نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 7-12-2013
السنة السابعة
العدد: 2291
حوار مع مولانا النفّرى (57)
من موقف “أنت معنى الكون”
… من يعرف مفاتيحها يكتفى بمفاتيحها!!
وقال لمولانا النفرى فى موقف “أنت معنى الكون”
وقال لى:
هذه عبارتى وأنت تكتب، فكيف وأنت لا تكتب.
فقلت لمولانا:
يا مولانا، يا مولانا العزيز، وددت ألا أرجع إلى هذه المسألة القديمة، هل أنت الذى كتبت ما وصل إلينا أم ابنك أم زوج ابنتك أم حفيدك؟ وأيضا متى كتبوا عنك؟ هل وأنت مازلت بينهم؟ أم كنت قد رحلت إلى رحابه؟ يقال يا مولانا أنه “لولا الاشارات التى أوردها محيى الدين بن عربى عنك فى كتابه الأشهر “الفتوحات المكية” وأيضا كتابه “رسالة عن الأعيان” ما كان يمكن نسبة المواقف والمخاطبات إليك، آسف يا مولانا، لم يعد ذلك يهمنى، لكنه يقفز لى بين الحين والحين ليسهل علىّ ما لا ينبغى أن استسهله.
وددت يا مولانا فعلا ألا أرجع إلى هذه القضية فهى تعرقلنى قليلا أو كثيرا حين يستعصى علىّ نص من نصُوص ما قاله لك استلهاما،
أترك هذه القضية من جديد وأرجو أن يعيننى وتعيننى على ألا أرجع إليها ثانية
ما وصلنى اليوم من اسم الموقف قد غمرنى بالكرم والفخر والرعب معا “انت معنى الكون” (سبحان الله، الحمد الله).
أنت تعلم يا مولانا أننى أكتب كثيرا، ومنذ حوالى عشر سنوات أكتب يوميا، ومنذ بضعة أشهر أكتب يوميا مرتين، مرة للعامة ومرة للخاصة، وحين أكتب بهذا الإلحاح العنيد أخشى أن أكتب ما لا يستحق الكتابة أو ما سبق أن كتبته، فأتوقف لأواصل وأنا أقول: إيش عرفنى ماذا يستحق وماذا لا يستحق، ثم ما الضَّيْر فى أن أعيد ما كتبته؟ فمادام قد عاد إلى وعى قلمى حتى من ورائى فهو يستأهل، فأواصل، وإذا بى وأنا أكتب اكتشف الجديد اثناء الكتابة مما لم أكن أحيط بمعالمه هكذا قبل الكتابة، فأفرح وكأن قلمى يكتب لى مثلما يكتب للآخرين، هذا ما يكتبه عبد فقير مثلى، لمن هو مثله.
أما أن أقرأ عبارته فيما كتبتَ لنا يا مولانا استلهاما، فهذا فضل منه عليك إلينا، فهى “عبارته” وليست كتابتنا، ولولا أنك كتبتها عنه لما قرأها واحد مثلى الآن، ولما أوحتْ لى بما توحى به حالا، ففضل كتابتك لها هو ضمن مسئولية حمل الأمانة، لكن ما وصلنى الآن – بالإضافة – هو أن ما لم يكتّب من عباراته قد يكون الأوْلى والأكرم والأثرى والأجمل، مع أن كل عباراته ما دامت هى عباراته هى كل ذلك دائما أبدا، هذه الثروة الهائلة الخفية التى لم تكتب وهى بلا حدود قد اختفت أو كادت وراء أكوام حروف الكتابة ورموز الحروف وأشكال الرموز الأخرى، فكم تكون الخسارة لو اكتفينا بما استطاعت الكتابة أن تكتبه دون عباراته التى لم تخرج أصلا فى كلمات وهى تملأ الوعى البشرى المجتهد المجاهد الكادح بما هو أرحب وأوسع وأعمق من كل ما يمكن أن تحيط به الكتابة وما يوازيها،
لابد أنها عبارات عصية على الإحاطة وعلى الوصف، ومن يعرف مفاتيحها يكتفى بمفاتيحها دون لزوم أن تُفتح، إلا أن تفتح.
يا ترى يا مولانا هل نجحتُ فى الامتحان وأنا أجيب عن “فكيف وانت لا تكتب”؟