضلا وشرفا وطاهرو النية ويريدون لهذا البلد ولهذا الشعب الصلاح، وهو بالضبط نفس ما أريده ويريده كل وطنى ومؤمن فى هذا الشعب ولكن خلافنا ليس اختلافا على الأهداف انما هو سعى حثيث وجد ل علمى وعقلى وايمانى حول اى السبل يوصلنا الى النهضة العربية الاسلامية ولكن الغريب انه يمثل سوء الأسلوب الذى يتبعة البعض فى مقاومة تطبيق الشريعة. هناك اسلوب لا يقل سوء الأسلوب الذى يتبعه أولئك المطالبون بتطبيقها وسأخذ نموذجا لهذا ليس من خطابات التأييد والتحبيذ للحوار الذى داو بينى وبين الأستاذ خالد محمد خالد ولكن اقروا معى لمواطن وقع خطابه باسم عزت على أحمد يقول فيه : قرأت تعلقك على رد الأستاذ خالد محمد خالد عليك وكنت اتمنى ان تخرص وتقف عند حدك لأنك اصغر وأجهل من ان ترد على الكاتب خالد. لأنك لا تساوى صفرا على الشمال بالنسبة لهذا الكاتب العظيم وكذلك ان مسألة تطبيق الشريعة اكبر من انك تكتب أو تتكلم فيها – لأنك معروف اليس أنت اليسارى الكلب والناصري، أليس أنت عدو كل مسلم وذيل حكم الديكتاتور المنهزوم عبد الناصر وعصابته الحرامية واللصوص …
ويمضى المواطن ‘ المدافع عن شريعة الله السمحة المسلمة المتحدث باسم الاسلام ‘ فى سلسلة من من البذاءات لا علاقة لها اطلاقا لا بالموضوع ولا بالشريعة ولا بديننا الحنيف . والغريب انه ليس الخطاب الوحيد الحافل بالقبح والبشاعة مما جعلنى اتساءل أليس من حق المتخوفين ليس من تطبيق الشريعة وحكم الاسلام ولكن (ممن) سيطبقون الشريعة ويحكمون باسم الاسلام ان يجزعوا من ان يكون القائمين على هذه الدعوة – وهم بعد لم يصلوا الى حكم، ولم يمسكوا سيفا أو صولجانا – بهذه الدرجة من البذاءة والسفالة وان يرتكبوا هذا جميعا باسم اسمى شريعة ؟
ولكنى – بعد تفكير غير غاضب أو ساخط بل فى الحقيقة رأث ومتأمل وجدت ان خطأ هؤلاء ليس خطاهم ابدا انما هو خطأ اعلامنا الذى وضع على السنتهم تلك الكلمات والصفات انها النوبة من هجمة السفالة والاتهامات والبذاءات التى سادت حياتنا فى فترة ليست ببعيدة وليس هذا هو الخطأ الوحيد لاعلامنا .
اننى كما ذكرت فى تعليقى على مقالة الأستاذ خالد، قلت اننا حشدنا فى اجهزة اعلامنا أشد التفسيرات الاسلامية رجعية وتخلفا لم نجعلها منابر للتعاليم الاسلامية الحقة .. الرحمة والحب والتواصل والعفو والمغفرة انما جعلناها منابر لتكفير الاخرين ولا رهابهم لحض الناس على التعصب مع ان الاسلام مفروض انه يحتوى ويحب الجنس البشرى كله ذميين وغير ذميين . الاسلام هو البشر فى أرقى حالاتهم الروحية وليس أبدا هو الاسلام الذى جلست امام التليفزيون مرة لا شاهد برنامجا كان اسمه قضاء حاجات المسلمين وتصورت ان الشيخ الجليل سيحدثنا على مساعدة بعضنا البعض فاذا به يتحدث عن قضاء الحاجة بمعنى دخول المراحاض بقدمه اليمنى وان يتجه فى هذه الأشياء التى قتلت فينا روح الاسلام الحقيقية فالاسلام دين كفاح ونضال وثورة . جاء ثورة على العالم القديم كله وروحه محشودة بالآيات التى تحض على قتال الاعداء وكأنها اوامر عسكرية يومية كان يصدرها المولى سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين كى يحاربوا اعداءهم المفسدين الذين كانوا يمثلون قمة الجشع والاجرام والوثنية والجاهلية ‘ واعدوا لهم ما ايتطعتم من قوة ‘ أليس هذا أمرا عسكريا واضحا كل ما فى الأمر أننا حين حولناه إلى انغام يقرؤها مقرثون ويتمايلون على وقعها فقد مضمونه الحق واستحال إلى شكل قرآنى غنانى لا يمكن ان يتبين معه المؤمن المقصود بمعناه ومحتواه، ونحن أطلقنا من خلال اعلامنا كله صحافة واذاعة وتليفزيون انواعا غريبة من اسلام لا علاقة بينه وبين روح الاسلام اسلام لا يريد ادخال الماس فيه زمرة ووحدانا ولكن يريد ان يبعد الناس عنه بل ويحرمه عليهم ويكفرهم ولا يجذبهم ابدا الى ساحته اسلام لا يعرف لغة يصف بها من يعتقد انه اخطأ إلا بقوله : الكلب أو الكافر أو اللص أو الزنديق….
ان اجهزة الاعلام هى اجهزة صياغة العقول واللغة وأسلوب التعامل فى عصرنا الحديث، وبعد ان تركنا اناسا يعيثون فسادا فى ديننا ولغتنا وأذواقنا وعقولنا لفترة طويلة جدا نعود الآن ونحصد ما زرعناه . وما ابشع ما نحصد.
ان الحوار متصل ايها الآخوة حتى من لا يعرف فيكم الا السباب لغة وطريقة فأنتم مجنى عليكم جناية كبرى وتماما ضحايا ولا وسيلة لتصحيح كل تلك الجرائم والأخطاء الا بأن نتعلم كيف نتحاور ونتجادل بالتى هى احسن فالآسلام دين الموعظة الحسنة وليس دين الحقد المبيت ان بلادا تطمع فى دفع مصر عن قمة الامة الاسلامية والعربية تعيث فسادا فى اعلامنا واقلامنا وتدفع بسخاء ويهمها تماما ان تفقد ممصر عقلها وقلبها واسلامها الحنيف الذى وقف وحده . بأزهره يرفع الراية الاسلامية لأكثر من الف عام متواصلة الى الآن .
وتكفى هذه الاشارة الآن فما خفى أعظم وأدهى ….
وسلام عليك يا مصر وليحفظك الله من الأبقين.