نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 28-12-2013
السنة السابعة
العدد: 2311
حوار مع مولانا النفّرى (60)
من موقف “نور”
تذكرة بمنهج سابق
وقال لمولانا النفرى فى موقف “نور”
وقال لى: (ما سبق تركه من الموقف)
….. غض عن هذا كله وانظر إليك وإذا نظرت إليك
لم أرض وأنا أغفر ولا أبالى.
فقلت لمولانا:
حين كنت أشجع يا مولاى ووصلنى أغلب هذا الموقف، وكنت أخاطبه فيما اسميته بمخاطرة “حوار مع الله” كتبت بتاريخ 11/4/2012، ما استوحيته من كل هذا الموقف إلا هذا المقطع الأخير، ولا أعرف ما الذى أوقفنى عند آخر عبارة “فرأيت الوحدانية الحقيقية والقدرة الحقيقية”، ولم أكمل العبارة التى بعدها، وهى عبارة هذه النشرة وهى التى أحاورك حولها اليوم يا مولانا، هذا ليس من حقى بهذ الشكل، كل حرف وصلنى منك لا ينبغى أن أنقص منه أو أزيد عليه لكن الذى حدث أننى توقفت، ولم ينبهنى إلى ذلك إلا سكرتيرى صباح اليوم بعد أن حاورتك حول هذه الفقرة التى وجدتها مستقلة بين ما لم يتم استلهامه وهى التى تقول: “غض عن هذا كله وانظر إليك وإذا نظرت إليك لم أرض وأنا أغفر ولا أبالى”.
يبدو يا مولانا أننى حين عشت هذا الموقف منذ عام وثمانية أشهر، فرحت حين وصلت إلى: “فرأيت الوحدانية الحقيقية والقدرة الحقيقية”، فتوقفت من باب التفكير الآمِلْ: إذ كيف أغض عن هذا كله؟ وكأنى حينذاك قد أبيت أن أغض عن رؤيتى الوحدانية والقدرة الحقيقيتين لكن هذا هو ما حدث، ودعنى أعتذر أولا ثم أفرح، فقد رجحت أنى كتبت حوارى مع الله استلهاما من هذا الموقف وقد غمرنى النور كما ذكرت، فإذا به نور آخر، كما يبدو أننى حين استشعرت رهبة وروعة رؤية الوحدانية الحقيقية والقدرة الحقيقية، انطلقت أشكر وأسبح وأكدح، ثم هأنتذا يا مولانا تقرص أذنى وأنا أعود بالصدفة، فأعتذر. ولا ألغى فرحتى وأرجع أكمل، ولكن بالحوار معك هذه المرة هكذا:
كنت أحسب النظر “إليه” هو نتيجة طبيعية لنجاحى أن أغض عن هذا كله!!!، وإذا بك يا مولانا تفاجئنا، أو تفاجئنى أن الأمر صدر لك أن تغض عن “هذا كله” لتنظر إليك أنت وليس إليه، فإن فعلتَ يا مولاى سمعا وطاعة لأوامره، وطلبا لرضاه فوجئتَ أنه لم يرضَ، هل هو امتحان لك ولمن يقتدى بك؟ أم أن الطريق للنظر “إليه” يمر عبر النظر “إليك”؟
حين أنظر إلىّ يا مولانا قد أتوقف عندى واخدع نفسى تحت عنوان “من عرف نفسه فقد عرفه”، لكن بمواصلة الكدح يصلنى عبث التوقف فى هذه المحطة الخادعة وهو يلحقنى كما نبهك بعد الرضا، لأواصل، وقبل أن أواصل، أنتبه إلى الخدعة التى كنت على وشك الوقوع فيها، ينفتح لى باب للاستغفار، فأخجل بعد فعلتى، وإذا به يلحقنى بمغفرته التى تتسع لخطئى وغرورى وقصورى، مغفرته المطلقة لا تضع فى حسابها حجم الخطأ مهما كبر، فهى لا تبالى إن صدقت الرؤية فالعودة، فلو أننى صدقت أن يبدأ الموقف بأن “أغض عن هذا كله” لغضضت أيضا عن النظر إلىّ دونه حتى لو خيل لى أن هذا هو الطريق إليه.
وبعد
أعتقد أنه لا يكتمل الاعتذار يا مولانا إلا بأن أثبت الموقف كله من جديد بما فى ذلك ما تم حذفه
ثم ألحق به – تكرارا – حوارى مع الله حول ما سبق نشره.
نشرة 21-4-2012
السنة الخامسة
العدد: 1695
حـوار مع الله (59)
من موقف “نور”
وقال له (لمولانا النفـّرى):
وقال لى:
أوقفنى فى نور وقال لى لا أقبضه ولا أبسطه ولا أطويه
ولا أنشره ولا أخفيه ولا أظهره،
وقال يا نور انقبض وانبسط وانطوِ وانتشر واخفَ واظهر،
فانقبض وانبسط وانطوى وانتشر وخفى وظهر،
ورأيت حقيقة لا أقبض وحقيقة يا نور انقبض.
وقال لى: ليس أعطيك أكثر من هذه العبارة، فانصرفت
فرأيت طلب رضاه معصيته،
فقال لى: أطعنى فإذا أطعتنى فما أطعتنى ولا أطاعنى أحد،
فرأيت الوحدانية الحقيقية والقدرة الحقيقية،
…………..
فقال لى:
غض عن هذا كله وانظر إليك وإذا نظرت إليك
لم أرض وأنا أغفر ولا أبالى.
فقلت له:
حين يحيط النور بالظلام يذوب الظلام فى النور فيضىء معه
لا يختفى، لا يظهر، لا ينتشر ولا ينطوى، لا ينقبض ولا ينبسط،
كل ذلك بفضلك، فأرى نورك على نور
فإذا أمرت النور الجديد يأتمر بكل ما لم يستطعه
حين تحيطنى سبحانك بكل هذه اللاءات :لا تقبضه. ولا تبسطه. ولا تطويه، ولا تنشره. ولا تخفيه. ولا تظهره، فأنت تضعنى بحق قوة ضعفى ويقينى بك داخل رحمتك.
ينطلق منى إليك بأمرك: نور الاثبات من نور النفى
لا أعتذر. ولا أنسحب. ولا أعشي. ولا أتراجع،
أقتحم النور عـَشـَماً ورضا.
إن خاطبتك مستضعفا مستكينا مستجديا، فهى المعصية فلا تسمع لى،
وإن خاطبتك عشما ورضا فهذا حقى
حين وصلتنى كلمة “نور” اسما للموقف فرحت أنها لم تعرِّف “النور”،
ولم يلحق بها ضمير حتى انت سبحانك “نورك”.
“نور” كلمة أخرى تشرق بداخلى إلى خارجى، ولا تضىء فحسب،
هى تغرب لتشرق باستمرار.
لا عُتبى.
هى مجازفة بلا استئذان.
يحيطنى نور لا يمحو ظلامى، فأشع بك منك.
لا انقباض، ولا انبساط، ولا انطواء، ولا انتشار، ولا خفاء، ولا ظهور.
إذا تقابلت الأضدادُ بكل التحدى الحى اجتمعتْ فيك.
هى نور ليس كمثله شىء.
كيف أنقبض وأنبسط وأظهر وأختفى وأنطوى وأنتشر وأنت تنيرنى بخطابك، وترجعنى إلى نفسى وإليك بلاءاتك.
لاءاتك ليست نفيا. هى حفز.
رأيتُ حقيقة “لا أنقبض” فى حقيقة “أن أنقبض”، علمتُ أنه يمكن أن يتخلّق الإنسان فى كَبَد من جديد، ويظل الجديد يتجدد بك
الأول هو دائما “فى” أول.
وما طمعت أن تعطينى أكثر من النفى حتى أظل أسعى، ليس إلى الإثبات، وإنما بنفى النفى إليك،
أستضئ بالحركة كما يضيئنى السكون: نور على نور.
النفى يحفزنى حتى يكفينى الحرف “لا”
فى البدء كان هو الحرف الذى يوصلنى إليك.
“لا” إله
إلا الله
لا تكفينى العبارة إلا أن تملأنى نورا
فلا أحتاج أكثر منها
لا تلمؤنى العبارة إلا ان تتجاوز نفسها
أنصرف عنها إليك تضيئنى بك
لو طاعتى هى التسليم فحسب، فهى ليست طاعة، بل جبنا
من يطيعك بحق يظل ساعيا ليعرف كيف يطيعك
وهو لا يعرف فلا يتوقف، فما أطاعك أحد
حين أطيعك أحافظ بذلك على نقطة البدء المتجدد:
أن يكون أوّلى هو إلى آخرى، وأخرى هو أولى
الأول لا يطيع، هو ينطلق فينطلق وكأنه يعرف الطريق
بل هو يتوجه ليبدأ نحوك باستمرار
والآخِرَ لا يطيع بل يبدأ من جديد إليك
الوحدانية الحقيقية ليست حقيقية إلا بالسعى الدائم
والقدرة الحقيقية ليست حقيقية إلا بالكدح المستمر
أحاول.
فلا تمتحنى أكثر.