نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 11-1-2014
السنة السابعة
العدد: 2325
حوار مع مولانا النفّرى (62)
من موقف “عنده”
وقال لمولانا النفرى فى موقف “عنده”
أوقفنى عنده وقال لى انظر إلى الحرف وما فيه خلفك فإن إلتفت إليه
هويت فيه وإن التفت إلى ما فيه هويت إلى ما فيه
فقلت لمولانا:
حسبت أن الحرف يكون حرفا مضللا إلا إذا أفرغ مما فيه، وحاولت ألا أفرح به أو أرحب بخدماته إلا إذا وصلنى ما فيه، فصرت أحذر أن يصلنى فارغا أو لامعا فيعكس غير ما فيه، واطمأننت حين أعاننى الشعر أن أبعث فيه حتى ما ليس فيه، ووضعته خلفى دون إنكار أو إهمال، وحسبت أن الاشكال قد انحل، ثم وصلنى معنى “عنده” الآن، وإذا بالحرف يتضاءل حتى يهدد بالاختفاء، ففزعت، ونظرت خلفى لأعرف ما جرى، فضبطت نفسى احتمى به ولا أكتفى باستعماله، وإذا بك يا مولاى تنبهنى أننى “عنده” وأنه لم تعد بى حاجة إلى الالتفات إلى الحرف بالقدر الذى يخرجنى من “عنده” وإلا فهى الهاوية.
لم أكد أطمئن يا مولانا إلى أنه مازال “فيه ما فيه”، حتى رحت ألتفت إلى “ما فيه” فرحا به، وأنُسيت مرة أخرى أننى “عنده”، وإذا بى أنزلق إلى هاوية جديدة، أو ربما هى نفس الهاوية.
استأذنتك يا مولانا كثيرا أن تسامح ضعفى وأنا لا أستغنى عن الحرف، ولا عن الالتفات لما فيه، ما وصلنى الآن هو جواز ذلك طالما أنا لست “عنده”، وأن لى أن استعمل الحرف بما فيه عونا وأنا فى الطريق إلى “عنده”، لكن يبدو أنه علىّ أن أنتبه أننى متى وصلنى أننى “عنده”، ولو لفترات قصيرة بين الحين والحين. ألا ألتفت إلا إليه، وأن أستغنى عن “الحرف” و”ما فيه”، لأحظى بهذا الضيافة “عنده” ولو لحظات، ثم أعود بضعفى ألتمس الوسيلة.
ولا يقدر على القدرة إلا هو.