نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 15-3-2014
السنة السابعة
العدد: 2388
حوار مع مولانا النفّرى (71)
“موقف الأعمال”
وقال مولانا النفرى فى موقف “الأعمال”
وقال لى:
كما تدخل إلىّ فى الصلوة تدخل إلىّ فى قبرك
فقلت لمولانا:
أشرت فى الأسبوع الماضى يا مولانا إلى حرف الجر “الباء بـ” ونحن نتعلم مما قاله لك: أننا ننام “بما” هو نحن “إليه” إن أخلصنا التسليم، ونموت كذلك بما هو نحن إليه، فيجرى علينا حكم ما نمنا به أو متنا به،
رسالة اليوم تنقلنا إلى حركية النقلة من نوع من الوعى إلى نوع آخر، اسمح لى أن اسميه دون تخصيص “وعى بين يديه”،
كنت أتعجب صغيرا من إصرار الأئمة الطيبين فى بلدنا على استحضار كل تفاصيل الصلاة المزمع الدخول فيها لوقت معين مع تكبيرة الإحرام، استحضارا منطوقا جامعا مفصلا، هذا قبل أن اسمع إماما آخر فى مصر الجديدة ينبهنا أن “النية محلها القلب” (وكل حركات المأموم فى السر، والنظر إلى موقع السجود أقرب إلى الخشوع..الخ)، وخالجنى خاطر آنذاك أن كل هذه الألفاظ التى تعلن الدخول فى الصلاة بتكبيرة الإحرام (مثلا: جماعةً مستقبلاً مقتدياً بهذا الإمام …الخ) قد تبعد الداخل إلى الصلاة بين يديه عن عمق استحضار الوعى الواجب بما هو، لما هو، لكن أهل بلدتى الطيبين كانوا يتبعون تعليمات الإمام الطيب حرفيا، كان كثيرون منهم يشكّون فى أنهم نجحوا فى استحضار النية بقدر كاف، وهم يكبرون تكبيرة الإحرام، فيظل الواحد منهم يرددها أو يردد بدايتها حتى تكاد تفوته الركعة الأولى والإمام يكبر للركوع، حتى سمعت أحدهم وأنا بجواره طفلا حين وصل إلى هذه النقطة وكادت تفوته الركعة الأولى، يقول ناهرا وسواسه: “علىّ الطلاق: الله أكبر” ليحفز نفسه للدخول إلى الصلاة فورا، ثم إنى لاحظت بعد ذلك إبنى وهو يكبر تكبيرة الإحرام يفعل بعض ذلك، لكن الأمور هدأت معه بالتدريج.
يا مولانا: حين دخلت مؤخرا للتعرف على تشكيلات وحركية مستويات ما يسمى “الوعى” واكتشفت صدفة أننا لا نملك وعيا ظاهرا ووعيا باطنا فقط بل نعيش ونعايش أنواعا وتصنيفات من الوعى مع كل نقلة وجود، ولحظة معايشة، وهمسة معرفة، ونبضة علاقة، فهمت أطيب أن تكبيرة الإحرام هى إعلان نقلة من “وعى العادة” المعيشة إلى وعى “بين يديه” وأن هذه النقلة تحتاج إلى تركيز خاص خالص، ليحضر الوعى الخاص بما يجرى بين يديه دون إعمال فكر وإلى استحضار خشوع خاص فتكون الصلاة صلاة.
ثم ها هو يقول لك – لنا – أن النقلة للدخول فى الصلاة هى هى النقلة للدخول فى وعى الموت إلى الوعى الكونى إلى وجه الله، وهذا ما خطر لى يوما كما تعلم يا مولانا وأثبته فى مكان آخر (هنا فى النشرات).
شكرا: مولانا
والحمد لله.